google_protectAndRun("ads_core.google_render_ad", google_handleError, google_render_ad); |
أهمية الجنس تدفعنا للحديث عنه حتى ننبه الناس إلى مواقع الخطر
والسقوط التي تواجههم ليتخلصوا منها، إن الفاصل بين العفة
والوقوع في الخطأ ثم السقوط في الرذيلة يرتبط بمفتاح للرذيلة حيث
أن للرذائل صور مختلفة وبتقديم الإنسان قدمه خطوة نحوها تجره إلى
الهاوية، تماماً كما لو رسمنا خطاً مستقيماً ورسمنا من نقطة
بدايته خطاً مائلاً بزاوية أخرى فكلما إمتد الخط كلما زادت الهوة
بين الخطين واتسعت الفرجة، والميول الجنسية من هذا القبيل، يمكن
تعديلها لمنع تمردها وطغيانها إذا استخدمت بالمعيار الصحيح وفي
المكان الملائم لتقود المجتمع إلى السعادة والكمال، وعلى العكس
لو تركت الغرائز بشكل طليق فإنها ستدفع المرء إلى الجرائم
والوحشية.
الرغبة الجنسية والمراهقة
Sexual appetite and adolescence
إن من أقوى لذائذ النفس شدة عند الإنسان وبالخصوص الشباب هي
الرغبة الجنسية، وهي التي تجعل معظم البشر يسقط أمامها راكعاً،
ولكن الدافع الإيماني هو الذي يحفظ ذاك الملتزم عن الإنزلاق في
البئر التي لا قعر لها، إذاً لو تمسك الإنسان بقوة الإيمان فإن
نفسه الأمارة ستكون منقادةً إلى العقل،
ما هي المشكلة الكبرى؟
إن المشكلة التي تقف أمام البشر هي التضاد الموجود بين الرغبات
الداخلية في الإنسان، فميوله المختلفة الموجودة في نفسه ليست على
وفاق فيما بينها، بل متناقضة , وإشباع إحداها بنحو غير محدود
ودون ظوابط يستلزم كبت رغبة أخرى، وهذا مما لاشك فيه يترك أثراً
سلبياً في سعـادة الإنسان.
شهوة الفرج
إن لهذه الشهوة طرفان:
1? إفراط بأن تقهر العقل فتصرف همة الرجل إلى التمتع بالنساء
فتحرمه عن سلوك طريق الآخرة، ولعلها كما هو الغالب تجر إلى
إقتحام الفواحش، وأعظم شهوة هي شهوة النساء فيجب الإحتراز منها
بترك النظر والفكر، وإلاّ إذا استحكم فإنه يعسر دفعه،
2? تفريط بأن يحجِّم عمل هذه الشهوة بالكبت الخارج عن الإعتدال
حتى تصل مرحلة خمود الشهوة وهو مذموم، وأما المحمود وهو حد
العفاف فهو أن تكون هذه الشهوة معتدلة، منقادة للعقل والشرع في
الإنبساط والإنقباض، ومهما أفرطت فكسرها يكون بالجوع والصوم
وبالتزويج،
والحكمة في إيجاد هذه الشهوة مع كثرة غوائلها وآفاتها بقـاء
النسـل ودوام الوجود، وأن يقيس بلذتها لذات الآخرة، فإن لذة
الوقاع لو دامت لكانت أقوى لذات الأجساد، كما أن ألم النار أعظم
آلام الجسد والترهيب والترغيب يسوقان الخلق إلى السعادة والثواب.
