التبعية العاطفية و الإدمان الجنسي
La dépendance affective et les addictions sexuelles
مقدمة
Anthony de Mello و هو واحد من كبار الاساتذة المفكرين >>>>> ، يقول لنا:عندما يدخل الخبراء من عديد من المجالات بنقاش حاد حول سبب تألم البشر، سيختلفون حتما بالآراء.
سيقول البعض أن سبب تألم البشرية هو الأنانية و حب الذات égoïsme
و سيقول البعض أيضا أن السبب هو الوهم و الخداع Illusion
و يقول البعض الأخر، أن السبب يقبع بعدم مقدرتنا على تمييز ما هو حقيقي عن ما هو غير حقيقي réel & non réel
يقول الأستاذ عبارة شهيرة: إن تألم الإنسان، فالسبب أنه غير قادر أن يقبع ساكنا و جالسا لوحده.
Si l’être humain soufre, c’est qu’il est incapable de rester tranquillement assis seul
نطرح على أنفسنا سؤالا ملحاً:
هل توجد علاقة مباشرة بين نوع الرابطة العاطفية التي وجدت بين آبائنا، و بين نوع الرابطة العاطفية التي تجمعنا و تربطنا كأطفال، مع آبائنا. و نتساءل هل لهذه الرابطة العاطفية دورا بالطريقة التي سندير بها بالمستقبل حياتنا العاطفية، و بشكل خاص العلاقات الجنسية و علاقة المحبة التي سنعيشها؟؟
بالواقع، نحن جميعا نخضع لتبعية Nous sommes tous dépendants
لكي نكبر و نترعرع نستعمل دوما مرفأ ارتباطي Port d’attache نؤوي إليه و نتعلق به.
أول هذه المرافئ هو الرابطة التي جمعت والدينا. هذه الرابطة هي قاعدة طبيعية ننطلق منها لكي لكي نغزو عالمنا الخاص. و نكتسب بذلك استقلالنا.
كلما كان المرفأ ألارتباطي ثابتا، متينا و يشعر بالأمان ، كلما ساعدنا ذلك على مغادرته بسهولة لنركب أعالي البحار دون الحاجة لاستعمال عوامة النجاة. و على العكس، عندما لا يشعرنا مرفأ الارتباط بالثقة و بالأمان، سنلجأ إلى استعمال عوامات النجاة الاصطناعية.
و لكن لا يجب أن ننسى، أن كون القاعدة تعطي حماية كبيرة، و أمان مطلق قد تمنع بالمقابل الخروج لأعالي البحار بسبب التباين الكبير بين الأمان الفائض الذي منحه الوالدين، و غياب الأمان الكامل بالخارج.
يقول الدكتور بودا، "كاتب هذا المقال" بعد عشرين عاما من الممارسة المهنية، تأكد لي و يتأكد كل يوم، أننا لا نعيش بحاضرنا سوى متعلقين بنقاط استدلال و بروابط تمسكنا. و من هنا فكلنا نخضع لتبعية إلى شيء ما.
الحدود بين ما هو طبيعي و ما هو مرضي، هي أمر مطاط و مرن. هو تأقلم. هذه الحدود تتحكم بمقدرتنا على أن نعيش ومعها نتنقل بين مختلف عوامات النجاة، أي بالواقع مختلف التبعات التي تحدد علاقتنا مع الغير.
الكائن البشري، مثله مثل أي كائن حي أخر، يخضع لتبعية إلى بيئته.
بالبداية، نعيش مع تبعية للوالدين، و تصل هذه التبعية لدرجاتها القصوى خلال سنوات الحياة الأولى. تتطور هذه التبعية ليحل مكانها علاقة أكثر توازننا، تقوم على التبادل و على التكاملية.
و من هنا، لا يمكن أن نعثر على شخص مستقل بشكل كامل بدون روابط خارجية و بدون ملزمات داخلية.
نحن بحاجة دائمة لكي نتواجد بهذه الدنيا، و نسعى دوما لأن نخلق:
= روابط تجمعنا، سواء أكانت روابط زوجية، أو صداقات
= مرسى نرتبط به: ساعات عمل، برنامج يومي
= ملزمات يومية: عمل، واجبات طبيعية مثل الطعام و الاغتسال
= نشاط ممتع: رياضة، أو علاقة جنسية.
مجمل هذه الروابط و التبعيّات تعطينا المزيد من التوازن و المتانة، تشعرنا بالامان. و تعطي لحياتنا معالمها الخاصة.
هذا المرسى و هذه الروابط، قد تختلف بأهميتها من شخص لأخر. فهي للبعض، أمر أساسي للحياة، امر ضروري للتوازن الداخلي. لا يمكن للبعض و لا يسمح لهم بالتخلي عنها.
