غشاء البكارة غشاء موجود حول فتحة المهبل الخارجية، ويتكون من طبقتين من الجلد الرقيق بينهما نسيج رخو، غني بالاَوعية الدموية، ولفتحة غشاء البكارة اشكال متعددة، فمنها المستدير والهلالي والغربالي والمنقسم طولياً وقد يكون مصمتا، أي بدون فتحة في بعض الحالات النادرة مما لا يسمح بمرور دم الطمث للخارج وتراكمه في المهبل ثمّ في الرحم(1)، ويكون هذا الغشاء في أغلب الاَحيان رقيقاً، إلاّ أنه في أحيان أُخرى يكون سميكاً لدرجة الاحتياج لاجراء عملية جراحة لفضه عند الزواج، كما أنّ درجة مرونته وتمدده تختلف من فتاة لاَُخرى، وهناك نوع يسمى بالغشاء المطاطي المتمدد والذي يمكن معه اتمام الجماع بدون أنْ يتمزق(2).
وفي هذا النوع قد لا يحدث إلاّ ألم بسيط أثناء أوّل جماع بعد
______________________________________
(1) في هذا الفرض لا بد من اجراء جراحة ويقوم الطبيب بعمل فتحة في الغشاء لنزول دم الحيض المجتمع في المهبل والرحم ويجب ان ينتبه الجراح الى ترك جزء كاف من الغشاء حول الفتحة التي يفتحها، ليفض عند الزواج، ص427 الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية.
اقول: اذا كانت العملية ضرورية لصحة الفتاة فلا بأس بها شرعاً، ويجب عليها اختيار الطبيبة مع الامكان ولا بد لمن يقوم بالعملية من الاقتصار على عمل الفتحة بمقدار الضرورة حتى لا يضمن ولا يحكم عليه بالغرامة الشرعية.
(2) ص425 نفس المصدر.
====================
( 221 )
الزواج، وقد لا يحدث نزول دم اطلاقاً لمرونة الغشاء وتمدده وعدم تمزقه، وقد يظنون بها أنّها ليست عذراء(1).
وعلى كلّ: يصاحب فض غشاء البكارة في ليلة الزفاف بعض الاَلم والنزيف الذي يختلف من فتاة لاُخرى، ويعتمد على حد كبير على درجة تمزق الغشاء والذي يعتمد بدوره على نوع الغشاء ومدى سمكه ومرونته، وقد يكون النزيف شديداً بحيث يستدعي إسعاف الفتاة والتدخل الجراحي بربط الشرايين النازفة وخياطة مكان التمزق لوقف النزيف(2).
وسبب تمزق غشاء البكارة قبل الزواج أمران: الدخول كانت الفتاة راضية به أو مكرهة ـ أو وقوع حادث أدّى إلى أصابات بمنطقة الفرج، ويمكن للطبيب المتخصص معرفة تمزق غشاء البكارة عن حادث أو اغتصاب بسهولة إذ إن التمزق في هذه الحالة يكون حديثاً ومصحوباً بكدمات واصابات أُخرى بمنطقة الفرج وما حولها(3).
إذا تقرر ذلك فهنا اسئلة تطلب أحكامها الشرعية:
(السؤال الاَول): ان قيام الطبيبة أو الطبيب برتق غشاء البكارة يعتبر خداعاً لزوج الفتاة المستقبلي وأنّه هو الذي خدعه، وعدم قيامه به يؤدي للاضرار الشديدة بالفتاة وأهلها، وعدم قدرة الفتاة على الزواج حتى لا يفتضح أمرها، وايذائها الشديد اذا اجبرت على الزواج عند كشف حالها، والطبيب قد اقسم عند بدء حياته العلمية بعدم القيام بأيّ عمل فيه غش وخداع كما أنّه أقسم في نفس الوقت بأنّ يعمل جهده لدفع الاَذى عن
____________
(1) ص427 نفس المصدر.
(2) ص426 نفس المصدر.
(3) ص428 نفس المصدر.
===============
( 222 )
مرضاه والحفاظ على حياتهم وصحتهم البدنية والنفسية، فما هو الحكم الشرعي؟
أقول: جواب هذا السؤال يتوقّف على ذكر مباحث فقهية لا بد من ذكرها على نحو الاختصار ونسئل الله العصمة عن الخطأ:
(الاَوّل): قيل لا خلاف في حرمة تدليس الماشطة، بل أُدعى عليه، الاجماع، وقد تعرض لتوضيح التدليس وبيان صغرياته شيخنا الاَنصاري رضي الله عنه في مكاسبه المحرمة.
لكن الاِجماع المنقول لا يكون دليلاً على الحرمة، وعمل الماشطة في مثل هذه الاَعصار لا يعد تدليساً وكذا بعض ما عدوه من مصاديقه ليس بتدليس. ويمكن أنْ نستدلّ على حرمة التدليس بموثقة بكير في خصيّ دلّس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها، فقال: يفرق بينهما إنْ شاءت المرأة ويوجع رأسه وان رضيت به أقامت معه...(1).
وفي موثّقة سماعة...: ويوجع ظهره كما دلس نفسه(2) بناء على دلالة ايجاع الظهر أو الرأس على الحرمة. وان نوقش فيه فيحرم التدليس لكونه من أفراد الغش المحرم.
(الثاني): لا إشكال في حرمة الغش بين المسلمين وتدلّ عليها أحاديث كثيرة(3)، وفي القاموس: غشّه لم يمحضه النصح أو أظهر له خلاف ما أضمر كغششه... والمغشوش الغير الخالص.
____________
(1) ص608 ج14 الوسائل الطبعة المتوسطة.
(2) ص227 ج21 الوسائل نسخة الكومپيوتر.
(3) الوسائل ج17 ص266 وص279 وغيرها نسخة الكامبيوتر.
===============
( 223 )
وفي مكاسب الشيخ الاَنصاري رحمه الله: ثمّ إنّ الغش يكون بإخفاء الاَدنى في الاَعلى كمزج الجيد بالرديء، أو غير المراد بالمراد كادخال الماء في اللبن، أو بإظهار الصفة الجيدة المفقودة وهو التدليس، وبإظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المموه على أنّه ذهب أو فضة.
أقول: الدليل على أنّ التدليس من أفراد الغش مضافاً الى صدق معناه اللغوي عليه (اظهر خلاف ما اضمر) صحيح هشام قال: كنت أبيع السابري (أي الثوب الرقيق) في الظلال فمر عليّ أبو الحسن الاَوّل موسى (عليه السلام) راكباً، فقال لي: يا هشام إنّ البيع في الظلال غش والغش لا يحل(1) بناء على أنّ الظلال يظهر صورة حسنة للباس المذكور لا ان البرودة توجد ثقلاً للباس(2)صس.
فاظهار الفتاة وصف البكارة لزوجها تدليس محرم سواء خلقت غير باكرة أو فقدت بكارتها بحرام أو بغصب أو في نوم ونحوه أو بحادث.
لا يقال: لا تدليس في المقام اذا لا تظهر الفتاة لخطيبها أو لزوجها صفة مفقودة في الواقع، فإن العملية الطبية تغير الواقع فتصبح ذات غشاء البكارة بعد ذهابه منها كما اذا كانت مشلولة فاصبحت بالتداوي سليمة.
فإنّه يقال: إنَ غرض الاَزواج من العذار غالباً ليس نفس الغشاء من حيث هو غشاء، بل غرضهم منه عدم كونها مدخولة لغيرهم ـ بطريق حلال أو حرام ـ، فرتق غشاء البكارة الزائل بالدخول تدليس لا محالة اذا كان العقد بانياً على بكارتها أو شرطت لفظاً.
____________
(1) ص208 ج12 الوسائل الطبعة المتوسطة.
(2) لاحظ بحث الغش في مكاسب الشيخ الاَنصاري قدس سره وكتابنا حدود الشريعة ج2 ص64 الى ص66.
===============
( 224 )
نعم في الزائل بغير الدخول لا تدليس برتقه إلاّ اذا فرض بناء عقد النكاح على وجود الغشاء الطبيعي بما هو هو، وهو نادر.
(الثالث): لا يبعد أنْ يقال إنّه لا فرق في الشرط بين ذكره صريحاً في ضمن العقد ومتنه وبين ذكر العقد بانياً عليه قبل العقد وحينه لشمول قوله (عليه السلام) : «المسلمون عند شروطهم»(1). وعليه فالبكارة سواء جعلت شرطاً في متن العقد أم كان بناء العقد عليه فهو شرط يترتب عليها أحكام الشرط.
(الرابع): هل قيام الطبيبة برتق غشاء البكارة أو إصلاحه أو تجديده غش محرم عليه وان لم تقصد الغش والتدليس المحرمين بل إنما قصدت أجرتها فقط؟
يقول الشيخ الاَنصاري في مكاسبه المحرمة (ص18): فتحصل مما ذكرنا أنّ قصد الغير لفعل الحرام معتبر قطعاً في حرمة فعل المعين، وأنّ محل الكلام هي الاعانة على شرط الحرام بقصد تحقق الشرط دون المشروط وأنها هل تعد إعانة على المشروط فتحرم، أم لا فلا تحرم ما لم يثبت حرمة الشرط من غير جهة التجري، انتهى ما اردنا نقله.