البلوغ والخصائص الجنسية
لا تؤثر عوامل البلوغ المتغـيرة على الجسـم فحسب فبالإضافة إلى
عملها في تسريع نمو البدن فهي تؤثر على نفس المراهق وتبدل أفكاره
وأخلاقه وتبعث فيه ثورة نفسية عميقة الأثر، ولهذا نرى أن سلوك
وفكر وخلق البالغ حديثاً تتمايز كثيراً عن الطفل غير البالغ، فإن
للغدد الجنسية وظائف أخرى غير دفع الإنسان لإتيان عمل من شأنه
حفظ الجنس فهي تزيد أيضاً من قوة النشاط الفسيولوجي والعقلي
والروحي، لأن للخصيتين والمبايض وظائف على أعظم جانب من الأهمية،
إنها تولد الخلايا الذكرية والأنثوية وهي في الوقت نفسه تفرز في
الدم مواد معينة تطبع الخصائص الذكرية أو الأنثوية المميزة على
أنسجتها وأخلاطنا وشعورنا وتعطي جميع وظائفنا صفاتها من الشدة،
فالخصية تولد الجرأة والقوة والوحشية، إذ أن للخصية أكثر من أي
غدة أخرى فلها تأثير عميق على قوة العقل وصفته، فكبار الشعراء
والفنانين والقديسين والغزاة يكونون عادةً أقوياء من الناحية
الجنسية، ويؤدي استئصال الغدة الجنسية إلى حدوث بعض التغييرات في
الحالة العقلية، حيث تصبح النساء متبلدات الشعور بعد استئصال
المبيضين ويفقدن قسماً من نشاطهن العقلي وكذلك بالنسبة للرجل.
إذاً في باطن الإنسان هناك قوتان عظيمتان على قدرٍ كبيرٍ من
التأثير وهما: العقل والعواطف.
والمراد من الجانب النفسي والمعنوي للإنسان هو مجموع هاتين
القوتين، وهما تتأثران بالبلوغ إلى جانب التأثير الجسمي في النمو
والتكامل العضوي، وتسير معاً جنباً إلى جنب في طريق النضج مع
مائزٍ واحدٍ هو أن نمو العواطف يساير نمو الجسم في السرعة وتنضج
عواطف المراهق بشكلٍ سريعٍ وشديد بينما يطوي العقل تدريجياً
منازل كماله ومراحل نموه على هونٍ، ويبلغ نموه النهائي بعد مضي
سنواتٍ طوال.
ثم أن الطفل أيضاً قد يكون لديه الحاح وفضول جنسيان وببلوغه سن
المراهقة فإن هذه الحاجات تقوى وتزداد، وقد دلت دراسة كنزي
Kinsey عن المراهقين من الفتيان دلالة واضحة على أن فترة
المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية وقد ثبت له أن ما يزيد عن 95%
من المراهقين الذكور في المجتمع الأميركي يكونون فعالين جنسياً
حين بلوغهم الخامسة عشرة من العمر وهو يعني إنغماسهم في فعاليات
من مثل الإستمناء masturbation والإحتـلام wet dream ? الجماع
sexual intercourse والغزل flirtation واللواط pederasty ? وفي هذا دليل على الحاجة الكبرى للتربية الجنسية، ولذلك فإن المراهق
بحاجة لمساعدته فيما يخص مشكلاته الجنسية، وفي إمكان المدرسة
والبيت أن يساعدا المراهق كثيراً في هذا الخصوص، ولا تردد في هذا
الكلام إذ أن هذه الشهوة هي أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها
عند الهيجان على العقل إلاّ أن مقتضاها قبيح يُستحى منه ويُخشى
من اقتحامه، وأما إمتناع أكثر الناس عن مقتضاها فهو إما لعجز أو
لخوف أو لحياء أو لمحافظة على حشمة، وليس في شيء من ذلك ثواب
وإنما الفضل والثواب الجزيل في تركه خوفاً من الله تعالى مع
القدرة عليه وارتفاع الموانع لا سيما عند صدق الشهوة.
هموم المراهقين
إن هموم المراهقين فيما يخص علاقاتهم بالجنس واضحة جداً لكل من
مرّ في هذه المرحلة لذا يجب أن تبدأ التربية الجنسية في البيت
أولاً، ثم أنه يجب أن تستمر هذه التربية خلال السنوات التي يمر
بها، وبديهي تجب التربية الجنسية للطفل ولكن لا يطلق عليها بهذا
الاسم أمامه بل تعطى اسما أقل إثارة من ذلك مثلاً (العلاقات
الشخصية).
