الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. وبعد:
فإنّ أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ما تعلق بأشرف معلوم : وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه
فالعلم بأسمائه وصفاته والتفقه فيها رأس العلم وأساسه ؛ فالعلم علمان : علم بالله , وعلم بأمره وشرعه . و الآخر راجع إلى الأول وصادر منه ,فالعلم بأسمائه أصل كل معلوم ,كما أن جميع المخلوقات والموجودات , والأوامر الشرعية ترجع على معاني هذه الأسماء .
بيَن ذلك وجلاه ابن القيم -رحمه الله - حيث قال[1] :
"فإحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه , ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى , وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه , فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى, وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه , فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى . وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا، فمن أحصى أسماءه ـ كما ينبغي للمخلوق ـ أحصى جميع العلوم لأنها من مقتضاها ومرتبطة بها , وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا "
ويقول أيضاً رحمه الله [2] :" وإذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت والصفات وحقائق الأسماء الحسنى .وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة .ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة كما قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) [3] فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب جل جلاله ونعوته وأسمائه , فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها, وتنادي عليها وتدل عليها وتخبر بها بلسان النطق والحال كما قيل :
تأمل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها ألا كل شيء ما خلا الله باطل
تشير بإثبات الصفات لربها فصامتها يهدي ومن هو قائل
فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله وحقائق أسمائه وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها فهي تدل عقلا وحسا وفطرة ونظرا واعتبارا "
بل جنايات العبيد ومعاصيهم بتقدير الله لهم من أدل الشواهد على أسمائه وصفاته وسر من أسرار هذه الأسماء .قال ابن القيم :[4]
"إذا عرف هذا فمن أسمائه سبحانه الغفار التواب العفو فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات ولا بد من جناية تغفر وتوبة تقبل وجرائم يعفى عنها وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله ويحلم عنه ويتوب عليه ويسامحه من موجب أسمائه وصفاته وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك وما يحمد به نفسه ويحمده به أهل سمواته وأهل أرضه ما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده ...فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم وفي الأمر تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال وغايتها أيضا مقتضى حمده ومجده كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته فله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة والآيات الباهرة "
ولهذه الغايات العظيمة تعرف الله إلى عباده بها كثيرا فأفرد الأسماء وقرنها ,واستفتح بها آية وختم بها أخرى وما ذاك إلا "لأن لكل اسم منها له تعبد مختص به علما ومعرفة وحالا وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التى يطلع عليها البشر فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم... , وهذه طريقة الكمل من السائرين إلى الله , وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال الله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)[5]
والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء , ودعاء التعبد وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ,ويثنوا عليه بها ويأخذوا بحظهم من عبوديتها , وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته فهو عليم يحب كل عليم جواد يحب كل جواد وتر يحب الوتر" [6]
فإنّ أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ما تعلق بأشرف معلوم : وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه
فالعلم بأسمائه وصفاته والتفقه فيها رأس العلم وأساسه ؛ فالعلم علمان : علم بالله , وعلم بأمره وشرعه . و الآخر راجع إلى الأول وصادر منه ,فالعلم بأسمائه أصل كل معلوم ,كما أن جميع المخلوقات والموجودات , والأوامر الشرعية ترجع على معاني هذه الأسماء .
بيَن ذلك وجلاه ابن القيم -رحمه الله - حيث قال[1] :
"فإحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه , ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى , وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه , فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى, وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه , فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى . وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا، فمن أحصى أسماءه ـ كما ينبغي للمخلوق ـ أحصى جميع العلوم لأنها من مقتضاها ومرتبطة بها , وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا "
ويقول أيضاً رحمه الله [2] :" وإذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات وجدتها بأسرها كلها دالة على النعوت والصفات وحقائق الأسماء الحسنى .وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة .ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة كما قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) [3] فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب جل جلاله ونعوته وأسمائه , فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها, وتنادي عليها وتدل عليها وتخبر بها بلسان النطق والحال كما قيل :
تأمل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها ألا كل شيء ما خلا الله باطل
تشير بإثبات الصفات لربها فصامتها يهدي ومن هو قائل
فلست ترى شيئا أدل على شيء من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله وحقائق أسمائه وقد تنوعت أدلتها بحسب تنوعها فهي تدل عقلا وحسا وفطرة ونظرا واعتبارا "
بل جنايات العبيد ومعاصيهم بتقدير الله لهم من أدل الشواهد على أسمائه وصفاته وسر من أسرار هذه الأسماء .قال ابن القيم :[4]
"إذا عرف هذا فمن أسمائه سبحانه الغفار التواب العفو فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات ولا بد من جناية تغفر وتوبة تقبل وجرائم يعفى عنها وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله ويحلم عنه ويتوب عليه ويسامحه من موجب أسمائه وصفاته وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك وما يحمد به نفسه ويحمده به أهل سمواته وأهل أرضه ما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده ...فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم وفي الأمر تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال وغايتها أيضا مقتضى حمده ومجده كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته فله في كل ما قضاه وقدره الحكمة البالغة والآيات الباهرة "
ولهذه الغايات العظيمة تعرف الله إلى عباده بها كثيرا فأفرد الأسماء وقرنها ,واستفتح بها آية وختم بها أخرى وما ذاك إلا "لأن لكل اسم منها له تعبد مختص به علما ومعرفة وحالا وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التى يطلع عليها البشر فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم... , وهذه طريقة الكمل من السائرين إلى الله , وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن قال الله تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)[5]
والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء , ودعاء التعبد وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ,ويثنوا عليه بها ويأخذوا بحظهم من عبوديتها , وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته فهو عليم يحب كل عليم جواد يحب كل جواد وتر يحب الوتر" [6]