بينما يمكن للبعض الأخر أن يقطعها و يبتعد عنها، أن يسبح بدون عوامة و بدون خوف من الغرق بأول فرصة.
الفاصل بين ما هو طبيعي و بين ما هو تبعية
Normalité <==> dépendance
التبعية "التعلق، الارتباط، الخضوع"dépendance:
يعبر عنها بطريقتين كيفيتين، قد تترافقا، و قد تتشاركا :
== الطريقة الأولى: هي حالة دائمة تحدد نوع معين من علاقة الشخص الخاصة جدا مع الأخرين، على سبيل المثال، الزوجين شديدا الارتباط احديهما بالأخر.
== الطريقة الثانية: تتظاهر بنوبات و نزوات قسرية اكراهية لا يمكن السيطرة عليها
Poussées compulsives incontrôlables
علي سبيل المثال، الشراهة الجنسية.
طريقة التصرف و نظام العمل الذي يعتمد على التبعية و الخصوع هو الغالبة بالمجتمعات التي نعيش بها. و بشكل خاص، عندما لا نحصل على الأمان من النظام الاجتماعي، أو العائلي، أو الزوجي الذي يحطينا.
و بهذا الشكل يتطور حولنا:
الانفرادية
الانانية
الانعزالية
هذا الشعور بعدم الأمان، يقوي من حالة التمزق و الانفصال و التخلي عن كل شيء. يؤهب المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش به إلى نوع من الهشاشة النفسية.
لا يبدو غريبا على الكائن البشري أنه، و استنادا لما يلزم نفسه، و لما نلزمه به، يحتاج لأن يرتبط بعوامات النجاة لكي لا يغرق.
هكذا، و من خلال نظام العمل التبعي هذا الذي نعيش به، و يبدو دائما و ثابتاً، تنطلق حالات و نوبات الشراهة boulimique و الاكراه raptus و التي تقود إلى الأدمان السام toxicomanie.
كل هذا يقوي من حالة التبعية. وبهذه اللحظة بالذات، و نتيجة الضرورات الشخصية و البيئية، يبدوا أن الحل الوحيد للخروج من المشكلة اليومية هو :
ثورة النزوات الاكراهية Accès compulsif
عوارض الشراهة Episodes boulimique
بين الادمان و التبعية
Objets addictifs <==> dépendance multibles
Addiction الإدمان، بالمعنى الخاص للكلمة، هو تبعية و ارتباط بمادة غريبة: كحول، تدخين، غذاء، مواد سامة، دواء.
و لكن يعطي البعض لهذه الكلمة معنى أوسع، عندما يكون الإدمان هو طريقة للترابط مع الأشياء و مع الأشخاص الآخرين.
هدف الأدمان،الشيء الذي ندمن عليه
Objet d'addiction
يعتبر البعض أن الإدمان قد يشمل التبعية لسلوك و تصرف عادي، و لكن هذا التصرف دفع به لأقصى الحدود. و بهذا الشكل قد يكون هدف الإدمان امور عديدة:
= كل شيء، أو كل نظام حي tout objet, tout système vivant
= كل تصرف tout acte
= كل منظومة اجتماعية toute organisation sociale
= كل فكرة toute pensé
= كل عاطفة أو شعور. Toute emotion
المهم أن الفعل يأخذ صفة التكرار مع التشوق له، و بكونه يغزو الحياة الاجتماعية و بكونه يفرض نفسه بشكل دائم على الجسم و على الفكر... يمكن أن ندخل ضمن هذا التصنيف العديد من التصرفات
= المشتريات القسرية
= محاولات الانتحار المتكررة
= الرغبة بالسرقة
= الرغبة القسرية بنتف الشعر
= الرغبة بأكل الاظافر
= الاندفاع الكبير للعمل
= الالعاب المرضية
= التبعية الجنسية و العاطفية
= التصرفات الخطيرة
= الامتناع عن الطعام
= الارتباط بالرياضة
= التعلق الشديد بالكمبيوتر، و الانترنيت و الألعاب
و نلاحظ بشكل شائع عند الأشخاص الذين يتعلقون بهذه التصرفات، أنهم قادرين على اللعب بها، و على مبادلتها و مشاركتها، كأن نلاحظ عند نفس الشخص ادمان على الكحول و على التدخين، و بنفس الوقت تكرار لمحاولات الانتحار، أو التبعية للشريك الزوجي. و هذا يدل على حاجة الشخص لعوامة النجاة كما شرحنا أعلاه، هذه الحاجة تصبح ماسة، و كأن عوامة واحدة لا تكفي للتخفيف من التوتر الداخلي.