يجب أن يتنبه الأهل إلى أن تجنب التطرق لمثل هذا الحديث فيما
بينهم حياءً أو جهلاً غير صحيح، لأن أي تقصير في التعاليم
الواردة بهذا الشأن قد تجر مصائب ومشاكل يصعب حلها فيما بعد.
العفة الجنسية
هي أول نقطة يجب أن يضعها المربي في حسبانه، فالطفل يكبر وهو
يحمل في ميوله وغرائزه الباطنية العفة الجنسية بشكل قوي ورصين
وحتى يمكنه أن يواجه أي إنحراف قد يتعرض له في المجتمع الموبوء
جنسياً علينا تقوية ارتباطه بهذه العفة، وللأسف بعض الآباء لا
يتورعون عن التكلم بعبارات بذيئة أمام أطفالهم بل ويرتكبون
أفعالاً منافية للعفة، وهم بذلك يقودونهم إلى الميول الخاطئة
واللامبالاة والاستهتار منذ الصغر دون إدراك خطورة هذا الأمر
ظناً منهم أن الطفل لا يمكنه أن يستوعب ذلك.
وقد تحدث اشياء تؤدي إلى نضوج مبكر لهذه الغريزة وبالتالي سيقع
الأبوان في دوامة أسئلة من الطفل حول هذا الموضوع وقد يرى
الأبوان بعض التصرفات من أطفالهما تشير إلى انتباههم إلى هذه
الأمور، كأن يعبث الطفل بعضوه أو ما شابه ذلك ففي هذه الحالة على
الأب مع الصبي أو الأم مع الفتاة أن تتصرف بحكمة فلا ينبغي إرهاب
الطفل بشكل يجعله أكثر إثارة تجاه هذا الشيء بحيث ينشد تجاه
الممنوع ودون أن يشعر والداه في المرات الأخرى، فعلى الأب أن
يتصرف معه دون إشعاره بأنه قام بعمل فادح مما قد يزرع بذور عقدة
النقص في نفسه، بل يجب أن يكلما الطفل بكل هدوء ويحاولان أن
يشعراه بعدم أهمية الموضوع، ونهيه بشكل دقيق وتعريضه لمؤثرات
أخرى بحيث تشد انتباهه عن الموضوع سالف الذكر.
والخطوة التالية هي أن يخضع الوالدان هذا الطفل لمراقبة شديدة
لمعرفة إن كان هناك أي مضاعفات أخرى لم يعلما بها دون إشعاره
بهذه المراقبة أيضاً.
تفاصيل العملية الجنسية
تجدر الإشارة إلى هذه النقطة الهامة، وهي أن كثيراً من الآباء
والأمهات يصارحون أبناءهم وبناتهم بكل شيء حول الأمور الجنسية
ولربما وصل الحد إلى درجة شرح تفاصيل العملية الجنسية، ويفعلون
ذلك باسم العلم والثقافة، والحقيقة أن هذه الفكرة خطأ فاحش لأن
البالغ يكون خياله في قمة نشاطه في هذه الفترة، وهنا تكمن
الخطورة، إذ قد يستحوذ هذا الجانب على خياله فيشده إلى التفكير
في هذه الأمور دون غيرها ويكون قد وقع في خطر الإنحراف مع وجود
المؤثرات وتأخر الزواج في عصرنا الحاضر والخطر الثاني التأثير
على مستقبله العلمي والفكري.
إن الحديث بصراحة في هذه الأمور لا يجب أن يكون إلاّ قبيل الزواج
بفترة بسيطة جداً إذ أن الإسلام يحافظ على سلامة الخيال من أي
شائبـة قد تؤثـر سلبياً على صاحبها.