أقول: لم يثبت حرمة الاعانة على مطلق الحرام وانما الثابت حرمة الاعانة على الظلم، واعانة الحكومة غير الدينية، والاعانة على القتل وهو من اظهر أفراد الظلم، نعم يحرم التعاون على الاثم والعدوان كما في القرآن المجيد(2) لكن التعاون غير الاعانة على ما ذكرناه في كتابنا حدود الشريعة (ج2 مادة الاعانة في حرف العين).
____________
(1) الوسائل ج 23 ص 142 نسخة الكامبيوتر.
(2) ولا تعاونوا على الاثم والعدوان.
===============
( 225 )
وعلى كل الحكم بحرمة إعانة الظلم أو مطلق الحرام على قول مطلقاً وإنْ لم يقصد تحقق المشروط محتاج الى تأمل.
ثم إنّ عمل الطبيب اذا لم يعد غشاً وتدليساً فلا مانع من القيام بعمل الرتق حتى بملاحظة قسمه في ابتداء أمره لعدم ارتكابه ما يخالف قسمه، واما ان عد غشاً وتدليساً أو قلنا بحرمة الاعانة على الحرام حتّى اذا لم يقصده أو قصد الحرام فلا يجوز العمل المذكور ولا عبرة بقسمه على أنه يعمل جهده لدفع الاَذى عن مرضاه، فإنّه مخصوص لا محالة بفرض عدم كون العمل محرماً لعلة من العلل.
(الخامس): اذا عادت البكارة بالعملية الطبية فهل يترتب على المرأة أحكامها الفقهية ككفاية سكوتها في العقد وتوقف صحّة عقدها على إذن وليها ولزوم كون الزوج معها سبعة أيام من زفافها؟ واذا اطلع الزوج على حقيقة الحال هل له الخيار في فسخ عقدها؟
اذا فتق الغشاء بالوثبة ونحوها من الاَسباب غير سبب الدخول أو خلقت فاقدة للغشاء فالظاهر أنّه لا تأثير لتجديد الغشاء المذكور في ترتب أحكام الباكرة عليها وعدم ترتبها أصلاً كما هو المفهوم من مجموع الاَحاديث، ومراعاة الاحتياط في هذا الفرض أحسن وأصلح، والله العالم.
وأمّا اذا زنت أو زُني بها جبراً أو في حال غشوتها أو نومها ففي إلحاقها بالبكر أو الثيب إشكال واختلاف بين الفقهاء، فمنهم مَن ألحقها بالبكر كصاحبي المستند والعروة الوثقى(1) ومنهم مَن ألحقها بالثيب كصاحبي الجواهر والمستمسك ـ رحمهم الله جميعاً(2) وهنا يمكن أن
____________
(1) العروة الوثقى في فصل أولياء العقد، المسألة الثانية. ولاحظ كتاب الفقه ج 64 ص 33.
(2) جواهر الكلام ج 29 ص 185، الفقه ج 64 ص 33.
===============
( 226 )
نجعل رتق الغشاء أو اصلاحه أو تجديده ذا ثمرة فنرجح به القول الاَول على القول الثاني فإن إعادة الغشاء الكامل، نعم الجواب لسيّدنا الاستاذ الحكيم قدس سره في مستمسكه حيث يقول: إن البكر بمعنى ذات البكارة ولا دخل للتزويج وعدمه فيها، فانه مع تسليمه لا يبقى مجال له بعد اعادة الغشاء فلاحظ وتأمل.
وإما اذا زال غشاء البكارة بدخول الزوج ثم بعد الطلاق أو موت الزوج اجريت العملية لتجديده فلا شك في عدم ترتيب أحكام البكر عليها، بل هي ثيب تجري عليها أحكامها، وأمّا خيار فسخ العقد اذا اشترط البكارة ثم بانت ثيباً ففيه خلاف(1)، وعلى تقدير ثبوت الخيار نقول لا يخلو اشتراط البكارة إمّا لاَجل أنّ الزوجة لا تكون مدخولة لغيره كما هو الغالب، واما لاَجل الغشاء نفسه زيادة على عدم كونها مدخولة.
اما الفرض الاَوّل فيختلف ثبوت الخيار باختلاف الصور المتقدمة فيثبت اذا كان سبب زوال الغشاء الدخول بها ولا يثبت في غيره من الاسباب؛ وأمّا الفرض الثاني فان كان المراد ـ ولو بالانصراف ـ الغشاء الطبيعي فلا ثمرة للعملية لثبوت الفسخ للزوج مطلقاً، وأمّا إنّ كان المراد أعم من الغشاء الطبيعي والصناعي فلا خيار له واصبح الغشاء الصناعي ذا ثمرة. هذا كله في الجواب عن السؤال الاَوّل.
(السؤال الثاني): يقوم بعض الاَطباء بخياطة ورتق لاصلاح غشاء البكارة المتمزق اذا كان التمزق بسيطاً، إلاّ أنّ هذا قد لا ينجح في بعض
____________
(1) يقول السيد الاستاذ الخوئي رضي الله عنه في كتابه توضيح المسائل: اذا شرط الزوج بكارة الزوجة ثم ظهرت عدمها بدخول رجل، ليس له ـ على الاَحوط ـ خيار الفسخ وله أخذ التفاوت بين مهر البكر وغيرها من المهر المسمى.
===============
( 227 )
الاَحيان، فهل يجب شرعاً على الطبيب ابلاغ الفتاة بهذا الامر واحتمال فشل العملية؟
(ج): غرض الفتاة بقاء الغشاء الصناعي الى حين الزواج، وسكوت الطبيب عن عدم النجاح الدائمي تدليس وغش، فلا بد له من الابلاغ.
(السؤال الثالث): يقوم بعض الاَطباء بإجراء عملية رتق واصلاح غشاء البكارة أو عمل غشاء جديد اذا لا يجدي الرتق والاصلاح بعد الحادث أو الاغتصاب ومعاودة ذلك اذا لم تنجح العملية الاَُولى فما هو الحكم؟
(ج): اذا كان عدم النجاح لاَجل طول المدة فيجب تأخير العملية الى زمان قريب من الزواج حتى لا تتعدد العملية ولا تحتاج المرأة والطبيبة الى مس الفرج والنظر إليه المحرمين فإن الضرورات تقدر بقدرها، وإن كان لنقص فني لا بأس بالاعادة.
(السؤال الرابع): في حالة وجود تمزقات بغشاء البكارة في أطفال تعرضن لحوادث أو اغتصاب فإنه يفضل عدم إجراء عملية رتق أو إصلاح للغشاء فوراً، وذلك لصغر انسجة الاَطفال ورقتها وسهولة إصابتها أثناء العملية إلى فشلها في كثير من الاَحيان، ومن الاَوفق تأجيل العملية الى أنْ تبلغ الطفلة سن الخامسة عشرة حيث تكون الانسجة أكبر وأسمك مما يزيد من فرض نجاح العملية.
(ج): اذا أمكنت العملية الناجحة قبل تمييز الطفل فهو أحسن بل هو أحوط للاَولياء ومع عدم إمكانها لا بأس بالتأخير المذكور، وفي كل صور المسألة تقدم الطبيبة على الطبيب ويحرم على الفتاة وعلى الطبيب العملية اذا تيسرت الطبيبة، واذا أمكن أنْ يعقدها الطبيب ـ ولو عقداً مؤقتاً ـ تعين
===============
( 228 )
على الاَحوط، وتحرم العملية على الطبيبة أيضاً.
(السؤال الخامس): عند حضور فتاة وزوجها عند الطبيب بعد الزواج لفحصها للتأكد من بكارتها لعدم نزول دم أثناء أول جماع وشك الزوج في أن زوجته لم تكن عذراء ومع علم الطبيب في حالة وجود تمزق قديم بغشاء البكارة فهل يبلّغ الزوج بذلك أم لا؟ نعم لا مشكلة في حالة وجود غشاء البكارة المطاطي المتمدد، اذ يشرح الطبيب للزوج الحالة بدون أن يكون قد خدعه.
(ج): الظاهر عدم جواز النظر الى العورة ومسها للطبيب والمرأة لمثل هذا الفرض وامثاله، ولا يجوز للزوج إجبارها على كشف عورتها عند الطبيب أو الطبيبة، ووظيفة الزوج حمل الواقعة على وجه مشروع سايغ ولا يجوز له سوء الظن بزوجته.
واذا عاينها الطبيب أو الطبيبة عصياناً فإنْ علم بترتب الفساد على إخباره بواقع الحال لا يجوز له الابلاغ كما لا يجوز له أنْ يخدع الزوج كذباً فليتوسل الى حيلة، واذا لم يترتب الفساد ورضيت الزوجة ببيان واقع الحال جاز له الابلاغ بما يعلم، واما اذا لم ترض الزوجة ففيه بحث وإشكال.
(السؤال السادس): اذا حضرت الفتاة وحدها عند الطبيب أو الطبيبة، وكشف تمزق قديم بِغشاء البكارة فهل يرفض الطبيب طلبها لعمل الرتق أو اصلاحه في جميع الاَحوال؟ أو يقوم بعملها في جميع الاَحوال؟ أو فيه تفصيل كأنْ يكتفي بإعطاء شهادة طبية لها توضح سبب تمزق الغشاء من الاغتصاب أو حادث(1).
