عبدالرحمن المحمود
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الشرك بالله:
هو أعظم المحرمات على الإطلاق لحديث أبي بكرة قال: قال
رسول الله : { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) }قالوا: قلنا: بلى يا رسول الله. قال: { الإشراك بالله... } [متفق عليه].
وكل ذنب يمكن أن يغفره الله إلا الشرك فلا بد له من توبة مخصوصة، قال الله
تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:116].
ومن مظاهر هذا الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين:
--- عبادة القبور:
واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات، والإستعانة والإستغاثة بهم.
والله سبحانه وتعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:23]. وكذلك دعاء الموتى من
الأنبياء والصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد. والله يقول:
أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ [النمل:62].
والله يقول: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194].
والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5].
وقال النبي : { من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار } [رواه البخاري].
ولا تجوز الصلاة في المسجد إذا كان فيه أو في ساحته أو قبلته قبر:
فقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله، السؤال التالي: ما حكم الصلاة في المسجد إذا كان
فيه قبر، أو بساحته أو في قبلته؟ فأجاب: إذا كان في المسجد قبر فالصلاة فيه غير صحيحة سواء كان
خلف المصلين أو أمامهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم. لقول النبي :
{ لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } [متفق عليه].
ولقوله : { ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا
القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك } [رواه مسلم].
--- الذبح لغير الله
والله يقول: فصل لربك وانحر [الكوثر:2] أي:
انحر لله وعلى اسم الله، وقال النبي : { لعن الله من ذبح لغير الله } [رواه مسلم].
ومن أنواع الشرك المنتشرة:
السحر والكهانة والعرافة:
أما السحر فإنه كفر ومن الكبائر السبع الموبقات،
والذي يتعاطى السحر كافر عند كثير من العلماء، قال الله تعالى:
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر [البقرة:102].
ومن الناس من يرتكب محرماً بلجوئه إلى الساحر لفك السحر، والواجب اللجوء إلى الله والاستشفاء
بكلامه كالمعوذات وغيرها.
وأما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادّعيا معرفة الغيب. ولا يعلم الغيب إلا الله،
وكثير من هؤلاء يستغفل السذج لأخذ أموالهم، ويستعملون وسائل كثيرة من التخطيط في الرمل أو
ضرب الودع أو قرآءة الكف والفنجان أو كرة الزجاج والمرايا وغير ذلك،
. وحكم الذي يذهب إليهم إن كان مصدقاً بما يقولون فهو كافر،
والدليل قوله : { من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } [رواه الإمام أحمد]، وهو في صحيح الجامع:5929.
ومن الشرك الأصغر
اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل
كذلك. وقد يتحول إلى أكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله.
كما يعتقد بعضهم في التمائم والعزائم الشركية وأنواع من الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية بناء على
إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث، فيعلقونها في رقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم،
أو يربطونها على أجسادهم، أو يعلقونها في سياراتهم وبيوتهم، أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص
يعتقدون فيها أموراً معينة من رفع البلاء أو دفعه.
وتعليق كل ما تقدم أو ربطه حرام لقوله : { من علق تميمة فقد أشرك } [رواه أحمد]،
وهو في السلسلة الصحيحة:492.
الحلف بغير الله تعالى
الله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته. وأما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله. ومما
يجري على ألسنة كثير من الناس الحلف بغير الله، والحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا بالله.
عن ابن عمر مرفوعاً: { من حلف بغير الله فقد أشرك } [رواه أحمد]، وهو في صحيح الجامع:6204.
وقال النبي : { من حلف بالأمانة فليس منا } [رواه أبو داود]، وهو في السلسلة الصحيحة:94،
وعلى منوال هذا الباب أيضاً عدد من الألفاظ الشركية والمحرمة التي يتفوه بها بعض المسلمين:
ومن أمثلتها: أعوذ بالله وبك - أنا متوكل على الله وعليك - هذا من الله ومنك - مالي إلا الله وأنت -
الله لي في السموات وأنت لي في الأرض - لولا الله وفلان - والصواب الإتيان ب "ثم" في ذلك فيقول:
أنا بالله ثم بك، وكذلك في سائر الألفاظ. وكذلك: أنا بريء من الإسلام - يا خيبة الدهر، وكل عبارة فيها
سب الدهر مثل: هذا زمان سوء، وهذه ساعة نحس، والزمن غدار، ونحو ذلك، وذلك لأن سب الدهر
يرجع على الله الذي خلق الدهر.
الإعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس
ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات فان اعتقد أن ما فيها من أثر النجوم والأفلاك
فهو مشرك، وإن قرأها للتسلية فهو عاص آثم، لأنه لا يجوز التسلي بقرآءة الشرك، بالإضافة لما قد
يلقس الشيطان في نفسه من الاعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك.
ومن الشرك أو الكفر ترك الصلاة
ومما بلي به كثير من الناس في هذا الزمان وربما يؤدي بهم إلى الشرك والعياذ بالله، هو ترك الصلاة
أو التهاون بها. فقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن حكم من يترك الصلاة بالكلية أو يتهاون بها؟
فأجاب سماحته: أما تركها بالكلية ولو في بعض الأوقات فكفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي
العلماء، سواء كان التارك رجلاً أو امرأة لقول النبي : { بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك
الصلاة } [رواه مسلم]
وقوله : { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } [أخرجه أحمد وأهل السنن الأربع باسناد صحيح].
هذا ما تيسر جمعه في هذا الموضوع الهام، وننصح بالرجوع إلى الكتب التالية للإستزادة:
كتاب (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)، للشيخ محمد بن سليمان التميمي.
كتاب (التوحيد)، للشيخ صالح الفوزان.
كتاب (محرمات استهان بها الناس يجب الحذر منها)، للشيخ محمد صالح المنجد.