اللص وصاحب الدار |
حسين بن رشود العفنان |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: حدّثني من حدّث فقال : مثلنا ومثل اليهود اليوم واستباحتهم للأقصى واستخفافهم بنا وجرأتهم علينا كمثل اللص وصاحب الدار.! قلتُ: وما مثلهما؟ قال: زعموا أن لصاً تسور داراً في يوم مبصر فجمع كل ما فيها من أثاث ومتاع فلم يشفِ غليله ما أخذ من وسائد وطنافس واستصغر نفسه واحتقرها إذ كيف تمتد إلى حطام المتاع ورثيثه وكان ذا همة في اللصوصية والخبث فقال في نفسه(لا تفرح بالقليل وترضى بالدون كالكلب الذي يصيب عظما يابسا فيفرح به ). ثم استظهر القول المشهور الذي يقول: (إذا أردت معرفة قدر السارق وعلو همته فانظر لمغنمه). فعزم على طرد أهلها وادعائها فكان ما أراد.! فبينا هو كذلك إذ قدم رب الدار وكان غائبا سحابة يومه ذلك سعيا للرزق برا بأبويه وإحسانا بأهله فكاد عقله أن يطيش حين رأى أباه وأمه وأهله ملقين في طريق السابلة في منظر يرقق الحجر ويحرك الجماد ويستنزف الدمع العصي.! وامتنع بنو عمه من مساعدته حذار اللص وخوف بطشه واجتنابا لعقاب القاضي وظلمه فقد تناهى إلى سمعهم أن القاضي يحبه ويجله وأن سبب المودة بينهما وثيق. واعتلوا فقالوا:الرأي أن نتعامى عما حصل ونتجاهل ما حدث حتى لا يلحق بنا ضر ولا يمسسنا سوء وإن من الحكمة في مثل هذه الأمور التروي وإنعام النظر والتفكر في العاقبة وترك العجلة فقد قيل : (إن في العجلة الندامة). فصاح رب الدار بهم والدمع يشتبك بخديه: ما هذا الجبن والخور أين شجاعتكم أين غيرتكم ألستم سلائل الأبطال وأبناء القواد وأحفاد البهاليل.!أتغلبون وأنتم ثلة.أتذلون وأنتم أعزة هلموا إليه لنفجأه ونوقع به.! فنهره أكبرهم وقال:هذا والله الرأي الفطير والحماقة التي أعيت الأطباء وصدق القائل: لكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة أعيت من يداويها أيها الأخرق:ألم تعلم أنه يأوي إلى ركن شديد وأنه خدين القاضي وخليله ومسه بسوء كمس القاضي أو أشد ونحن قوم لا طاقة لنا بالقاضي وجنوده: والخصم لا ترتجى النجاة له *** يوما إذا كان خصمه القاضي ومالنا ولمعاداة القاضي ومناوأته وإن(من سالم الناس ربح السلامة ومن تعدى عليهم كسب الندامة) . ثم نحن نعلم شدة بأسنا وقوة بطشنا وأننا من سراة القوم وبقية الرجال الأماجيد ولكن لنحذر مغبة الغرور فقد قالت الحكماء(لا يغتر الأقوياء بفضل قوتهم على الضعفاء). أيها الأنوك: (من ترك رأي ذي النصيحة اتباعا لما يهوى استوخم العاقبة) ثم (لا رأي لمن انفرد برأيه) فاترك الدار بما فيها والحق بنا نواسك ونهبك دارا خيرا منها. فطال المجلس واختطت الأصوات وتعددت الآراء وكثر الجدل فتنفس الصبح ولم يصطلحوا على شيء.! فلما استيئس منهم حمل نفسه بنفسه إلى القاضي غضبا أسفا ورفع أمر اللص له.فقال القاضي: إن سمعنا شيوخنا ـ رحمهم الله تعالى ـ يقولون في صفة القاضي الكامل : (ثلاث من كن فيه فليس بكامل وذكروا منها...ولا يسمع شكية من أحد حتى يكون خصمه معه).فاحضر خصمك في مثل وقتنا هذا غدا لأسمع منه واطلع على حجته لأحكم على بينة وأقضي على دلالة. فقال صاحب الدار: وإن رفض المجيء واعتل بعلل واحتال بحيل فما أصنع؟ قال القاضي:إذن فلا تقربن مجلسي بعد يومك هذا وإياك ثم إياك أن تأتي لوحدك فإن فعلت فإنك إذن سارق للوقت مضيع للعمر. وبين ظهري ذلك(1) كان اللص داخل الدار آمنا مطمئنا مضطجعا على الزرابي الوثيرة يشرب الماء النمير ويأكل الخبز الدافئ. وبات صاحبها في الخارج ذليلا كسيرا مخذولا محسورا قد علته كآبة وحزن لم يبرح مكانه ينتظر خروج اللص فطال انتظاره حتى أملق فأضحى من أهل الزكاة يتقبل الصدقة ويفرح بالأعطية. فمضى حين من الدهر وهو يسأل اللص المثول أمام القاضي وبعد لأي وجهد أنعَمَ له(2) مكرهاً. |
اللص وصاحب الدار
Crazy Love20- مستشارين الادارة العامة
- مساهمة رقم 1
اللص وصاحب الدار
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء