عنوان الخطبة | أهمية الأمن | رقم الخطبة | 3682 |
الموضوع الرئيسى | الأسرة والمجتمع ، موضوعات عامة | الموضوع الفرعى | قضايا المجتمع ، جرائم وحوادث |
اسم الخطيب | علي عبد الرحمن الحذيفي | اسم المدينة | المدينة المنورة |
تاريخ الخطبة(هـ) | 26/2/1425 | اسم المسجد | المسجد النبوي |
ملخص الخطبة: 1- شكر الله تعالى على نعمه. 2- نعمة الأمن جزء من الإسلام. 3- أركان الإسلام لا تتمّ إلا بالأمن وشعائره. 4- الأمن أساس المصالح الدنيوية. 5- نابتة العصر. 6- حادث قتل رجال الأمن. 7- وجوب التصدّي للمفسدين في الأرض. 8- دعوة الخارجين للرجوع إلى الحقّ. 9- الوصية بلزوم الجماعة. | |||
الخطبة الأولى أمّا بعد: فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حقَّ التقوى، وراقبوه في السرِّ والنجوى، فتقوى ربِّكم عدّتُكم للشدائد، وذخرٌ لكم يومَ القيامة، يوم لا تجزي نفسٌ عن نفس شيئًا ولا يقبَل منها عدل، ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصَرون. أيّها الناس، اذكروا نعمَ الله عليكم التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى، واحمدوا ربَّكم واشكروه على نعمة الإسلام الذي هو أجلّ النعم، فبه تدوم النِّعم، وتتمّ به، ويتمّ به إحسانُ الله على العباد. واعلموا ـ عباد الله ـ أن نعمةَ الأمن جزءٌ عظيم لا يتجزّأ من الإسلام. الأمنُ من تمام الدين، ولا يتحقَّق الإسلام إلاّ بالأمن، ولا يُعمل بشعائر الدين إلا في ظلِّ الأمن، قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور:55]. روى ابن جرير رحمه الله في تفسيره عن أبي العالية قال: مكَث النبي عشر سنين خائفًا، يدعو إلى الله سرًّا وعلانية، قال: ثم أُمر بالهجرة إلى المدينة، قال: فمكث بها هو وأصحابه خائفين، يصبحون في السلاح ويمسون فيه، فقال رجل: متى يأتي علينا يومٌ نأمَن فيه ونضَع عنا السلاح؟ فقال النبي : ((لا تلبثون إلا يسيرًا، حتى يجلسَ الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا فيه ليس معه حديدة)) فأنزل الله هذه الآية[1]. وبيّن الله تعالى أنَّ الصلاةَ لا تكون في تمامٍ وطمأنينة إلاّ في ظلّ الأمن، قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [البقرة:238، 239]، وقال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]. والزكاة لا تتحقّق جبايتها في الزروع والثمار وبهيمة الأنعام إلاّ مع الأمن ووجود جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن نوّاب الإمام هم الذين يجبون الزكاةَ في الأموال الظاهرة، ويفرّقونها في مستحقّيها، وقد قال الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النور:56]. وصيامُ رمضان لا يكون إلا برؤيةِ هلاله، والفطرُ برؤية هلال شوّال، كما قال النبي : ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته))[2]، وهذا يقتضي ثبوتَ الرؤيةِ عند الإمام أو نُوّابه وتبليغَ المسلمين ليصوموا وليفطروا، ولا يتحقّقَ هذا إلا باستتباب الأمن. والحجّ لا يتحقّق إلاّ مع الأمن، قال الله تعالى: فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ [البقرة:196]. والحدود لا تُقام ولا يُؤخَذ على يدِ المفسدين المجرمين العابثين إلاّ مع تحقُّق الأمن؛ لأنّ ذلك يقتضي قوةَ ونفوذَ وليِّ الأمر على الجماعة، قال الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41]. ولو تتبّع المسلم نصوصَ الكتاب والسنّة لوجَد أنّ الأمنَ جزءٌ لا يتجزَّأ ولا ينفصِل عن الإسلام، ولعلِم يقينًا بأن الأمنَ من تمام الإسلام، كما قال رسول الله لعديّ بن حاتم حين وفد عليه: ((أتعرفُ الحِيرة؟)) قال له: لم أعرفها ولكن قد سمعتُ بها، قال: ((فوالذي نفسي بيده، ليُتمّنّ الله هذا الأمرَ حتى تخرجَ الظعينة ـ أي: المرأة ـ من الحِيرة حتى تطوفَ بالبيت في غير جوارِ أحَد، ولتُفتَحَنَّ كنوز كِسرى بن هرمز))، قلت: كسرى بن هرمز؟! قال: ((نعم كِسرى بن هرمز، وليُبذلَنَّ المالُ حتى لا يقبله أحَد))، قال عديّ: فهذه الظعينة تخرج من الحِيرة فتطوف بالبيت في غير جِوار أحد، ولقد كنتُ فيمَن فتح كنوزَ كسرى بنِ هُرمز، والذي نفسي بيده لتكوننّ الثالثة لأنّ رسول الله قالها[3]. أيّها الناس، دينُ المسلم مرتبِطٌ بالأمن، مصالح الناسِ الدنيويّة أساسُها الأمن، فتبادُلُ المنافع والمصالح وانتظامُ التّجارة وتوظيف الأموال واستثمارها واتّساع العمران وفشوّ الماشية وأمان الأسفار والطرق وتزايد التنمية وانبساط الآمال في الحال والاستقبال كلّ ذلك لا يكون إلاّ مع الأمن، وضدُّ ذلك كلّه لا يكون إلا مع الخوف والفوضى. وقد امتنّ الله تعالى بالأمن على أهل حَرَمه فقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت:67]. وإنّ هذه البلادَ قد منّ الله عليها بالأمنِ والإيمان وبنعمٍ لا تُعَدّ ولا تحصى، حتى صارت ـ ولله الحمد ـ مضربَ المثل في الأمن، ولكنها ابتُليت في هذه الأيامِ بشِرذمةٍ اعتنقت أفكارًا تخالف كتابَ الله وتخالف سنة رسول الله ، وخرجت على جماعةِ المسلمين وإمامهم، وعصى هؤلاء الخوارجُ الله تعالى، وعصَوا رسوله ، وعصَوا الإمام، وقد أُمِروا بالطاعة في قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((على المرءِ المسلم السمعُ والطاعة فيما أحبَّ أو كره، إلاّ أن يؤمَر بمعصية)) رواه البخاري ومسلم[4]. وعصى هؤلاء الخوارج الوالدين لمن كان له والِد، وشَقّوا عصَى المسلمين، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من فارَق الجماعة شبرًا فقد خلَع رِبقة الإسلامِ من عُنُقه)) رواه أبو داود[5]. وإنَ أعمى العَمى الضلالةُ بعد الهدى والعياذ بالله، فهؤلاء الخوارجُ قاموا بأعمالٍ شنيعة، وجمعوا بين معاصٍ وكبائر كثيرة، لا تفسَّر إلا أنها تخدِم أعداءَ الإسلام والمسلمين، وتضرّ غايةَ الضرَر الدينَ والمجتمع، فسفكوا الدمَ الحرام، واستحلّوا ما حرّم الله تعالى من دِماء المسلمين وأموالهم، واستحلّوا من رِجال الأمن ما حرّمه الله تبارك وتعالى. ندعو الله تعالى ونتوسّل إليه بقُدرته ورحمته أن يتقبّل رجالَ الأمن الذين قُتِلوا في الشهداء، وأن يرفعَ درجاتهم في جنّات النعيم بما قدّموا لدينهم وبما خدَموا وطنَهم، وأن يُطفئ فتنةَ الخوارج المفسدين ويكُفّ شَرّهم عن الإسلام والمسلمين أبدَ الآبدين. وإنّ ما يقوم به هؤلاء المفسدون ومَن وراءَهم لا يؤثِّر ولا يهزُّ أمنَ هذه البلادِ ولله الحمد، فالمجتمع مع ولاة أمره وعلمائه يقفون صفًّا واحدًا، ويتّخذون خندقًا واحدًا، يصدّون ويحاربون منه كلَّ فِكرٍ منحرِفٍ وكلَّ متربِّص بهذه البلاد حاقد، سواءً كان من الداخل أو من الخارج، امتثالاً لقول الله تبارك وتعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وقوله تبارك وتعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]. وإنّنا نوصي بأن يكونَ الجميع يدًا واحدةً وقلبًا واحدًا ضدَّ هذه الأعمال الإرهابية الآثمةِ لتُدفَن في مهدها، ويجب شرعًا البلاغُ عن أيِّ عملٍ من هذه الأعمال المحرّمة الآثمة بالرفع للسّلُطات، ومن لم يفعل ذلك فقد خان الله ورسولَه والمؤمنين؛ لأنّ شرَّ ذلك عامٌّ على الكافَّة. وإنّا لندعو هؤلاء الذين تشرَّبوا هذه الأفكارَ التكفيريّة أن يرجعوا إلى الله تعالى، وأن يعودوا إلى رُشدهم، وأن لا ينجرفوا وراءَ أحدٍ في الغيِّ والضلال كائنًا من كان، وأن يُقبلوا على العلم الشرعيّ من الكتاب والسنة، وأن يسألوا أهلَ العلم عمّا يُشكل عليهم ليرشدوهم ويزيلوا عن قلوبهم هذا العمى بقول الله وقول رسول الله ، وأن يحذروا هذه الأعمالَ الإرهابيّة المفسدة التخريبيّة التي أُهدِرت فيها الدماء المحرّمة والأموال المعصومة، ففي الحديث: ((لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل رجلٍ مسلم))[6]. وندعو هؤلاء الخارجين على جماعةِ المسلمين أن يشكروا اللهَ على نعمةِ الأمن؛ فإنّ كفرانَ النِّعَم ضامنٌ لتحوُّلها إلى ضدِّها، ولينظُروا إلى ما منّ الله به على هذه البلاد من النِّعم التي لا تُحصَى، وأن يتذكّروا مصائبَ وفتنَ الخوف والفوضى والفتنَ المظلمة المضِلَّة، وليعلموا أنّ الخروج على وليّ الأمر جامعٌ لكلّ المفاسدِ في الدين والدنيا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيِّد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. [1] جامع البيان (18/159-160)، وهو حديث مرسل. وأخرجه الطبراني في الأوسط (7029)، والبيهقي في الاعتقاد (ص265)، والواحدي في أسباب النزول (ص328) عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه مختصرا، وصححه الحاكم (3512)، والضياء في المختارة (1145)، وقال الهيثمي في المجمع (7/83): "رجاله ثقات"، وفي سنده علي بن الحسين بن واقد ضعفه بعضهم. [2] أخرجه البخاري في الصوم (1909)، ومسلم في الصيام (1081) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [3] أخرجه أحمد (4/257) عن عدي رضي الله عنه، وهو عند البخاري في المناقب (3595) بنحوه. [4] صحيح البخاري: كتاب الجهاد (2955)، صحيح مسلم: كتاب الإمارة (1839). [5] سنن أبي داود: كتاب السنة (4758)، وأخرجه أيضا أحمد (5/180)، وابن أبي عاصم في السنة (892، 1053)، والحاكم (401، 402)، والبيهقي في الكبرى (8/157)، وصححه الألباني في ظلال الجنة (2/434). وفي الباب عن ابن عمر والحارث الأشعري ومعاوية وابن عباس وأبي هريرة وأبي الدرداء وعامر بن ربيعة رضي الله عنهم. [6] أخرجه الترمذي في كتاب الديات (1395)، والنسائي في كتاب تحريم الدم (3987) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وليس فيه ((بأسرها))، وقال الترمذي: "وفي الباب عن سعد وابن عباس وأبي سعيد وأبي هريرة وعقبة بن عامر وابن مسعود وبريدة"، وأشار إلى أن وقفه أصح من رفعه، وكذا رجّح وقفه البيهقي في الكبرى (8/22)، ورمز له السيوطي بالصحة، وصححه الألباني في غاية المرام (439). | |||
الخطبة الثانية: الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القويّ المتين، وأشهد أنَّ نبينا وسيّدنا محمّدًا عبده ورسوله الأمين، اللهم صلّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حقَّ تقواه، وتقرّبوا إليه بما يرضاه. أيّها المسلمون، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:24، 25]، أي: اتّقوا أسبابَ كلِّ فتنةٍ، إذا وقع جزاؤها وعقابُها لا تختصُّ بمن ظلم. وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظنا رسول الله موعظةً وجِلت منها القلوب وذرَفت منها العيون، فقلنا: يا رسولَ الله، كأنها موعظة مودِّعٍ فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمعِ والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنّتي وسنّةِ الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور، فإنّ كلَّ بدعة ضلالة))[1]. فتمسَّكوا بهذه الوصيّة العظيمةِ في أموركم كلِّها عباد الله. أيها الناس، إنّ الله تبارك وتعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال : ((من صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا)). فصلوا وسلّوا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين. اللهم صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد... [1] أخرجه أحمد (4/126-127)، وأبو داود في السنة (4607)، والترمذي في العلم (2676)، وابن ماجه في المقدمة (46)، والدارمي في مقدمة سننه (95)، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (1/179)، والحاكم (1/95-96)، ووافقه الذهبي، ونقل ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/109) عن أبي نعيم أنه قال: "هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (37). |