____________
(1) يقول بعض الاَطباء: ومصائب تصيب الفتاة فتؤدي الى تمزق بكارتها كالسقطة
=
===============
( 229 )
(ج): هذا السؤال مهم جداً شرعاً ولا بد من ذكر مطالب في المقام فإنّها تنفع المرضى والاَطباء والطبيبات في جميع الموارد.
أوّلاً: فليعلم أنّ ما يتخيله بعض الناس وبعض الاَطباء من أنّ الطبيب محرم يجوز له المس والنظر خيال باطل مخالف للشرع، والطبيب كغيره في حرمة النظر الى الجنس المخالف ومس بدنه وكذا العكس، ويحرم للطبيب والطبيبة النظر الى عورة الغير كما يجب على المريض حفظ عورته عن الطبيب كما يحفظ عن غيره، وإنّما يجوز النظر بشروط تقدم ذكر بعضها في أوائل هذا الكتاب واثنائه الى الآن.
ثانياً: إن مَن تريد اصلاح الغشاء أو رتقه أو تجديده لا تخلو عن أحد الحالات.
أ: أنها خُلقت فاقدة البكارة.
ب: فتق غشاء بكارتها بأحد الحوادث غير الاختيارية أو الاختيارية كالوثبة أما مع الغفلة عن استلزامها ذلك واما عن تعمد وقصد الى ذلك.
ج: أنها اغتصبت إما جبراً وإما اكراهاً وإما في حالة النوم أو الغشوة أو نحوها.
د: أنها زنت وفجرت باختيارها وبالفعل هي إما تائبة واصلحت أمرها وتريد العملية للزواج وإما مصرة على فجورها وتريد العملية لمزيد العوض والمال.
____________
=
والصدمة والحمل الثقيل وطول العنوسة وكثرة دم الحيض والخطأ في بعض العمليات التي يكون الغشاء محلاً لها ونحو ذلك.
أقول : ويلحق بها في الحكم الدخول جبراً أو عن اكراه أو في نوم ونحو ذلك كما ذكره هذا الطبيب أيضاً لاحظ ص588 الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية .
===============
( 230 )
هـ: زالت بكارتها بدخولها زوجها السابق لكنها تريد العملية لتغر زوجها الثاني في المستقبل بأنّها باكر أو تريدها لزوجها لمجرد التنوع والالتذاذ.
و: المشتهر أمرها بالزنا أو كان أمرها بالفعل رفع الى القاضي وهي تريد تكذيب الشهود بعذرتها الصناعية.
لا تجوز العملية لحرمة المس والنظر في فرض التعمد في البند الثاني (ب) على وجه ولا في فرض البند الرابع اذا لم تكن تائبة في الفرضين ولا في فرض البندين الاَخيرين (هـ ـ و) مطلقاً إذ لا وجه لجواز ارتكاب الحرام للطرفين، نعم إنّما تجوز العملية في هذه الفروض اذا لم يكن المس والنظر بحرامين كما اذا أجراها زوجها ـ بالنكاح الدائم أو المؤقت ـ وأما بقية البنود والفروض فسيأتي حكمها.
وثالثاً: إذ كان ترك العملية المذكورة غير حرجي للمرأة لا تجوز لها وللطبيبة إجراء العملية المستلزمة لمس العورة والنظر إليها في بقية البنود السابقة وفروضها.
وأمّا اذا كان حرجياً كما اذا فرضنا اضطرارها الى الزواج إمّا لشهوتها أو إجبار أهلها عليه والزوج المستقبل لا يتحمل فقدان بكارتها فيؤل الامر الى افتضاح حالها جاز لها وللطبيبة إجراء العملية لقاعدتي نفي الحرج والعسر، ولكن لا بد أن يعلم أنّ الطبيبة مقدم على الطبيب وجوباً والمحرم كالاب والعم والخال والخالة والعمة مثلاً مقدم على الاجنبي على قول، والزوج مقدم على الكل قطعاً، فمع إمكان المقدم لا تجوز للمتأخر مباشرة العملية.
ثم الظاهر أنّ قاعدتي نفي الحرج والعسر وقاعدة نفي الضرر لا تجري فيما اذا كانت البلية وقعت بسوء اختيار المكلف، نعم اذا تابت ورجعت
===============
( 231 )
يمكن إجراء تلك القواعد في حقها كما اشرنا إليه فيما سبق أيضاً، والله العالم.
لا يقال: ليس بناء فقهائنا على إجراء قاعدة نفي الحرج والعسر في نفي المحرمات. قال سيدنا الاستاذ الحكيم رضي الله عنه (1): فلا يكون الحرج مجوزاً لفعل المحرمات عندهم وإنْ كان مجوزاً لترك الواجبات، فلا يجوز الزنا للحرج ولا يجوز أكل مال الغير للحرج... وان كان الفرق بين الواجبات والمحرمات في ذلك غير ظاهر ومقتضى دليل نفيه نفي التحريم كنفي الوجوب، انتهى.
فإنّه يقال الامر كما افاده سيدنا الحكيم قدس سره ، نعم إنّ نفي الحرج لايجري فيما يعلم من مذاق الشرع عدم نفيه بالحرج كالقتل واللواط والزنا والمساحقة وامثالها واما في غيرها فلا مانع من التمسك باطلاق قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج)(2).
وبالجملة: لا يجوز مسّ الفرج والنظر إليه إلاّ اذا كان ترك العملية حرجياً ولم يكن إزالة الغشاء بسوء اختيارها ـ في غير فرض التوبة والاصلاح ـ ومع ذلك لا بد من تقديم الزوج ثم الطبيبة ثم الطبيب، بل تقديم المحرم على غيره على قول، وفقنا الله للعمل بأحكامه إنّه هو البر الرحيم.
فرع:
اذا زالت الغشاء بحادث غير اختياري واضطرت الى العملية الطبية وليس هناك إلاّ الطبيب الاَجنبي ويمكن تزويجه مؤقتاً ليوم واحد مثلاً بلا مشقة فهل يجب عليها تزويجه فراراً عن حرمة النظر والمس ام لا وأنّ قاعدة نفي الحرج ترفع حرمتهما؟ فيه وجهان، ولا شكّ أنّ الاَوّل أحوط.
____________
(1) ص247 ج14 مستمسك العروة الوثقى (الطبعة الجديدة).
(2) الحج آية 78.
===============
( 232 )
المسألة السابعة والعشرون
حول زراعة الاَعضاء التناسلية
ينقسم الجهاز التناسلي للمرأة الى الداخلي والخارجي، ويتكوّن الداخلي من مبيضين أحدهما على اليمين والآخر على اليسار من قناة فالوب (القناة الرحمية) والرحم والمهبل، المبيضان متصلان بالرحم بواسطة وتر سميك على ناحية اليمين واليسار وهما عبارة عن أكياس تحتوي على عدد محدد من البويضات عند الولادة، أي عدد البويضات داخل المبيض تكون قد تم تكوينها قبل ولادة الانثى من بطن أُمّها، ويصل عدد البويضات في المبايض الى حوالي مليونين بويضة عند الولادة وتبدأ في التناقص لتصل الى 400 ألف بويضة عند البلوغ ثمّ يتناقص الى 400 بويضة قابلين للاخصاب، ويرجع السبب في هذا النقصان الى مراحل النضج المتعدد التي تمر بها البويضة ابتداء من الخلية الاَولية للبويضة حتّى مرحلة الناضجة قبل خروجها من المبيض، وذلك تحت تأثير هرمونات التناسل بشكل زيادة ونقصان لهذه الهرمونات، والناظر الى تكوين الجنين معتمداً على المعلومات والحقائق التي يمدنا بها علم الاجنة يجد أنّ المبيض يبدأ تكوينه في الاَُنثى عندالاسبوع8ـ12 للجنين الاَُنثى وهي في بطن أُمّها، ويتكون من الحمل الناتج من أخصاب حيوان منوي يحتوي على الصبغ السيني مع البويضة التي تحتوي أيضاً على الصبغ السيني، ثم تبدأ بعد ذلك عملية تخليق باقي الجهاز التناسلي للمرأة.
بعد ولادة الاَنثى تبدأ البويضة داخل المبيض مراحل النضج لتكوين
===============
( 233 )
البويضة الناضجة الصالحة للاخصاب في الفترة ما بين الولادة وبلوغ الاَُنثى سن البلوغ، ثم تبدأ هذه البويضات الناضجة بالنزول شهرياً من المبيض فاذا ما لقحت يحدث الاَخصاب والحمل، اما اذا لم تلقح يحدث ما نسميه بالطمث الشهري نتيجة للتغييرات الهرمونية، فإذا ما قمنا ونقلنا هذا العضو ـالمبيض ـ من أُنثى الى أُنثى اُخرى فاننا بهذا قد نقلنا المبيض بما تحتويه من بويضات تحمل الصفات الوراثية التي ورثتها الاَُنثى المنقول منها المبيض من والديها الى أُنثى أُخرى والتي تم نقل المبيض لها، والابناء الناتجين من المنقول اليها سوف يكونون من الناحية الوراثية أولاد المنقول منها، وهذا هو خلط الانساب(1).
زرع الخصية:
قبل ولادة الطفل الذكر تكون الخصية داخل التجويف البطني وتنزل الى خارج البطن (داخل الكيس) عند الولادة.