فنعود للكلام على الطفل ونقول أنه مخلوق ضعيف وقد جعل الله أمره
بيدك تتصرف معه كيفما تشاء وأنت المسؤول عنه بدقة فلا تظلمه ولا
تؤذيه، وضع نفسك مكان الطفل واعمل على هذا الأساس، واعرف أن هذا
الطفل سيعكس شخصيتك وإيمانك وفكرك لله وللناس، فما تستطيع أن
تنتجه في تربيتك لطفلك تكون قيمتك .
الإستجابة للغريزة الجنسية
إن الإسلام العظيم يوصي المسلمين بالاستجابة للغريزة الجنسية
وممارسة ميولهم الغريزية حسب منهج سليم، وعلى أي حال فالأمر الذي
لا خلاف فيه هو أن الإنسان يشعر بارتياح شديد عندما يستجيب
لميوله، وهذا الشعور بالارتياح هو الذي يعبر عنه باللذة.
وبالرغم من وجود المشاكل العديدة في طريق تحقيق اللذة فإن البشر
لا يقتنع ? لا يقف عند حد في السعي وراء رغباته الغريزية.
إن الإسلام لا يكتفي بالموافقة على الإستجابة للرغبات الفطرية
فحسب بل يعتبر ذلك من شؤون تحصيل السعادة البشرية، إلاّ أن إرضاء
الغرائز والاستجابة لها مسموح في نظره إلى حيث لا يؤدي إلى
الشقاء والفساد، والإسلام يعتبر إرضاء الميول الغريزية للبشر
أمراً محبذاً ويهتم بذلك على أنه من فروع السعـادة البشرية، أما
أن يعتبرها أصلاً في ذلك فلا، إذ أن الذي يغرق في الملاذ المادية
ويحصر نفسه في سجن الشهوة والغرائز فقط يكون قد حاد عن الفطرة
الإنسانية السليمة التي تأبى هذا النوع من الحياة، وإنما هي حياة
البهائم والميوعة، حياة المدنية الحديثة التي قد سدت على الناس
أبصارهم ومسامعهم وصورت لهم أن معنى الإنسانية هو الانتفاع من
اللـذة أكثر وكأن ليـس للإنسـان هـدف غير ذاك، فالكل يفكر في
كيفية الحصول على مسكن أحسن ومركب أجمل ومقام أرفع ويجدّون في أن
يعرفوا أي السبل تدر عليهم ثروة أكثر كي يتمكنوا من ممارسة
شهواتهم بصورة أوسع وتسعى شركات الأفلام السينمائية دوماً في
سبيل إخراج أفلام أكثر تهييجاً، ورقصات أشد إثارةً، لتتمكن من
إرضاء شهوات الناس إلى أبعد مدى ممكن وبذلك لتحصل على أرباح
أكثر، وفي المقابل يقل اجتماع الناس في المساجد ومجالس الذكر،
تعساً لك من زمن يحترم فيك الرجل الثري ويستهزأ فيك بالرجل
المؤمن....... تعساً لك من زمن جعلت الناس تشجع وتصفق لنجمة
سينمائية تمكنت من إرضاء أصحاب الأهواء والنزوات بخروجها عارية
أمامهم.
إن قضية تجنب عبادة الهوى وتعديل الرغبات النفسية ليس واجباً
إسلامياً مؤكداً فحسب بل أن ضرورة تحديد الميول الداخلية هو مبدأ
حتمي لا يمكن التخلف عنه من النواحي العقلية والعلمية والتربوية
والأخلاقية والصحية والإجتماعية ومن ناحية الضرورة الحياتية
إن موضوع إرضاء الغريزة الجنسية من الموارد التي فسح للأفراد في
دنيا الغرب الحرية المطلقة في ممارستها، ولذا نجد الكثير من
الشبان والفتيات في تلك الدول يصابون بالإفراط على أثر الحرية
المطلقة الممنوحة لهم، فينزلون إلى هوة الإنحراف والفساد عند
إشباعهم للغريزة الجنسية.....وهذا ما يتضمن بين طياته المفاسد
الكثيرة للأمة والدولة، ولا تقف أضرار الحرية المفرطة للناس في
إتباع غرائزهم الجنسية عند حد انهيار أساس الأسرة بل تلوث النسل
وتزيد في الإنحرافات الجنسية المختلفة، والإنتحارات الناشئة من
الإخفاق في الحب والغرام واضطراب الأسس الخلقية.
أما نحن فلكي نكون أحراراً من ذلك لابد من الإنتباه إلى أن
النقطة الجديرة بالإهتمام هي أن الشهوة يجب أن تكون مسخرة
للإنسان لا أن يكون الإنسان مسخراً لشهوته، ولكن كيف يكون ذلك؟:
بالعفة الجنسية التي يتعهدها الإنسان بتنميتها في نفسه أو فيمن
يربيه بحسب الأساليب التربوية الصحيحة، فبوضع الرقابة على هذه
الغريزة تقف العفة كسد محكم في قبال ثورانها وتمنع من الإنزلاق
في الوادي السحيـق الذي لا بطن له، وأما الأفراد المحرومين من
هذه الفضيلة السامية فإنهم معرضون للسقوط والإنهيار في كل لحظة،
ولو لم تكن العصمة موجودة في يوسف (على نبينا وآله وعليه أفضل
الصلاة والسلام) ولو لم تكن تلك الإرادة القوية في كوامن نفسه
لمال إلى تلك المرأة، إن نبي الله يوسف عليه السلام بالرغم من
إرادته القوية تلك فقد قال بعد أن رأى نفسه وسط تلك النساء
المغرمات به واللائي قطعن أيديهن من شدة تولههن به { وإلاّ تصرف
عني كيدهـن أصب إليهن وأكن من الجاهلين } ومعنى الجهل هنا
هو: غلبـة الغريزة على العقل، والآية تفهمنا بأن الغريزة الجنسية
لها حساب غير حساب باقي الغرائز، وأن الإسلام فتح لها حساباً
خاصاً بها وباقي الغرائز في حساب آخر، وأن هذا الحساب الخاص
يرتبط بمسألة مهمة وحساسة ألا وهي مسألة دفع خطر هذه الغريزة
بعيداً عن التـنكر لها أو رفعها بشكل كلي ? وأن هذا الدفع جاء من
أجل ألاّ تثور هذه الشهوة فتدمر الأخضر واليابس، لذا حث الإسلام
العظيم على عدم مد النظر صوب ما حرم الله، وكما تعلمون أن النظر
إلى الأجنبية بشهوة يهيج الغريزة الجنسية ويؤدي بصاحبها إلى حيث
لا تحمد عقباه ولـذا حرم الإسلام النظـر بشهـوة إلى ما حرم الله
النظر إليه، لأن ذلك النظر يتفاقم شيئاً فشيئاً فيضحى عشقاً أسوأ
من السرطان الساري، وحرم الإسلام أيضاً على المرأة أشياء تدخل في
تهيج شهوة الرجل، وتذهب بعقله ولبه وهي: التحدث بغنج، أو المشي
بدلال، أو ارتداء الملابس المبتذلة الخليعة، أو محاولة إطالة
الأحاديث مع الرجال، والنظر في صميم عيونهم، وما إلى ذلك من
الأعمال التي تدخل في إثارة غريزة الرجل الجنسية.
إن ما نراه اليوم من عقد في مجتمعنا الإسلامي ترجع في أساسها إلى
إغفال الشباب سنوات المراهقة التي كان ينبغي أن تستثمر في الحلال
دون الحرام.
الإنحراف الجنسي
من العوامل التي تؤدي إلى إنحراف الميل الجنسي عن الصراط
المستقيم للفطرة هو الخواطر المستهجنة الحادثة في دور المراهقة
ومشاهدة المناظر المنافية للعفة، والغريزة الجنسية للشاب غير
البالغ مجمدة بصورة طبيعية، فإن إنسجمت التربية العائلية التي
يتلقاها وهذا الجمود، ولم يواجه المناظر المثيرة فإنه سيكون
بصورة طبيعيـة بعيـداً عن الاضطرابات الجنسية، وعندما يبلغ ويظهر
فيه الميل الجنسي فإنه يوجَّه نحو الطريـق الطبيعـي المعد لذلك
الميل، أي أن الفتاة تتجه نحو الشاب والشاب يتجه نحو الفتاة، ولا
يبقى مجال للشذوذ الجنسي بعد ذلك.