موسوعة الخطب
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 1
موسوعة الخطب
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 2
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | أهمية المراكز التربوية | رقم الخطبة | 3906 |
الموضوع الرئيسى | العلم والدعوة والجهاد ، الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | التربية والتزكية ، الأبناء |
اسم الخطيب | صالح بن حميد | اسم المدينة | مكة المكرمة |
تاريخ الخطبة(هـ) | 10/8/1425 | اسم المسجد | المسجد الحرام |
ملخص الخطبة: 1- نعمة الوقت. 2- خطورة الفراغ. 3- ضرورة الحديث عن حسن استغلال الوقت. 4- وسائل محكمة لبناء العقول والشخصيات. 5- منافع المراكز التربوية والدورات العلمية. 6- ضرورة مضاعفة البرامج التربوية والدورات العلمية. 7- فضل الإنفاق على المراكز التربوية. 8- التحذير من منع هذه الفعاليات والمناشط. 9- الرد على أعداء المراكز التربوية. 10- فضل صيام شعبان. | |||
الخطبة الأولى أمّا بعد: فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتّقوا الله رحِمكم الله، ابتَدَأكم بإحسانِه، وأتمَّ عليكم نِعمَه وإفضاله، حلُم مع الاقتدار فلا يغترَّنَّ عبدٌ بالإهمال، ولا يغفَلنَّ مِن خوف الاستدراج، عافانا الله وإيّاكم مِنَ الاغترار بعدَ الإمهال والاستدراجِ بالإحسان، واعلموا ثمّ اعلموا أنّ من الغفلةِ السّفرَ من غير زادٍ والذهابَ إلى القب الموحشِ بغير أنيس، ومن التّفريط القدوم على الحكمِ العدل بغير حجّة. مَن وقف في غير بابِ الله طال هوانُه، ومَن أمَّل غيرَ فضل الله خابت آماله، ومن ابتغى غيرَ وجه الله ضاعَت أعمالُه، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80]. أيّها المسلمون، الوقتُ مادّة الحياة، والزّمنُ وِعاء الأعمار، والأوقات خزائنُ الذّخائر، والأعمال الصالحة هي أعلَى ذخائر، والوقتُ أغلى ما عُنِي الإنسانُ بحفظه، وتصرُّم الزمان أعظمُ واعظ، وانقضاء الأيّام قِصَر في الأعمار، والعُمر أثمنُ بضاعة، والحسرةُ والخَسار لمن قصَّر فيه وأضاعَه، ومِن علامات المقتِ إضاعةُ الوقت، ومَن حفِظ وقتَه فقد حفِظ عمرَه، وإذا أحبّ الله عبدَه بارك له في عُمره ووفَّقه لحُسن عِمارة وقته، والخيرُ والتّوفيق في بركة العمر، لا في طولِه ولا في قصَره، فكم مِن إنسانٍ أمّل الحياةَ وطولَ البقاء فعاشَ إلى زمنٍ بكت فيه عيناه وتقرَّح فيه قلبُه ورأى من شدائدِ الفتَن وصروفِ المحَن ما لا يكادُ يُطاق، والأقدارُ مغيَّبة، والليالي من الزمانِ حُبالى، وكما يعوذُ المسلم بربِّه من فتنة الممات فإنّه يعوذ به من فتنةِ المحيا. يا عبد الله، الوقتُ كالسيف، وكم لهذا السّيف من ضحايا وصرعَى، تراهم في الأسواق يتسكَّعون وأمامَ الشاشات متسمِّرون وبين يدَي شبكاتِ المعلومات مستَسلمون، كم ندِم المفرِّطون، وكم تحسَّر المقصِّرون، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99، 100]. فمن أصحَّ الله له بدَنه وفرَّغ له وقتَه ولم يسعَ لصلاحِ نفسِه فهو المغبون، بذلِك أخبر الصادِق المصدوق حين قال: ((نِعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحّةُ والفراغ))[1]. وحين يحُلّ المرض وتشتدّ العلّة تنكمِش الأعوام حتى كأنها لحظاتُ برقٍ وامض. أيّها المسلمون، يحسُن التذكير بهذا والشّباب والأسَر تعيش استقبالَ عامٍ دراسيّ في كثيرٍ من الديار والبلدان، والحديثُ عن التعليم والمناهِج والتوجيهِ والإرشاد وحسنِ استغلال الوقتِ والاستفادةِ منه حديثٌ يطول، تحدّث فيه المربّون، ووعظ فيه الواعِظون، ونبّه إلى أساليبِ استغلالِه المصلِحون، في حديثٍ للآباء والأمّهات والمربّين والمربّيات في برامجَ علميّة ومناشطَ ترفيهيّة في فنِّ إدارةِ الوقت وخدمةِ المجتمع وتنميةِ المهارات وصلاحِ الدين والدنيا. أيّها المسلمون، الإبداعُ واكتشاف المواهِب وتنمية الملكات مطالبُ مهمّة ووسائل محكمَة لبناء العقول وبناءِ الشخصية وشغلِ الأعمارِ والأوقاتِ بالمفيد النافع من العلوم والأعمال. ومن جانبٍ آخر فإنّ توفيرَ الجوّ الصالحِ المكشوف المعلَن في مزاولةِ النشاط وممارسةِ العبادات الصحيحةِ والخلُق السليم كلّ ذلك جديرٌ بصياغةِ الشّباب والناشئة صياغةً صالحة مستقيمة متوازِنة في صلاح الدين والدنيا معًا، مناشِطُ معلَنَة تؤهِّل للصّلاح والنّجاح لينفَعوا أنفسَهم وأهليهم وأمّتَهم وأوطانهم. معاشرَ الأحبّة، وإنّ مِن أفضل ما تصرَف فيه الأوقات وتصقَل المواهِب ويبني ويُصلِح وبخاصّةٍ في هذهِ الظّروف مراكز خدمة المجتمَع والدّورات العلمية وحلقات تحفيظ كتابِ الله وتعليمه، فهي فرَصٌ تربويّة وتجمُّع للشّباب حميد، عظيمٌ نفعُه، ثريّة معلوماته، يحفَظ الأوقات، ويعين على الخير وتوثيق الصلاتِ. برامجُ مُعَدَّة إعدادًا حسَنًا في دروسٍ مفيدة بحُسن السّلوك وصلاح الدّين وتصليحِ الأخطاءِ وتقويم المعوَجّ على نهج السّلف الصالح. محاضِن تربويّة على قِصَر مدّتها فيها منافِع يعزّ تحصيلها في غيرها. هذه المراكزُ والدّورات والحلَقات والمناشط تربِّي على مكارِم الأخلاق ومعاليها وتنهَى عن سيِّئها وسفسافها، تشارِك في البناء وروح الإبداع. إنَّ هذه المراكزَ والمناشط والدّوراتِ والحلقات وأمثالَها تعلِن أنّ الشبابَ بحاجةٍ إلى اليدِ الحانية الرحيمةِ التي تقدِّم لهم النصحَ والتوجيه والإرشادَ والهداية في قوالِب من الودّ والشّفقة والملاطَفَة تُشعِرهم بدَورهم في الحياةِ وأثرِهم في المجتمع وأهمّيّتهم في أمّتهم وإشعارهم بالأخطار التي تهدِّدهم وتهدِّد دينَهم وأوطانهم، تذكِّرهم بالقُدوات الصالحة من سلَف الأمّة وخلَفِها من قياداتها وحكّامِها وعُلمائها ورِجالاتها؛ ليتعمَّق فيهِم الشّعورُ الحقّ بالانتماءِ لدينهم والاعتزازِ بأمتِهم والغيرة على ديارهم والاستعصاء على حَمَلات التّغريب والتذويبِ والاختلاط وألوانِ التطرُّف والغلوّ والتشدّد. إنَّ من المؤكَّد أنَّ هذه المراكزَ والدوراتِ والحلقات وأمثالَها كلُّ أولئك محاضن تربويّة، تحفظ أوقاتَ الشباب فتيانا وفتياتٍ، ترشِدُها وتُرَشِّدُها في مناشطَ علميّة وتربويّة ومَسلكية ومِهنيّة وحِرفيّة، تربيةً على الصلاحِ والإصلاح والخلقِ الفاضل وترسيخِ الانتماء لدين الله وأخوّة الدين والولاء لولاةِ الأمور وحبِّ العلماء وتقديرِ رِجالات الأمّة والاحترام والحبّ للصّغير والكبير وإِكسابِ المهاراتِ واكتشافِ المواهب والملكات وحُسن التعامل مع المشكِلات والإسهام في تشخيصِها وحلِّها وبثّ روحِ التعاون والعمل الجماعيّ والمثمِر وتحمُّل المسؤوليّة وغَرس عُلوّ الهمّة وتكوين الاتِّجاهات الإيجابيّة نحو العمَل والتدريب والإتقان والابتِكار والتجديد بِطُرقٍ تقنيّة متقدِّمة والتدرُّب بأسلوبٍ مشوِّقٍ مبتَكَر والتّدريب على تقديم الخدمات العامّة والحِفاظ على المرافق وصيانة الممتَلَكات العامّة والخاصة والالتزام بالآدابِ العامّة والانخراط في دوراتٍ علمية وندواتٍ فكريّة تعلِّم أدبَ الحوار وحسنَ الاستماع للرّأي الآخر وحسنَ التعامل مع الآخرين وقبولَ الحقّ ممّن جاء به. مراكزُ وندَوات وحلقات ودورات تضمّ المئاتِ والآلاف منَ الفِتيان والفَتَيات، في مناشطَ وفعاليّات لا تقدِّمها المدارس والجامعات والمعاهِدُ، ولا يتضمّنها كتابٌ مدرسيّ ولا منهَج دِراسيّ. مراكزُ يكتشِف فيها الشابّ قدراتِه ومواهبَه ويجرِّب ملكاتِه وإمكاناتِه، يكتشِف كلَّ ذلك ويمارِسه على مرأَى ومسمَع من مشرفين ومعلِّمين ومدرِّبين وموَجِّهين موثوقِين مِن أهل الفضلِ والصّلاح والخِبرة والاعتدال والعِلم والاختصاص. نعم، إنهم معلِّمون وموجِّهون ومرشدون ومدرِّبون وعلماءُ مؤهَّلون علميًّا وعمليًّا وتربويًّا، وموثوقون في آرائِهم واعتدالهم وحُسن فهمِهم للأحوال والمتغيِّرات والظروفِ والمستجدّات. أيّها المسلمون، معاشرَ الإخوة، إنَّ الحقَّ والمصلحةَ والحِكمة وبُعد النظر والرؤية والروِيّة تقتضي مضاعفةَ هذه البرامج والتوسُّع فيها لتشمَلَ نشاطاتٍ وإبداعات لم تكن موجودةً ولا ممارسةً مِن قبل؛ مثل التعليم الفنّي والتدريب المهني وتعميقِ مفهوم التديُّن الصّحيح والمواطَنَة الصّالحة ومكافحةِ الإرهابِ وتصحيح المفاهيم وإزالة ما قد يلتبِس حول مفاهيمِ الجهاد والولاءِ والبراء وغيرِها من بعضِ المصطَلَحات والتحذير من الجفاءِ وضَعف التديُّن والمُيُوعة والانحلال؛ ليتربَّى النشء على ممارسةِ حياةٍ هادِئةٍ مستقِرّة ملِيئةٍ بالحيَوِيّة والجدِّية والنافِع المفيد، بعيدًا عن فضولِ النّظرات والكلِمات والتصرّفات، وحُسنِ استخدام المنجَزَات التقنيّة مِن هواتِف وحاسِبات وآلاف وأدواتٍ وشبكات معلومات، بل إنَّ هذه المراكزَ والدوراتِ من الممكِن أن تزيدَ في الإبداع والجاذبيّة والتجديد فتعمِّق وتدقِّق حتى تجعلَ من برامجها ومناشِطها ما يشمَل التوجُّه نحوَ ترشيدِ نشاطاتِ التسوّق والتنزّه والسياحةِ؛ لتجعلَ مِن كلّ ذلك متعةً عائليّة أو فردِيّة تعتمِد الانضباطَ والذوقَ الرفيع والخلُق الكريم والأدب الجمّ. أيّها المسلمون، إنّ من المأمول مِنَ الجامعات والمعاهدِ والقطاعات التعليمية والمهنية والتدريبيّة ومراكزِ خدمة المجتمع أن تعِدّ خُططًا محكَمَة لمراكزَ وبرامج ونشاطات تقدَّم للطلاب والشّباب، برامجُ تعينهم على مواجهةِ التحدّيات الكبرى في الفِكر والسلوك في الحاضِر والمستقبل، خططٌ حصينة محكَمَة تحُول دونَ وقوعِ هؤلاءِ النّاشِئَة ضحيّةَ أهوالٍ جِسام من الإرهابِ والتزمُّت والمخدِّرات والميوعةِ والتحلُّل والتفسّخ، تقيهم من غُثاءِ القنواتِ وشبكاتِ المعلومات وقرناءِ السوء والمقاهي الموبوءَة والاستراحاتِ المسوَّرة والشُّقَقِ المغلَقَة. هذا الغثاء الذي انساقَ إليه فِئاتٌ من الشّباب في غفلةٍ من المصلِحين والمسؤولين. كما ينبَغِي أن تفتحَ الأندِيَة الرياضيّة والأدبيّة أبوابَها وتستنفرَ طاقاتها وإمكاناتِها لترسمَ وتخطِّط وتستعدَّ لاحتواءِ الشبابِ في برامجَ جذّابةٍ نظيفة رياضيّة وثقافيّة واجتماعيّة ومهنيّة ومناشطَ سياحيّة منضبِطة، مع التّأكيد على ضرورةِ دَعم كلِّ هذه المرافِق بما تحتاجُه من دعمٍ مادّيّ ومعنويّ لتقومَ بهذه المهمّة العظيمة. إنّ الإنفاقَ على هذه المراكزِ والمعاهِد والأنديةِ والدورات والحلقاتِ والبذلَ السّخيّ مِن أجلها من أهمّ وجوهِ الإنفاق، يجب أن يتوجَّه إلى ذلك ويدعمَه الحكوماتُ ورجال الأعمالِ والقادرونَ النّاصحون المصلِحون. عبادَ الله، إنّ من الحكمةِ والعقل وحصافةِ الرّأي أن تُفتَحَ كلّ هذه الميادينِ وتُملأ بذوِي الفكرِ السوِيّ، تُفتَح الأبواب وتشرَع النوافِذ وتهبَّ التّيّارات والنّسائم لتطردَ الروائحَ الكريهة والأجواءَ الرّاكدة والترسُّباتِ الآسنةَ؛ ليدخلَ الهواءُ الطّيِّب والتّيّارات الصّالحة الزّكيّة. إنَّ من المؤكَّد أنّ هذا الفتحَ والانفِتاح هو سبيلٌ مستقيم لجلبِ كلِّ صالح ودفعِ كلّ سيّئ؛ ذلك أنّ ما يُنسَب مِن إساءاتٍ أو سلبيّات لبعض المنتسِبين لهذه المراكِز والدّورات أو المنخَرِطين فيها هي سلبياتٌ محدودَة موجودة في كلِّ مرفقٍ ومَنشط. يجِب النّظرُ والتدبّر: هل منَ الحكمة منعُ هذهِ الفعاليّات؟! وهل إذا مُنِعت أو أقفلَت سيكفُّ المسيئونَ عن إساءَتهم، أم أنهم سيَبحثون عن قنواتٍ ومجالات أخرى أكثرَ فاعلية وأشدّ أثرًا وتأثيرًا لسوئِهم في أجواء سريّةٍ وأماكنَ مغلَقَة في شُققٍ وخلَواتٍ برّيّة ومواقع بعيدةٍ عن الأنظار والمراقَبَة؟! إنَّ الانكفاءَ والحذَرَ السّلبيّ ما هو إلاَّ هروبٌ عن حلِّ المشكلة يزيد من انتشارها ويضاعِف في سلبيّاتها، بل يزيد من العتُوّ والتجبّر والانفِلات. إنَّ فتحَ هذه الأبوابِ خيرٌ من إغلاقها، وقَفلُ أبوابِ الخير من أجلِ فئةٍ قليلةٍ شاذّة ليس من الحكمة ولا من الرّشد، وهل المسؤول وصاحبُ القرار من العَجز وقلّةِ الحيلة أن يمنَعَ الكثرةَ الكاثرة من الخير من أجلِ فِئةٍ شاذّة لا يمنَع من سوئِها وإيذائها مثلُ هذه المواقف والقرارات. إن هذه القلّةَ الشاذّة يجب أن تواجَهَ في ميدانِ واضِحٍ فَسيحٍ. وبَعد: فإنّ كلمةَ الحقّ إن شاء الله أنّ هذه المراكزَ والبرامجَ والأندية وأمثالها سدودٌ ضخمَة أمام كلّ فكرٍ منحرِف أو توجّهٍ متطرِّف أو نهجٍ منحلّ، أمّا الأخطاء أو النقص فيظلُّ أمرًا بَشريًّا في كلِّ جهدٍ وعمَل، محكومًا عليه من قِبَل أفرادِه ومن باشرَه مِن مدرِّبٍ أو متدرِّبٍ أو معلِّم أو متعلِّم، ولا يكون حُكمًا على المشروعِ كلِّه أو على المنشأةِ كلِّها، فهذا ظُلمٌ وتعدٍّ ومجافاةٌ عن سبيلِ الحقّ والعدل. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]. نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم وبهدي محمّد ، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئةٍ فاستغفِروه، إنّه هو الغفور الرحيم. [1] أخرجه البخاري في الرقاق (6412) عن ابن عباس رضي الله عنهما. | |||
الخطبة الثانية: الحمد لله، وفّقَ من شاءَ مِن عباده لطاعته، ويسّر له سبيلَ توفيقه وهِدايتِه، أحمده سبحانه وأشكره أفاضَ علينا مِن فضله ومزيدِ نِعمته، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريك له في ألوهيّتهِ وربوبيّته، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محَمدًا عبد الله ورسوله المجتبَى مِن رسُلُه والمصطفى من خليقتِه، صلّى الله وسلّم وبارك عليه، وعلى الطيِّبين والطّاهرين من آلِه وذريّته، والغرّ الميامين من صحابته، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان وسار على هديه وسنّته، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أمّا بعد: فإنّ الذين يثيرون الشكوكَ والاتِّهاماتِ حولَ هذه المناشطِ والبرامج والمراكز والنشاطات الصّفِّيّة وغيرِ الصّفّيَّة لا يوردون دليلاً ولا بُرهانًا، فكلُّ ما يُثار هو تَضخيمٌ في العباراتِ وتهويل في التصوير واستنتاجاتٌ لا تستنِد إلى استدلالات وتوظيفٌ غيرُ حَسَن للظّروف وانتهازٌ غيرُ حميدٍ للأحداث. إنَّ المسلَكَ الحقّ وطريق الإنصاف الاستنادُ إلى الدلائِلِ والبراهين مِن خلال الزّيارات الميدانيّة وفَحص البرامج واستقراءِ الإحصائيات وغيرِها من وسائل الفحصِ والتحرّي؛ ولهذا فإنّ إقحامَ بعضِ التصرّفات المنكَرَة التي تصدُر من بعضِ الشّباب والفئات ثمّ تلصَق تُهَمًا جائرَة جاهزة لكلّ الأخيار والصّلَحاء وأعمالهِم وجهودِهم وعلى كلّ منهَجٍ صالح في الدين والتعليم والدعوة ظلمٌ وبهتان وجِناية. ألا فاحذَروا ـ رحمكم الله جميعًا ـ التّهَمَ وموارِدَ المهالك وسوءَ المسالِك، ولْيكُن مِن دنوِّ مواسِمِ الخيرات وأيّام النّفَحات باعثًا وهاديًا إلى محاسَبة النفس والسعي نحوَ الزكاء والطُهر، إنها أيّام شهرُ رمضانَ المبارك، يقدَمُه شهرُ شعبان، والذي كان يكثِر فيه نبيّكم محمّد من الصّيام حتى قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله يصوم شَعبانَ إلاَّ قليلاً، وفي رواية: لم أرَه صائمًا من شهرٍ قطّ أكثرَ من صيامه من شعبان[1]. غيرَ أنّ بعضَ الناسِ يعتقِدون في شعبانَ اعتقاداتٍ باطلةً، وبخاصّةٍ ليلة النّصف منه، فلهم فيها معتقداتٌ وعبادات مبتَدَعة، لا أصلَ لها من كتابٍ ولا سنّة؛ كتخصيصِها بدعاءٍ خاصّ أو بقراءاتٍ فرادى وجماعاتٍ أو تحديد سُوَر من القرآن بعَينها كسورة ياسين مرّةً بنيّة طولِ العمر ومَرّةً بنيّة دفعِ البلاء أو يخصّها بعمرة، فكلُّ ذلك ممّا لم يقُم عليه دَليل ولم يثبُت فيه نصّ. أمّا الصيام فمَن كان يصوم بعضَ شعبانَ أو كثيرًا منه أو يصوم أيّامَ البيض أو وافقَ يوم اثنين أو خميس فليصُمه على عادتِه واتباعًا للسنّة كما سبق في حديثِ عائشةَ وغيره. ألا فاتّقوا الله رحمكم الله، وليلتَزِمِ المسلم بالسنّة، وليجتَنِب مسالكَ البِدعة، فالبدعَة إحداثٌ في الدّين وتغييرٌ في الملّة وآصارٌ وأغلاَل تُضاع فيها الأوقاتُ وتُتعَبُ فيها الأجسادُ وتصرَف فيها الأموال واتّباعٌ لغير طريقِ رسول الله ، ينشَط الكَسول فيها ويعجَز عن السّنَن، ولا تكادُ تقام بِدعة إلاَّ وتهجَر سنّة، فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63]. هذا، وصلّوا وسلِّموا على الرّحمة المهداة والنّعمة المسداة نبيِّكم محمّد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم جلّ في علاه، فقال قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولك محمّد، وعلى آله وأزواجه وذرّيّته، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدرن... [1] أخرجه البخاري في الصوم (1969)، ومسلم في الصيام (1156) واللفظ له في الروايتين. |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 3
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | احترام الكبير | رقم الخطبة | 3864 |
الموضوع الرئيسى | الرقاق والأخلاق والآداب ، الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | مكارم الأخلاق ، قضايا المجتمع |
اسم الخطيب | عبد العزيز آل الشيخ | اسم المدينة | الرياض |
تاريخ الخطبة(هـ) | 18/7/1425 | اسم المسجد | جامع الإمام تركي بن عبد الله |
ملخص الخطبة: 1- غفلة المسلمين عن أخلاق دينهم. 2- حثّ الإسلام على احترام الكبار. 3- تحذير الشاب من الاغترار بقوته وفتوّته. 4- صور من ازدراء الصغار للكبار. 5- تأكد احترام ذي الشيبة من ذوي الأرحام. 6- تربية الأبناء على احترام الكبير. 7- خُلُق النبي . | |||
الخطبة الأولى أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى. عبادَ الله، في شريعتِنا الحنيفيّة السّمحة أخلاقٌ عالية وأدَبٌ عظيم وفضائلُ عِدّة، لكنّ المصيبةَ غفلةُ كثيرٍ من المسلمين عن هذه الأخلاقِ والِقيَم وتناسيهم لها وعدم عَمَلهم بها، فينشأ النشءُ من غير أن يقيمَ لتلك الأخلاق وزنًا، وكان المطلوبُ منا جميعًا أن نربِّيَ نشأنَا التربيةَ الإسلاميّة الصحيحة على الأخلاقِ الإسلامية والقِيَم الإسلامية التي يسعدُ بها الفَرد في حياته وآخرته. شريعةُ الإسلام جاءت بما يقوِّي الروابطَ بين أفراد المجتمَعِ صغيرِه وكبيره، غنيِّه وفقيره، عالِمِه وجاهِله. جاءت بما يقوِّي تلك الأواصرَ حتى يكون المجتمع المسلِم مجتمعًا مثاليًّا في فضائلِه وقِيَمه، وفي شريعة الله كلُّ خير وهدًى، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57]. أيّها المسلم، من تِلكُم الآدابِ العظيمة ما جاءت به الشريعةُ مِن حثِّ الصغار على احترامِ الكِبار وأمرِ الصّغار بإجلالِ الكِبارِ وتعظيمِهِم والرِّفقِ بهم وعَدمِ التّطاوُل عليهم أقوالاً وأفعالاً. هذه شريعةُ الإسلام تدعو المسلمَ إلى أن يكرِمَ أخاه المسلمَ الذي تقدَّمَه سِنًّا وسبقه في هذه الحياةِ، تدعوه إلى أن يحترمَه ويكرِمَه ويراعيَ له كِبَرَه وسابِقَتَه في الإسلام، فيجِلّ الكبيرَ ويحترمه، ويعرِف له قدرَه ومكانته، والكبيرُ مأمورٌ برحمةِ الصِّغار والعطفِ عليهم والرِّفق بهم والإحسانِ إليهم. هذه المنافعُ المتبادَلَة بين أفرادِ المجتمَعِ المسلِم تثبِّت أواصِرَ الحبِّ والوئام بين الجماعةِ المسلمة. أيّها المسلم، إنَّ نبيَّنا محمَّدًا حثَّنا على هذا الخلقِ الكريم ورَغَّبنا فيه، فأوّلاً: يبيِّن لنا نبيُّنا أنَّ مَن أحسن إلى الكبيرِ في الدنيا هيَّأ الله لذلك المحسِنِ عند كِبَر سنِّه ورقَّةِ عَظمه من يجازيه بهذا العمَلِ الصّالح، فيقول : ((مَا مِن مسلمٍ يكرِم ذا الشَّيبةِ إلاَّ قيَّض الله له من يكرِمه في سِنِّه))[1]، فإذا أكرمتَ ذا الكِبَر لسنِّه قيَّض الله لك في حياتِكَ من يجازيك بمثلِ ما عمِلتَ، فيكرمُك ويحسِن إليك. ونبيُّنا يخبرنا أنّ إكرامَنا لمن هو أقدمُنا سِنًّا أنّ ذلك من تعظيمنا لربِّنا وإجلالنا لربِّنا، يقول : ((إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين وحامِلِ القرآن غيرِ الغالي فيه والجافي عنه وذي السلطانِ المقسِط))[2]، فمن إجلال الله أن تكرمَ هؤلاء الثلاثة: ذو الشيبةِ من أهل الإسلام، تكرِمه، ترحَم كِبَره، تخاطبه بخطابٍ ليِّن، تقضي حاجتَه، تعينه على نوائِبِ الدنيا، تعرِف له كِبَره وضعفَ قوّته وعجزه عن التصرُّف، فكلُّ هذه الأمور تكون في فِكرِك، فتعامِل ذا الشّيبةِ المعاملةَ الطيّبة التي تنمّ عن رحمةٍ وأدَب حسَن. ثانيًا: من كان حامِلاً لكتابِ الله الحملّ الشرعيَّ، ليس غاليًا فيه، فإنّ الغالي في القرآنِ يخرج به غلوُّه عن المنهَج والطريق السويِّ كما خرج بفرقةِ الخوارج الذين ساءَ فهمُهم للقرآن وقَلَّ وعيُهم وإدراكهم حتى استحلّوا دِماءَ المسلمين، كفَّروهم واستحلّوا دماءَهم وأموالهم، والغالي في القرآن تراه متكبِّرًا على غيره مكفِّرًا لغيره معتقِدًا ضلالَ غيره بلا فِكرٍ ولا رَأي مُصيب، أو الجافي عنه الذي حمَله فعطَّل العملَ به ولم يقم بحقوقِه، عافانا الله وإيّاكم من ذلك. وذو السلطان المقسِط العادِل تكرمه لإمامتِه وقيامِه بشأن رعيَّته. أيّها الشابّ المسلم، في شبابِك حيويّة وقوّةٌ شبابيّة، ترى نفسَك وأنت ممتَّع بسمعك وبصرِك وسائرِ قوَّتك، يمرُّ بك ذو الشّيبة من المسلمين فما ترعى له حقًّه، لا تسلِّم عليه أحيانًا، ولا تقدِّر له قدرَه، وربما ضايقتَه في الطريق، وربما سخِرتَ منه، وربما استهزأتَ به، وربما عِبتَه، وربما قلتَ وقلت. أيّها الشابّ المسلم، ولئن كنتَ ممتَّعًا الآن بقوَّتك فتذكَّر بعد سنين وقد ضعُفت تلك القوّة وعُدتَ إلى ضعفِك القديم، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم:54]، لئن كان هذا المارُّ بك شيبةً قد أمضى سنينَ عديدة فاعلم أنّك بمضيِّ السنين ستكون حالُك مثلَ حالِه. إذًا فأكرِم ذا الشيبةِ، واعرف له قيمتَه ومكانته، إيّاك أن تستطيلَ عليه بلسانك احتقارًا له وسخريّةً به، إيّاك أن تترفَّع عليه لكونِك ذا علمٍ وفِقه وثقافة فترى ذا الشيبةِ أقلَّ شأنًا من ذلك، بل تزدريه وتحتقِره لعلمك وحيويَّتك ولكِبَره وقد يكون لجهله، إيّاك أن يغُرَّك جاهك أو يخدعَك منصِبك أو يغرّك كثرةُ مالك، فارفق بمن هو أكبرُ منك سنًّا ليدلَّ على الأدبِ الرفيع في نفسك. الأدبُ إخوتي الشباب، الأدب الإسلاميّ خُلُق يتخلَّق به المسلم، يقودُه لكلِّ فضيلة، وينأى به عن كلِّ رذيلة. أيّها الشاب المسلم، إنَّ نبيَّنا يروَى عنه أنّه أخبر أنّ إهانةَ الشيخ الكبيرِ والعالِمِ وذِي السلطان أنَّ إهانتَهم وعدَمَ احترامهم دليلٌ على ما في القلبِ من نفاق[3]، فارفق بذي السِّنّ أيّها الشابّ المسلم، وأكرم ذا السّنّ، أكرمه واحترِمه وأعطِه قدرَه، ألا ترى اللهَ جلّ وعلا يرغِّبك في أبويك عند كِبَر