عند تخليق الجنين الذكر من أخصاب حيوان منوي يحتوي على الصبغ الصادي لبويضة تحتوي على الصبغ السيني يتحدد جنس الجنين ذكراً ثمّ يبدأ نتيجة لوجود الصبغ الصادي في هذا الجنين تكون الخصية في الاَُسبوع السادس من الحمل(2) ثم تقوم هاتان الخصيتان بإفراز الهرمونات
____________
(1) ص445 وص446 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاعضاء البشرية.
أقول في كون ذلك خلط الانساب نظر أو منع كما لا يخفى ولا دليل شرعاً على منع نقل الصفات الوراثية الى الغير واما نقل مني المرأة الى أمرأة أُخرى فهو وان لم أجد دليلاً لفظياً على منعه في غير المساحقة لكن الارتكاز المتشرعي على منعه.
(2) وقال طبيب آخر: ومن المعلوم أنّ الخصية (الغدد التناسلية) تتكون في الحدبة
=
===============
( 234 )
اللازمة لتكوين باقي الاَعضاء الخاصة بالجهاز التناسلي للذكر.
ووظيفة الخصية افراز هرمون الرجولة منذ المراحل الاَُولى من الحمل وذلك لتخليق باقي أعضاء الجهاز التناسلي للذكر(1)، كما أنها تقوم بتكوين الحيوانات المنوية عند بلوغ الرجل سن البلوغ من الخلايا الاَولية الموجودة في الخصية والتي تحمل الصفات الوراثية التي ورثتها تلك الخلايا الاَولية والدي حامل هذه الخصية، فالخصية تقوم بدور المصنع الذي ينتج الحيوانات المنوية بواسطة تأثير الهرمونات على المواد الاَولية (الخلية الاَولية التي تنتج الحيوان المنوي الناضج) الموجود في الخصية.
واذا ما تم نقل هذه الخصية الى شخص آخر فاننا بذلك ننقل المصنع بآلاته ومعداته والمواد الاولية التي يحتويها الى مكان آخر، ولايكون دور المنقول إليه سوى تشغيل المصنع فقط، أي لن يكون له دور في نقل المورثات التي
____________
=
التناسلية وتبدأ في الظهور في الاَُسبوع الخامس والسادس في الجنين ثم تتمايز في نهاية الاَُسبوع السادس وبداية الاَسبوع السابع الى خصية أو مبيض لاَنها تكون قبل ذلك غير متمايزة. ص465 (رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية).
أقول : وعلى كل ان ثبت هذا علمياً ثبوتا قطعياً فهو يناقض بعض الاحاديث الدالة بظاهرها على صيرورة الجنين ذكراً أو أنثى بعد أربعة أشهر وقد تقدم نقل أحدها في المسألة السادسة . ولاحظ ص141 ج7 الوسائل نسخة الكومبيوتر وفيها عن علي (عليه السلام) تحول النطفة في الرحم أربعين يوماً فمن أراد أن يدعو الله عز وجل ففي تلك الأربعين قبل أن يخلق ...وعلى كل الأحاديث المذكورة قابلة للتأويل .
(1) وظيفة افراز الهرمونات في الاَُنثى أشد تعقيداً من الذكر وهي السبب في التغييرات التي تحدث في بطانة الرحم مؤدية الى حدوث الطمث كما تؤثر على جميع أجهزة الجسم. أمّا بالنسبة الى الذكر فهي مسؤولة عن الصفات الثانوية للذكورة مثل نمو شعر العانة بصورة خاصة مختلفة عن الاَُنثى ونمو الشعر على الوجه وتغير الصوت وبناء العظام وتوزيع الدهن في الجسم وايجاد الرغبة الجنسية. ص464 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.
===============
( 235 )
يحملها أولاده، بل سوف يساعد على نقل الصبغيات الوراثية التي ورثها الشخص المنقول منه هذه الخصية الى ذرية الشخص المنقول له الخصية.
وتعتبر هذا وكأننا قمنا بإخصاب بويضة زوجة الرجل المنقولة له الخصية بحيوان منوي لرجل آخر المنقولة منه الخصية، فاذا ما تم زرع الخصية بين الرجال فاننا نساعد على خلط الانساب.
وأما الاعضاء التناسلية الاَخرى كالقضيب والرحم والانبوبة والمهبل فهي كسائر أعضاء الجسد مثل القلب والكلية والكبد في عدم التأثير من الناحية الوراثية ولا تخلو منها الاَنساب(1).
أقول: زراعة الاَعضاء التناسلية في حدّ نفسها لا بأس به ان قدر الطب عليها يوماً ما، وإنما يشكل من الجهتين الاخيرتين، الاَُولى: حرمة النظر واللمس المحرمين ـ وقد تقدمت مفصلة ـ الثانية من جهة الجماع بها إذ مباشرة المنقول إليه لزوجها أو لزوجته لا يخلو عن إشكال ولا فرق في الاشكال بين المبيض والخصية والقضيب والجهاز الخارجي للمرأة، وذلك لا لاَجل انتساب الجهاز المذكور الى صاحبه الاَوّل حتى اذا كان حياً فإنّ الانتساب الماضي غير مضر والانتساب الفعلي الى صاحبه الاَول ممنوع بل هو منتسب الى صاحبه الجديد، بل لاَجل ارتكاز المتشرعة على قبح الجماع بها، وهو يكشف عن تقبيح الشارع له وتحريمه، إلاّ أنْ يقال: إن قبيحه عند المتشرعة لا لاَجل أنهم مسلمون ومتشرعة ولا لاجل أنهم العقلاء بل من أجل انهم من أهل الغيرة وكثيراً ما يشتبه الاَمر بين الغيرة وبين ارتكاز المتشرعة وعلى كل، القبح الذي يكشف عن منع الشارع إنما
____________
(1) انتخبناه من ص447 الى ص451 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية باختصار.
===============
( 236 )
هو القبح الذي من المشهورات، عند جميع العقلاء بما هم عقلاء، ولتحقيق ذلك لا بد من مراجعة علم المنطق وعلم الاَُصول عند البحث عن ملازمة
حكم العقل والشرع(1)، وكذا القبح الذي يعتقده المسلمون بما هم مسلمون فإنه يكشف عن تقبيح الشرع، فلاحظ وتدبر.
على أنّ في زرع الخصية بل في زرع المبيضين مانع آخر كما تقدم فما قيل من جواز زرع الخصية كأنه للجهل بما ذكره الاَطباء.
فان قيل: اذا فرض قدرة الطب على تفريغ الخصية من السائل المنوي نهائياً فأي مانع من نقلها الى بدن الغير اذ لا تخلط الانساب حينئذٍ؟
يقال في جوابه ـ كما قيل ـ إنّ الحيوانات المنوية الجديدة تتكون من نفس الخلايا وليست من خلايا جديدة.
لكن الممنوع شرعاً ـ على نحو مر ـ إقرار ماء الرجل في رحم أجنبية ولم يدل دليل على أن خلاياه يجب ان لا تكون من الاَجنبي،فتأمل، فإن المقام محتاج الى توضيح طبي وأنّه هل يصدق على الخلايا الماء أو المني أم لا؟ وما هي مقدارها؟
فإن قيل: كيف تكون الخصية مصنعاً للمني ويقول القرآن: (فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب)(2)؟
يقال: إنّ الخصية توجد بين الصلب والترائب في أوّل تكوينها من الناحية الجنينية، وانما تنزل داخل الكيس (خارج البطن) عند الولادة.
أقول: مر أنها داخل التجويف البطني وليس هو من الترائب التي فسرت بأعلى الصدر، فتأمل.
____________
(1) لاحظ صراط الحق ج2 وكتاب الفصول في علم الاَُصول.
(2) الطارق آية 5.
===============
( 237 )
ثم إنّه لا فرق في الحكم بينما كان الغرض تحصيل النسل أو مجرد الاستمتاع، أو التجميل والتجمل(1) حيث إنّ المبيضين يفرزان ـ بالاضافة الى البييضات ـ هرمون الاُنوثة الذي يضفي على المرأة صفات الجمال الاَُنثوي من نعومة الجلد ونعومة الصوت ورقة الشعر وتوزيع الشحوم على الجسم، كما إنّ الخصتين تفرزان بالاِضافة الى المني هرمون الذكورة الذي يضفي على الرجل غلظ الصوت ونبات شعر الوجه وخشونة الشعر والقوة البدنية وغير ذلك(2).
كما لا فرق في الحكم السابق بين كون المأخوذ منه حياً أو ميتاً، بوصية منه أم لا، على أنّ قطع الآلة التناسلية عن البدن بعوض أو هبة حرام على الحي ظاهراً، فلاحظ وتأمل.
فرعان
1 ـ لو فرضنا وقوع: زراعة الاَعضاء التناسلية حراماً أو حلالاً وباشر المنتقل إليه زوجته أو زوجها فالولد ولدهما كما مر، إلاّ أنْ تكون الخصية المنقولة حاوية لنطفة تكونت قبل نزعها من مصدرها، فالولد من صاحبها ظاهراً لا من المباشر، فلاحظ.