أما الأشخاص الذين يعدون وسائل الإثارة الروحية في أنفسهم تجاه
القضايا الجنسية، ويوجدون في مخيلاتهم صوراً للخواطر القبيحة
فإنهم يتسببون في الإنحراف الجنسي بلا شك.
معنى العـفـة
هي انقياد القوة الشهوية بسهولة ويسر للعقل حتى يكون انقباضها
وانبساطها بإمرته وإشارته وبذلك يكون المرء حراً غير مستعبد
لشهوته وهي وسط بين الشره والخمود وكل منهما رذيلة، فالشره إفراط
هذه القوة بالمبالغة فيما لا يرضاه العقل من اللذات، والخمود عدم
انبعاث الشهوة إلى ما يرى العقل نيله من مطالب ورغائب فيها سعادة
وخير.
تنقسم اللذة على نوعين: جسدية ? عقلية، والعفة تقع في اتجاه
اللذة الجسدية ولا تتصف بالعقلية ولذا يصدق على المسرف في
الملذات وصف الفاسق ولكن المسرف في الملذات العقلية لا يتصف
بالفسق، ويكون هدف العفة تقليل حدة نشاط الشهوة وسائر الغرائز
الأخرى وإنما تسير على خط معتدل وعلى نظام منسق.
والعفة في الجنس ينبغي أن يتخذ الإنسان فيها اسلوباً وسطاً عند
ممارسته له فإن الإكثار منه يكون اتجاهه إلى جانب البهائم والقلة
منه يوجب الإقلال من الإنماء البشري، فكان خط العفة السيرَ على
نمط الإعتدال.
الدوافع الفيزيولوجية
يقصد بالدوافع الفيزيولوجية عادة الشروط الفيزيولوجية التي تدفع
للفاعلية وهذه الشـروط تكون نتيجة لحاجة لم ترض، ولابد من
الإشارة إلى أننا نلاحظ أن الفاعلية التي تدفع إليها هذا الدافع
تنتهي أولاً بالممارسة الجنسية، وثانياً تثور نتيجة للحرمان من
الممارسة، وثالثاً تكون متصلة بظروف فيزيولوجية، وحيث أن زيادة
الاهتمام بالدافع الجنسي قد يكون ناتجاً عن زيادة في نشاط الغدد
التناسلية، كذلك قد يكون ناتجاً عن إثارة المحيط ومستثيراته.
خذ لذلك مثالاً بسيطاً جداً، حاسة الشم، عندما يشم الذكر رائحة
عطر الأنثى فإنه قد يستشعر بميل أكبر نحو الأنثى مما يحرك فيه
الدافع الجنسي، وحينما تهيج في الشاب الشهوة الجامحة وتحركه
دوافعه الجنسية نحو العمل والسعي، فإن الضمير الأخلاقي والميول
الإنسانية ستقمع في باطنه، ومن أجل الوصول إلى هدفه وإشباع رغبته
في اللذة قد يقدم على الكذب والاتهام والخيانة في الأمانة وعلى
جميع الرذائل إشباعاً لشهوته الجنسية.
قال الإمام علي عليه السلام (من حصر شهوته صان قدره) ولكن
للأسف فإن للغريزة الجنسية القوة التي يمكنها أن تطفئ ضياء العقل
وتدفع للقيام بأعمال جنونية وخطيرة.
إذاً تعديل الميول الشهوية وتحديد الغريزة الجنسية ضرورة حتمية
في الحياة الفردية والإجتماعية، فالعقل والعلم والدين والتقوى
والأخلاق والفضيلة والسعادة والهناء تحتم علينا الغض عن الإفراط
في البحث عن اللذة وإطلاق العنان للغريزة الجنسية، وتوجب
الإنصياع للضوابط القانونية والأخلاقية وإشباع الغريزة الجنسية
في حدود موازيين ومعايير المصلحة.