سنِّهما فيقول لك: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23، 24]؟! كم من شيخٍ كبيرٍ إن تحدَّث في مجلِسٍ نظر إليه الشّباب نظرةَ الازدِراء والاحتقارِ، يرَونَ كلامَه غيرَ صحيح، ويرَونَ رأيَه غيرَ صائب، ويعدّونه عِبئًا وثُقلاً عليهم، وما علِموا أنَّ هذا الذي أمضى عمرًا في طاعةِ الله وفي القيامِ بما أوجب الله أنّه أفضلُ وأعلى منهم منزلةً. أيّها الشابّ المسلم، نبيّنا يقول لنا: ((ليس منَّا من لم يوقِّر كبيرَنا ويرحَم صغيرَنا))[4]، ونبيّنا إذا تحدّث عنده اثنان في أمرٍ ما يبدَأ بأكبَرهما بالحديث ويقول: ((كبِّر كبِّر))[5]، يبدأ الأكبرُ قبلَ أن يبدأَ الأصغر. هكذا خلُق الإسلام، وهكذا رُبِّي المسلمون على هذه التربيةِ العظيمة، أن يحترِمَ صغارهم كبارَهم، وأن يرحَمَ كبارهم صغارَهم، وأن تتبادلَ المنافع بين الجميع ليكون المجتمع المسلم مجتمعًا مترابِطًا متعاونًا على الخير والتقوى. أيّها المسلم، لا سيّما رحمك، فالرّحِم لهم حقُّ الصِّلة، فكبارهم يجب أن تحترِمَه لرَحمِه أوّلاً ثم لكِبَر سِنّه ثانيًا، تقدِّره وتقدِّمُه وتربِّي الصغارَ على احترامِ الكبار، لا تدَع الصغيرَ يتخطَّى حدَّه، ولا تدع الصغيرَ يبسط لسانَه بالبذاءةِ أو السخرية، ولا تدع الصغيرَ يتقدَّم على الكبير، بل ألزِمهم الأدبَ الحسَن ليعرفَ بعضهم قدرَ بعض، وهكذا الأبناءُ أيضًا، أبناؤُك تربِّيهم على هذَا، ليكونَ صغيرهُم محترِمًا لكبيرهم، وليكن كبيرهم رفيقًا بصغيرهم، فإذا علِم الأبناء منك أنَّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر وتربّيهم على هذا الخُلُق نشؤوا وقد ألِفوا تلكمُ الأخلاقَ العالية، لكن مصيبتُنا للأسفِ الشّديد أنَّ كثيرًا من مجالِسِنا نرى صِغارًا في صدورِ المجالس وكِبارًا في أقصاها، ونرى شبابًا تستطيلُ ألسنتهم على الكبار، ونرى شبابًا لا يعرِف للكبير أيَّ قدرٍ ولا أيَّ مكانة، لا يرى له قدرًا، قد يلمِزه بجهله، وقد يلزمه بضَعف رأيه، وقد يلمزه بقِلّة علمه، وقد يلمِزه بعدَم نظافةِ ملبَسه، وقد وقد.. كلُّ هذه التّرَّهات لا يجب أن تحمِلك على إهانةِ الكبير، بل قدِّر الكبير وعظِّمه وأظهر لأولادك عندما يزورون معك رحِمًا أنّك تقدِّم الأكبرَ فالأكبر. وكم سلك هذا المسلكَ بعضُ من أريدَ لهم خيرٌ مِن أُسَرٍ كريمة، فلا تكاد تعرِف أعمارهم إلاَّ إذا رأيتَ الكبير متقدِّمًا على من دونه ولو كان الكبير أقلَّ مرتبةً ممن هو دونه، لكن يعرِفون للكِبَر حقَّه، ويجلّون الكبيرَ، ويتربَّى النشءُ على هذه الفضائلِ العظيمة. فكونوا ـ إخوتي ـ على هذا الأدبِ العظيم، ربُّوا أولادَهم على احترام الكبار، سواء من ذوي الرحم أو من ذي غَيرهم، وعلِّموهم الأدَبَ الحسن والقولَ الطيِّب في التعامل مع الآخرين، فتلك أخلاقُ الإسلام التي إن اعتنينا بها حقًّا نِلنا السعادةَ في الدنيا والآخرة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]. بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيهِ منَ الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولَكم ولسائِرِ المسلمينَ من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبُوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم. [1] رواه الترمذي في البر (2022)، والعقيلي في الضعفاء (4/375)، والطبراني في الأوسط (5903)، وابن عدي في الكامل (3/27، 7/279)، والبيهقي في الشعب (7/461) من حديث أنس رضي الله عنه بمعناه، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن بيان"، وضعفه أيضا الذهبي في السير (15/31)، وهو في السلسلة الضعيفة (304). [2] أخرجه أبو داود في الأدب (4843)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (8/163) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وحسنه النووي في رياض الصالحين (173)، وابن حجر في التلخيص الحبير (2/118)، والألباني في صحيح الترغيب (98). وقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد (357)، وابن أبي شيبة (6/421) عن أبي موسى موقوفا، قال ابن عبد البر في التمهيد (17/430): "وقد روي مرفوعا من وجوه فيها لين". [3] رواه الطبراني في الكبير (8/202) عن أبي أمامة بلفظ: ((ثلاثة لا يستخف بحقهم إلا منافق: ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم وإمام مقسط))، قال الهيثمي في المجمع (1/127): "رواه الطبراني في الكبير من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف"، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (7/245). [4] رواه أحمد (1/257)، والترمذي في البر (1921)، وعبد بن حميد (586)، والطبراني في الكبير (11/72، 449)، والقضاعي في مسند الشهاب (1203) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وصححه ابن حبان (458، 464). وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأنس بن مالك وأبي أمامة وعبادة بن الصامت جابر وواثلة بن الأسقع رضي الله عنهم. [5] رواه البخاري في الجزية (3173)، ومسلم في القسامة (1669) من حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه. | |||
الخطبة الثانية: الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التَّقوى. عباد الله، محمّدٌ سيِّد الأوّلين والآخرين كان في تعامُله مع أهله وغيرِهم على أكمَلِ خُلُقٍ وأعلى أدَب وأشرف معاملة، فصلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]. تذكُر عائشة أمُّ المؤمنين رضي الله عنها شيئًا من هذا فتقول: ما رأيتُ أحدًا أشبَهَ برسول الله سَمتًا ولا هَديًا مِنِ ابنتِه فاطمة رضي الله عنها، قالت: وكانت إذا دَخَلت على النبيِّ قام لها وقبَّلها وأخذ بيدِها وأجلسَها مجلِسَه، وكان إذا دَخَل عليها تقوم لأبيها النبيّ وتقبّله وتُقعِده في مجلسها رضي الله عنها وأرضاها[1]. ونبيُّنا يعلِّمنا أيضًا في أهمِّ شيء وهي الصلاة فيقول: ((ليَلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم))[2]، أي: ليكن من يلِي الإمامَ ذو الأحلام والنهى، ذو العلم والكِبَر في السن. أحَدُ الصحابة كان يصلِّي، فرأى مع أحدِ الصحابة ابنًا له فأخَّره عن الصفِّ الأول، وكأنّه رأى الأبَ قد تغيَّر، فقال: يا أخي، هذه سنّة محمّد [3]. إنَّ هذا الاحترامَ الصادِر من المسلمين بعضهم لبعض دليلٌ على الخيرِ في نفوسهم ودليلٌ على التربيةِ والتنشئَة الصالحة التي ترَبَّى عليها الأجيال التربيةَ النافعة، وما أحوَجَنا لهذه التربية النافِعَة التي تسود مجالسَنا وأماكنَ تجمُّعاتنا أن يكونَ الصغار يعرفون قدرَ الكبار ويجلّون الكبار، يقدِّمونهم مجلِسًا، ويقدِّمونهم جلوسًا، ويبدَؤون بهم، ويستشيرونهم، ويُصغون إليهم، ويورونهم التقديرَ والإجلال، هكذا أدَبُ الإسلام الرّفيع الذي إن تمسَّكنا به نِلنَا السعادةَ في الدنيا والآخرة. واعلَموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسَنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هَدي محمّد ، وشرَّ الأمور محدَثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النّار. وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على نبيكم محمّد كما أمَرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللهمّ عن خلفائه الراشدين... [1] رواه البخاري في الأدب المفرد (971)، وأبو داود في الأدب (5217)، والترمذي في المناقب (3872)، والنسائي في الكبرى (5/96، 392)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2969)، والبيهقي في الكبرى (7/101)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه ابن حبان (6953)، والحاكم (4732، 7715)، وهو في صحيح سنن أبي داود (4347). [2] أخرجه مسلم في الصلاة (432) عن أبي مسعود البدري وعن ابن مسعود رضي الله عنهما، وهما حديثان، وقد عُدّا في طبعة محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله حديثا واحدا. [3] ينظر من أخرجه. |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 4
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | اعدلوا بين أولادكم | رقم الخطبة | 3392 |
الموضوع الرئيسى | الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | الأبناء |
اسم الخطيب | عبد العزيز آل الشيخ | اسم المدينة | الرياض |
تاريخ الخطبة(هـ) | 10/11/1424 | اسم المسجد | جامع الإمام تركي بن عبد الله |
ملخص الخطبة: 1- فضل العدل. 2- نعمة الأولاد. 3- التفريق بين الأولاد ظلم. 4- مفاسد التفريق بين الأولاد. 5- من صور التفريق بين الأولاد. 6- حرص السلف على العدل بين الأولاد. 7- التحذير من حرمان البنات من حقهن. 8- لا مصلحة في التفضيل بين الأولاد. | |||
الخطبة الأولى أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى. أيّها المسلمون، لقد صحّ عن النبيّ أنّه قال: ((المقسِطون يومَ القيامة على منابرَ من نور عن يمين الرّحمن عزّ وجلّ وكلتا يديه يمين؛ الذين يعدِلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا))[1]. أيّها المسلم، العدلُ خلُق المؤمن، والمؤمِن متّصفٌ بالعدل، متخلِّق بالعدل، بعيدٌ كلَّ البُعد عن الظّلم، سواء في الأحكامِ التي يصدِرها، أو في تعامُله في ولايتِه، أو في تعامُله مع أولاده. فالعدلُ مطلوبٌ منه في كلّ أحواله، إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ [النحل:90]. فقد أمَر الله بالعدل ونهى عن الظّلم، فخلُق المؤمِن عدلٌ في كلّ أحوالِه، قليلِها وكثيرها، فلا ظلمَ ولا تعدِّي، ولكن عدلٌ وقِسط. وانظر مآلَ أهلِ العدلِ يومَ القيامة وأنّهم على منابرَ من نورٍ عن يمين الرّحمن، لماذا؟ لأنّهم عدَلوا في أحكامِهم، وعدلوا في ولاياتِهم، وعدَلوا في أهليهم. أيّها المسلم، فالعدلُ مطلوبٌ منك بَين أولادِك، فأحقّ النّاس بالعدل أولادُك الذين هم فلذةُ كبِدك، والذين أنعَم الله عليك بِهم، فإنّ الأولادَ نعمةٌ مِن نِعَم الله على العَبد، فهم بتوفيقٍ من الله امتدادٌ لحياته، يذكرون اسمَه، ويبقى اسمُه موجودًا ما دام الأولادُ موجودين، فهم ذِكرٌ له بعد موتِه، وحياةٌ ثانية له بعدَ مفارقتِه الدّنيا، فلذا أمِر بالعنايةِ بهم؛ بتربيّتِهم وتوجيهِهم وتأديبِهم بالآداب الحَسَنة حتى يكونوا عونًا له على كلّ خير وسببًا لسعادتِه في دنياه وآخرته. أيّها المسلم، الولدُ إذا أُحسِنَت تربيتُه وأُحسِن أدبه انتفَع في نفسِه، وانتفع به والداه، وانتفع به مجتمعُه، ولكن إذا أسيئَت التربيّة وأُسيءَ الأدَب فعند ذلك يشقَى الأبوان بهذا المولود، كما يشقى في نفسِه، ويشقى به مجتمعُه. أيّها المسلم، إنّ الله جلّ وعلا أخبرنا عن أنبيائِه المرسَلين وأنّهم طلبوا من ربِّهم العقِبَ الصالح، ها هو إبراهيم يقول: رَبّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينِ [الصافات:100]، وهذا زكريا يقول: رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوٰرِثِينَ [الأنبياء:89]، ويقول: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم:5، 6]، وهذا أيضًا إبراهيم عليه السلام يقول: رَبّ ٱجْعَلْنِى مُقِيمَ ٱلصَّلوٰةِ وَمِن ذُرّيَتِى [إبراهيم:40]. أيّها المسلم، إنّ الولدَ نعمة من الله على العَبد، يشكر اللهَ عليها، ويؤدّي حقَّ الأولاد عليه. أيّها المسلم، إنّ من ظلمِ الأولاد أن يفرّق الأبُ بينهم، وأن يبتعِد عن العَدل فيما بينَهم، فيظهر لهم محبّتَه لبعضهم وكراهيتَه لبعضهم، يميل مع هذا دونَ هذا، هذا يقرّبه ويدنيه ويهَب له الهباتِ ويذلِّل أمامَه الصِّعاب ويلبّي طلباتِه ويعطيه مِن أمر الدّنيا ما يعطيه، وأولئك أولادٌ قد أُبعِدوا وأُقصُوا وجُفوا وحُرِموا ولم يُعطَوا مثلَما أُعطِي إخوانهم، لماذا؟! ألستَ أبَ الجميع أيّها الأب؟! أليسوا جميعًا أولادَك؟! فلِمَ هذه التّفرِقة؟! ولم هذا التجنّي؟! ولِمَ هذا الظّلم والعدوان؟! أيّها الأب الكريم، فكِّر قليلاً في هذا التصرّف الخاطِئ، لتعلم أنّ النتائجَ نتائجُ سيّئة، عليك أوّلاً ثمّ عليهم. فعليك أوّلاً لأنّك عصيتَ الله فحابيتَ بعضَهم دونَ بعض، فارتكبتَ معصيةَ الله بظلمِك لهم وحرمانِك البعضَ وتفضيلِك للبعض، فأنتَ بهذا عاصٍ لله قبل كلّ شيء، ويومَ القيامة ترى مصيرَك السّيّئ، تلقى الله وأنت من الظّالمين. ثانيًا: تشقَى أيضًا في دنياك، فيعقّك أولئك الأولاد، ويجفونك، وتكون سببًا في عقوقِهم لك وقطيعتِهم لك ومعصيتهم لك وعدم رأفتهم بك؛ لأنّهم يرونَ منك القسوةَ والجفاء والغِلظة وسوءَ التصرّف. ثالثًا: ثمّ أولئك الأولاد الذين فضَّلتَ بعضَهم على بعض أوقدتَ بينهم نارَ العداوةِ، أشعلتَ بينهم الفِتنة، فرّقت قلوبَهم، مزّقتَ شملَهم، أحدثتَ بينهم القطيعةَ، تركتَهم متناحرين متقاطعين متباعدين، يبغِض بعضهم بعضًا، ويكرَه بعضهم بعضًا، فمَنِ المتسبِّب؟ ومَن الجانِي؟ إنّ الجاني أنتَ أيّها الأب، إذا لم تتَّق الله فيهم، إذا لم تعدِل بينهم، فإنّ النتائجَ السيّئة أنت تحمِل أوزارَهم؛ أوزارَ قطيعتِهم وتناحُرهم وشِقاقهم. أيّها الأب الكريم، إنّ مِن توفيق الله لك أن تعدِل بين أولادِك، وأن تُظهِر لهم جميعًا أنّ منزلتَهم منك منزلةٌ واحدة، ولا فضلَ لبعضِهم على بعض، لا تُظهر لهم تفضيلَ بعضِهم بأيّ سبب. أيّها الأب الكريم، قد تتعلَّل وتقول: هذا ابنٌ يسمَعُ ويطيع، هذا بارّ بي، وأولئك بعيدون عنّي، وأولئك لم أنتفِع بهم، وأولئك وأولئك... نعَم قد يكون مِن بعض الأولاد شيءٌ مِن هذا، وهذا ليسَ بمستبعَد، لكن هل الخطأ يُعالجَ بالخطأ؟! وهل القطيعة تُعالَج بالقطيعة؟! لأنّك إذا فضّلت بعضَهم فقد زِدتَ في القطيعة والبغضاء، أمّا إذا عدلتَ بينهم فإنّ عدلَك بينهم بتوفيقٍ من الله يقرّب قلوبَهم، ويجمَع شتاتَهم، ويحبّب بعضَهم إلى بعض، ثمّ هم ينظُرون إليك في المآل نظرَ الاحترام والتّقدير والإكرام، ويبرّون بك ويحسِنون إليك، وإن حصل ما حصَل فالمآل إلى خيرٍ بتوفيقٍ منَ الله. أيّها المسلم، إنّ نبيّنا نبيّ الرحمة الذي قال الله في حقّه: وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ [الأنبياء:107]. نبيّ الرّحمة أرشدَ الآباءَ إلى الطريق السَّويّ، وحذّرهم من الظلم والعدوان. أتاه بشير بنُ سعد أبو النّعمان بن بشير يقول: يا رسولَ الله، إنّ أمَّ هذا طلبَت منّي أن أنحلَ ابنَها نحلة وأشهدُك عليها، فماذا قال ؟ وجّه السؤالَ إلى هذا الأب قائلاً: ((أكلّ ولدِك أعطيتَهم مثله؟)) هل هذه العطيّة شملت كلَّ الأولاد؟ قال: لا، قال: ((أُتحبُّ أن يكونوا لك في البرّ سواء؟!)) قال: نعم، قال: ((فلا إذًا))[2]، فإذا كنتَ ترجو أن يكونَ برُّهم جميعًا لك سواءً فلماذا تفضِّل بعضهم على بعض؟! وفي لفظٍ أنه قال له: ((ألَه إخوة؟)) قال: نعم، قال: ((أكلاًّ أعطيتَ؟)) قال: لا، قال: ((فاسترجِعها))[3]، وفي لفظٍ قال له: ((لا تشهِدني على جَور))[4]، وفي لفظ قال له: ((إنّي لا أشهَد إلا على حقّ))[5]، وفي لفظ قال له: ((أشهد على هذا غيري))[6]، يعني: إذا كان الرسولُ امتنَع عن الشهادةِ وطلبَ أن يكونَ غيره الشهيدَ ممّا يدلّ على قُبح ذلك التصرّفِ وقُبح ذلك العَطاء، وأنّ النبيَّ امتنع عن الشهادة عليه لفسادِه وظلمِه وجوره، وهو أبعدُ الخَلق عن الظلمِ والجور، وأحرصُهم على العَدل والإحسان. أيّها الأب الكريم، إنّ هناك خطأً من بعضِ النّاس؛ إمّا تفضيل بعض الأولاد بأيّ صورةٍ كان هذا التفضيل، حينًا يعطيه عطيّةً، وحينًا يجعلها في صورةِ بيعٍ ونحو ذلك، والله يعلم أنّه ما قصد البيعَ، ولكن قصدَ الهِبةَ، لكن يُخرجها مخرجَ البيع لأجل التّغطية على البقيّة، وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ [البقرة:220]. أيّها الأب الكريم، قد يحمِلك على التفضيل أحيانًا جفاءُ بعضهم كما سبق، وقد يحمِلك أحيانًا حبُّك لأمّ بعضِهم وكراهيتك لأمِّ بعضهم، فتجعل حبَّك لإحدى الزوجات مسوِّغًا لأن تُغدِق على أولئك وتحجب أولئك، فإن أردتَ العدلَ فاتّق الله فيهم، وما في نفسِك من ميولٍ إلى بعضِهم لا تجعل هذا الميولَ ظاهرًا، اكتُمه في نفسك، وأمّا في الظاهر فأظهِر لهم أنّهم منك سواء، ولا فضلَ لبعضهم على بعض، لا في المجالِس، ولا في إصدارِ الكلام، ولا في التّخاطب، ولا في الزّيارة، ولا في كلّ شيء، اجعَل الجميعَ يشعرون أنّك الأب الحَنون الرّحيم الشفيق عليهم، كلٌّ يجِد في نفسِه أنّك كذلك. وإذا أردتَ وصيّةً أيضًا بعد الموت فانظر العدلَ في الوصيّة، ولا تجعلها لأحدٍ لمصلحةٍ ما، ولكن اجعَل الأمر لمَن يصلح لها وهو أهلٌ لها، مع إبراءِ ذمّتك وتوضيحِ تلك الوصيّة وما فيها حتّى لا يكونَ أحدٌ أفضلَ مِن أحد. أيّها الأب الكريم، إنّ سلفنا الصّالحَ التزموا هذا الأدبَ النبويّ في العدل بين أولادهم، حتّى قال بعض التابعين: كانوا يعدِلون بين الأبناء الصّغار في القُبَل، يعني: إذا قبّل الابنَ الصغير قبّل الآخرَ مثلَه حتّى لا يشعرَ هذا بأنّ هذا أفضلُ منه. إنّ غرسَ الفضائل في النفوس وتدريبَ الأبناء على الأخلاق وتنشئَتهم على الصلةِ والمحبّة أمرٌ بيَد الله ثمّ بيدِك أيّها الأب، فإمّا أن تفارقَ الدنيا والأولادُ كلّهم يقولون: رحمَ الله أبانا، غفر الله لأبينا، جزَى الله أبانا خيرًا، لقد ربّانا وأحسَن إلينا، وخلّف لنا من الخير ما ننعَم به، فكلٌّ يدعو لك ويترحّم عليك. و إمّا أن ترحلَ من الدنيا وذا يقول: لعَن الله ذلك الأب، وقطع الله ذلك الأب، وأراحَنا الله من ذلك الأب؛ لأنّ حبَّ الدّنيا متمكِّن في النّفوس، حبّ الدنيا بليّة والله يقول: وَلاَ يَسْـئَلْكُمْ أَمْوٰلَكُمْ ؤإِن يَسْـئَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَـٰنَكُمْ [محمد:36، 37]. فالدّنيا تحدِث البغضاءَ والقطيعة؛ لأنّ الدنيا وسيلة من وسائِل إبليس ليُغويَ بها من يشاء مِنَ الخلق. فيا أخي المسلم، اتّق الله في أبنائك تقوًى تحمِلك على العدلِ والبُعد عن الظلم. أيّها المسلم، إنّ الله جلّ وعلا أعدلُ العادلين قسَم المواريثَ بين العباد، فقال: يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِى أَوْلَـٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ ٱلأنْثَيَيْنِ [النساء:11]، ثم قال: ءابَاؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا [النساء:11]. بعضُ الآباء أحيانًا قد ينظر إلى البناتِ نظرَ الاحتقار، لماذا؟ يحاوِل أنّ البنات لا نصيبَ لهنّ، الأولاد يزوّج هذا ويعطِي هذا مسكَنًا وهذا كذا وهذا كذا، والبنات قد لا يَنلنَ من نصيب أبيهنّ إلاّ القليل، يحاول في حياته توزيعَ التّركةِ وتخصيصَ الذكور، والإناث يقول: هؤلاء مع أزواجٍ آخرين، ينتقِل مالي إلى أولادِ الناس؟! فتراه يحاول جاهدًا حجبَ البنات، وإن لم يستطِع حجبهنّ ميراثًا، لكن في التصرّفاتِ في الحياة ما يدلّ على إرادةِ حرمانهنّ كثيرًا من الحقوق، وهذه معصيةٌ لله؛ لأنّ اللهَ قسَم الميراثَ بين الذكور والإناث، ثمّ ختمها بقوله: تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَـٰلِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء:13، 14]. فالبناتُ لهنّ حقٌّ في الميراث، ومَن حاول حرمانَهنّ أو تجزئةَ الأموال بالوقف والوصايا لأجل أن لا ينال البنتَ شيء ويعلم الله ذلك من نيّته فإنّه ظالمٌ ومسيء ومخطئٌ وعاصٍ لله ورسوله. لا يجوز للمسلم أن يتصرّف تصرُّفًا يعلَم الله من نيّته أنّ إرادتَه حرمان البناتِ وتقليل أنصبتهنّ والحيلولة بين أن يأخذنَ حقَّهنّ المشروع. فليتّق المسلم ربَّه، وليعلم أنَّ البرَّ والصّلةَ أسبابُ خيرٍ، من بدأ بها وسنّها في أولادِه اقتدَوا به وتخلَّقوا بأخلاقِه، وإن أحدَث بينهم القطيعةَ والعداوةَ وأشعل نارَ الفتنة بينهم فإنّه المتحمِّل لتلك الأوزار. أسأل الله لي ولكم الثباتَ على الحقّ والاستقامةَ عليه. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوٰلِدَيْنِ وَٱلأقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء:135]. بارك الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم. [1] أخرجه مسلم في الإمارة (1827) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. [2] هذه الرواية أخرجها مسلم في الهبات (1623) عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما. [3] هذه الرواية أخرجها البخاري في الهبة (2586)، ومسلم في الهبات (1623) عن النعمان رضي الله عنه نحوه. [4] هذه الرواية أخرجها البخاري في الشهادات (2650)، ومسلم في الهبات (1623) عن النعمان رضي الله عنه. [5] هذه الرواية أخرجها مسلم في الهبات (1624) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. [6] هذه الرواية أخرجها مسلم في الهبات (1623) عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما. | |||
الخطبة الثانية: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، والزَموا العدلَ فإنّ في العدلِ بركةً ورحمة. أيّها المسلم، لا تظنَّ التفضيلَ سيزيد مالَ المفضَّل، فربَّما فضَّلتَ بعضَهم فأنزل الله المحقَ في مكسَبه، ونزعَ البركة ممّا نال، فعاد فقيرًا بعدَ غِناه. إخوانُه يدعون عليه ويبغِضونه ويمقتونه ويدعون عليك وعليه، كلّما نظروا إلى أموالِه وهي كثيرةٌ ولأنفسهم ولم يُعطَوا شيئًا فإنّهم يدعون عليه ويَرَونَه ظالمًا لهم ويرونَك ظالمًا لهم، فكم من دعوةِ مظلوم تصيبُ ذلك الظالمَ، وتمحَق بركة رزقه. فاتّق الله يا أخي، واعدِل في أولادك، والله جلّ وعلا هو الغنيّ الحميد، وكلّ الخلقِ فقراء لله، إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا [النساء:135]. فالرّزق بيد الله، والبركةُ فيما بارك الله فيه، لا في ظلمِك وجورِك وسوءِ تصرّفِك. فاتقوا الله عبادَ الله، والزَموا آدابَ الإسلام، ففيها الخيرُ لكم في الدّنيا والآخرة. واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنَّ أحسنَ الحديثِ كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النّار. وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله كما أمركم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. اللهمّ صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، اللهمّ ارضَ عن خلفائه الراشدين... |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 5
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | الإسراف والتبذير | رقم الخطبة | 3585 |
الموضوع الرئيسى | الرقاق والأخلاق والآداب ، الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | مساوئ الأخلاق ، قضايا المجتمع |
اسم الخطيب | خالد بن عبد الله بن محمد المصلح | اسم المدينة | عنيزة |
تاريخ الخطبة(هـ) | اسم المسجد | جامع العليا | |
ملخص الخطبة: 1- عواقب الإسراف والتبذير. 2- وسطية الأمة المحمدية. 3- الأدلة على حرمة الإسراف والتبذير من الكتاب والسنة. 4- مظاهر الإسراف والتبذير. | |||
الخطبة الأولى أما بعد: أيها المسلمون، فإن الإسراف والتبذير داء فتاك يهدد الأمم والمجتمعات، ويبدد الأموال والثروات، وهو سبب للعقوبات والبليات العاجلة والآجلة. فمن ذلك ـ يا عباد الله ـ أن الإسراف سبب للترف الذي ذمه الله تعالى وعابه وتوعد أهله في كتابه, إذ قال تعالى: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:41-45]. قال ابن كثير رحمه الله: "كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم". فإياكم ـ يا عباد الله ـ أن تكونوا من المترفين، فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة. أيها المؤمنون، التبذير والإسراف سبب يؤدي بصاحبه إلى الكبر وطلب العلو في الأرض، قال : ((كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة))[1]. فالحديث يدل على أن الإسراف قد يستلزم المخيلة وهي الكبر، فإن الكبر ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه، كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6، 7]. عباد الله، إن الإسراف والتبذير يؤدي إلى إضاعة المال وتبديد الثروة، فكم من ثروة عظيمة وأموال طائلة بددها التبذير وأهلكها الإسراف وأفناها سوء التدبير. فاتقوا الله عباد الله، فإن الله نهاكم عن إضاعة المال، ففي حديث المغيرة قال: سمعنا رسول الله يقول: ((إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)) رواه البخاري[2]. والإسراف إضاعة للمال وتخوُّض فيه بغير حق، قال : ((إن رجالاً يتخوَّضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة))[3]، وهذا كما قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ [غافر:43]. عباد الله، إن الإسراف سبب من أسباب الضلال في الدين والدنيا، وعدم الهداية لمصالح المعاش والمعاد، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر:28]، وقال سبحانه: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ [الزخرف:5]، وقال سبحانه: كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [يونس:12]. أيها المؤمنون، إن من عقوبة الله تعالى للمسرفين أن جعلهم إخوانًا للشياطين، فقال سبحانه: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:26، 27]. فاتقوا الله عباد الله، وذروا ظاهر الإثم وباطنه، واعلموا أن الإسراف يشمل جميع التعديات التي يتجاوز بها العبد أمر الله وشرعه، سواء كان ذلك في الإنفاق أو في غيره. فتوبوا ـ عباد الله ـ من الإسراف كله، فإن الله دعاكم إلى ذلك فقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ [الزمر:53، 54]. فاتق الله يا عبد الله، وتب إلى الله من التفريط والتقصير، وأعدَّ للسؤال جوابًا، فإن الله سائلك عن هذا المال: من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ [1] أخرجه الحاكم في المستدرك (7188) وصححه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا به. [2] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة (1477)، ومسلم في كتاب الأقضية (593). [3] أخرجه البخاري في فرض الخمس (3118) من حديث خولة الأنصارية رضي الله عنها. | |||
الخطبة الثانية: أما بعد: عباد الله، اتقوا الله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعلموا أن تقوى الله تعالى لا تتم للعبد إلا بالأخذ بمكارم هذه الشريعة وفضائلها علمًا، وامتثالها في الحياة واقعًا وعملاً. أيها المؤمنون، إن من فضل الله تعالى علينا أن شرع لنا دينًا قيمًا وجعلنا بين الأمم أمةً وسطًا، وسطًا في الأحكام والشرائع، ووسطًا في الآداب والفضائل، فالحمد لله على ذلك كثيرًا كثيرًا، وشكرًا له بكرة وأصيلاً. عباد الله، أيها المؤمنون، إن من معالم تلك الوسطية المباركة ما ذكره الله تعالى في كتابه عند ذكر صفات أحبابه والخلَّص من عباده، قال تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67]، أي: كانوا في نفقاتهم الواجبة والمستحبة على العدل والوسط، لا وَكسَ ولا شَطَطَ، فعباد الرحمن هم الحكماء العدول في نفقاتهم، لا يتجاوزون ما حده الله وشرعه، ولا يقصرون عما أمر به وفرضه. أيها المؤمنون، إن الناظر في أحوال كثيرٍ من الناس اليوم يرى ويشهد غياب هذه الخصلة عن جوانب عديدة من حياة الناس، فكم هم الذين تورطوا في الإسراف والتبذير في جميع الشؤون والأمور, إسراف في المآكل والمشارب, إسراف في الملابس والمراكب, إسراف في الشهوات والملذات. أيها المؤمنون، إن الله جل وعلا قد نهى عن الإسراف والتبذير في آيات كثيرة، فقال تعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141]، وقال جل ذكره: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:26-27]، وقال سبحانه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29]، وقال تعالى: وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ [غافر:43]. وقد نهى النبي عن الإسراف في الأمر كله، فنهى عن الإسراف في المآكل والمشارب والألبسة، بل ونهى عن الإسراف في الصدقات، فقال في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ((كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة)) رواه أحمد وغيره بسند جيد[1]. وقد نهى عن الإسراف في الوضوء، ففي النسائي وابن ماجه أن النبي توضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد عن هذا فقد أساء وتعدى وظلم))[2]. قال الإمام البخاري رحمه الله: "كره أهل العلم الإسراف فيه ـ أي: في الوضوء ـ وأن يجاوزوا فعل النبي ". عباد الله، إن الله جل وعلا أنعم عليكم نعمًا عظيمة كثيرة, فكان من ذلك أن أغناكم بعد فقر، وأطعمكم بعد جوع، وهداكم بعد ضلالة، وفتح لكم من أبواب الخير وسبل الرزق ما لم يكن لكم على بال. فاشكروا الله تعالى على ذلك حق شكره، واعلموا أن ذلك كله لا يغنيكم عن فضله ومنّه. أيها المؤمنون، إن ما تصاب به النفوس عند الغنى وكثرة العرض ووفرة المال التجاوز والطغيان، قال الله تعالى: كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى [العلق:6، 7]. وصدق الله العظيم فإنه لما فُتح علينا من الدنيا ما فتح وتوالى على كثير منا النعم اغترّ فئام من الناس بهذا الطيف العارض والظل الزائل، فطغوا وتجاوزوا حدود الله تعالى؛ فأسرفوا وبذروا وتخوضوا في مال الله بغير حق، فظهر في حياة الناس مظاهر الإسراف والتبذير. فمن هذه المظاهر ومن تلك المعالم التي تورّط فيها كثير من الناس اليوم الإسراف في المآكل والمشارب، فترى من الناس من يجتمع على مائدته من ألوان الطعام وصنوف الشراب ما يكفي الجماعة من الناس، ومع ذلك لا يأكل إلا القليل من هذا وذاك، ثم يلقي باقيه في الفضلات والنفايات، فليت شعري أنسي هؤلاء المسرفون أم تناسوا أن من الناس أمَمًا يموتون جوعًا، لا يجدون ما يسدّون به حرارة جوعهم ولظى عطشهم؟! أم نسي هؤلاء قول الله تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8]؟! قال ابن القيم رحمه الله: "والنعيم المسؤول عنه نوعان: نوع أخذ من حله وصرف في حقه فيسأله عن شكره، ونوع أخذ بغير حله وصرف في غير حقه فيسأل عن مستخرجه ومصرفه". أيها المؤمنون، إن من معالم التبذير في حياة الناس اليوم الإسراف في المراكب والملابس والمساكن، فتجد أقوامًا تحملوا الديون العظيمة وأرهقوا ذممهم وشغلوها ليحصل أحدهم على السيارة الفلانية أو الثوب الفلاني أو المسكن الفاخر والبيت الفاره، تكاثرٌ وتفاخر، سفَه في العقل وضلال في الدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون. أيها المؤمنون، إن من الإسراف المذموم ما يفعله كثير من حدثاء الأسنان أو سفهاء الأحلام من إضاعة الأوقات وتبديدها في الملاهي والملذات والشهوات؛ فتجد الواحد من هؤلاء يصرف عمره وخاصة نشاطه وفكره ووقته في لهو ولعب وسهر وتسلية، لا في عمل دنيا ينتفع به، ولا في عمل آخرة ينجو به، غفلة وطيش، ضلال وزيغ، ضياع لمصالح المعاش، وذهاب لمصالح المعاد، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. عباد الله، إن من الإسراف والتبذير الإسراف في استخدام المرافق الحيوية التي تقوم عليها حياة الناس اليوم من ماء وكهرباء ونحو ذلك؛ فالماء الذي هو أرخص موجود وأعز مفقود يهدر بالكميات الكبيرة الهائلة بلا عتاب ولا حساب، وكأننا نعيش على ضفاف أنهار لا تتوقف وآبار لا تنضب، غفلة وإهمال، تبذير وإساءة استعمال، ولا شك أن الواقع المرير الذي نعيشه يخالف ما جاءت به شريعة أحكم الحاكمين، فإن النبي نهى عن الإسراف في الماء، ولو كان استعماله في عبادة فضلاً عن غيرها. فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا جميعًا رعاة ورعية على ترشيد هذا الأمر، فإن قلة المياه وشُحّهَا أحد التحديات الكبرى لكثير من دول العالم اليوم، فإن لم نكن على وعي بهذا الأمر يوشك أن نقع فيما لا تحمد عقباه. أيها الإخوة الكرام، أما الإسراف في الكهرباء فذاك أمر قلّ من ينجو منه، فكم هم الذين يضعون في بيوتهم أو متاجرهم أو مجالسهم من الإضاءة أو التكييف ما يزيد على حاجة المكان، وكم هم الذين لا يطفأ لهم نور في ليل أو نهار. فاتقوا الله أيها المؤمنون، فإن الله ورسوله ينهيانكم عن ذلك. عباد الله، إن من أعظم التبذير أن تستعمل المال الذي تفضل الله به عليك في معصية الله تعالى، فالله جل وعلا ينعم عليك ويتفضل وأنت تخالفه وتحاده، قال الله تعالى: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء:26، 27]. قال قتادة رحمه الله: "التبذير: هو النفقة في معصية الله وفي غير الحق وفي الفساد". |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 6
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | الأسرة في الإسلام | رقم الخطبة | 2062 |
الموضوع الرئيسى | الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | قضايا الأسرة |
اسم الخطيب | عبدالباري الثبيتي | اسم المدينة | المدينة المنورة |
تاريخ الخطبة(هـ) | 15/4/1422 | اسم المسجد | المسجد النبوي |
ملخص الخطبة: 1- الأسرة نواة المجتمع. 2- اهتمام الإسلام بالأسرة. 3- الأسس التي تقوم عليها الأسرة. 4- أسباب تفكك الأسرة. 5- رسالة الأسرة المسلمة ووظائفها. 6- دعاة تحديد النسل. 7- مسؤولية الأسرة المسلمة. 8- نتاج الأسرة المسلمة. 9- الحملات على الأسرة المسلمة. 10- الاستعداد لقيادة الأسرة. 11- حقيقة القوامة. | |||