2 ـ الظاهر وجوب الدية على مَن قطع هذه الاَعضاء المزروعة كغيرها مثل القلب والكلية والعين وأمثال ذلك عملاً باطلاق أدلة الديات وعدم انصرافها الى قطع الاعضاء الاَصلية الاَولية، وأما قطع الاَعضاء البلاستيكية
____________
(1) بعض الامثلة من الحاجيات ولو لبعض الافراد فالتجميل في المقام ليس كله من الكماليات فاذا كان فقد اللحية لبعض الناس حرجياً كان انباتها من الحاجيات.
(2) ص540 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.
وفي هذا النوع قد لا يحدث إلاّ ألم بسيط أثناء أوّل جماع بعد
______________________________________
(1) في هذا الفرض لا بد من اجراء جراحة ويقوم الطبيب بعمل فتحة في الغشاء لنزول دم الحيض المجتمع في المهبل والرحم ويجب ان ينتبه الجراح الى ترك جزء كاف من الغشاء حول الفتحة التي يفتحها، ليفض عند الزواج، ص427 الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية.
اقول: اذا كانت العملية ضرورية لصحة الفتاة فلا بأس بها شرعاً، ويجب عليها اختيار الطبيبة مع الامكان ولا بد لمن يقوم بالعملية من الاقتصار على عمل الفتحة بمقدار الضرورة حتى لا يضمن ولا يحكم عليه بالغرامة الشرعية.
(2) ص425 نفس المصدر.
====================
( 221 )
الزواج، وقد لا يحدث نزول دم اطلاقاً لمرونة الغشاء وتمدده وعدم تمزقه، وقد يظنون بها أنّها ليست عذراء(1).
وعلى كلّ: يصاحب فض غشاء البكارة في ليلة الزفاف بعض الاَلم والنزيف الذي يختلف من فتاة لاُخرى، ويعتمد على حد كبير على درجة تمزق الغشاء والذي يعتمد بدوره على نوع الغشاء ومدى سمكه ومرونته، وقد يكون النزيف شديداً بحيث يستدعي إسعاف الفتاة والتدخل الجراحي بربط الشرايين النازفة وخياطة مكان التمزق لوقف النزيف(2).
وسبب تمزق غشاء البكارة قبل الزواج أمران: الدخول كانت الفتاة راضية به أو مكرهة ـ أو وقوع حادث أدّى إلى أصابات بمنطقة الفرج، ويمكن للطبيب المتخصص معرفة تمزق غشاء البكارة عن حادث أو اغتصاب بسهولة إذ إن التمزق في هذه الحالة يكون حديثاً ومصحوباً بكدمات واصابات أُخرى بمنطقة الفرج وما حولها(3).
إذا تقرر ذلك فهنا اسئلة تطلب أحكامها الشرعية:
(السؤال الاَول): ان قيام الطبيبة أو الطبيب برتق غشاء البكارة يعتبر خداعاً لزوج الفتاة المستقبلي وأنّه هو الذي خدعه، وعدم قيامه به يؤدي للاضرار الشديدة بالفتاة وأهلها، وعدم قدرة الفتاة على الزواج حتى لا يفتضح أمرها، وايذائها الشديد اذا اجبرت على الزواج عند كشف حالها، والطبيب قد اقسم عند بدء حياته العلمية بعدم القيام بأيّ عمل فيه غش وخداع كما أنّه أقسم في نفس الوقت بأنّ يعمل جهده لدفع الاَذى عن
____________
(1) ص427 نفس المصدر.
(2) ص426 نفس المصدر.
(3) ص428 نفس المصدر.
===============
( 222 )
مرضاه والحفاظ على حياتهم وصحتهم البدنية والنفسية، فما هو الحكم الشرعي؟
أقول: جواب هذا السؤال يتوقّف على ذكر مباحث فقهية لا بد من ذكرها على نحو الاختصار ونسئل الله العصمة عن الخطأ:
(الاَوّل): قيل لا خلاف في حرمة تدليس الماشطة، بل أُدعى عليه، الاجماع، وقد تعرض لتوضيح التدليس وبيان صغرياته شيخنا الاَنصاري رضي الله عنه في مكاسبه المحرمة.
لكن الاِجماع المنقول لا يكون دليلاً على الحرمة، وعمل الماشطة في مثل هذه الاَعصار لا يعد تدليساً وكذا بعض ما عدوه من مصاديقه ليس بتدليس. ويمكن أنْ نستدلّ على حرمة التدليس بموثقة بكير في خصيّ دلّس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها، فقال: يفرق بينهما إنْ شاءت المرأة ويوجع رأسه وان رضيت به أقامت معه...(1).
وفي موثّقة سماعة...: ويوجع ظهره كما دلس نفسه(2) بناء على دلالة ايجاع الظهر أو الرأس على الحرمة. وان نوقش فيه فيحرم التدليس لكونه من أفراد الغش المحرم.
(الثاني): لا إشكال في حرمة الغش بين المسلمين وتدلّ عليها أحاديث كثيرة(3)، وفي القاموس: غشّه لم يمحضه النصح أو أظهر له خلاف ما أضمر كغششه... والمغشوش الغير الخالص.
____________
(1) ص608 ج14 الوسائل الطبعة المتوسطة.
(2) ص227 ج21 الوسائل نسخة الكومپيوتر.
(3) الوسائل ج17 ص266 وص279 وغيرها نسخة الكامبيوتر.
===============
( 223 )
وفي مكاسب الشيخ الاَنصاري رحمه الله: ثمّ إنّ الغش يكون بإخفاء الاَدنى في الاَعلى كمزج الجيد بالرديء، أو غير المراد بالمراد كادخال الماء في اللبن، أو بإظهار الصفة الجيدة المفقودة وهو التدليس، وبإظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المموه على أنّه ذهب أو فضة.
أقول: الدليل على أنّ التدليس من أفراد الغش مضافاً الى صدق معناه اللغوي عليه (اظهر خلاف ما اضمر) صحيح هشام قال: كنت أبيع السابري (أي الثوب الرقيق) في الظلال فمر عليّ أبو الحسن الاَوّل موسى (عليه السلام) راكباً، فقال لي: يا هشام إنّ البيع في الظلال غش والغش لا يحل(1) بناء على أنّ الظلال يظهر صورة حسنة للباس المذكور لا ان البرودة توجد ثقلاً للباس(2)صس.
فاظهار الفتاة وصف البكارة لزوجها تدليس محرم سواء خلقت غير باكرة أو فقدت بكارتها بحرام أو بغصب أو في نوم ونحوه أو بحادث.
لا يقال: لا تدليس في المقام اذا لا تظهر الفتاة لخطيبها أو لزوجها صفة مفقودة في الواقع، فإن العملية الطبية تغير الواقع فتصبح ذات غشاء البكارة بعد ذهابه منها كما اذا كانت مشلولة فاصبحت بالتداوي سليمة.
فإنّه يقال: إنَ غرض الاَزواج من العذار غالباً ليس نفس الغشاء من حيث هو غشاء، بل غرضهم منه عدم كونها مدخولة لغيرهم ـ بطريق حلال أو حرام ـ، فرتق غشاء البكارة الزائل بالدخول تدليس لا محالة اذا كان العقد بانياً على بكارتها أو شرطت لفظاً.
____________
(1) ص208 ج12 الوسائل الطبعة المتوسطة.
(2) لاحظ بحث الغش في مكاسب الشيخ الاَنصاري قدس سره وكتابنا حدود الشريعة ج2 ص64 الى ص66.
===============
( 224 )
نعم في الزائل بغير الدخول لا تدليس برتقه إلاّ اذا فرض بناء عقد النكاح على وجود الغشاء الطبيعي بما هو هو، وهو نادر.
(الثالث): لا يبعد أنْ يقال إنّه لا فرق في الشرط بين ذكره صريحاً في ضمن العقد ومتنه وبين ذكر العقد بانياً عليه قبل العقد وحينه لشمول قوله (عليه السلام) : «المسلمون عند شروطهم»(1). وعليه فالبكارة سواء جعلت شرطاً في متن العقد أم كان بناء العقد عليه فهو شرط يترتب عليها أحكام الشرط.
(الرابع): هل قيام الطبيبة برتق غشاء البكارة أو إصلاحه أو تجديده غش محرم عليه وان لم تقصد الغش والتدليس المحرمين بل إنما قصدت أجرتها فقط؟
يقول الشيخ الاَنصاري في مكاسبه المحرمة (ص18): فتحصل مما ذكرنا أنّ قصد الغير لفعل الحرام معتبر قطعاً في حرمة فعل المعين، وأنّ محل الكلام هي الاعانة على شرط الحرام بقصد تحقق الشرط دون المشروط وأنها هل تعد إعانة على المشروط فتحرم، أم لا فلا تحرم ما لم يثبت حرمة الشرط من غير جهة التجري، انتهى ما اردنا نقله.
أقول: لم يثبت حرمة الاعانة على مطلق الحرام وانما الثابت حرمة الاعانة على الظلم، واعانة الحكومة غير الدينية، والاعانة على القتل وهو من اظهر أفراد الظلم، نعم يحرم التعاون على الاثم والعدوان كما في القرآن المجيد(2) لكن التعاون غير الاعانة على ما ذكرناه في كتابنا حدود الشريعة (ج2 مادة الاعانة في حرف العين).
____________
(1) الوسائل ج 23 ص 142 نسخة الكامبيوتر.