يقول الدكتور بودا، لهذا السبب، يبدو اقرب للواقع أن نتحدث عن طريقة حياة ادمانية. أو طريقة وجود تبعية Vécu addictif, manière d’être dépendante
بدل أن نتحدث عن تبعية وحيدة.
يعيش بعض الأشخاص الذين يعانون من التبعية كل مظاهر حياتهم بشكل ادمان، و يتنقلوا من إدمان إلى أخر، فتارة يلجئون إلى الإدمان الطعامي، و تارة إلى الشراء القسري الاكراهي. ثم يحل مكانها التصرفات الخطيرة، أو الأغراء القسري حسب الظروف المحيطة.
نذكر على سبيل المثال، تلك السيدة التي كانت تشعر بالوحدانية، تعوض عنها بالكحول، أو بالشراهة الطعامية. و عندما يرافقها اولادها، تشتري لهم كميات كبيرة من المشتروات الغير مفيدة، و لكن فقط لكي تمتعهم. و لا تشعر بالسلام سوى بتواجد زوجها بقربها، و كأنه المصدر الاساسي للشعور بالآمان. و كانت تقبل كل شيء حتى يبقى بالمنزل، لدرجة أنها كانت تتقبل أن يحضر عشيقته إلى البيت.
بينا التبعية عند الطفل و التبعية عن البالغ
La dépendance de l’enfant <==> dépendance de l’adulte
لتفسير هذه النقطة يلجأ الدكتور بودا إلى الاعمال العلمية لـ M Ainsworth لكي نصف ثلاثة انواع من التصرفات الارتباطية التي قد يبدها الطفل لدى مغادرة والديه و لدى عودتهم إلى البيت:
الطفل القلق المتجنب ـ المتحاشي: enfant anxieux évitant
يبدوا عليه، و كأن مغادرة الوالدين لا تخل به. يتظاهر بأنه ليس بحاجة لكي نطمئنه، و يبدو مستقلا بذاته، يستكشف بيئته دون أن يتكئ على والديه و لا يتخذهما كقاعدة أمان. يمكنه أن يتواصل بسهولة مع شخص لا يعرفه.
الطفل المؤمَّن المطمئن enfant sécurisé
يتزمر لدى عودة الوالدين، و يستقبل عودتهم بارتياح، و يحاول التقرب منهما. هذا اللقاء بعد عودة الوالدين يسمح له بمتابعة استكشافه
هذا التصرف يعبر عن قاعدة مطمئنة
الطفل القلق المقاوم المعنّد و المتناقض
enfant anxieux résistant ambivalent
يظهر بنفسه على انه مضطرب من الوضع، قلق من مغادرة والديه، سيعوض عن هذا القلق عند عودتهم و لكن بشكل متناقض، حيث نراه يبحث عن التقرّب من والديه، و التعلق بهما، و لكنه يسارع للابتعاد بعد ذلك بحركة غاضبة. و يقاوم على محاولة الإرضاء. موقف هذا الطفل يبقى تبعي.
هذه الأصناف الثلاثة لارتبط الطفل بوالديه، يمكن مقارنتها بالفئات الثلاثة التي تميّز النظرة التي يمتلكها البالغ تجاه روابط تعلّقهم
الحالة العقلية المنفصلة état d’esprit détaché
تعادل ما ذكرناه أعلاه عن الطفل القلق المتحاشي.. عندما يصبحوا بالغين نلاحظ عندهم حالة اللامبالاة. و عدم الالتزام العاطفي، يبدوا هؤلاء الأشخاص مستقلين، يعبرون انفسهم طبيعيين، لا يستعيدوا ذكرياتهم سوى بشكل محدود. يقولون عن انفسهم انهم يتجهون للمستقبل، و لا ينظرون للماضي. بل انهم قد يصلوا لدرجة يهملون بها دور الحياة العائلية. يعتبرون انفسمهم واثقين بالنفس لا بالغير. بل ينظرون إلى الغير بحذر.
الحالة العقلية التلقائية المستقلة état d’esprit autonome
و هم الأطفال المطمئنون، بعد أن يكبروا يتذكروا بسهولة علاقاتهم الأولى. سواء أكانت هذه العلاقات سلبية ام ايجابية. يستعيدون بسهولة ذكريات و مشاعر الطفولة و يستقبلوها بشكل مميز. يعطون قيمة ايجابية لعلاقاتهم الارتباطية. يبدون و كأنهم واثقين بأنفسهم و بالغير.
الحالة العقلية المنشغلة état d’esprit préoccupé
و هم الأطفال القلقين المعندين. عندما يصبحون كبارا يتصفون بأنهم غامضين مضطربين confus يسترجعون مظهرا غير موضوعي من تجاربهم الارتباطية أثناء الطفولة.
و يحصل معهم كثيرا أن لا يتملّكوا حالة الغضب تجاه الوالدين. و أحيانا بجو الغموض الذي يشير إلى استقلالية ارتباطية. عندما يقومون بنقاش، يضيعون حبل افكارهم، لا يصغون للسؤال المطروح، و قد لا يتركوا الفرصة لمن يناقشهم لأن يطرح سؤاله.
يتظاهر عند الشخص بهذه الحالة نقص الثقة بالنفس.
الصلة المتبادلة بين الروابط أهل <=> أطفال،
إظهار هذه الصلة وتوضيح العلاقة الارتباطية lien d’attachement عند البالغين، يساعدنا بتفهم الية الخيار الغرامي و نظام التبعية الذي يرافقه.
و يساعدنا بشكل خاص على تفهم الالية التي تفسر كيف أن بناء الرابطة الزوجية بين زوجين يخضعان لنظام التبعية كل منهما لأخر، هو أمر ناتج عن العلاقة التي ربطت الطفل بوالديه. و ناتج عن النموذج الارتباطي الذي صنع خلال مرحلة الطفولة، و من خلال التجارب الشخصية العاطفية.
الروابط العاطفية المختلفة
الارتباط l’attachement
موجود بكل علاقة عاطفية تقوم على أساس البحث عن الامان النفساني و الفيزيائي للشخص. و بشكل خاص عندما تبحث هذه العلاقة العاطفية عن إمكانية التوازن و الاستقرار للواحد بوجود الآخر.
ويبقى هذا الارتباط واحد من العناصر الأساسية طوال العمر. و سنجده أيضا بالعلاقة الغرامية بجانب المركبين الأساسيين: الجنسانية و الاهتمام
مركبات العلاقة الغرامية
Soin الاهتمام و العناية
attachement الارتباط
Sexualité الجنسانية
لنفصل قليلا
attachement الارتباط
يعطي الامان الداخلي و الخارجي. و كأنه خليط من الحماية و الدفاع. و هو القاعدة الأساسية الضرورية من اجل استكشاف العالم الخارجي. الاختلاف بين الارتباط و التبعية طفيف، فيمتاز الارتباط بأنه يمثل الثابتة الشخصية النوعية
Paramètre personnel spécifique.
Soin الاهتمام و العناية
و يعني الرغبة بأن يعطي الواحد الاهتمام بالأخر و يوفر له عناصر الشعور بالراحة. يميل بعض الأشخاص نحو الاندفاع لحماية الأخر و لأشعاره بالأمان. و لمساعدته بشكل يشابه حضانة الأمومة أو الأبوة.
بينما يحب البعض الأخر أن يتلقى العون و الاهتمام من الأخر.
و هكذا يمتاز عنصر العناية بأنه يمثل الثابتة الارتباطية النوعية
Paramètre relationnel spécifique.
يمكن العثور على ازواج تقوم روابطهم الزوجية على أساس العناية، من طرف الجريح و من طرف المداوي.
Sexualité الجنسانية
العنصر البيولوجي، و بشكل خاص الهرموني، للجنسانية قد يلعب إما دور مسهل أو مثبط للانجذاب الجنسي. و يلعب أيضا دورا بالارتباط و بالعناية.
الجنسانية تمثل الثابتة البيولوجية النوعية
Paramètre biologique spécifique
هذه الثابتة البيولوجية لا تكفي لوحدها من اجل أن تخلق العلاقة العاطفية التي يمكنها أن تدوم طويلا..
قصة الحب بأجملها تنتج عن خليط بين هذه الثوابت أو المركبات الثلاثة. هذه المركبات متنوعة و تتبدل فيما بينها.
فببعض العلاقات الزوجية، قد يكون الانجذاب الجنسي هو العنصر الأساسي لبناء العلاقة. و لكنه لوحده لا يكفي كي تدوم هذه العلاقة. و مع الوقت، قد يحل مكانه مركب الأرتباط. أي العنصر الذي يشعر بالأمان. و قد يحل مكانه مركب الاهتمام و العناية، أي العنصر الذي يعني أن يعطي الواحد من ذاته نحو الأخر.
بعلاقات زوجية أخرى، يعطي الزوجان من البداية أهمية إلى الصلة الارتباطية أو إلى العناية و الاهتمام و يبنون الحياة الزوجية على هذا الأساس.
و من الممكن، بتحليل دقيق و شخصي، معرفة خصائص كل من هذه المراكبات الثلاثة عند كل من الشريكين على حدى:
فخواص الشريك الذي يعتمد على سلوك الارتباط قد تكون أحدى الأنواع الثلاثة ، أي
+ الأمين sécure
+القلق المقاوم anxieux résistant
+ القلق المتحاشي anxieux évitant
La dépendance affective et les addictions sexuelles
مقدمة
Anthony de Mello و هو واحد من كبار الاساتذة المفكرين >>>>> ، يقول لنا:عندما يدخل الخبراء من عديد من المجالات بنقاش حاد حول سبب تألم البشر، سيختلفون حتما بالآراء.
سيقول البعض أن سبب تألم البشرية هو الأنانية و حب الذات égoïsme
و سيقول البعض أيضا أن السبب هو الوهم و الخداع Illusion
و يقول البعض الأخر، أن السبب يقبع بعدم مقدرتنا على تمييز ما هو حقيقي عن ما هو غير حقيقي réel & non réel
يقول الأستاذ عبارة شهيرة: إن تألم الإنسان، فالسبب أنه غير قادر أن يقبع ساكنا و جالسا لوحده.
Si l’être humain soufre, c’est qu’il est incapable de rester tranquillement assis seul
نطرح على أنفسنا سؤالا ملحاً:
هل توجد علاقة مباشرة بين نوع الرابطة العاطفية التي وجدت بين آبائنا، و بين نوع الرابطة العاطفية التي تجمعنا و تربطنا كأطفال، مع آبائنا. و نتساءل هل لهذه الرابطة العاطفية دورا بالطريقة التي سندير بها بالمستقبل حياتنا العاطفية، و بشكل خاص العلاقات الجنسية و علاقة المحبة التي سنعيشها؟؟
بالواقع، نحن جميعا نخضع لتبعية Nous sommes tous dépendants
لكي نكبر و نترعرع نستعمل دوما مرفأ ارتباطي Port d’attache نؤوي إليه و نتعلق به.
أول هذه المرافئ هو الرابطة التي جمعت والدينا. هذه الرابطة هي قاعدة طبيعية ننطلق منها لكي لكي نغزو عالمنا الخاص. و نكتسب بذلك استقلالنا.
كلما كان المرفأ ألارتباطي ثابتا، متينا و يشعر بالأمان ، كلما ساعدنا ذلك على مغادرته بسهولة لنركب أعالي البحار دون الحاجة لاستعمال عوامة النجاة. و على العكس، عندما لا يشعرنا مرفأ الارتباط بالثقة و بالأمان، سنلجأ إلى استعمال عوامات النجاة الاصطناعية.
و لكن لا يجب أن ننسى، أن كون القاعدة تعطي حماية كبيرة، و أمان مطلق قد تمنع بالمقابل الخروج لأعالي البحار بسبب التباين الكبير بين الأمان الفائض الذي منحه الوالدين، و غياب الأمان الكامل بالخارج.
يقول الدكتور بودا، "كاتب هذا المقال" بعد عشرين عاما من الممارسة المهنية، تأكد لي و يتأكد كل يوم، أننا لا نعيش بحاضرنا سوى متعلقين بنقاط استدلال و بروابط تمسكنا. و من هنا فكلنا نخضع لتبعية إلى شيء ما.
الحدود بين ما هو طبيعي و ما هو مرضي، هي أمر مطاط و مرن. هو تأقلم. هذه الحدود تتحكم بمقدرتنا على أن نعيش ومعها نتنقل بين مختلف عوامات النجاة، أي بالواقع مختلف التبعات التي تحدد علاقتنا مع الغير.
الكائن البشري، مثله مثل أي كائن حي أخر، يخضع لتبعية إلى بيئته.
بالبداية، نعيش مع تبعية للوالدين، و تصل هذه التبعية لدرجاتها القصوى خلال سنوات الحياة الأولى. تتطور هذه التبعية ليحل مكانها علاقة أكثر توازننا، تقوم على التبادل و على التكاملية.
و من هنا، لا يمكن أن نعثر على شخص مستقل بشكل كامل بدون روابط خارجية و بدون ملزمات داخلية.
نحن بحاجة دائمة لكي نتواجد بهذه الدنيا، و نسعى دوما لأن نخلق:
= روابط تجمعنا، سواء أكانت روابط زوجية، أو صداقات
= مرسى نرتبط به: ساعات عمل، برنامج يومي
= ملزمات يومية: عمل، واجبات طبيعية مثل الطعام و الاغتسال
= نشاط ممتع: رياضة، أو علاقة جنسية.
مجمل هذه الروابط و التبعيّات تعطينا المزيد من التوازن و المتانة، تشعرنا بالامان. و تعطي لحياتنا معالمها الخاصة.
هذا المرسى و هذه الروابط، قد تختلف بأهميتها من شخص لأخر. فهي للبعض، أمر أساسي للحياة، امر ضروري للتوازن الداخلي. لا يمكن للبعض و لا يسمح لهم بالتخلي عنها.
