القلاع في عمان
محتوى البحث:
مقدمة.
الأهمية التاريخية للقلاع.
نبذة تاريخية عن التصميم.
المعجم الجغرافي للقلاع والحصون.
أسماء ومواقع المناطق العمانية القديمة.
مقدمة:
عمان اسم يتجلى بكل وضوح على صفحات التاريخ الحضاري في شبه الجزيرة العربية ؛ حيث اتسمت في قديم الزمان بالسمات الحضارية التي أهلتها لتكون مهدا وأرضا لحضارات عريقة في العصور الغابرة. كما كان لها إسهامها المؤثر في صياغة التاريخ القديم لشبه الجزيرة العربية. فضلا عن صلاتها وعلاقاتها الخصبة مع مراكز الحضارات العالمية المجاورة. وبينما تكشف الشواهد التاريخية عن المدنيات والحواضر العريقة التي شيدها العمانيون فيما قبل الإسلام وفي عصوره الأولى فإنها تشير إلى عمان كإحدى القلاع الحصينة للدعوة الإسلامية والى ما قام به العمانيون من دور بارز في نشرها إلى أرجاء بعيدة وفيما قدموه من عطاء غزير في مختلف مجالات الإبداع ساهم في بناء الحضارة الإسلامية كم ساهم في إثراء الحضارة الإنسانية.
لقد تهيأ لعمان من خلال هذا كله وعلى مدى الأزمان أن تضطلع بدور حضاري متكامل منح شعبها شخصيته المتميزة، ورسخ في وجدانه قيما وعادات أصيلة أقام عليها دعائم وحدته الوطنية وبنى مجتمعا عربيا إسلاميا حمل مشعل العلم والإبداع والعطاء في كفاح متصل تغلب به على كل التحديات.
وعندما يأتي ذكر الحضارة و التاريخ العماني نذكر تلك الموروثات العظيمة التي خلفها الأجداد كخير دليل على ازدهار تلك الحضارة في هذا البلد. ومن تلك الموروثات القلاع والحصون والأبراج والأفلاج والكثير من الصناعات الحرفية التقليدية التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا.
الأهمية التاريخية للقلاع:
لقد قامت القلاع والحصون العمانية بدور رئيسي في تاريخ شرق الجزيرة العربية منذ اقدم العصور. فقد كانت بمثابة رمز للسلطة والحكم وبالتالي كان الاهتمام ينصب عليها باستمرار خلال الحروب الأهلية العنيفة عندما كان الناس مشتتين بين الفئات المتناحرة على السلطة. وقد أصبحت حيازة القلاع والحصون من مستلزمات إقامة بلد موحد بعد فترات الانقسام السياسي والديني.
علاوة على التحصينات القليلة التي أقامها الساسانيون وخلفائهم الأخمينيون والفرثيون في الداخل فليس من المستغرب أن نجد أن أقدم الحصون والمستوطنات العمانية تقع على سفوح الجبال خصوصا في الناحيتين الجنوبية والغربية. فهنا كانت السهول والوديان الوفيرة المياه توفر مناطق زراعة المحاصيل للمستوطنين في تلك الأجزاء من البلاد التي استقر فيها أجدادهم منذ الهجرات الأولى بل وقبل ذلك. ونجد أن مستوطنات ومقابر مجان القديمة تقع في نفس المواضع.
وقد ضل الساسانيون الفرس يقيمون الإنشاءات الدفاعية على الساحل حتى القرن السابع الميلادي وتبعهم بعد ذلك الهرمزيون خلال احتلالهم لنقاط ساحليه مثل صحار وقلهات في القرنين الثامن/الرابع عشر والتاسع/الخامس عشر. ثم حلت الحصون الساحلية البرتغالية محل هذه الإنشاءات.