(2) ولا تعاونوا على الاثم والعدوان.
===============
( 225 )
وعلى كل الحكم بحرمة إعانة الظلم أو مطلق الحرام على قول مطلقاً وإنْ لم يقصد تحقق المشروط محتاج الى تأمل.
ثم إنّ عمل الطبيب اذا لم يعد غشاً وتدليساً فلا مانع من القيام بعمل الرتق حتى بملاحظة قسمه في ابتداء أمره لعدم ارتكابه ما يخالف قسمه، واما ان عد غشاً وتدليساً أو قلنا بحرمة الاعانة على الحرام حتّى اذا لم يقصده أو قصد الحرام فلا يجوز العمل المذكور ولا عبرة بقسمه على أنه يعمل جهده لدفع الاَذى عن مرضاه، فإنّه مخصوص لا محالة بفرض عدم كون العمل محرماً لعلة من العلل.
(الخامس): اذا عادت البكارة بالعملية الطبية فهل يترتب على المرأة أحكامها الفقهية ككفاية سكوتها في العقد وتوقف صحّة عقدها على إذن وليها ولزوم كون الزوج معها سبعة أيام من زفافها؟ واذا اطلع الزوج على حقيقة الحال هل له الخيار في فسخ عقدها؟
اذا فتق الغشاء بالوثبة ونحوها من الاَسباب غير سبب الدخول أو خلقت فاقدة للغشاء فالظاهر أنّه لا تأثير لتجديد الغشاء المذكور في ترتب أحكام الباكرة عليها وعدم ترتبها أصلاً كما هو المفهوم من مجموع الاَحاديث، ومراعاة الاحتياط في هذا الفرض أحسن وأصلح، والله العالم.
وأمّا اذا زنت أو زُني بها جبراً أو في حال غشوتها أو نومها ففي إلحاقها بالبكر أو الثيب إشكال واختلاف بين الفقهاء، فمنهم مَن ألحقها بالبكر كصاحبي المستند والعروة الوثقى(1) ومنهم مَن ألحقها بالثيب كصاحبي الجواهر والمستمسك ـ رحمهم الله جميعاً(2) وهنا يمكن أن
____________
(1) العروة الوثقى في فصل أولياء العقد، المسألة الثانية. ولاحظ كتاب الفقه ج 64 ص 33.
(2) جواهر الكلام ج 29 ص 185، الفقه ج 64 ص 33.
===============
( 226 )
نجعل رتق الغشاء أو اصلاحه أو تجديده ذا ثمرة فنرجح به القول الاَول على القول الثاني فإن إعادة الغشاء الكامل، نعم الجواب لسيّدنا الاستاذ الحكيم قدس سره في مستمسكه حيث يقول: إن البكر بمعنى ذات البكارة ولا دخل للتزويج وعدمه فيها، فانه مع تسليمه لا يبقى مجال له بعد اعادة الغشاء فلاحظ وتأمل.
وإما اذا زال غشاء البكارة بدخول الزوج ثم بعد الطلاق أو موت الزوج اجريت العملية لتجديده فلا شك في عدم ترتيب أحكام البكر عليها، بل هي ثيب تجري عليها أحكامها، وأمّا خيار فسخ العقد اذا اشترط البكارة ثم بانت ثيباً ففيه خلاف(1)، وعلى تقدير ثبوت الخيار نقول لا يخلو اشتراط البكارة إمّا لاَجل أنّ الزوجة لا تكون مدخولة لغيره كما هو الغالب، واما لاَجل الغشاء نفسه زيادة على عدم كونها مدخولة.
اما الفرض الاَوّل فيختلف ثبوت الخيار باختلاف الصور المتقدمة فيثبت اذا كان سبب زوال الغشاء الدخول بها ولا يثبت في غيره من الاسباب؛ وأمّا الفرض الثاني فان كان المراد ـ ولو بالانصراف ـ الغشاء الطبيعي فلا ثمرة للعملية لثبوت الفسخ للزوج مطلقاً، وأمّا إنّ كان المراد أعم من الغشاء الطبيعي والصناعي فلا خيار له واصبح الغشاء الصناعي ذا ثمرة. هذا كله في الجواب عن السؤال الاَوّل.
(السؤال الثاني): يقوم بعض الاَطباء بخياطة ورتق لاصلاح غشاء البكارة المتمزق اذا كان التمزق بسيطاً، إلاّ أنّ هذا قد لا ينجح في بعض
____________
(1) يقول السيد الاستاذ الخوئي رضي الله عنه في كتابه توضيح المسائل: اذا شرط الزوج بكارة الزوجة ثم ظهرت عدمها بدخول رجل، ليس له ـ على الاَحوط ـ خيار الفسخ وله أخذ التفاوت بين مهر البكر وغيرها من المهر المسمى.
===============
( 227 )
الاَحيان، فهل يجب شرعاً على الطبيب ابلاغ الفتاة بهذا الامر واحتمال فشل العملية؟
(ج): غرض الفتاة بقاء الغشاء الصناعي الى حين الزواج، وسكوت الطبيب عن عدم النجاح الدائمي تدليس وغش، فلا بد له من الابلاغ.
(السؤال الثالث): يقوم بعض الاَطباء بإجراء عملية رتق واصلاح غشاء البكارة أو عمل غشاء جديد اذا لا يجدي الرتق والاصلاح بعد الحادث أو الاغتصاب ومعاودة ذلك اذا لم تنجح العملية الاَُولى فما هو الحكم؟
(ج): اذا كان عدم النجاح لاَجل طول المدة فيجب تأخير العملية الى زمان قريب من الزواج حتى لا تتعدد العملية ولا تحتاج المرأة والطبيبة الى مس الفرج والنظر إليه المحرمين فإن الضرورات تقدر بقدرها، وإن كان لنقص فني لا بأس بالاعادة.
(السؤال الرابع): في حالة وجود تمزقات بغشاء البكارة في أطفال تعرضن لحوادث أو اغتصاب فإنه يفضل عدم إجراء عملية رتق أو إصلاح للغشاء فوراً، وذلك لصغر انسجة الاَطفال ورقتها وسهولة إصابتها أثناء العملية إلى فشلها في كثير من الاَحيان، ومن الاَوفق تأجيل العملية الى أنْ تبلغ الطفلة سن الخامسة عشرة حيث تكون الانسجة أكبر وأسمك مما يزيد من فرض نجاح العملية.
(ج): اذا أمكنت العملية الناجحة قبل تمييز الطفل فهو أحسن بل هو أحوط للاَولياء ومع عدم إمكانها لا بأس بالتأخير المذكور، وفي كل صور المسألة تقدم الطبيبة على الطبيب ويحرم على الفتاة وعلى الطبيب العملية اذا تيسرت الطبيبة، واذا أمكن أنْ يعقدها الطبيب ـ ولو عقداً مؤقتاً ـ تعين
===============
( 228 )
على الاَحوط، وتحرم العملية على الطبيبة أيضاً.
(السؤال الخامس): عند حضور فتاة وزوجها عند الطبيب بعد الزواج لفحصها للتأكد من بكارتها لعدم نزول دم أثناء أول جماع وشك الزوج في أن زوجته لم تكن عذراء ومع علم الطبيب في حالة وجود تمزق قديم بغشاء البكارة فهل يبلّغ الزوج بذلك أم لا؟ نعم لا مشكلة في حالة وجود غشاء البكارة المطاطي المتمدد، اذ يشرح الطبيب للزوج الحالة بدون أن يكون قد خدعه.
(ج): الظاهر عدم جواز النظر الى العورة ومسها للطبيب والمرأة لمثل هذا الفرض وامثاله، ولا يجوز للزوج إجبارها على كشف عورتها عند الطبيب أو الطبيبة، ووظيفة الزوج حمل الواقعة على وجه مشروع سايغ ولا يجوز له سوء الظن بزوجته.
واذا عاينها الطبيب أو الطبيبة عصياناً فإنْ علم بترتب الفساد على إخباره بواقع الحال لا يجوز له الابلاغ كما لا يجوز له أنْ يخدع الزوج كذباً فليتوسل الى حيلة، واذا لم يترتب الفساد ورضيت الزوجة ببيان واقع الحال جاز له الابلاغ بما يعلم، واما اذا لم ترض الزوجة ففيه بحث وإشكال.
(السؤال السادس): اذا حضرت الفتاة وحدها عند الطبيب أو الطبيبة، وكشف تمزق قديم بِغشاء البكارة فهل يرفض الطبيب طلبها لعمل الرتق أو اصلاحه في جميع الاَحوال؟ أو يقوم بعملها في جميع الاَحوال؟ أو فيه تفصيل كأنْ يكتفي بإعطاء شهادة طبية لها توضح سبب تمزق الغشاء من الاغتصاب أو حادث(1).
____________
(1) يقول بعض الاَطباء: ومصائب تصيب الفتاة فتؤدي الى تمزق بكارتها كالسقطة
=
===============
( 229 )
(ج): هذا السؤال مهم جداً شرعاً ولا بد من ذكر مطالب في المقام فإنّها تنفع المرضى والاَطباء والطبيبات في جميع الموارد.