ولنعلم أنه كما أن الإنسان حيوان بطبعه، خلق بغرائز وميول
حيوانية، كذلك هو ليس حيواناً كليةً كي يمكنه أن يحيى ويسعد
كباقي الحيوانات، فبالإضافة إلى الميول الحيوانية يمتلك الإنسان
صفات ومزايا مختصة به دون الحيوان، فالخالق القادر خلق في
الإنسان كنوزاً وقيماً خاصـة اختلطـت بطينته، ومنها نجم الاختلاف
الطبيعي بين الإنسان والحيوان من جوانب عديدة.
والطريف في الأمر أن النظرة السطحية توحي بأن الحيوان حر في
إشباع غرائزه وميوله وقادر على تحقيق رغباته النفسية كيفما
شاء........ وبعض الأشخاص نتيجة لهذه النظرة الساذجة يتـنهد
حسرةً على حياة الحيوانات ويتمنى أن يكون حراً مثلها غافلاً عن
أن الحيوانات ليست حرة في تصرفاتها وإنما هي مقيدة بأمر الخالق
في إطار برامجها الفطرية، ولا يمكنها تخطي حدود الضوابط
والموازيين التكوينية، ولهذا فإنها تطوي حياتها بشكل سليم وفق
إرادة الخالق جل وعلا ولا تنحرف أبداً عن صراط الخلق المستقيم
الذي وضعه الله لها يقول سبحانه وتعالى
{ قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )
احتضان المرأة الغريبة وتقبيلها
لم لا تبيح التعاليم الإسلامية اختلاط الجنسين بصورة حرة ودون أي
قيد أو شرط؟
لماذا منع الإسلام احتضان المرأة الغريبة وتقبيلها واعتبر العلاقة الجنسيـة المحرمة عملاً لا مشروعاً وزناً وإن كان برضاها؟
لم أباح الإسلام إشباع الغرائز الجنسية في إطارها الطبيعي فقط ومنع الممارسات الانحرافية؟
وباختصار: لم سمح الإسلام بإرضاء اللذة عند الشباب والكبار في
إطار القانون فقط، واعتبر ما يجري خارج حدود القانون ذنباً وإثماً؟
الجواب:
لأن العالم الغربي المعاصر ينظر إلى خير الأخلاق وشرها بما
يتقبله الناس ويلفظوه، ولأن الرأي العام يوافق على علاقات
الفتيان والفتيات والمعاشرة الجنسية بين الرجال والنساء، فقد
أبيحت مثل هذه الممارسات هناك، ولكن معيار الخير والشر في
الإسلام هو صلاح الناس وفسادهم ويجري التحكم بالمباح والمحرم وفق
مصلحـة المجتمع وسعادته ? قد منع الإسلام مثل تلك الممارسات
لأنها تنافي المصلحة الحقيقية وتضر بسعادة الناس.
وماذا عن مصاعب أيام المراهقة
فترة المراهقة صعبة، دقيقة، تتطلب الوعي والذكاء من قبل الأهل
ومن قبل الشباب والشابات، لأنها مرحلة المفاجآت الحلوة والمرة،
نتيجة اكتشاف كل جديد على الصعيدين الجسدي والنفسي.
إن التغيرات التي تصيب جسم المراهق تجعله مشوشاً خائفاً، يبحث عن
الحقيقة، ويشك في المرحلة التي يمر فيها حتى أنه يبدو قلقاً يصعب
فهمه، وإذا كانت علاقته مع أهله متعثرة فيحتاج هذا الشاب أو
الشابة إلى مراجعة من يمكن الحصول منه على الإرشادات والمعلومات
التي تعتمد على المنطق والمعقول، لأن الغريزة الجنسية إذا لم
توجه بصورة صحيحة فإنها ستضطرب بقساوة على سعادة الشباب وستحول حياتهم الحلوة ومستقبلهم إلى بؤس وشقاء وستقضي على قوتهم الخلاقة.