وعلاوة على الدوائر المحصنة الأولى المشيدة من الحجارة الضخمة ، والتي يعود عهد بعضها إلى فترات ما قبل التاريخ ،فان الحصون العربية الأولى في الداخل كانت تتألف من مناطق مسورة بالحجارة على الهضاب الصخرية وكانت تضم في العادة أبراجا دائرية.
وباستثناء نزوى وربما بهلاء فان الحصون الباقية في الداخل كان أول من شيدها ملوك النباهنة في الداخل وفي الشرقية أيضا. لقد كان عهد اليعاربة العصر الذهبي لبناء الحصون في عمان. ففي عهدهم ونتيجة للتأثير البرتغالي في تصميم الحصون ، تظهر التأثيرات الخارجية في بناء أبراج المدفعية المزودة بقواعد صلبة لاستعمال المدافع (مثلا في نزوى) وفي تبني نظام البرجين الركنيين المتقابلين في الحصون المستطيلة الشكل للتمكن من إطلاق النار بشكل منسق. ويقدم حصنا جبرين والحزم افضل مثال على ذلك وقد شيدا في أواخر القرن الحادي عشر/السابع عشر وأوائل القرن الثاني عشر/الثامن عشر على التوالي.
وفي منتصف القرن الثاني عشر/الثامن عشر استخدمت أساليب البناء من هذه المنطقة الوسطى في عمان في سهل الباطنة الساحلي وفي الغدف*(مثلا في بركاء والرستاق) وفي وقت لاحق من ذلك القرن بدأ بناء البيوت المحصنة (مثل بيت نعمان) التي ينم تصميمها عن تأثير خارجي وغالبا ما يكون هنديا(المغول) وأعيد بناء الحصون على مواقع الحصون البرتغالية الساحلية.
لقد ضلت الحصون قيد الاستعمال على نطاق واسع بقية القرن الثاني عشر/الثامن عشر والقرن الثالث عشر/ التاسع عشر ، وضلت حيازتها تشكل عاملا يتسم بأهمية سياسية بالغة. ويبدو أن البرنامج الرئيسي الوحيد والضروري لبناء الإنشاءات الدفاعية حدث في أواخر القرن الثاني عشر/الثامن عشر والقرن الثالث عشر/ التاسع عشر على طول ساحل الباطنة. وكانت القلاع والحصون تعتبر دائما خاضعة لسلطة الإمام الذي كان يزودها بالحاميات العسكرية ويتولى صيانتها. وكان أيضا يعين قادة أو حكاما(ولاة) لهذه الحصون بوصفهم ممثلين له في كافة أرجاء البلاد.
نبذة تاريخية عن التصميم:
إن واجهات المباني الخارجية في البلدان الإسلامية عموما وعمان خصوصا لا تعبر دائما عن وظيفتها المحددة.فجدران البيوت العالية غالبا ما تكون بلا نوافذ ولا يتخللها إلا مدخل واحد فقط. ويرجع ذلك إلى أسباب الدفاع والعزلة التقليدية وكذلك للوقاية من هبوب الرمال في المناطق الصحراوية. والبيت العربي يبدو لمن ينظر إليه من الخارج صارم المنظر، في حين أن النشاطات داخل المبنى تجري ضمن فناء داخلي تحيط به الغرف كليا أو جزئيا. ويكمن هذا المفهوم والوظيفة للإنشاء السكني في جوهر تصميم المباني المحلية والفن المعماري في الجزيرة العربية.
أما المباني التي لها وظيفة محددة فتشمل النزل المسورة والإنشاءات المحصنة التي كثيرا ما تكون مؤلفة من أسوار عالية وأبراج تحيط بأرض خلاء ، وكذلك المساجد بايواناتها ذات الأعمدة وساحاتها المسقوفة أو المقنطرة والمفتوحة في أحد جوانبها. أما الزخرفة-بصرف النظر عن المدخل الوحيد-فهي تقتصر على الجزء الداخلي من البناء. إذ أن الجزء المسور والساحة أو الساحات التي غالبا ما تتميز بوجود رواق مسقوف أو مقنطر وكذلك غرف الاستقبال الرئيسية يمكن أن تكون مزخرفة بالأفاريز وأشكال الجص المصبوب والبلاط والسقوف المطلية.
