تدرس الإدارة العامة للمرور بالسعودية، القيام بتنفيذ مشروع تقني يستخدم أحدث ما توصلت إليه الخبرات العالمية في إدارة الحركة المرورية، وهو نظام التحكم المركزي الآني والآلي للإشارات الضوئية، بحيث يستجيب بصورة فعالة للمتغيرات المستمرة والمفاجئة في كثافة الحركة المرورية على تقاطعات الإشارات الضوئية ويخدم المصلحة العامة، وذلك بهدف معالجة مشكلة الازدحام والاختناقات المرورية في الشوارع والطرقات والتقاطعات الرئيسية التي تتطلب في العادة بذل جهود كبيرة من المسؤولين والمهندسين ورجال الأمن، ويراعي النظام الجديد الذي تعتزم الإدارة العامة للمرور العمل بموجبه قريبا، أوقات المناسبات الطارئة والموسمية التي تشهد حركة مرورية عالية وكثيفة من دون الحاجة إلى إجراء تغييرات في البرمجة، بعكس البرامج الموجودة حاليا والمعدة يدوياً، التي تحتاج إلى إجراء تغييرات مستمرة وموقعية لها.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن هذا النظام سيتم تطبيقه مرحليا وستكون البداية في مدينتي الرياض وجدة، ويأتي بعد دراسات مستفيضة ومتقدمة استجابة للتطورات الكبيرة والمتغيرات الهائلة التي شهدتها مدن السعودية بشكل سريع في الآونة الأخيرة، حيث خطت خطوات كبيرة في النواحي التجارية والعمرانية والسياحية وتكوين البنى التحتية والتركيبة السكانية، والتوسع العمراني في شبكة الطرق الكبيرة، حيث سيعمل هذا النظام الجديد على الحد من الاختناقات المرورية، عن طريق إيجاد حلول لا تحتاج إلى تكاليف عالية وسهلة التطبيق والتنفيذ ولا تؤثر في الحركة الاقتصادية ولا تحتاج إلى أعمال ميدانية كبيرة.
وكشفت المصادر أن هذا النظام مطبق حالياً في عدد من الدول المتقدمة، التي تشهد كثافة مرورية عالية، مثل مدينة سيدني باستراليا، ومدينة دبلن بآيرلندا، ومدينة كولون بألمانيا، ومدينتي ليستر وبريستول ببريطانيا وسنغافورة.
* طريقة عمل النظام
* وأبانت المصادر أن طريقة عمل هذا النظام تقوم على عملية التوقيت المثالي لطول دورة الإشارة وتوزيعها على الأطوار (الاتجاهات) المختلفة، بالإضافة إلى التنسيق بين الإشارات المتجاورة بشكل يقلل من التأخير وعمليات الوقوف على الإشارات، ويعتمد النظام في عمله على الملفات الاستشعارية التي توضع تحت الطريق عند كل تقاطع وتكون موصولة بأجهزة التحكم، ويتم نقل كافة المعلومات من المواقع إلى مركز التحكم بواسطة خطوط هاتف لتحليلها، ومن ثم إرسال النتائج مباشرة إلى التقاطعات مرة أخرى، لتنفيذها بصورة فعلية ومباشرة وبأسرع صورة ممكنة.
وسيتم وضع المجسات الخاصة بعدد المركبات على مسافة مناسبة من خط الوقوف، بحيث يتم استقبال المعلومات الدقيقة بعدد المركبات وطول صف المركبات الواقفة، ومن ثم يتم إرسال هذه المعلومات إلى مركز التحكم للتحليل واتخاذ القرارات المناسبة في تغيير الأزمنة للإشارة عن طريق خطوط الهاتف، وتحديد الحدود بدقة، والخاصة بسعة التقاطع وأسلوب حركة المركبات في التقاطع.
كما ستتم مراقبة عمل التقاطعات في المدن يوميا، من خلال شاشات الحاسب المركزي وكاميرات المراقبة، وذلك بعرض نسبة الازدحام المروري على أذرع جميع التقاطعات وإجراء اللازم بالتنسيق مع غرفة العمليات في حالة وجود حوادث أو مركبات متعطلة، وسيتم استغلال المعلومات التي يقوم النظام بإعطائها عن الأعطال المتعلقة بالإشارات الضوئية، مما يسهل عملية الصيانة ويقلل من تكلفتها. وهناك علاقة وطيدة بين مهندسي التشغيل بالمركز وفريق عمل الصيانة، حيث انهما يتعاونان على الإصلاح السريع للأعطال وبالخصوص أعطال خطوط وأجهزة الاتصال والملفات الاستشعارية.
وأضافت المصادر أن هذا النظام في حال تطبيقه سيسهم في التنسيق بين مقاولي مشاريع الطرق ومهندسي تصميم وتنفيذ الإشارات الضوئية ومركز التحكم، حيث لدى النظام القدرة على مواكبة حجم المرور المتزايد خلال السنوات الماضية وتقليل الاختناقات المرورية على شبكة الطرق وتسييرها بشكل مرن وانسيابي.
يشار الى أن هذا النظام الجديد الذي يعد نقلة نوعية وتقنية هائلة يأتي بعد أن بينت الدراسات الميدانية والأكاديمية، أن الحلول الهندسية التقليدية لا تكفي للحد من الاختناقات المرورية والحوادث المرورية والسرعة الهائلة، من اجل تحسين مستوى السلامة المرورية في مدن ومناطق السعودية المختلفة، وأنه لا بد من تفعيل دور المعلومات واستغلالها وتحليلها آلياً باستخدام أنظمة وتقنيات متطورة وعلى رأسها أنظمة النقل والمواصلات الذكية التي تم تطبيقها بفعالية في معظم الدول المتقدمة، حيث ان هذه الأنظمة تأخذ بالاعتبار ليس فقط شبكة الطرق القائمة، لكن أيضا مستخدمي هذه الطرق والظروف البيئية المحيطة.
وفي الدول المتقدمة تستخدم انظمة المواصلات الذكية التقنية المعلوماتية والاتصالات والتحكم في مساعدة مشغلي ومستخدمي شبكات الطرق، كذلك السكك الحديدية على اتخاذ افضل القرارات والاجراءات المتعلقة بالحد من الاختناقات المرورية وتحسين السعة التشغيلية لشبكة الطرق، وزيادة مستوى السلامة المرورية والتعامل مع الحوادث المرورية بشكل فوري، كما تستخدم أنظمة المواصلات الذكية تقنية المعلومات والاتصالات لتوجيه مستخدمي الطرق الى أفضل المسارات التي تختصر زمن رحلاتهم وارشاد السائقين إلى الطرق البديلة في حالات الازدحام والحالات الطارئة.
كما تعمل على تنظيم حركة المواصلات العامة كالحافلات والقطارات وغيرها، وجمع رسوم المركبات إلكترونيا في حال تطبيقها على طرق معينة، تقديم معلومات عن حالة الطقس إن كان هناك ضباب أم أمطار أم ثلوج، والحد من التلوث البيئي مثل تلوث الهواء داخل المدن المزدحمة، التنسيق بين الجهات المعنية بحركة المرور كالبلديات والشرطة والدفاع المدني والمواصلات العامة وشركات النقل والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة بشكل فوري وإلكتروني.