إن ضحايا الشباب عن هذا الطريق كثرة جداً، كما أن الأشخاص الذين
شعروا بالندامة والأسف على أفعالهم بعد استيقاظهم من نومهم
العميق ليسوا بالنفر القليل، كما أن الذين تحملوا الآثار
المشؤومة طيلة عمرهم من جراء عدم توجيه هذه الغريزة توجيها
صحيحاً كثيرون أيضاً، فيجب أن نواصل الجهد في سبيل إيقاظ الشباب
وتنبيههم إلى النقاط الرئيسية لهذا الخطر الجسيم.
ومن المؤسف جداً أن مسألة الشباب الجنسية في هذا الزمان دخلت
دوراً خطراً جداً نتيجة للتعليم والتوجيه الفاسد بواسطة
المطبوعات التجارية والأفلام الخلاعية ونشر الصور المثيرة
للغريزة الجنسية وغيرها بالإضافة إلى سوء الاستفادة من الحرية،
حيث زاد الطين بلة وإذا لم نواصل السعي من أجل نجاة الشباب من
هذا الخطر فالمستقبل المشؤوم في انتظارنا.
كل خطأ من قبل الأهل يطرأ على مرحلة المراهقة ينعكس سلباً على
تصرفات وعلاقات وحياة الشباب والشابات بحيث نشعر بالتوترات
العصبية والاضطرابات النفسية عندهم، مع التشديد على ضرورة عدم
انصياع شبابنا وشاباتنا لغرائزهم بل عليهم أن يحكموا عقولهم
لتحويل أكثر الدوافع الإنسانية إلى عمل مثمر ناجح، ولابد من
معرفة أن المراهق لا يلاحظ إلاّ ظاهره ولا يعي ما بباطنه، يرى
نمو جسمه الذي بات يشبه الآباء والأمهات ويشعر في داخله باستيقاظ
الرغبة الجنسية، ولكن عليه أن يتنبه أن البلوغ الجنسي هو غير
البلوغ العقلي كما يؤيد ذلك الدين والعلم.
ولابد من مرور عدة سنوات على البلوغ الجنسي لأبناء البشر حتى تصل
العقول إلى النمو النهائي والبلوغ الكامل، إن الميل الجنسي يولد
ضغطاً على الشباب ويضيق الخناق عليه فضلاً عن هذا فإن مشاهدة
الأفلام المثيرة والخليعة تشدد من ضغط الميل الجنسي ويزيد من
شهوة الجنس عند الشاب وكذلك مشاهدة النساء المتبرجات ترفع من
لهيب نار الشهوة وتضعف في الشاب قوة العفة والأخلاق وهنا ينساق
الكثير من الشباب نحو طريق الفساد والانحراف ويضربوا بعرض الحائط
عملياً بالضوابط الأخلاقية والسنن الاجتماعية.
ولذلك فإن شرح الظواهر الجسدية الجديدة يجب أن يحصل بشكل صادق من
قبل الأهل والمختصين حتى تأتي النتائج راجحة مما يساعد أولادنا
على التسلح بكل المعلومات الضرورية لتخطي هذه المرحلة دون أن
يصيبهم أي إشكال سلبي جسدي أو نفسي، فمرحلة كهذه يجب أن يتخطاها
كل شاب بحذر وذكاء دون أن يتعرض إلى الهلاك الذي يؤثر على ما
تبقى من حياته، لأن المفهوم الخاص بإدراك الفرد لحقيقة ذاته
يتأثر إلى حد كبير بفكرته عن جسده وبمظهره الخارجي وملبسه
وقابلياته وأمزجته وقيمه ومعتقداته وميوله واتجاهاته وطموحه إلى
غير ذلك، ويمكن لهذا المفهوم أن يتعدل ويتطور إذا توافر لدى
الفرد قسط كاف من الذكاء مع المهارة الضرورية في معالجة المشاكل
المستجدة عليه بطريقة صحيحة وسليمة.