إن القصر الإسلامي الريفي-أي القلعة أو الموقع الدفاعي الذي كان يحتله الحاكم- يتبع تقليدا طويل الأمد في المعمار العسكري الذي يتراوح بين القصور والمدن المحصنة وبين البيوت الحصينة التي تم بناؤها على مر السنين.
وتنعكس هذه التقاليد في عمان ، في قلعة بهلاء المسورة التي شيدت أصلا في حوالي القرن السادس/الثاني عشر ، وحصن الحزم من أوائل القرن الثاني عشر/الثامن عشر بأبراجه ذات العقود البرميلية وأروقته الحجرية المقنطرة. ومن الواضح أن المباني الشهيرة في العالم الإسلامي التي شيدت ما بين العهد العباسي والعثماني من القرن الثالث /التاسع إلى القرن الحادي عشر/السابع عشر -من مساجد وقصور ومدارس ملحقة بالمساجد والمقابر صممها البناؤون المعماريون أولا على صحائف الرق ثم على الورق العادي باستعمال شبكة خطوط متسامتة مربعة كوحدة تصميم قياسية.
ولما كان سكان عمان يتألفون من الجماعات القبلية والمزارعين والرعاة في ذلك الحين فلا غرابة أن نجد أن المباني كانت أساسا ذات طبيعة سكنية أو دفاعية. ولهذا فلا توجد شواهد تذكر في عمران المباني تعكس فترات الفن المعماري الإسلامي العظيمة.ولكن ما أبقى عمان فقيرة هو حرمانها من استخدام الساحل والتجارة البحرية التي استغلها آخرون. فبعد سقوط صحار في أيدي البويهيين في القرن الرابع/العاشر ، سيطرت على الساحل هرمز ومن ثم البرتغال ولكن مع أن سيطرتهما لم تمتد إلى داخل عمان إلا أن وجودهما حرم العمانيين في الدخل من السيطرة على التجارة البحرية حتى فترة حكم اليعاربة في عمان في القرن الحادي عشر/السابع عشر. وكان من شان ذلك أن تصميم المساجد والحصون والمباني السكنية في الداخل كان يستند في غالب الأحيان على المفاهيم المحلية.
أما أقدم أسلوب معماري أجنبي ظل قائما حتى الآن فيتمثل في بيت مريم في قلهات الذي وصفه ابن بطوطة(بأنه من اجمل المساجد) وقد شيدته بيبي مريم أرملة اياز حاكم قلهات وهرمز الذي توفي في سنة 711ه/1311-12م. وبعد وصول البرتغاليين في القرن العاشر/السادس عشر وانبعاث اليعاربة من جديد خلال القرن التالي ، تعرضت عمان لقدر كبير من التأثير الثقافي من الغرب ومن غربي المحيط الهندي عموما. ويبدو أن كثيرا من المباني التي ما تزال قائمة من تلك الحقبة كانت حصيلة نظريات معمارية. ومن بين هذه المباني قصر جبرين الذي يرجع عهده إلا أواخر القرن الحادي عشر/السبع عشر وقصر الحزم المحصن الذي بني سنة 1120/1708-9 وبيت النعمان قرب بركاء الذي بني في منتصف القرن الثاني عشر/الثامن عشر وبيت حبرا وبيت الراوية اللاحق في مسقط وبيوت مسقط وابرا الكبيرة.
ويبدو أن هذه المباني كان قد صممها بناتها المعماريون حسبما هي الآن. وربما تدل عملية مسح أخرى على أنها صممت على أساس قياسي متقن وربما وفقا لنظام نسبي محدد.
