العنكبوت -29-
طالعنا علماء عصرنا من سنوات ليست بالبعيدة, بمعلومات مذهلة عن حشرة العنكبوت, فهو ليس مجرد حشرة قبيحة المنظر تافهة حينا ومخيفة حينا آخر, وبيتها ليس مجّرد خيوط مقرفة نحرص على إزالتها من بيوتنا, بل لعلمائنا رأي آخر!!!! فعين التدقيق والتمحّيص أذهلتهم بكونه تفوّق على عظام المهندسين وعلماء الرياضيات!!!!.
من المشاهدة العينية, نلحظ أن العنكبوت يبني بيته بحجم يزيد آلاف المرات حجمه الطبيعي بدون استخدام أيّة وسيلة للبناء, فأدواته هي لعابه وأطرافه المتعددة, وفي هذا قمّة التحدي للبشر, فنحن عندما نبني ما يزيد عن أحجامنا نحتاج لكمّ هائل من العلوم والدراسات وكمية ضخمة جدا لمواد بناء وروافع وخلافه, فنحن لم نصل إلى عظيم البناء إلا بعد أحقاب من العلوم المتراكمة, في حين هذه الحشرة المقيتة, لا تزال ومنذ الأذل تعمل منفردة صامتة!!!.
ومن عظيم القدرة الإلهية, أن أعطت للعنكبوت مادة لاصقة في لعابه بحيث يحرّك خيوطه الرفيعة جدا دون تشابك أو ضياع, بل على العكس, أظهر العلماء أن هذه الخيوط تتشابك وفق منظومة هندسية بديعة التوازن والدقّة, ويلزمنا لتقليده لعدد كبير جدا من المعادلات الرياضية المعقدة والتي لم ندركها إلا من مدّة قريبة!!!!!.
وهذا التفوق تحقق بما أعطاها الله تعالى من مقوّمات للحياة غاية في العظمة, ورغم هذا نجد أن الله تعالى يصف بيتها أنه (أوهن البيوت),/41/, (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ), فما سبب هذه المفارقة الغريبة؟؟؟؟.
علماء الحشرات, فصّلوا وتوسّعوا في سلوك العنكبوت فهو كائن انعزالي أناني لا يحترم العلاقات ( الأسرية , الأمومة, المجتمع المتكافل), فمجتمع العنكبوت لا يناظر مجتمع النحل أو النمل, بل على العكس تماما, من ناحية هو لا يذهب يسعى لرزقه, بل يقبع منتظرا فريسته بالمرور فوق شبكته تلك وموادها اللاصقة كفيلة بأسرها!!!!, ومن ناحية أخرى, لا نجد للعناكب تراتبية قيادية (ملك مثلا) بل نجد الأقوى (عادة يكون الأنثى) لا تتورع عن التهام صغارها أو ذكرها عند الجوع, فالعناكب لا ترعى صلة رحم ولا علاقات اجتماعية ولا يتردد في قتل أنسبائه بدلا عن السعي للغذاء, مثل سائر الكائنات!!!!.
وحياتنا نحن البشر قائمة ومنذ لحظتنا الأولى وحتى نفسنا الأخير, قائمة داخل سلسلة كبيرة جدا من البيوت!!!!, ففي لحظة ما يشاء القدر أن تلتقي خليتان ضعيفتان في بيت دافئ صغير ومنه سيبدأ القضاء والقدر لكامل حياتنا, فهل سيكون بيتا....... أو كبيت العنكبوت؟؟؟؟؟, فالأم التي احتضنت المعجزة الكبرى لحظة تشكلها, لعلها تكون مشبعة بالحنان فتجود بشعورها الغامر على طفل لا يزال يتشكل... وقلبها العامر بذكر الله سيطرب جنينها بأنغام التسبيح المباركة, ومشاعر الإيمان في نفسها التقيّة ستهز جنينها بإيقاعات رقيقة عذبة تنعش خلاياه الغضّة.... في هذه الأجواء الحنونة يخرج الوليد مشبعا بالأمان والحنان والأيمان.
هل يوجد تأثير مباشر ببين العوامل الخارجية التي تحيط بالأم وبين بيئة جنينها؟؟؟؟.
وهذه المؤثرات, هل هي شديدة الوقع عظيمة الشأن أم لا؟؟؟؟.