تناقشنا...
فقلت له : خبرنى ... عن ماهية الأمل ؟
قال : الأمل هو ضوء الإيمان ... وظل الحنين ... انه من داخل ذاتك تبعثه كى تتعزى به فى أحزانك .
فقلت له : لكن خبرنى ... ما الحزن ؟
قال : الحزن أن تفقد المحبة .
فقلت له : لكن قل الصدق ... ما هى المحبة ؟
قال : الحب فى أذهاننا ، لحظة التقاء ، لحظة نقاء ثم تنتهى ، لكن حقيقته انه حالة " حكمة القلب " .
فقلت له : وما تلك الحالة " حكمة القلب " ؟
قال : " حكمة القلب " هى حالة مشرقة تنير أطراف الكون وأرجاء النفس .
فقلت له : ومن لا يعرف تلك الحقيقة ؟
قال : يعش تعيسا مظلم الروح .
فقلت له : وكيف الخلاص من هذه الظلمة ؟
قال : الخلاص أن يفتح الإنسان أفاق فطرته الموصدة فيكون الضياء الذى ينسج خيوط اللقاء .
فقلت له : وكن قل لى ما هو اللقاء ؟
قال : هى اللحظة التى نفترق فيها كى نلتقى .
فقلت له : وكيف نلتقى ؟
قال : نلتقى فى لحظات صمت .
فقلت له : وما الصمت ؟
قال : هى اللحظة التى تلى الصراخ بانفجار السكون .
فقلت له : وما هو السكون ؟
قال : هو سكوت ضجيج الرغبات داخلنا ، هو حالة صفاء النفس ، بمعنى " حالة التدبر " .
فقلت له : فما هو التدبر ؟
قال : هو انفجار كريم لإبداع التأمل فى حالة السكون ، هو جوهر التأمل .
فقلت له : ولكن كيف نلتقى مع هذه اللحظات القيمة ؟
قال : فى عمق الصدر .
فقلت له : وماذا يحوى الصدر ؟
قال : الأطباء يقولون دم وعظم وأنسجة ، ولكنه يحوى عمر وحب ، وحقد وقلب .
فقلت له : ولكن ما هو القلب ، أليس هو مضخة الدماء لأنحاء الجسم ؟
قال : عضويا نعم .. لكن القلب هو بيت الإحساس .
فقلت له : وما الإحساس ؟
قال : الإحساس هو قلب الأفعال .
فقلت له : وما الفعل ؟
قال : الفعل شيئان أن نحب أو لا نحب .
فقلت له : وكيف نحب ؟
قال : نحب بان تمتد روافد الوجدان لتصب فى أنهار الفكر .
فقلت له : وما الفكر ؟
قال : الفكر هو طريق الفعل ... بشروط : الأمانة وصفاء السريرة وصدق العطاء .
فقلت له : هذا جميل ... لكن لماذا غالبا لا نحب بل يتملكنا المقت ؟
قال : بسبب بشاعة الخوف .
فقلت له : فما الخوف ؟
قال : هو الإحساس بالخوف حال الاطمئنان جزعا من أن يعود الخوف بمخالبه الشرسة مرة اخرى .
فقلت له : عجبا ... فما هى الطمأنينة ؟
قال : هو الشعور الذى ينفجر فى القلب .
فقلت له : فما هو الانفجار ؟
قال : هو لحظة السكون التى تلى الانفجار .
فقلت له : فما هى اللحظة ؟
قال : هى عمر مديد ، هى الوجدان إن كانت لحظة طيبة .
فقلت له : فما الوجدان ؟
قال : هو الشعور بقيمة الإنسان .
فقلت له : فما الإنسان ؟
قال : أظنك تعرفه ... بستان وبركان ... هو التناقض المتألف فى اتزان .
فقلت له : فما التناقض ؟
قال : التناقض هو الاتفاق ذو وجهين مختلفين .
فقلت له : فما البركان ؟
قال : هو حمم الغضب وجهامة الإحساس .
فقلت له : فما البستان ؟
قال : هو المكان الذى يلتئم فيه شمل العطر ، أى " مجمع العطر " .
فقلت له : فما العطر ؟
قال : هو حبيب الورود وإعتصار القلب .