اساليب التصميم والبناء والزخرفة:
لقد عرف البناء بالحجارة المشبذة بشكل متقن واستخدام الحجارة في واجهات المباني منذ زمن طويل في جنوب غرب الجزيرة العربية. وتبين نماذج الأبنية الحجرية والمهارة الحرفية القديمة الموجودة في انشاءات فترة ما قبل الاسلام في اليمن أن الاستخدام المستمر للحجارة كمادة للبناء يرجع الى وفرة المواد الطبيعية فيها من قبيل نتوءات الصوان والحجر الكلسي في السلاسل الجبلية. واستمر هذا التقليد عبر العصور الوسطى حتى عصرنا الحاضر حيث نجد أن الحجر المربع البديع أو حتى الحجر ذي الشكل المعين يمثل معلما من معالمالمباني الهامة في اليمن. ولعل هذا لا ينطبق على ما وجد من مبان حجرية في عمان اذ لا يوجد فيها أي تقليد متواصل للبناء الحجري بمستويات مماثلة لليمن رغم توفر الحجارة المناسبة.
ولعل بامكان المرء أنيذكر أن أوائل المهاجرين الى عمان من الأجزاء الغربية من الجزيرة العربية وأساسا من الرعاة والمزارعين والريفيين اوةالتجار ومرشدي القوافل في المناطق الريفية مما يمكنت اعتبارة سببا لندرة البناء الحجري وعدم وجود نصوص أو حتى نقوش من فترة ما قبل الأسلام. ولكن من الجدير بالذكر أن الطوب المحروق طل يستعمل في صحار حتى القرن الرابع/ العاشر عندما كانت صحار ميناء هاما وغنيا. وكان هذا الطوب يستمد من حفر الصلصال وأفران حرق الطوب المجاورة حتى نهاية القرن الرابع/ العاشر ولا بد أن هذة الصناعة كانت مذدهرة. وكان يقوم على صناعة الطوب في صحار من الناحية التقليدية افراد من الجالية اليهودية حسبما فعلوا في صنعاء باليمن حيث كان اليهود هناك يصنعون الطوب المحروق لاستعمالة في بناء البيوت. ويبدو أن هذا يشير الى وجود فنيين وبنائييت يمنيين في عمان آنذاك
.
ان الاعتقاد السائد بأن جدران معظم المباني التقليدية في الجزيرة العربية مشيدة بالطوب الطينبي المجفف بالشمس ومطلية من الطين أو الصلصال هو اعتقاد صحيح فيما يتعلق بالمناطق التي لا يتوفر فيها أي مواد أخرى والمباني السكنية والصغيرة. ولكن هذا لا ينطبق على الحصون والانشاءات الدفاعية حيث نجد أن طبقات الطلية الطينية تخفي في غالب الأحيان حجارة البناء وخصوصا في المستوى السفلي من الجدار. وليس من المستغرب أن نجد حصنا مشيدا بالطوب الطيني المجفف بالشمس ويضم على الأرجح أربعة أبراج ركينة ومع ذالك يكون برج واحد على الأقل مشيدا بالحجارة أو تكون واجهتة حجرية. وهناك امثلة معينة على أبراج دائرية مشيدة بالطوب الطيني ويتألف جزؤها السفلي في غالب الأحيان من قواعد صلصالية صلدة حتى أرتفاع أربعة أمتار تقريبا ويزداد قطرها بجدار خارجي سميك بعمق يصل الى مير واحد. وكانت هذه الأبراج المشيدة بالحجارة تستحدم أحيانا كمواقع للدفاع. وما تزال هذه المدافع في مكانها في بعض الحصون أوعلى الأرض المجاورة بعد اسقاطها من مواقعها أثنا الاستيلاء على الحصن.
المعجم الجغرافي للقلاع والبيوت المحصنة:
الاسم المنطقة الاسم المنطقة الاسم المنطقة
إبرا الشرقية مطرح سوادي العلوي الباطنة
أدم الجوف ثرمد الباطنة سمد الشأن الشرقية
ازكى جبرين الجوف بيت خزام
بيت نزار الملدة الباطنة بيت خبيب
الفليج الباطنة نزوى الجوف السويق الباطنة
أفلاج الجوف نعمان الباطنة السيب الباطنة
أفي الغدف الحزم الغدف شناص الباطنة
بات السر حيل الغاف الشرقية صحار الباطنة
بدبد الغدف قلعة الحيل صور الشرقية
مسقط خصب الشمالية العيجة
بركاء الباطنة الدريز السر حصن سنيسلة
بركة الموز الجوف الرستاق الغدف ضنك السر
بيت رديدة الرميس الباطنة حصن الإمام
بهلاء الجوف قلعة الرميس طاقة الجنوبية
البريمي حصن الحلان روي مطرح عبري السر
حصن الخندق توام بيت الفلج الحصن
بلاد بني بو علي جعلان سدح الجنوبية العراقي السر
بلة الباطنة سلوت الجوف العوابي الغدف
قلهات الشرقية السليف السر العينين السر
مرباط الجنوبية سمائل الغدف الغافات الجوف
الغبي السر فرق الجوف
أسماء ومواقع المناطق العمانية القديمة:
الباطنة : المنطقة الساحلية بين الجبال من الشمالية حتى مطرح ومسقط.
بدية : منطقة وادي البطحاء جنوب الشرقية حتى بحر وهيبة الرملي.
توام : منطقة البريمي والمنطقة المحيطة بها.
جعلان : من وادي البطحاء وبدية حتى رأس الحد: المنطقة الساحلية للشرقية.
جلفار : المنطقة الواقعة في الجنوب الغربي من شبه جزيرة مسندم.
الجوف : جنوب الجبال من غرب بهلاء حتى إزكي.
السر : جنوب توام حتى عبري.
الشرقية : المنطقة العمانية الواقعة شرق وادي سمائل وإزكي حتى الساحل.
الشمالية : المنطقة المأهولة بالسكان في الجانب الشرقي من جبال شبة جزيرة مسندم حتى الفجيرة.
الصير : تضم جلفار حتى توام في الجانب الغربي من جبال شبة جزيرة مسندم.
الظاهرة : تضم المنطقة الصحراوية الخارجية لتوام وسر.
الغدف : المنطقة الواقعة في الطرف الشمالي لوادي سمائل وخصوصا المنطقة المتركزة حول الرستاق.
محتوى البحث:
مقدمة.
الأهمية التاريخية للقلاع.
نبذة تاريخية عن التصميم.
المعجم الجغرافي للقلاع والحصون.
أسماء ومواقع المناطق العمانية القديمة.
مقدمة:
عمان اسم يتجلى بكل وضوح على صفحات التاريخ الحضاري في شبه الجزيرة العربية ؛ حيث اتسمت في قديم الزمان بالسمات الحضارية التي أهلتها لتكون مهدا وأرضا لحضارات عريقة في العصور الغابرة. كما كان لها إسهامها المؤثر في صياغة التاريخ القديم لشبه الجزيرة العربية. فضلا عن صلاتها وعلاقاتها الخصبة مع مراكز الحضارات العالمية المجاورة. وبينما تكشف الشواهد التاريخية عن المدنيات والحواضر العريقة التي شيدها العمانيون فيما قبل الإسلام وفي عصوره الأولى فإنها تشير إلى عمان كإحدى القلاع الحصينة للدعوة الإسلامية والى ما قام به العمانيون من دور بارز في نشرها إلى أرجاء بعيدة وفيما قدموه من عطاء غزير في مختلف مجالات الإبداع ساهم في بناء الحضارة الإسلامية كم ساهم في إثراء الحضارة الإنسانية.
لقد تهيأ لعمان من خلال هذا كله وعلى مدى الأزمان أن تضطلع بدور حضاري متكامل منح شعبها شخصيته المتميزة، ورسخ في وجدانه قيما وعادات أصيلة أقام عليها دعائم وحدته الوطنية وبنى مجتمعا عربيا إسلاميا حمل مشعل العلم والإبداع والعطاء في كفاح متصل تغلب به على كل التحديات.