أوّلاً: فليعلم أنّ ما يتخيله بعض الناس وبعض الاَطباء من أنّ الطبيب محرم يجوز له المس والنظر خيال باطل مخالف للشرع، والطبيب كغيره في حرمة النظر الى الجنس المخالف ومس بدنه وكذا العكس، ويحرم للطبيب والطبيبة النظر الى عورة الغير كما يجب على المريض حفظ عورته عن الطبيب كما يحفظ عن غيره، وإنّما يجوز النظر بشروط تقدم ذكر بعضها في أوائل هذا الكتاب واثنائه الى الآن.
ثانياً: إن مَن تريد اصلاح الغشاء أو رتقه أو تجديده لا تخلو عن أحد الحالات.
أ: أنها خُلقت فاقدة البكارة.
ب: فتق غشاء بكارتها بأحد الحوادث غير الاختيارية أو الاختيارية كالوثبة أما مع الغفلة عن استلزامها ذلك واما عن تعمد وقصد الى ذلك.
ج: أنها اغتصبت إما جبراً وإما اكراهاً وإما في حالة النوم أو الغشوة أو نحوها.
د: أنها زنت وفجرت باختيارها وبالفعل هي إما تائبة واصلحت أمرها وتريد العملية للزواج وإما مصرة على فجورها وتريد العملية لمزيد العوض والمال.
____________
=
والصدمة والحمل الثقيل وطول العنوسة وكثرة دم الحيض والخطأ في بعض العمليات التي يكون الغشاء محلاً لها ونحو ذلك.
أقول : ويلحق بها في الحكم الدخول جبراً أو عن اكراه أو في نوم ونحو ذلك كما ذكره هذا الطبيب أيضاً لاحظ ص588 الرؤية الاسلامية لبعض الممارسات الطبية .
===============
( 230 )
هـ: زالت بكارتها بدخولها زوجها السابق لكنها تريد العملية لتغر زوجها الثاني في المستقبل بأنّها باكر أو تريدها لزوجها لمجرد التنوع والالتذاذ.
و: المشتهر أمرها بالزنا أو كان أمرها بالفعل رفع الى القاضي وهي تريد تكذيب الشهود بعذرتها الصناعية.
لا تجوز العملية لحرمة المس والنظر في فرض التعمد في البند الثاني (ب) على وجه ولا في فرض البند الرابع اذا لم تكن تائبة في الفرضين ولا في فرض البندين الاَخيرين (هـ ـ و) مطلقاً إذ لا وجه لجواز ارتكاب الحرام للطرفين، نعم إنّما تجوز العملية في هذه الفروض اذا لم يكن المس والنظر بحرامين كما اذا أجراها زوجها ـ بالنكاح الدائم أو المؤقت ـ وأما بقية البنود والفروض فسيأتي حكمها.
وثالثاً: إذ كان ترك العملية المذكورة غير حرجي للمرأة لا تجوز لها وللطبيبة إجراء العملية المستلزمة لمس العورة والنظر إليها في بقية البنود السابقة وفروضها.
وأمّا اذا كان حرجياً كما اذا فرضنا اضطرارها الى الزواج إمّا لشهوتها أو إجبار أهلها عليه والزوج المستقبل لا يتحمل فقدان بكارتها فيؤل الامر الى افتضاح حالها جاز لها وللطبيبة إجراء العملية لقاعدتي نفي الحرج والعسر، ولكن لا بد أن يعلم أنّ الطبيبة مقدم على الطبيب وجوباً والمحرم كالاب والعم والخال والخالة والعمة مثلاً مقدم على الاجنبي على قول، والزوج مقدم على الكل قطعاً، فمع إمكان المقدم لا تجوز للمتأخر مباشرة العملية.
ثم الظاهر أنّ قاعدتي نفي الحرج والعسر وقاعدة نفي الضرر لا تجري فيما اذا كانت البلية وقعت بسوء اختيار المكلف، نعم اذا تابت ورجعت
===============
( 231 )
يمكن إجراء تلك القواعد في حقها كما اشرنا إليه فيما سبق أيضاً، والله العالم.
لا يقال: ليس بناء فقهائنا على إجراء قاعدة نفي الحرج والعسر في نفي المحرمات. قال سيدنا الاستاذ الحكيم رضي الله عنه (1): فلا يكون الحرج مجوزاً لفعل المحرمات عندهم وإنْ كان مجوزاً لترك الواجبات، فلا يجوز الزنا للحرج ولا يجوز أكل مال الغير للحرج... وان كان الفرق بين الواجبات والمحرمات في ذلك غير ظاهر ومقتضى دليل نفيه نفي التحريم كنفي الوجوب، انتهى.
فإنّه يقال الامر كما افاده سيدنا الحكيم قدس سره ، نعم إنّ نفي الحرج لايجري فيما يعلم من مذاق الشرع عدم نفيه بالحرج كالقتل واللواط والزنا والمساحقة وامثالها واما في غيرها فلا مانع من التمسك باطلاق قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج)(2).
وبالجملة: لا يجوز مسّ الفرج والنظر إليه إلاّ اذا كان ترك العملية حرجياً ولم يكن إزالة الغشاء بسوء اختيارها ـ في غير فرض التوبة والاصلاح ـ ومع ذلك لا بد من تقديم الزوج ثم الطبيبة ثم الطبيب، بل تقديم المحرم على غيره على قول، وفقنا الله للعمل بأحكامه إنّه هو البر الرحيم.
فرع:
اذا زالت الغشاء بحادث غير اختياري واضطرت الى العملية الطبية وليس هناك إلاّ الطبيب الاَجنبي ويمكن تزويجه مؤقتاً ليوم واحد مثلاً بلا مشقة فهل يجب عليها تزويجه فراراً عن حرمة النظر والمس ام لا وأنّ قاعدة نفي الحرج ترفع حرمتهما؟ فيه وجهان، ولا شكّ أنّ الاَوّل أحوط.
____________
(1) ص247 ج14 مستمسك العروة الوثقى (الطبعة الجديدة).
(2) الحج آية 78.
===============
( 232 )
المسألة السابعة والعشرون
حول زراعة الاَعضاء التناسلية
ينقسم الجهاز التناسلي للمرأة الى الداخلي والخارجي، ويتكوّن الداخلي من مبيضين أحدهما على اليمين والآخر على اليسار من قناة فالوب (القناة الرحمية) والرحم والمهبل، المبيضان متصلان بالرحم بواسطة وتر سميك على ناحية اليمين واليسار وهما عبارة عن أكياس تحتوي على عدد محدد من البويضات عند الولادة، أي عدد البويضات داخل المبيض تكون قد تم تكوينها قبل ولادة الانثى من بطن أُمّها، ويصل عدد البويضات في المبايض الى حوالي مليونين بويضة عند الولادة وتبدأ في التناقص لتصل الى 400 ألف بويضة عند البلوغ ثمّ يتناقص الى 400 بويضة قابلين للاخصاب، ويرجع السبب في هذا النقصان الى مراحل النضج المتعدد التي تمر بها البويضة ابتداء من الخلية الاَولية للبويضة حتّى مرحلة الناضجة قبل خروجها من المبيض، وذلك تحت تأثير هرمونات التناسل بشكل زيادة ونقصان لهذه الهرمونات، والناظر الى تكوين الجنين معتمداً على المعلومات والحقائق التي يمدنا بها علم الاجنة يجد أنّ المبيض يبدأ تكوينه في الاَُنثى عندالاسبوع8ـ12 للجنين الاَُنثى وهي في بطن أُمّها، ويتكون من الحمل الناتج من أخصاب حيوان منوي يحتوي على الصبغ السيني مع البويضة التي تحتوي أيضاً على الصبغ السيني، ثم تبدأ بعد ذلك عملية تخليق باقي الجهاز التناسلي للمرأة.
بعد ولادة الاَنثى تبدأ البويضة داخل المبيض مراحل النضج لتكوين
===============
( 233 )
البويضة الناضجة الصالحة للاخصاب في الفترة ما بين الولادة وبلوغ الاَُنثى سن البلوغ، ثم تبدأ هذه البويضات الناضجة بالنزول شهرياً من المبيض فاذا ما لقحت يحدث الاَخصاب والحمل، اما اذا لم تلقح يحدث ما نسميه بالطمث الشهري نتيجة للتغييرات الهرمونية، فإذا ما قمنا ونقلنا هذا العضو ـالمبيض ـ من أُنثى الى أُنثى اُخرى فاننا بهذا قد نقلنا المبيض بما تحتويه من بويضات تحمل الصفات الوراثية التي ورثتها الاَُنثى المنقول منها المبيض من والديها الى أُنثى أُخرى والتي تم نقل المبيض لها، والابناء الناتجين من المنقول اليها سوف يكونون من الناحية الوراثية أولاد المنقول منها، وهذا هو خلط الانساب(1).
زرع الخصية:
قبل ولادة الطفل الذكر تكون الخصية داخل التجويف البطني وتنزل الى خارج البطن (داخل الكيس) عند الولادة.
عند تخليق الجنين الذكر من أخصاب حيوان منوي يحتوي على الصبغ الصادي لبويضة تحتوي على الصبغ السيني يتحدد جنس الجنين ذكراً ثمّ يبدأ نتيجة لوجود الصبغ الصادي في هذا الجنين تكون الخصية في الاَُسبوع السادس من الحمل(2) ثم تقوم هاتان الخصيتان بإفراز الهرمونات
____________
(1) ص445 وص446 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاعضاء البشرية.