الخطبة الأولى أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]. الأسرة المسلمة نواة المجتمع الصالح، فصلاح الفرد من صلاح الأسرة، وصلاح المجتمع بأسره كذلك من صلاح الأسرة. اهتم الإسلام اهتماماً لا مزيد عليه بشأن الأسرة، وأُسُسِ تكوينها، وأسباب دوام ترابطها، لتبقى الأسرة المسلمة شامخة يسودها الوئام، وترفرف عليها المحبة، وتتلاقى فيها مشاعر المودة والرحمة، قال تعالى: وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]، ولتعيش الأسرة المسلمة وِحْدة شعور ووِحدَة عواطف قال تعالى: هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ [البقرة:187]. بيَّن القرآن للأزواج أن كلا منهما ضروري للآخر ومتمم له، قال تعالى: هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189]، ولا يتصور أن تقوم حياةٌ إنسانية على استقامة إذا هُدمت الأسرة، والذين ينادون بحلّ نظام الأسرة لا يريدون بالبشرية خيراً، وقد كانت دعوتهم ولا زالت صوتاً نشازاً على مرّ التأريخ. تقوم الأسرة على أساس التفاهم، وتمارس أعمالها بتشاور، ويبني حياتها على التراضي، هذا بيان قرآني بليغ يجلي هذه المبادئ السامية؛ فعند رضاع الأولاد، وفطامهم ولو بعد الانفصال يقول تعالى: وَٱلْوٰلِدٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَاد أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ، إلى قوله: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:233]. الأسرة التي تروم السعادة، وتبحث عن الاستقرار، تبني حياتها على أسس راسخة، أبرزها رعاية واحترام الحقوق بين الزوجين، المعاشرة بالمعروف، فتح آفاق واسعة من المشاعر الفياضة، ليتدفق نبع المحبة وتقوى الرابطة، وهنا يجد الأزواج السكن النفسي الذي نصّ عليه القرآن. بمثل هذا الرسوخ تؤمّن الأسرة من التصدّع، وإذا نشأ خلاف فإن المحبة الصادقة والمودة ستذيبه. إن الحكيم الخبير علم أن النفس قد تثور فيها أحياناً وفي أجواء الخلاف مشاعر الكراهية، فيجد الشيطان ضالته المنشودة لهدم كيان الأسرة، فكان التوجيه القرآني لتنقية المشاعر وليعود للحياة صفاؤها، وللأسرة بهاؤها، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19]، ولذلك قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "أي فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهية فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة"[1]. قد يجني الجاهل على نفسه، ويدمّر حياته بطوعه واختياره، حين يستبدل المحبة والمودة والرحمة بالعناد والتحدي، وهذا نذير شؤم، وبداية تصدع، ولا يدمر الأسرة شيء كما يدمرها العناد والتحدي. فالخلافات الصغيرة تصبح بالعناد كبيرة، والخلافات الكبيرة تغدو باللين والصبر صغيرة. كم نسمع ونشاهد تصدّع أسر وهي في مهدها، ولما يكتمل نباؤها، نتيجة لهذه الاعتبارات. وقد قرر كثير من الباحثين أن التفكك الأسري سببٌ رئيس في انحراف الأهداف والسلوك من طريق الجنوح، ولهذا فإن الأسرة مطالبة بحماية نفسها قبل حدوث الشقاق، ولا يخفى أن الحياة لا تصفو دائماً، بل هي معرضة للسراء والضراء. كل شيء في هذا الكون مهما صغر شأنه له حكمة ويؤدي وظيفة، فما رسالة الأسرة المسلمة؟ للأسرة المسلمة في المجتمع المسلم وظائف، أهمها: إقامة حدود الله، وتطبيق شرعه ومرضاته بتأسيس البيت المسلم، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229]، تكثير نسل الأمة المسلمة، قال : ((النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم)) [أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها][2]. تكثير النسل قوة للأمة، وعزةٌ، وحسن ذكر بعد الموت. ودعاة تحديد النسل لا يرومون للأمة الخير، وحججهم الواهية تدل على أنهم قد أصيبوا بانهزامية نفسية مع ضعف يقين وتوكلٍ على الله. إعداد النسل المسلم وتربيته من وظائف الأسرة، بل هي المدرسة الأولى التي يتلقى الولد في جنباتها أصول عقيدته، ومبادئ إسلامه، وقيمه وتعاليمه، ولا يقوم مقامها دور الرعاية والخادمات، فالطفل الذي يرضع حليب أمه، ويرضع معه حنانها ودفأها لن يساويه ذلك الطفل الذي يعيش بين أكناف المربيات والخادمات، دون عطف ولا رعاية ولا حنان ولا مشاعر. الأسرة المسلمة مسؤولة أمام الله عن تنشئة الأبناء على الإسلام، فهل تمارس أسرنا اليوم رسالتها التربوية؟ هل هي من القوة والمكانة والرسوخ ما يؤهلها لمقاومة العلمنة والتغريب؟ هل يجلس أفراد الأسرة على موائد القرآن أم على مشاهد العصيان؟ هل يتلقى أولادنا في بيوتنا التذكرة النافعة، والعظة الرشيدة، والآداب الرفيعة؟ إن أي تقصير أو إخفاق في قيام الأسرة بدورها التربوي ستكون له عواقب وخيمة على سلوك الأبناء والبنات، ومن ثم على المجتمع في بنائه وفكره وأمنه. القيام بالواجبات الأسرية أمانة سيسأل عنها الزوجان يوم القيامة، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)) [أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما][3]. من الأمانة تطهير البيت من المنكرات، وإلزام أهل البيت بالفرائض والواجبات، وحثهم على الفضائل والمستحبات. من الأهداف الرئيسة لأسرتك أيها المسلم إقامة رابطة قوية بين أبناء الأسرة والمسجد، ذلك أن المسجد في حياة المسلم جوهريّ وأساس، والتردد على المسجد عمل تربوي جليل القدر، عميق الأثر، يغرس في النفوس الفضائل والقيم والآداب. لقد استطاعت الأسرة المسلمة التي قامت على الإيمان بالله، وتمسكت بأخلاق الإسلام، وتعقلت بالمساجد، استطاعت بنور القرآن أن تخرّج للحياة أبطالاً شجعاناً، وعلماء أفذاذاً، وعباداً زهاداً، وقادة مخلصين، ورجالاً صالحين، ونساء عابدات، كتبوا صفحة تأريخ مجيدة في حياة المسلمين. وهي اليوم تواجه حملة شرسة لزعزعة أركانها، وإلغاء كيانها، بفكّ رباط الأسرة، وإفساد أخلاق المرأة، ونبذ قيم الأسرة، والدعوة الى العهر والاختلاط والإباحية. وإذا تحطمت الأسرة، هل يبقى ثم أمة؟! وإن بقيت، فهل ستكون إلا على هامش الحياة؟! لقد تفككت عرى الأسرة في بعض بلاد المسلمين نيتجة السقوط في حمأة التقليد الأعمى للغرب، والانسياق وراء كل نحلة ترد منه، فكثرت حالات الطلاق، وتدمرت الحياة، وأضاع المجتمع، وعزف كثير من الشباب عن الزواج، تبع ذلك انطلاق محموم وراء الشهوات البهيمية. إن الدور القادم - عباد الله – دور خطير ومؤثر، فقد أسهمت التغيرات الاجتماعية في تقليص دور الأسرة، واستولت أجهزة البث الفضائي وغيرها على وقت الأسرة، وأثرت في مسارها، وخلخلت قيمها، ففقدت الأسرة في بعض المواضع تأثيرها، وشيئاً من فاعليتها. إن هذه الأجهزة وغيرها، زاحمت الأسرة في توجيه الأبناء والبنات، داخل المعقل الحصين بجاذبية مدروسة، وغزو مستور ومكشوف، لتقطع صلتهم بأمتهم، وتضعف عقيدتهم، وتنسف غيرتهم. لكن المؤلم حقاً أن بعض الأسر قد تخلت عن دورها في مهمة التربية العقدية والفكرية، وأسلمت أولادها لأجهزة البث الفضائي وغيرها، تصنع ما يحلو لها من هدم ومكر. إخوة الإسلام: بناء الأسرة على الوجه السليم الرشيد ليس أمراً سهلاً، بل هو واجب جليل يحتاج إلى إعداد واستعداد، كما أن الحياة الزوجية ليست لهواً ولعباً، وليست مجرد تسلية واستمتاع، بل هي تبعات ومسؤوليات وواجبات، من تعرض لها دون صلاح أو قدرة كان جاهلاً غافلاً عن حكمة التشريع الإلهي، ومن أساء استعمالها أو ضيّع عامداً حقوقها استحق غضب الله وعقابه، ولذلك ينبغي أن يكون الإنسان صالحاً لهذه الحياة، قادراً على النهوض بتبعاتها، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. [1] تفسير القرآن العظيم (1/442). [2] أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح [1846]، وفي سنده عيسى بن ميمون وهو ضعيف، وله شواهد تقوية، انظر : التلخيص الحبير (3/116-117). [3] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [853-البغا-]، ومسلم في كتاب الإمارة [1829]. | |||
الخطبة الثانية: الحمد لله ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ [الأعلى:2-3]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ [النجم:3-4]. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل الخير والوفا. أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. إخوة الإسلام: إن حياة الأسرة حياة عمل، وللحياة أعباؤها وتكاليفها، لذا فهي تحتاج إلى ربّان[1] يوجه حركتها ويشرف على سلامتها، هذه القيادة يسميها القرآن قوامة، وهي من نصيب الرجل، والرئاسة ليست للاستعباد والتسخير، وإنما هي رئاسة إشراف ورعاية، لا تعني إلغاء شخصية الزوجة وإهدار إرادتها أو طمس معالم المودة والألفة في الأسرة. لقد هيأ الله المرأة لوظائف وأحالها لأدائها، وهيأ الرجل لوظائف وأحاله لأدائها، بحكم التكوين الجسدي والنفسي والاجتماعي، فإذا تحوّلت القوامة من الرجل إلى المرأة كلّفت المرأة ما لا تطيق، وانحرفت الأسرة عن مسارها. إن سلب الرجل قوامته على زوجته وأسرته ليعرّض الأسرة لمتاعب ومشكلات، إن هناك فروقاً بين الرجل والمرأة تجعل كلا منهما صالحاً لأداء وظيفته التي هيئ لها دون سواها، وإن أي انتقاص من مفردات هذه القوامة سيضر بالأسرة، ثم بالمجتمع كله، والذين ينادون بسلب الرجل قوامته، إنما هم أصحاب هوى وهوس، وهم سفهاء لأنهم يتحدون شرع الله تبارك وتعالى. إن القوامة أيها المسلم تعني أن رب الأسرة مسؤول عن كل ما يوفر سلامة الأبدان والأديان، يجنّب الأسرة مصارع السوء، يجنب الأسرة طرق الانحراف، يعطي من نفسه القدوة المثلى في الوقوف عند حدود الله وتعظيم شعائر دينه، مع سعة صدر وحسن خلق، فهو كالراعي الذي يحمي الحمى. رب الأسرة – عباد الله – مطالب بالتوازن بين مهام العمل والعبادة والتفرغ لمهام الأسرة، ليعطي كل ذي حق حقه ؛ حق الزوجة، حق الأولاد، رعاية الأسرة، التربية. وإذا كان رب الأسرة عاجزاً عن توفير الوقت الذي يجتمع فيه مع نفسه أو بأفراد أسرته، يوجههم، يحدثهم، يستمع إليهم، يربيهم، يهذب أخلاقهم، إذا كان عاجزاً عن توفير هذا الوقت فسيندم ولات حين مندم. عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله : ((يا عبد الله بن عمرو، بلغني أنك تصوم النهار، وتقوم الليل، فلا تفعل فإن لجسدك عليك حظاً، ولعينك عليك حظاً، وإن لزوجك عليك حظاً، صم وأفطر، صم من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صوم الدهر)) [أخرجه البخاري ومسلم] [2]. |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية
admin- المدير العام
- مساهمة رقم 7
رد: موسوعة الخطب
عنوان الخطبة | الإسلام بين الثوابت ودعاوي التطوير | رقم الخطبة | 2449 |
الموضوع الرئيسى | العلم والدعوة والجهاد ، الأسرة والمجتمع | الموضوع الفرعى | محاسن الشريعة ، المرأة |
اسم الخطيب | عبدالباري الثبيتي | اسم المدينة | المدينة المنورة |
تاريخ الخطبة(هـ) | 22/1/1423 | اسم المسجد | المسجد النبوي |
ملخص الخطبة: 1- اتصاف الإسلام بالثبات والخلود والمرونة. 2- ثوابت الإسلام. 3- مظاهر عنصر الثبات في الأمة. 4- كثرة الدعوات إلى التغيير والتطوير والتقدم. 5- معنى التطور وحقيقته. 6- الدين الحق لا يمنع التطور النافع. 7- التطوير الحق. 8- التطوير الباطل. 9-ما وراء هذه الدعوة. 10- الأهداف التي ينبغي مراعاتها في كل تقدم. 11- مأساة فلسطين. | |||