بينما يمكن للبعض الأخر أن يقطعها و يبتعد عنها، أن يسبح بدون عوامة و بدون خوف من الغرق بأول فرصة.
الفاصل بين ما هو طبيعي و بين ما هو تبعية
Normalité <==> dépendance
التبعية "التعلق، الارتباط، الخضوع"dépendance:
يعبر عنها بطريقتين كيفيتين، قد تترافقا، و قد تتشاركا :
== الطريقة الأولى: هي حالة دائمة تحدد نوع معين من علاقة الشخص الخاصة جدا مع الأخرين، على سبيل المثال، الزوجين شديدا الارتباط احديهما بالأخر.
== الطريقة الثانية: تتظاهر بنوبات و نزوات قسرية اكراهية لا يمكن السيطرة عليها
Poussées compulsives incontrôlables
علي سبيل المثال، الشراهة الجنسية.
طريقة التصرف و نظام العمل الذي يعتمد على التبعية و الخصوع هو الغالبة بالمجتمعات التي نعيش بها. و بشكل خاص، عندما لا نحصل على الأمان من النظام الاجتماعي، أو العائلي، أو الزوجي الذي يحطينا.
و بهذا الشكل يتطور حولنا:
الانفرادية
الانانية
الانعزالية
هذا الشعور بعدم الأمان، يقوي من حالة التمزق و الانفصال و التخلي عن كل شيء. يؤهب المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش به إلى نوع من الهشاشة النفسية.
لا يبدو غريبا على الكائن البشري أنه، و استنادا لما يلزم نفسه، و لما نلزمه به، يحتاج لأن يرتبط بعوامات النجاة لكي لا يغرق.
هكذا، و من خلال نظام العمل التبعي هذا الذي نعيش به، و يبدو دائما و ثابتاً، تنطلق حالات و نوبات الشراهة boulimique و الاكراه raptus و التي تقود إلى الأدمان السام toxicomanie.
كل هذا يقوي من حالة التبعية. وبهذه اللحظة بالذات، و نتيجة الضرورات الشخصية و البيئية، يبدوا أن الحل الوحيد للخروج من المشكلة اليومية هو :
ثورة النزوات الاكراهية Accès compulsif
عوارض الشراهة Episodes boulimique
بين الادمان و التبعية
Objets addictifs <==> dépendance multibles
Addiction الإدمان، بالمعنى الخاص للكلمة، هو تبعية و ارتباط بمادة غريبة: كحول، تدخين، غذاء، مواد سامة، دواء.
و لكن يعطي البعض لهذه الكلمة معنى أوسع، عندما يكون الإدمان هو طريقة للترابط مع الأشياء و مع الأشخاص الآخرين.
هدف الأدمان،الشيء الذي ندمن عليه
Objet d'addiction
يعتبر البعض أن الإدمان قد يشمل التبعية لسلوك و تصرف عادي، و لكن هذا التصرف دفع به لأقصى الحدود. و بهذا الشكل قد يكون هدف الإدمان امور عديدة:
= كل شيء، أو كل نظام حي tout objet, tout système vivant
= كل تصرف tout acte
= كل منظومة اجتماعية toute organisation sociale
= كل فكرة toute pensé
= كل عاطفة أو شعور. Toute emotion
المهم أن الفعل يأخذ صفة التكرار مع التشوق له، و بكونه يغزو الحياة الاجتماعية و بكونه يفرض نفسه بشكل دائم على الجسم و على الفكر... يمكن أن ندخل ضمن هذا التصنيف العديد من التصرفات
= المشتريات القسرية
= محاولات الانتحار المتكررة
= الرغبة بالسرقة
= الرغبة القسرية بنتف الشعر
= الرغبة بأكل الاظافر
= الاندفاع الكبير للعمل
= الالعاب المرضية
= التبعية الجنسية و العاطفية
= التصرفات الخطيرة
= الامتناع عن الطعام
= الارتباط بالرياضة
= التعلق الشديد بالكمبيوتر، و الانترنيت و الألعاب
و نلاحظ بشكل شائع عند الأشخاص الذين يتعلقون بهذه التصرفات، أنهم قادرين على اللعب بها، و على مبادلتها و مشاركتها، كأن نلاحظ عند نفس الشخص ادمان على الكحول و على التدخين، و بنفس الوقت تكرار لمحاولات الانتحار، أو التبعية للشريك الزوجي. و هذا يدل على حاجة الشخص لعوامة النجاة كما شرحنا أعلاه، هذه الحاجة تصبح ماسة، و كأن عوامة واحدة لا تكفي للتخفيف من التوتر الداخلي.
