اسأل نفسك هذا السؤال
كيف ترد على من يغيظك أو يستفزك في العادة؟؟
هل تهاجمه كما هاجمك ؟؟ هل تبدو باردا و لكن من داخلك تغلي؟
أم .....؟؟
حسنا هناك ثلاث أنواع من الشخصيات في حالات الإستفزاز
واحد حبيب للنبي "صلى الله عليه و سلم"
و اثنين لن يفرح بهما بل سيحزن عليهما
نعود للرسول "صلى الله عليه و سلم" أولا
نراقب سلوك طبيب الأمة النفسي و جراح النفوس الذي علمه الرحمن جل و علا
و نحلل سلوكه الرائع في الحوادث الثلاث
ثم نحلل التكوين النفسي للشخصيات الثلاثة
الحادث الأول
الرسول "صلى الله عليه و سلم" يطوف حول الكعبة
يصطدم برجل دون أن يقصد فيهاجمه الرجل فورا بقوله "أأعمى أنت ؟؟"
فيرد بهدوء "لا لست أعمى"
ينفعل سيدنا عمر رضي الله عنه و يكاد يضرب عنق الرجل
كيف يسب رسول الله "صلى الله عليه و سلم"
فيرد "صلى الله عليه و سلم"بهدوء هون عليك يا عمر سألني الرجل أأعمى أنا
فقلت له "لا" الأمر بسيط
هذا رد عاقل بسيط من رجل له فراسة بنوعيات الأشخاص
أدرك أن الرجل انفعل و لم يتحكم في رد فعله و لم يتعمد الإهانة
و الرسول"صلى الله عليه و سلم" لا يعرفه أصلا و الرجل أيضا لا يعرفه
فهذا انفعال المفاجاة
و حله وقف الانفعال بتحويله إلى سؤال بسيط و الرد بإجابة بسيطة دون تصعيد للأمر
الحادث الثاني
المشركين و اليهود يسخرون من حبيب الرحمن
و يسمونه مذمما و يشتمونه و يسبونه و يتعمدون الإهانة
فينزعج المسلمون و ينوون القتال
فيرد في هدوء
دعوهم هم يشتمون مذمما
و أنا محمدا
و هنا يقيم الموقف بشكل مختلف
فهذا ليس نقد بناء بل هو تجريح متعمد من صدور أوغرها الكفر و الجحود
و المهاجم جاحد يقصد الشتم و السب و لن ينهاه الرد
بل ينهاه التجاهل
لأنه لا طائل من وراء الرد أو الجدال أو التباسط
كما أن المهاجم أقل من الالتفات إليه لأنه على باطل
الحادث الثالث
السيدة فاطمة تدخل عليه باكية
و تقول له أن السيدة عائشة رضي الله عنهن أجمعين
تقول لها إن أباك تزوجني بكرا و تزوج أمك ثيبا
أي أن أمها كانت امرأة سبق لها الزواج أما هي فتتميز بأنها كانت البكر
فيقول لها في هدوء و هو يبتسم لمناوشات النساء التي لا تنتهي
قولي لها و أمي تزوجته بكرا و تزوجته أنت ثيبا
أي أن الموقف واحد أنت الآن متزوجة من رجل ثيب أي سبق له الزواج
أما أمي فأخذته بكرا و كانت أول امرأة في حياته
و هكذا المواقف الحليمة الهادئة الرائقة التي تنبع من عقل يقظ
و نفس موزونة و قلب مطمئن
يعالج الانفعالات بيسر و يمتصها بحلم و رقة و بوعي منظم
و هنا الموقف متكرر و غيرة النساء لا حل لها
فلا بد من الرد المماثل الذي يوضح للمناوش أن هناك رد مماثل
فيصمت و يكف عن المناوشة
إذن كل الردود السابقة اعتمدت على التفكير اليقظ
الذي يحيد فيه المؤمن الواعي انفعالاته
و يقيم الشخص و الموقف قبل الرد
ندرس الآن التكوين النفسي للشخصيات التي وصفناها سابقا
الشخصية الأولى
إذا هاجمه أحد رد الهجوم بهجوم
هذا شخص انفعالي تهزه المفاجأة
و بالتالي يرد الانفعال بانفعال و هذا غالبا ما يخسر مواقف كثيرة في الحياة
لأن ردوده تنبع من الجزء البدائي للمخ بعيدا عن التفكير العميق
هو سطحي و لا يثق في نفسه غالبا
و لذلك تهزه المفاجأة فلا يفكر
الشخصية الثانية
إذا هاجمه أحد لم يرد الهجوم و لكنه يغلى من داخله
هذا شخص لا يعرف كيف يدافع عن نفسه و غير واثق في قدراته و قيمته أيضا
فيتلقى الهجوم بغير قدرة على رده بسبب خوفه من الرد
و يغلى من داخله بسبب شعوره بالانهزام و عدم القدرة على الرد
و هو أيضا لا يفكر و يفضل دور الضحية
لعدم ثقته في قدرته على المواجهة
الشخصية الثالثة
إذا هاجمه احد يقيم الموقف بهدوء و يدرس الشخص المهاجم
فإذا ما وجد أنه يجوز الرد عليه رد عليه رد يسير مهذب
يقطع دائرة الانفعال و يسيطر على الموقف بهدوء و يرد المهاجم عن هجومه
أما إذا وجد أنه يهاجم للهجوم و لا هدف له إلا إثارة القلاقل
فلا يرد عليه و يكتفي بإهماله كأنه لا وجود له
فيسيطر على الموقف مرة أخرى بثقة و بغير أي شعور بالإصابة لذاته
و هذا الشخص هو الذي سيحظى بفرح النبي "صلى الله عليه و سلم"
لماذا ؟؟؟
لأنه مؤمن قوى واثق في ذاته
يتمتع بقدرة على ضبط النفس تمكنه من التمهل و التفكير المنظم في الموضوع
لا تسمح لأحد أن يباغته أو يهز ثقته في نفسه
مؤمن قوى يعرف كيف يفرق بين الحق و الباطل
و ما بني على التفكير حق و ما بني على انفعال سريع بغير تفكير ليس إلا باطل
و النبي "صلى الله عليه و سلم" لن يحب إلا أهل الحق
و العقل و التمهل و التفكير الموزون المدروس الذين يحترمون الأمانة و يصونونها
اجعل عهدك مع الله من اليوم و حتى يأتي موعد لقاء حبيب الله
صلى الله عليه و سلم
قبل أن تخرج من بيتك كل يوم و في كل فرصة تتاح لك
أن تفرح قلب نبيك و تتمهل و قبل أن ترد في أي موقف فيه استفذاذ