فقلت له : فأين نجد الورود ؟
قال : فى فؤاد العطر .
فقلت له : فأين نجد العطر ؟
قال : فى حدائق الأحاسيس .
فقلت له : وأين نجد تلك الأحاسيس ؟
قال : فى عمر الحياة .
فقلت له : فما الحياة ؟
قال : هى الفكرة التى لا تكتمل بدون الموت .
فقلت له : فما الموت ؟
قال : هى لحظة الانتهاء من اجل بداية جديدة ، هكذا الحياة : يأس ورجاء .
فقلت له : فأين البداية ؟
قال : من لحظة انتهاء النهاية ، أى معنى التوبة .
فقلت له : إن كان هذا فلماذا النهاية ؟
قال : لإرادة البداية ، سنة الحياة .
فقلت له : فمتى تكون النهاية ؟
قال : عندما ينفتح الجرح عن آخره ، عندما يبلغ الندم غايته .
فقلت له : ولماذا تنفتح تلك الجراح ؟
قال : عندما تفر منا لحظة الشفاء من كدرها .
فقلت له : فما الشفاء ؟
قال : هو الإيمان .
فقلت له : فما الإيمان ؟
قال : هو اليقين والثقة بالله عز وجل .
فقلت له : فكيف نصل لدرجة الإيمان ؟
قال : حينما نستعين بعون الله المستعان به .
فقلت له : وكيف نحقق اليقين ؟
قال : نحقق اليقين برحمة الله الرحمن الرحيم .
فقلت له : وكيف نحقق الثقة ؟
قال : الثقة فى الإسلام .
فقلت له : أتحب الإسلام ؟
قال : نعم ... لدرجة الحياة أو النور .
فقلت له : فما النور ؟
قال : النور هو ضياء السعادة .
فقلت له : فما السعادة ؟
قال : السعادة شجرة مباركة تنبت بأرض القلب ، وتزهر زهر الكرامة ، هى شمس تشرق فى جنبات النفس ، أصلها الإحساس ، وفرعها الحسنات ، وصنوها الإشراق .
فقلت له : فما الإشراق ؟
قال : الإشراق ضد الظلمة .
فقلت له : ولكن قل لى ما الظلمة ؟
قال : الظلمة بشاعة الظلم ، وظلم المعنى .
فقلت له : وكيف الخلاص من الظلم ؟
قال : بمقاومة الشر .
فقلت له : فما المقاومة ؟
قال : المقاومة تعنى العطاء لنشر قيم الخير .
فقلت له : فما العطاء ؟
قال : العطاء هو فيضان الخاطر ، ونهر الخير ، ونور القلب ، وبراءة الطفل ، ودماء الشهيد ، ورقة المشاعر ، وفكر العقل .
فقلت له : فما العقل ؟
قال : العقل عدو الجنون .
فقلت له : فما الجنون ؟
قال : هى لحظة تعسة ، نفكر فيها بالألم مع توافر أسباب الفرحة فى أيدينا .
فقلت له : فما الفرحة ؟
قال : الفرح بهجة العطاء ، وروعة المعنى ، وإشراقة الروح .
فقلت له : فما هو الألم ؟
قال : الألم هو الشعور المر بالغربة الممضة ، بجفاف المشاعر .
فقلت له : فما المشاعر ؟
قال : المشاعر هى روعة الخواطر ، وصفاء السرائر .
فقلت له : فما السرائر ؟
قال : هو الوجدان الثائر الحائر بين الحق والباطل .
فقلت له : فما هو الباطل ؟
قال : هو نقيض الحق ، وصنو الشيطان ، وظل اليأس .
فقلت له : ولكن ما هو اليأس ؟
قال : اليأس هو فقدان الثقة ، وظلمة القلب ، واختناق المعنى ، وركود القلم ، وعفن الروح ، ونار الشقاء ، وبرودة الوجدان ، واللظى المستعر فى الجوانح ، وموت الحياة ، وصنو الكفر
فقلت له : استر ياستير ، فكيف إذن الخلاص ؟
قال : لا يوجد من سبيل سوى التمسك بحبال الأمل .
فقلت له : فما كنهة الأمل ؟ .....
وهكذا عدنا من حيث بدأنا .