أقول في كون ذلك خلط الانساب نظر أو منع كما لا يخفى ولا دليل شرعاً على منع نقل الصفات الوراثية الى الغير واما نقل مني المرأة الى أمرأة أُخرى فهو وان لم أجد دليلاً لفظياً على منعه في غير المساحقة لكن الارتكاز المتشرعي على منعه.
(2) وقال طبيب آخر: ومن المعلوم أنّ الخصية (الغدد التناسلية) تتكون في الحدبة
=
===============
( 234 )
اللازمة لتكوين باقي الاَعضاء الخاصة بالجهاز التناسلي للذكر.
ووظيفة الخصية افراز هرمون الرجولة منذ المراحل الاَُولى من الحمل وذلك لتخليق باقي أعضاء الجهاز التناسلي للذكر(1)، كما أنها تقوم بتكوين الحيوانات المنوية عند بلوغ الرجل سن البلوغ من الخلايا الاَولية الموجودة في الخصية والتي تحمل الصفات الوراثية التي ورثتها تلك الخلايا الاَولية والدي حامل هذه الخصية، فالخصية تقوم بدور المصنع الذي ينتج الحيوانات المنوية بواسطة تأثير الهرمونات على المواد الاَولية (الخلية الاَولية التي تنتج الحيوان المنوي الناضج) الموجود في الخصية.
واذا ما تم نقل هذه الخصية الى شخص آخر فاننا بذلك ننقل المصنع بآلاته ومعداته والمواد الاولية التي يحتويها الى مكان آخر، ولايكون دور المنقول إليه سوى تشغيل المصنع فقط، أي لن يكون له دور في نقل المورثات التي
____________
=
التناسلية وتبدأ في الظهور في الاَُسبوع الخامس والسادس في الجنين ثم تتمايز في نهاية الاَُسبوع السادس وبداية الاَسبوع السابع الى خصية أو مبيض لاَنها تكون قبل ذلك غير متمايزة. ص465 (رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية).
أقول : وعلى كل ان ثبت هذا علمياً ثبوتا قطعياً فهو يناقض بعض الاحاديث الدالة بظاهرها على صيرورة الجنين ذكراً أو أنثى بعد أربعة أشهر وقد تقدم نقل أحدها في المسألة السادسة . ولاحظ ص141 ج7 الوسائل نسخة الكومبيوتر وفيها عن علي (عليه السلام) تحول النطفة في الرحم أربعين يوماً فمن أراد أن يدعو الله عز وجل ففي تلك الأربعين قبل أن يخلق ...وعلى كل الأحاديث المذكورة قابلة للتأويل .
(1) وظيفة افراز الهرمونات في الاَُنثى أشد تعقيداً من الذكر وهي السبب في التغييرات التي تحدث في بطانة الرحم مؤدية الى حدوث الطمث كما تؤثر على جميع أجهزة الجسم. أمّا بالنسبة الى الذكر فهي مسؤولة عن الصفات الثانوية للذكورة مثل نمو شعر العانة بصورة خاصة مختلفة عن الاَُنثى ونمو الشعر على الوجه وتغير الصوت وبناء العظام وتوزيع الدهن في الجسم وايجاد الرغبة الجنسية. ص464 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.
===============
( 235 )
يحملها أولاده، بل سوف يساعد على نقل الصبغيات الوراثية التي ورثها الشخص المنقول منه هذه الخصية الى ذرية الشخص المنقول له الخصية.
وتعتبر هذا وكأننا قمنا بإخصاب بويضة زوجة الرجل المنقولة له الخصية بحيوان منوي لرجل آخر المنقولة منه الخصية، فاذا ما تم زرع الخصية بين الرجال فاننا نساعد على خلط الانساب.
وأما الاعضاء التناسلية الاَخرى كالقضيب والرحم والانبوبة والمهبل فهي كسائر أعضاء الجسد مثل القلب والكلية والكبد في عدم التأثير من الناحية الوراثية ولا تخلو منها الاَنساب(1).
أقول: زراعة الاَعضاء التناسلية في حدّ نفسها لا بأس به ان قدر الطب عليها يوماً ما، وإنما يشكل من الجهتين الاخيرتين، الاَُولى: حرمة النظر واللمس المحرمين ـ وقد تقدمت مفصلة ـ الثانية من جهة الجماع بها إذ مباشرة المنقول إليه لزوجها أو لزوجته لا يخلو عن إشكال ولا فرق في الاشكال بين المبيض والخصية والقضيب والجهاز الخارجي للمرأة، وذلك لا لاَجل انتساب الجهاز المذكور الى صاحبه الاَوّل حتى اذا كان حياً فإنّ الانتساب الماضي غير مضر والانتساب الفعلي الى صاحبه الاَول ممنوع بل هو منتسب الى صاحبه الجديد، بل لاَجل ارتكاز المتشرعة على قبح الجماع بها، وهو يكشف عن تقبيح الشارع له وتحريمه، إلاّ أنْ يقال: إن قبيحه عند المتشرعة لا لاَجل أنهم مسلمون ومتشرعة ولا لاجل أنهم العقلاء بل من أجل انهم من أهل الغيرة وكثيراً ما يشتبه الاَمر بين الغيرة وبين ارتكاز المتشرعة وعلى كل، القبح الذي يكشف عن منع الشارع إنما
____________
(1) انتخبناه من ص447 الى ص451 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية باختصار.
===============
( 236 )
هو القبح الذي من المشهورات، عند جميع العقلاء بما هم عقلاء، ولتحقيق ذلك لا بد من مراجعة علم المنطق وعلم الاَُصول عند البحث عن ملازمة
حكم العقل والشرع(1)، وكذا القبح الذي يعتقده المسلمون بما هم مسلمون فإنه يكشف عن تقبيح الشرع، فلاحظ وتدبر.
على أنّ في زرع الخصية بل في زرع المبيضين مانع آخر كما تقدم فما قيل من جواز زرع الخصية كأنه للجهل بما ذكره الاَطباء.
فان قيل: اذا فرض قدرة الطب على تفريغ الخصية من السائل المنوي نهائياً فأي مانع من نقلها الى بدن الغير اذ لا تخلط الانساب حينئذٍ؟
يقال في جوابه ـ كما قيل ـ إنّ الحيوانات المنوية الجديدة تتكون من نفس الخلايا وليست من خلايا جديدة.
لكن الممنوع شرعاً ـ على نحو مر ـ إقرار ماء الرجل في رحم أجنبية ولم يدل دليل على أن خلاياه يجب ان لا تكون من الاَجنبي،فتأمل، فإن المقام محتاج الى توضيح طبي وأنّه هل يصدق على الخلايا الماء أو المني أم لا؟ وما هي مقدارها؟
فإن قيل: كيف تكون الخصية مصنعاً للمني ويقول القرآن: (فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب)(2)؟
يقال: إنّ الخصية توجد بين الصلب والترائب في أوّل تكوينها من الناحية الجنينية، وانما تنزل داخل الكيس (خارج البطن) عند الولادة.
أقول: مر أنها داخل التجويف البطني وليس هو من الترائب التي فسرت بأعلى الصدر، فتأمل.
____________
(1) لاحظ صراط الحق ج2 وكتاب الفصول في علم الاَُصول.
(2) الطارق آية 5.
===============
( 237 )
ثم إنّه لا فرق في الحكم بينما كان الغرض تحصيل النسل أو مجرد الاستمتاع، أو التجميل والتجمل(1) حيث إنّ المبيضين يفرزان ـ بالاضافة الى البييضات ـ هرمون الاُنوثة الذي يضفي على المرأة صفات الجمال الاَُنثوي من نعومة الجلد ونعومة الصوت ورقة الشعر وتوزيع الشحوم على الجسم، كما إنّ الخصتين تفرزان بالاِضافة الى المني هرمون الذكورة الذي يضفي على الرجل غلظ الصوت ونبات شعر الوجه وخشونة الشعر والقوة البدنية وغير ذلك(2).
كما لا فرق في الحكم السابق بين كون المأخوذ منه حياً أو ميتاً، بوصية منه أم لا، على أنّ قطع الآلة التناسلية عن البدن بعوض أو هبة حرام على الحي ظاهراً، فلاحظ وتأمل.
فرعان
1 ـ لو فرضنا وقوع: زراعة الاَعضاء التناسلية حراماً أو حلالاً وباشر المنتقل إليه زوجته أو زوجها فالولد ولدهما كما مر، إلاّ أنْ تكون الخصية المنقولة حاوية لنطفة تكونت قبل نزعها من مصدرها، فالولد من صاحبها ظاهراً لا من المباشر، فلاحظ.
2 ـ الظاهر وجوب الدية على مَن قطع هذه الاَعضاء المزروعة كغيرها مثل القلب والكلية والعين وأمثال ذلك عملاً باطلاق أدلة الديات وعدم انصرافها الى قطع الاعضاء الاَصلية الاَولية، وأما قطع الاَعضاء البلاستيكية
____________
(1) بعض الامثلة من الحاجيات ولو لبعض الافراد فالتجميل في المقام ليس كله من الكماليات فاذا كان فقد اللحية لبعض الناس حرجياً كان انباتها من الحاجيات.
(2) ص540 رؤية اسلامية لزراعة بعض الاَعضاء البشرية.