يقول الدكتور بودا، لهذا السبب، يبدو اقرب للواقع أن نتحدث عن طريقة حياة ادمانية. أو طريقة وجود تبعية Vécu addictif, manière d’être dépendante
بدل أن نتحدث عن تبعية وحيدة.
يعيش بعض الأشخاص الذين يعانون من التبعية كل مظاهر حياتهم بشكل ادمان، و يتنقلوا من إدمان إلى أخر، فتارة يلجئون إلى الإدمان الطعامي، و تارة إلى الشراء القسري الاكراهي. ثم يحل مكانها التصرفات الخطيرة، أو الأغراء القسري حسب الظروف المحيطة.
نذكر على سبيل المثال، تلك السيدة التي كانت تشعر بالوحدانية، تعوض عنها بالكحول، أو بالشراهة الطعامية. و عندما يرافقها اولادها، تشتري لهم كميات كبيرة من المشتروات الغير مفيدة، و لكن فقط لكي تمتعهم. و لا تشعر بالسلام سوى بتواجد زوجها بقربها، و كأنه المصدر الاساسي للشعور بالآمان. و كانت تقبل كل شيء حتى يبقى بالمنزل، لدرجة أنها كانت تتقبل أن يحضر عشيقته إلى البيت.
بينا التبعية عند الطفل و التبعية عن البالغ
La dépendance de l’enfant <==> dépendance de l’adulte
لتفسير هذه النقطة يلجأ الدكتور بودا إلى الاعمال العلمية لـ M Ainsworth لكي نصف ثلاثة انواع من التصرفات الارتباطية التي قد يبدها الطفل لدى مغادرة والديه و لدى عودتهم إلى البيت:
الطفل القلق المتجنب ـ المتحاشي: enfant anxieux évitant
يبدوا عليه، و كأن مغادرة الوالدين لا تخل به. يتظاهر بأنه ليس بحاجة لكي نطمئنه، و يبدو مستقلا بذاته، يستكشف بيئته دون أن يتكئ على والديه و لا يتخذهما كقاعدة أمان. يمكنه أن يتواصل بسهولة مع شخص لا يعرفه.
الطفل المؤمَّن المطمئن enfant sécurisé
يتزمر لدى عودة الوالدين، و يستقبل عودتهم بارتياح، و يحاول التقرب منهما. هذا اللقاء بعد عودة الوالدين يسمح له بمتابعة استكشافه
هذا التصرف يعبر عن قاعدة مطمئنة
الطفل القلق المقاوم المعنّد و المتناقض
enfant anxieux résistant ambivalent
يظهر بنفسه على انه مضطرب من الوضع، قلق من مغادرة والديه، سيعوض عن هذا القلق عند عودتهم و لكن بشكل متناقض، حيث نراه يبحث عن التقرّب من والديه، و التعلق بهما، و لكنه يسارع للابتعاد بعد ذلك بحركة غاضبة. و يقاوم على محاولة الإرضاء. موقف هذا الطفل يبقى تبعي.
هذه الأصناف الثلاثة لارتبط الطفل بوالديه، يمكن مقارنتها بالفئات الثلاثة التي تميّز النظرة التي يمتلكها البالغ تجاه روابط تعلّقهم
الحالة العقلية المنفصلة état d’esprit détaché
تعادل ما ذكرناه أعلاه عن الطفل القلق المتحاشي.. عندما يصبحوا بالغين نلاحظ عندهم حالة اللامبالاة. و عدم الالتزام العاطفي، يبدوا هؤلاء الأشخاص مستقلين، يعبرون انفسهم طبيعيين، لا يستعيدوا ذكرياتهم سوى بشكل محدود. يقولون عن انفسهم انهم يتجهون للمستقبل، و لا ينظرون للماضي. بل انهم قد يصلوا لدرجة يهملون بها دور الحياة العائلية. يعتبرون انفسمهم واثقين بالنفس لا بالغير. بل ينظرون إلى الغير بحذر.
الحالة العقلية التلقائية المستقلة état d’esprit autonome
و هم الأطفال المطمئنون، بعد أن يكبروا يتذكروا بسهولة علاقاتهم الأولى. سواء أكانت هذه العلاقات سلبية ام ايجابية. يستعيدون بسهولة ذكريات و مشاعر الطفولة و يستقبلوها بشكل مميز. يعطون قيمة ايجابية لعلاقاتهم الارتباطية. يبدون و كأنهم واثقين بأنفسهم و بالغير.
الحالة العقلية المنشغلة état d’esprit préoccupé
و هم الأطفال القلقين المعندين. عندما يصبحون كبارا يتصفون بأنهم غامضين مضطربين confus يسترجعون مظهرا غير موضوعي من تجاربهم الارتباطية أثناء الطفولة.
