أبطال أوروبا يسعون لانطلاقة قوية في النهائيات
يبدأ منتخب إسبانيا مشواره في مونديال جنوب أفريقيا 2010 غداً الأربعاء أمام نظيره السويسري وهو يحمل "عبء" أنه المنتخب الأوفر حظاً للظفر بلقب بطل النسخة التاسعة عشرة، وبالتالي سيكون مطالبا بالارتقاء إلى مستوى التوقعات والآمال منذ الدقائق التسعين الأولى.
"نحن متعطشون للقب وبإمكاننا إظهار أننا الأفضل في هذه البطولة"، هذا ما قاله لاعب وسط "لا فوريا روخا" فرانسيسك فابريغاس عشية المباراة التي ستجمع بلاده بسويسرا على ملعب "موزيس مابهيدا" في دوربن ضمن المجموعة الثامنة التي تضم تشيلي وهندوراس.
ومن المرجح أن لا يواجه أبطال أوروبا صعوبة تذكر في حسم صدارة المجموعة لمصلحتهم، لكن فابريغاس حذر زملاءه قائلاً: "نحن في مجموعة قوية، لكننا عازمون على التأكيد بأنها لحظتنا، ونحن متعطشون لكي نظهر أن بإمكان إسبانيا الفوز على الأفضل".
ويأمل فابريغاس وزملاؤه في منتخب المدرب فيسنتي دل بوسكي أن يؤكدوا تفوق بلادهم على سويسرا التي لم تذق طعم الفوز على "لا فوريا روخا" في 18 مواجهة سابقة بين الطرفين، واكتفت بالخروج متعادلة في ثلاث مناسبات.
وسيتواجه المنتخبان في نهائيات العرس الكروي للمرة الثالثة بعد مونديالي إنكلترا عام 1966 والولايات المتحدة عام 1994، وكانت إسبانيا فازت في الأولى 2-1 في دور المجموعات وفي الثانية 3-صفر في الدور الثاني، وهي كانت المواجهة الأخيرة بين الطرفين رسمياً كان أو ودياً.
وأضاف فابريغاس الذي عاد مؤخراً إلى الملاعب بعد شفائه من إصابة أبعدته حوالي شهرين: "علينا التقدم خطوة خطوة. قبل عامين فزنا بلقب بطولة أوروبا، وأتذكر أننا لم نكن المرشحين لكننا تعاملنا مع كل الأمور من مباراة إلى أخرى وحافظنا على تواضعنا واعتقد أنه علينا المحافظة على هذه الذهنية".
وعاد فابريغاس بالذاكرة إلى مونديال ألمانيا قبل أربعة أعوام عندما قدم منتخب بلاده أداءً رائعاً في الدور الأول قبل أن يودع العرس الكروي على يد الفرنسيين، مضيفاً: "كل شيء كان يجري بطريقة مثالية وبعدها لعبنا مباراة ضعيفة وكان ذلك كافياً ليطيحوا بنا - علينا أن نتعلم من ذلك".
كما تحدث فابريغاس عن الخسارة المفاجأة أمام الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي في جنوب أفريقيا، مضيفاً: "ضد الولايات المتحدة أمطرنا المرمى بالتسديدات، وعلينا أن نعي بأن الأمور قد تذهب بهذا الاتجاه حتى أمام فريق أضعف منا. عامل الحظ قد يكون أساسياً".
وأشار فابريغاس الذي اضطر للعب دور الاحتياطي المساند لكل من اندريس انييستا وتشافي هرنانديز في كأس أوروبا 2008، أنه يقاتل من أجل استعادة كامل لياقته بعد أن ابتعد عن الملاعب معظم النصف الثاني من الموسم، مضيفاً "الأمر الرائع هو أني لم أفوت أي حصة تدريبية منذ اليوم الأول لاجتماع المنتخب - لا توجد هناك أي مشاكل وهذا أفضل ما يمكن أن يحصل".
ومن المرجح أن يبدأ فابريغاس اللقاء على مقاعد الاحتياط إلا في حال قرر دل بوسكي أن لا يخاطر بانييستا الذي يتعافى من الإصابة، وقد أكد الأخير أن نجم وسط برشلونة سيشارك أساسياً ضد سويسرا بعد أن شفي تماماً من إصابة في فخذه الأيمن تعرض لها في المباراة الودية الأخيرة ضد المجر (6-صفر).
وكان انييستا عاد مؤخراً إلى الملاعب بعدما أبعدته الإصابة التي تعرض لها في عضلة فخذه الأيمن أيضاً حوالي شهر عن برشلونة.
دل بوسكي يحذر من المفاجآت
ويأمل دل بوسكي ان يرتقي إلى مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه بعد خلافة لويس اراغونيس الذي قاد "لا فوريا روخا" إلى لقبه الأول منذ 1964 بعدما توج بطلاً لكأس أوروبا 2008 على حساب نظيره الألماني (1-صفر).
وقد تسلم دل بوسكي مهامه في المنتخب بعد كأس أوروبا مباشرة ونجح في قيادته لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق أبطال أوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى مرة واحدة وجاءت على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي (صفر-2).