الخطبة الأولى أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]. إن الإسلام الذي ختم الله به الشرائع والرسالات السماوية أودع الله فيه عنصر الثبات والخلود وعصر المرونة، وهذا من واقع الإعجاز في هذا الدين، وآية من آيات عمومه وخلوده وصلاحيته لكل زمان ومكان. فمن الثوابت التي لا تقبل التطوير ولا الاجتهاد ولا الإضافة مسائل الإيمان والعقائد، فصفات الله سبحانه والملائكة والجنة والنار واليوم الآخر وعذاب القبر وغير ذلك من مسائل الغيب لا تقبل الإضافة مطلقاً. والصلوات من فرائض ونوافل لا تجوز الزيادة فيها على المشروع، فلا جديد على الصلاة والصوم والزكاة والحج. ومن الثوابت في حياة الأمة المحرمات اليقينية من السحر وقتل النفس والزنا وأكل الربا وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات والسرقة والغيبة والنميمة. ومن الثوابت أمهات الفضائل من الصدق والأمانة والعفة والصبر والوفاء بالعهد والحياء. ومن الثواب أن الإسلام قد حرص على إقامة مجتمع العفاف والطهر، وقضى على انحرافات الجاهلية، فمنع الاختلاط ودواعيه، وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية ومصافحتها، وحث على غض البصر، وأمر بلباس شرعي ساتر للمسلمة. ومن الثوابت الأحكام القطعية في شؤون الأسرة والمجتمع التي ثبتت بالنصوص المحكمة، مثل إباحة الطلاق وتعدد الزوجات وإيجاب النفقة على الزوج وإعطائه درجة القوامة على الأسرة، فلا يسوغ لأحد تقييد الطلاق وتقييد تعدد الزوجات والدعوة إلى الاختلاط وترك الحجاب بحجة تحرير المرأة والتمدن والتحضر والاستنارة. ومن الثوابت أن مبادئ ومناهج وأساليب التربية مستقاة من شريعة الله، والتي من شأنها أن تصوغ كل جيل يعتنقها من أجيال البشرية صياغةً ربانية، تكفل له السعادة. ومن الثوابت أن الرجل والمرأة في ميزان الإسلام جناحان لا تقوم الحياة ولا ترقى إلا في ظل عملية مواءَمة بينهما، فالله خلق المرأة للمهمة ذاتها التي خلق من أجلها الرجل، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. المرأة في ميزان الإسلام كالرجل، فرض الله عليها القيام بالتكاليف الشرعية، لها أن تتعلم ما ينفعها من علوم الدنيا والآخرة. ومن الثوابت أن الخالق جل وعلا زوّد كلاً من الرجل والمرأة بخصائص تتوافق والمهمة التي يقومان بها، وجعل فروقاً بينهما، فالمرأة تختلف عن تكوين الرجل في بنائها الجسمي وتكوينها الجسدي، ومما تتميز به خصائص الأنوثة سرعة الاستجابة، رقة العاطفة، غلبة الحياء، كثرة الخجل، قلة التحمل، والظروف الطارئة الطبعية، اقتضت حكمة العليم الخبير ذلك، لتؤدي دورها المرسوم في الحياة بما يتلاءم مع فطرتها، والزجّ بها في الميادين الخاصة بالرجل انتكاسة للفطرة ومصادمة للواقع خِلقةً وحكماً وشرعاً. عنصر الثبات يتجلى في رفض المجتمع المسلم للعقائد والمبادئ والأفكار والقيم والشعارات التي تقوم عليها المجتمعات الأخرى غير المسلمة؛ لأن مصدرها غير مصدره، وجهتها غير وجهته، وسبلها غير صراطه، ولذلك حرص رسول الله على تميّز المسلمين في كل شؤونهم عن مخالفيهم، فتميّز المجتمع المسلم أمر مقصود للشارع. من الثوابت أن الإسلام لا يمكن تجزئته، فلا بد أن يؤخذ كله كما أمر الله، عقيدةً وعبادة، أخلاقاً ومعاملةً، تشريعاً وتوجيهاً. الإسلام ليس مجرد عقيدة بلا عبادة وعمل، وليس عبادة بلا أخلاق، أو أخلاقاً بلا تعبد، وليس عقيدة وعبادة وأخلاقاً بلا تشريع ونظام يسود الحياة. نتحدث عن الثوابت في حياة الأمة لأننا في عصر حفل بألوان من العلوم والمعارف راجت فيه مفاهيم متنوعة وتصورات مختلفة، عصرٌ يموج بالأحداث الجسام والأطروحات المستجدة، وبرز التأثير فاعلاً، فقد التقى العالم مشرقه بغربه، وجنوبه بشماله، ولا يكاد يمر يوم ولا تمر ساعة بل ولا تمر لحظة لا يُذكر فيها لفظ التغيير والتقدم والتطور، من أقصى الأرض إلى أقصاها الآخر، وغدت قضية التطوير القضية كبرى في حياة المسلمين. التطور هو التحول من طور إلى طور، وفي القرآن الكريم قال تعالى في سورة نوح: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً [نوح:14]. والتطور لغوياً هو الانتقال من طور إلى آخر، وقد يكون من سيئ إلى حسن أو العكس. وفي عصرنا اختلط مفهوم التطور بفكرة الارتقاء إلى الأفضل، فصار التطور يعني التقدم. أما في ميزان الإسلام فالتغير والتطور والتقدم معان قد تكون باتجاه الأحسن، وقد تكون باتجاه الأسوأ، فهذه البنية الجسدية مثلاً في سن الكهولة تستمر في تطورها نحو الشيخوخة ثم الموت. إن الدين الحق ـ عباد الله ـ لا يمكن أن يقف ضد التطور النافع السائر في إطار الشريعة، ولهذا لا عجب أن تجد الإسلام يحث على العلم النافع والعمل والحركة، لا عجب أن نجد كتاب الإسلام الخالد يحدثنا في قصة آدم عليه السلام عن العلم، وفي قصة نوح عن صناعة السفن، وفي قصة داود عن إلانة الحديد، يحدثنا عن التخطيط الاقتصادي في قصة يوسف، وعن صناعة السدود في قصة ذي القرنين، ويقرّ الرسول نتائج الملاحظة والتجربة في شؤون الحياة كما في مسألة تأبير النخل فيقول: ((أنتم أعلم بأمور دنياكم))[1]. هذا هو الإسلام، لا يعوق سير الحياة، ولا يؤخر نموها، بل فيه الدافع الذي يحفز على السعي والحركة مع الضمان أن تضل أو تنحرف عن الطريق. إن التحديث الحق والتطور النافع هو السعي للتقريب بين واقع المجتمع المسلم في كل عصر وبين المجتمع النموذجي الأول الذي أنشأه رسول الله ، يكون ذلك بإحياء مفاهيم ذلك المجتمع وتصوراته للدين، يكون ذلك بإحياء مناهج في فهم النصوص وبيان معانيها، يكون ذلك بإحياء مناهج في تدوين العلوم والتعلم واقتباس النافع الصالح من كل حضارة وتنقية المجتمع من شوائبها. أما مفهوم التحديث والتجديد الخاطئ فهو ذلك المفهوم الذي يقدَّم فيه الإسلام خليطا من مبادئ غير المسلمين. إن مما أرهق المسلمين وأساء إلى الإسلام هو الانحراف مع دعوى التطوير في ثوابت الدين، وركائز الإسلام في العقيدة والقيم، مما ينتهي بالأمة لو استجابت لها إلى الانسلاخ من العقيدة والتحلل من الأخلاق والذوبان في الثقافات البشرية الأخرى. والأدهى ـ عباد الله ـ أن يُنظر إلى ما له صلة بالدين وهدي المرسلين أنه رجعي قديم يجب التحلل منه لمسايرة ركب الحضارة ـ زعمواـ. إن من رجع بأفكاره وعقيدته إلى الجيل الأول لا يُعد رجعياً، بل هو مسلم صادق يطلب الطهر والعفاف، وهنا تتبين مسألة شرعية أن رمي المسلمين بالرجعية لأنهم تمسكوا بشريعة رب العالمين ردّة عن الإسلام. إذا كان التقدم والتطور والتغير على زعمهم نبذ الخلق والفضيلة وتسهيل مسلك الرذيلة فبئست هذه التقدمية، فليس كل تقدم محموداً. والتقدم نحو السلب والنهب والعري والخمر والفسق والفجور، التقدم لنبذ الفضيلة وارتكاب الرذيلة لا يُعد محموداً، التقدم نحو تهييج الشهوات وإثارة الأهواء وتقوية النفس الأمارة بالسوء تقدم نحو الدمار والهلاك. فقضية التقدم تكشفه غاية مسيرته، فإن كانت الغاية سعادة وخيراً كان التقدم فضيلة وعقلاً، وإذا كانت الغاية شقاء وشراً كان التقدم رذيلة وجهلاً. من الأمور المنكرة ـ عباد الله ـ تحت شائر التقدم والتطور والتنوير تبرير قيم غير المسلمين باسم سماحة الإسلام وتطوير الإسلام وانفتاحه أو تطوير الشريعة الإسلامية، ولا ريب أن باب الاجتهاد مفتوح للعلماء المجتهدين الربانيين فحسب، إلا أن هناك قواعد كلية لا يجوز الاجتهاد فيها، وأصولاً ثابتة لا تتغير بتغير الزمان. كل الأمم تبتغي الرقي والنجاح، ولخصوصية الأمة الإسلامية فإن نجاحها ورقيها بمستجدات العصر العلمية والعملية لا يكمن في أنها استطاعت أن تفعل ما يفعله الآخرون، وإنما في قدرتها على الانفتاح على الآخرين، مع ضبط حركتها على الكتاب والسنة، وتحقيق واجب الاتباع، مع صياغة و[تأطير] ما تقتبسه بما يلائم خصوصيتها، فتعطي الأولوية للدين على الدنيا، وللمبدأ على المنافع الدنيوية، وللجوهر على المظهر، وللنمو الإيماني على النمو المادي، فنحن لا شيء بلا عقيدة، وأساس التطور النافع والتقدم الصحيح ترسيخ العقيدة والقيم والأخلاق، وهذا يعني أن نُعدّ المسلم التقي النقي المتعلم؛ لا الإنسان المتساهل بشأن المحرمات، المضيع للواجبات، الذي ينطلق في علمه وتعلمه بلا ضوابط ولا أطر شرعية، ونُعِدّ المسلمة التقية النقية المتعلمة في محضن يعتزّ بالحجاب، ويأبى الاختلاط، وتصان فيه كرامتها، ويُكرم عفافها، ويحفظ عرضها، بتربية وتعليم ومناهج تتلاءم مع فطرتها وأنوثتها. فهي جوهرة مكنونة، ودرة مصونة، هي أم، هي زوجة، هي صانعة رجال ومربية أجيال. إن قيمنا الراسخة المستمدة من الكتاب والسنة هي الضمان الأوحد لإعداد جيل المستقبل، وإن البعد عن الصراط المستقيم تنكُّب للطريق، حتى لو قلنا: إنه مسايرة لطبيعة العصر الحديث. هناك فرق شاسع في المفهوم الانفتاحي على الآخرين وتبعية الأمة، ذلك أن عزة الأمة تأبى التبعية كي لا تذوب في المجتمعات الأخرى، وتتبع أهواءها، ولا تقلدها ولا تتشبه بها، فتفقد بذلك أصالتها وشخصيتها المتميزة، فيضيع الدين والدنيا معاً. أليس قد أنيط بهذه الأمة مهمة إنقاذ البشرية من سُعار الحضارة المادية؟! إنها لن تستطيع ذلك إذا أصابها هي من شررها وشرورها ما أصاب الآخرين من أدواء المادية والإباحية. أليست هذه الأمة مطالبةً بأن تقدم البديل للحضارة المعاصرة؟! إنها لن تستطيع ذلك إذا هي قلدت غيرها، واتخذتها مثلَها الأعلى، واتبعت سننها شبراً بشبر وذراعاً بذراع. أي نمو وتقدم للمجتمعات المسلمة يُعدّ محموداً إذا كان يحقق الأهداف الأساسية لحياة المسلم، وأبرزها: العبادة لله رب العالمين، خلافة الله في الأرض، عمارة الأرض. وبقدر ما يحقق الإنسان هذه المقاصد أو الأهداف يُعد تقدمه حقاً ونافعاً، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْء وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَٱذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِى ٱلأرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون [الأنفال:20-26]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. [1] أخرجه مسلم في الفضائل (2363) من حديث عائشة وأنس رضي الله عنهما. | |||
الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، أحمده سبحانه وأشكره ولي الصابرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى. حين نتحدث عن فلسطين والأقصى نجد أنفسنا أمام مأساة تعجز الكلمات عن وصفها، اختلطت فيها العبرات بالعبارات. عم نتحدث؟ عن شعب أعزل يواجه مجزرة جماعية بشعة، أم عن أقصى ينتهك، أم عن صمت عالمي، أم عن حقوق مضيَّعة، أم عن أمة مخدّرة، أم عن إرهاب أهوج لا مثيل له. إن المؤامرة على المسجد الأقصى وفلسطين أولى القبلتين مسرى رسوله أصبحت حقيقة واقعة ظاهرة للعيان، تتسارع خطواتها يوماً بعد يوم، بل لحظة بعد لحظة. وكل مسلم مطالب بأن تكون له سُهمةٌ في إيقاظ الأمة، كل مسلم مطالب بأي عمل يخدم قضية القدس والمسجد الأقصى، ورفع الظلم عن الشعب المسلم، ودعم صمود المسلمين في فلسطين والقدس. ومع ذلك نعلم يقيناً أن قضية فلسطين لن تموت؛ لأنها عقيدة في قلب كل مسلم، فهل سمعتم أو هل قرأتم عن عقيدة يحملها في قلبه ألف مليون يمكن أن تموت؟! إن الناس يموتون في سبيل العقيدة وما ماتت عقيدة من أجل حياة إنسان. القدس وفلسطين أرض الإسراء والمعراج بذل فيها المسلمون دماءهم وتضحياتهم، وقدموا ملايين الشهداء منذ فجر الإسلام، وما زالوا. وإنك لتعجب اليوم لتلك البسالة المستميتة والمقاومة العنيدة والتضحية البليغة، فئةٌ مؤمنة وفتية صابرة وهبت حياتها وكل ما تملك لقضيتها، وهي من بشائر النصر التي نرقبها تشرق من رحم المأساة. |
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء
Instagram @abadelight Facebook abadelight Twitter abadelight
إذاعة قف وناظر الحلقة الاولى المستشار احمد العمراوي
https://youtu.be/Svg-h3zWmPg
#مجلة_قف_وناظر #مجلة_لايت_نيوز_ستار #مجلة_فاشن_سوبر_قف_وناظر #مجلة_فن_اوروبا #مجلة_قف_وناظر_الطبية
#قف_وناظر #اكسبلور_فولو #قف_وناظر_الطبية
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#كسبلور2020 #عمان #قف_وناظر #أزياء_سلطانة_التقليدية #السعوديه #دبي #اكسبلور #اكسبلورر
#اكسبلور_explore #الامارات #الحُب #سفيرة_رواد_الاعمال_مروة_البلوشية #عبدالرحمن_بن_موسى
#اذواق_مختلفة #فرقة_لوجينيا_العمانية