الناس مختلفون في هذا فمنهم من يكون بعد الجماع أقوى محبة وأمكن وأثبت مما قبلة ، ويكون بمنزلة من وصف له شيء ملائم فأحبه ، فلما ذاقه كان له اشد محبة واليه اشد اشتياقا ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عروج الملائكة الى ربهم انه سبحانه يسألهم عن عباده وهو أعلم بهم فيقولون :إنهم يسبحونك ويحمدونك ويقدسونك فيقول : وهل رأوني ؟ فيقولون : لا ، فيقول:
فكيف لو رأوني ؟ فتقول الملائكة : لو رأوك لكانوا أشد تسبيحا وتقديسا وتحميدا ثم يقولون : ويسألونك الجنة فيقول : وهل رأوها ؟ فقولون : لا ، فيقول : فكيف لو رأوها ؟ فتقول الملائكة : لو رأوها لكانوا أشد لها طلبا وذكر الحديث 0 ومعلوم ان محبة من ذاق الشيء الملائم وعدم صبره عنه اقوى من محبة من لم يذقه ، بل نفسه مفطومة عنه ، والمودة التي بين الزوجين والمحبة بعد الجماع اعظم من التي كانت قبله 0 والسبب الطبيعي ان شهوة القلب ممتزجة بلذة العين ، فإذا رات العين اشتهى القلب فإذا باشر الجسمَ الجسم اجتمع شهوة القلب ولذة العين ولذة المباشرة ، فإذا فارق هذه الحال كان نزاع نفسه إليها اشد ، وشوقه إليها اعظم كما قيل :
اعانقها والنفس بعد مشوقة *** إليها وهل بعد العناق تداني
والثم فاها كي تزول صبابتي *** فيشتد ما القى من الهيمان
ولم يك مقدار الذي بي من الجوى *** ليشفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفي غليله *** سوى أن أرى الروحين تمتزجان.
الفريق الثـــاني :
ورات طائفة ان الجماع يفسد العشق ويبطله او يضعفه ، واحتجت بأمورمنها :
ان الجماع هو الغاية التي تطلب بالعشق فما دام العاشق طالبا فعشقه ثابت ، فإذا وصل الى الغاية قضى وطره ، وبردت حرارة طلبه ، وطفئت نار عشقه 0 قالوا : وهذا شأن كل طالب لشيء اذا ظفر به ، كالظمآن اذا روي والجائع اذا شبع ، فلا معنى للطلب بعد الظفر 0 ومنها : انه قبل الظفر ممنوع والنفس مولعة بحب ما منعت منه كما قال :
وزادني كلفا في الحب ان منعت *** احب شيء الى الانسان ما منعا< قالوا : وكانت الجاهلية الجهلاء في كفرهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا وكانوا يصونون العشق عن الجماع ، كما ذكر ان اعرابيا علق امراة فكان ياتيها سنين وما جرى بينهما ريبة ، قال : فرايت ليلة بياض كفها في ليلة ظلماء فوضعت يدي على يدها فقالت : مه لا تفسد ما صلح فانه ما نكح حب الا فسد 0
وزعم بعضهم انه كان يشترط بين العشيقة والعاشق ان له من نصفها الأعلى الى سرتها ،، ينال منه ما يشاء من ضم وتقبيل ورشف ، والنصف الأسفل يحرم عليه ، وفي ذلك قال شاعر القوم :
فللحب شطر مطلق من عقاله *** وللبعل شطر ما يرام منيع
وقيل لبعض الأعراب : ما ينال احدكم من عشيقته اذا خلي بها ؟ قال : اللمس والتقبيل
وما يشاكلها 0 قال : فهل يتطاولان الى الجماع ؟ فقال : بأبي وامي ليس هذا بعاشق
هذا طالب ولد 0
الخـلاصة :
الخطاب بين الفريقين ان الجماع الحرام يفسد الحب ، ولا بد ان تنتهي المحبة بينهما الى المعاداة والتباغض كما هو مشاهد بالعيان ، فكل محبة لغير الله آخرها بغض
فكيف لو رأوني ؟ فتقول الملائكة : لو رأوك لكانوا أشد تسبيحا وتقديسا وتحميدا ثم يقولون : ويسألونك الجنة فيقول : وهل رأوها ؟ فقولون : لا ، فيقول : فكيف لو رأوها ؟ فتقول الملائكة : لو رأوها لكانوا أشد لها طلبا وذكر الحديث 0 ومعلوم ان محبة من ذاق الشيء الملائم وعدم صبره عنه اقوى من محبة من لم يذقه ، بل نفسه مفطومة عنه ، والمودة التي بين الزوجين والمحبة بعد الجماع اعظم من التي كانت قبله 0 والسبب الطبيعي ان شهوة القلب ممتزجة بلذة العين ، فإذا رات العين اشتهى القلب فإذا باشر الجسمَ الجسم اجتمع شهوة القلب ولذة العين ولذة المباشرة ، فإذا فارق هذه الحال كان نزاع نفسه إليها اشد ، وشوقه إليها اعظم كما قيل :
اعانقها والنفس بعد مشوقة *** إليها وهل بعد العناق تداني
والثم فاها كي تزول صبابتي *** فيشتد ما القى من الهيمان
ولم يك مقدار الذي بي من الجوى *** ليشفيه ما ترشف الشفتان
كأن فؤادي ليس يشفي غليله *** سوى أن أرى الروحين تمتزجان.
الفريق الثـــاني :
ورات طائفة ان الجماع يفسد العشق ويبطله او يضعفه ، واحتجت بأمورمنها :
ان الجماع هو الغاية التي تطلب بالعشق فما دام العاشق طالبا فعشقه ثابت ، فإذا وصل الى الغاية قضى وطره ، وبردت حرارة طلبه ، وطفئت نار عشقه 0 قالوا : وهذا شأن كل طالب لشيء اذا ظفر به ، كالظمآن اذا روي والجائع اذا شبع ، فلا معنى للطلب بعد الظفر 0 ومنها : انه قبل الظفر ممنوع والنفس مولعة بحب ما منعت منه كما قال :
وزادني كلفا في الحب ان منعت *** احب شيء الى الانسان ما منعا< قالوا : وكانت الجاهلية الجهلاء في كفرهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا وكانوا يصونون العشق عن الجماع ، كما ذكر ان اعرابيا علق امراة فكان ياتيها سنين وما جرى بينهما ريبة ، قال : فرايت ليلة بياض كفها في ليلة ظلماء فوضعت يدي على يدها فقالت : مه لا تفسد ما صلح فانه ما نكح حب الا فسد 0
وزعم بعضهم انه كان يشترط بين العشيقة والعاشق ان له من نصفها الأعلى الى سرتها ،، ينال منه ما يشاء من ضم وتقبيل ورشف ، والنصف الأسفل يحرم عليه ، وفي ذلك قال شاعر القوم :
فللحب شطر مطلق من عقاله *** وللبعل شطر ما يرام منيع
وقيل لبعض الأعراب : ما ينال احدكم من عشيقته اذا خلي بها ؟ قال : اللمس والتقبيل
وما يشاكلها 0 قال : فهل يتطاولان الى الجماع ؟ فقال : بأبي وامي ليس هذا بعاشق
هذا طالب ولد 0
الخـلاصة :
الخطاب بين الفريقين ان الجماع الحرام يفسد الحب ، ولا بد ان تنتهي المحبة بينهما الى المعاداة والتباغض كما هو مشاهد بالعيان ، فكل محبة لغير الله آخرها بغض