ووضع المنتخب الأميركي حينها حداً لمسلسل انتصارات نظيره الإسباني وذلك بعد أن حطم بطل أوروبا الرقم القياسي من حيث عدد الانتصارات المتتالية (15 انتصاراً على التوالي)، علماً بأن الخسارة أمام منتخب "العم سام" كانت الأولى لأبطال أوروبا منذ سقوطهم أمام رومانيا صفر-1 في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2006، فحرمهم من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى "لا فوريا روخا" شريكاً للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم (35 مباراة دون هزيمة)، علماً بأن الأخير سجله بين عامي 1993 و1996.
وسيدخل المنتخب الإسباني إلى النهائيات وفي جعبته 12 انتصاراً متتالياً و25 من أصل المباريات الـ26 الأخيرة، ما يجعله المنتخب الأوفر حظاً للفوز باللقب العالمي للمرة الأولى وهو ما يزيد الضغوط على مدربه ولاعبيه.
وحذر دل بوسكي لاعبيه من الوقوع في فخ المفاجآت خلال العرس الكروي العالمي الذي يقام للمرة الأولى في القارة السمراء، مضيفاً: "إن السؤال الذي يتكرر بشكل شبه دائم يتعلق بوضع منتخبنا كأفضل مرشح للظفر باللقب. حسناً، في ما نؤكد دائماً عدم اتفاقنا مع هذا الطرح، فإننا في الوقت ذاته لا ننكر أنه من المنطقي أن تصب أغلب الترشيحات في مصلحتنا بحكم تربعنا على العرش الأوروبي وتحقيق الفوز في عدد من المباريات المتتالية".
وواصل: "إننا نعرف في قرارة أنفسنا أننا سنواجه خصوماً من العيار الثقيل، إذ لا توجد منتخبات صغيرة وضعيفة في كأس العالم. علينا أن نركز بشكل كامل من أجل تجنب الوقوع في فخ المفاجآت أمام سويسرا أو تشيلي أو هندوراس".
وأردف دل بوسكي قائلاً: "إن الجميع في إسبانيا يتشوق لرؤيتنا نعتلي منصة التتويج في كأس العالم. لكن من يعتقد أن عدم الفوز باللقب العالمي يعتبر فشلاً ذريعاً فهو مخطئ تماماً. إن مثل هذه الطروحات تعتبر تفكيراً متطرفاً نوعاً ما".
ومن المؤكد أن دل بوسكي يملك الأسلحة اللازمة لكي يحقق آمال الشعب الإسباني بالصعود إلى منصة التتويج في 11 تموز/يوليو المقبل لأن "لا فوريا روخا" يتميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبين مثل انييستا وفابريغاس وتشافي هرنانديز ودافيد سيلفا ودافيا فيا وفرناندو تويس، وهو يتحدث عن هذه المسألة قائلاً: "إن كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحياناً من أجل صنع الفارق واختراق الدفاعات. نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءاً بالحارس ومروراً بالوسط وانتهاءً بالهجوم، إذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين".
وتابع: "من المستحيل التكهن بما يخبئه القدر. إن أهم ما يمكن القيام به هو التحضير للبطولة بأفضل شكل ممكن، حتى نكون قادرين على التنافس بقوة مع خصوم أقوياء للغاية، بمن فيهم أولئك الذين يدخلون غمار المنافسات بعيدين كل البعد عن دائرة الترشيحات. ويعد منتخب الأرجنتين مثالاً واضحاً على ذلك، علماً بأن تشكيلته تزخر بالنجوم الكبار واللاعبين الممتازين في كل الخطوط. صحيح أنهم تأهلوا بشق الأنفس بعدما عانوا الأمرين في مرحلة التصفيات، لكن ذلك لا يعني بتاتاً أنهم خارج دائرة المرشحين. تنتظرنا بطولة غاية في الصعوبة ومنافسات حامية الوطيس".
وسيكون بانتظار مهاجمي "لا فوريا روخا" مهمة صعبة أمام دفاع المنتخب السويسري الذي يشرف عليه الألماني اوتمار هيتسفيلد، لأن السويسريين لم يتلقوا أي هدف في النهائيات لـ394 دقيقة على التوالي، لأنهم ودعوا الدور الثاني من ألمانيا 2006 دون أن تهتز شباكهم في المباريات الأربع التي خاضوها، ويعود الهدف الأخير الذي تلقوه إلى الدقيقة 86 من مباراتهم مع إسبانيا بالذات في الدور الثاني من مونديال 1994 (صفر-3) وسجله تكسيكي بيغرستاين.
من البديهي أن إسبانيا هي المرشحة الأبرز لخطف صدارة المجموعة، وبالتالي سيدخل رجال هيتسفيلد في صراع مع تشيلي على الأرجح من أجل الحصول على البطاقة الثانية، لذلك ستكون مواجهة الطرفين يوم 21 حزيران/يونيو في بورت أليزابيت مفصلية للتأهل إلى الدور الثاني.
ويعول هيتسفيلد الذي تسلم مهامه بعد كأس أوروبا 2008 خلفاً لكوبي كوهن، على عدد من الأسماء الشابة البارزة وعلى رأسهم أرين ديرديوك التركي الأصل الذي تميز في وسط باير ليفركوزن الألماني الموسم المنصرم والذي بلغ الثانية والعشرين يوم انطلاق النهائيات، كما يبرز في خط الوسط ترانكويلو بارنيتا زميله في باير ليفركوزن، غوكان اينلر لاعب وسط اودينيزي الإيطالي التركي الأصل، فيليب سنديروس مدافع ايفرتون الإنكليزي، وحارس مرمى فولسبورغ الألماني دييغو بيناغليو.