و يحصل معهم كثيرا أن لا يتملّكوا حالة الغضب تجاه الوالدين. و أحيانا بجو الغموض الذي يشير إلى استقلالية ارتباطية. عندما يقومون بنقاش، يضيعون حبل افكارهم، لا يصغون للسؤال المطروح، و قد لا يتركوا الفرصة لمن يناقشهم لأن يطرح سؤاله.
يتظاهر عند الشخص بهذه الحالة نقص الثقة بالنفس.
الصلة المتبادلة بين الروابط أهل <=> أطفال،
إظهار هذه الصلة وتوضيح العلاقة الارتباطية lien d’attachement عند البالغين، يساعدنا بتفهم الية الخيار الغرامي و نظام التبعية الذي يرافقه.
و يساعدنا بشكل خاص على تفهم الالية التي تفسر كيف أن بناء الرابطة الزوجية بين زوجين يخضعان لنظام التبعية كل منهما لأخر، هو أمر ناتج عن العلاقة التي ربطت الطفل بوالديه. و ناتج عن النموذج الارتباطي الذي صنع خلال مرحلة الطفولة، و من خلال التجارب الشخصية العاطفية.
الروابط العاطفية المختلفة
الارتباط l’attachement
موجود بكل علاقة عاطفية تقوم على أساس البحث عن الامان النفساني و الفيزيائي للشخص. و بشكل خاص عندما تبحث هذه العلاقة العاطفية عن إمكانية التوازن و الاستقرار للواحد بوجود الآخر.
ويبقى هذا الارتباط واحد من العناصر الأساسية طوال العمر. و سنجده أيضا بالعلاقة الغرامية بجانب المركبين الأساسيين: الجنسانية و الاهتمام
مركبات العلاقة الغرامية
Soin الاهتمام و العناية
attachement الارتباط
Sexualité الجنسانية
لنفصل قليلا
attachement الارتباط
يعطي الامان الداخلي و الخارجي. و كأنه خليط من الحماية و الدفاع. و هو القاعدة الأساسية الضرورية من اجل استكشاف العالم الخارجي. الاختلاف بين الارتباط و التبعية طفيف، فيمتاز الارتباط بأنه يمثل الثابتة الشخصية النوعية
Paramètre personnel spécifique.
Soin الاهتمام و العناية
و يعني الرغبة بأن يعطي الواحد الاهتمام بالأخر و يوفر له عناصر الشعور بالراحة. يميل بعض الأشخاص نحو الاندفاع لحماية الأخر و لأشعاره بالأمان. و لمساعدته بشكل يشابه حضانة الأمومة أو الأبوة.
بينما يحب البعض الأخر أن يتلقى العون و الاهتمام من الأخر.
و هكذا يمتاز عنصر العناية بأنه يمثل الثابتة الارتباطية النوعية
Paramètre relationnel spécifique.
يمكن العثور على ازواج تقوم روابطهم الزوجية على أساس العناية، من طرف الجريح و من طرف المداوي.
Sexualité الجنسانية
العنصر البيولوجي، و بشكل خاص الهرموني، للجنسانية قد يلعب إما دور مسهل أو مثبط للانجذاب الجنسي. و يلعب أيضا دورا بالارتباط و بالعناية.
الجنسانية تمثل الثابتة البيولوجية النوعية
Paramètre biologique spécifique
هذه الثابتة البيولوجية لا تكفي لوحدها من اجل أن تخلق العلاقة العاطفية التي يمكنها أن تدوم طويلا..
قصة الحب بأجملها تنتج عن خليط بين هذه الثوابت أو المركبات الثلاثة. هذه المركبات متنوعة و تتبدل فيما بينها.
فببعض العلاقات الزوجية، قد يكون الانجذاب الجنسي هو العنصر الأساسي لبناء العلاقة. و لكنه لوحده لا يكفي كي تدوم هذه العلاقة. و مع الوقت، قد يحل مكانه مركب الأرتباط. أي العنصر الذي يشعر بالأمان. و قد يحل مكانه مركب الاهتمام و العناية، أي العنصر الذي يعني أن يعطي الواحد من ذاته نحو الأخر.
بعلاقات زوجية أخرى، يعطي الزوجان من البداية أهمية إلى الصلة الارتباطية أو إلى العناية و الاهتمام و يبنون الحياة الزوجية على هذا الأساس.
و من الممكن، بتحليل دقيق و شخصي، معرفة خصائص كل من هذه المراكبات الثلاثة عند كل من الشريكين على حدى:
فخواص الشريك الذي يعتمد على سلوك الارتباط قد تكون أحدى الأنواع الثلاثة ، أي
+ الأمين sécure
+القلق المقاوم anxieux résistant
+ القلق المتحاشي anxieux évitant