وعندما يأتي ذكر الحضارة و التاريخ العماني نذكر تلك الموروثات العظيمة التي خلفها الأجداد كخير دليل على ازدهار تلك الحضارة في هذا البلد. ومن تلك الموروثات القلاع والحصون والأبراج والأفلاج والكثير من الصناعات الحرفية التقليدية التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا.
الأهمية التاريخية للقلاع:
لقد قامت القلاع والحصون العمانية بدور رئيسي في تاريخ شرق الجزيرة العربية منذ اقدم العصور. فقد كانت بمثابة رمز للسلطة والحكم وبالتالي كان الاهتمام ينصب عليها باستمرار خلال الحروب الأهلية العنيفة عندما كان الناس مشتتين بين الفئات المتناحرة على السلطة. وقد أصبحت حيازة القلاع والحصون من مستلزمات إقامة بلد موحد بعد فترات الانقسام السياسي والديني.
علاوة على التحصينات القليلة التي أقامها الساسانيون وخلفائهم الأخمينيون والفرثيون في الداخل فليس من المستغرب أن نجد أن أقدم الحصون والمستوطنات العمانية تقع على سفوح الجبال خصوصا في الناحيتين الجنوبية والغربية. فهنا كانت السهول والوديان الوفيرة المياه توفر مناطق زراعة المحاصيل للمستوطنين في تلك الأجزاء من البلاد التي استقر فيها أجدادهم منذ الهجرات الأولى بل وقبل ذلك. ونجد أن مستوطنات ومقابر مجان القديمة تقع في نفس المواضع.
وقد ضل الساسانيون الفرس يقيمون الإنشاءات الدفاعية على الساحل حتى القرن السابع الميلادي وتبعهم بعد ذلك الهرمزيون خلال احتلالهم لنقاط ساحليه مثل صحار وقلهات في القرنين الثامن/الرابع عشر والتاسع/الخامس عشر. ثم حلت الحصون الساحلية البرتغالية محل هذه الإنشاءات.
وعلاوة على الدوائر المحصنة الأولى المشيدة من الحجارة الضخمة ، والتي يعود عهد بعضها إلى فترات ما قبل التاريخ ،فان الحصون العربية الأولى في الداخل كانت تتألف من مناطق مسورة بالحجارة على الهضاب الصخرية وكانت تضم في العادة أبراجا دائرية.
وباستثناء نزوى وربما بهلاء فان الحصون الباقية في الداخل كان أول من شيدها ملوك النباهنة في الداخل وفي الشرقية أيضا. لقد كان عهد اليعاربة العصر الذهبي لبناء الحصون في عمان. ففي عهدهم ونتيجة للتأثير البرتغالي في تصميم الحصون ، تظهر التأثيرات الخارجية في بناء أبراج المدفعية المزودة بقواعد صلبة لاستعمال المدافع (مثلا في نزوى) وفي تبني نظام البرجين الركنيين المتقابلين في الحصون المستطيلة الشكل للتمكن من إطلاق النار بشكل منسق. ويقدم حصنا جبرين والحزم افضل مثال على ذلك وقد شيدا في أواخر القرن الحادي عشر/السابع عشر وأوائل القرن الثاني عشر/الثامن عشر على التوالي.
وفي منتصف القرن الثاني عشر/الثامن عشر استخدمت أساليب البناء من هذه المنطقة الوسطى في عمان في سهل الباطنة الساحلي وفي الغدف*(مثلا في بركاء والرستاق) وفي وقت لاحق من ذلك القرن بدأ بناء البيوت المحصنة (مثل بيت نعمان) التي ينم تصميمها عن تأثير خارجي وغالبا ما يكون هنديا(المغول) وأعيد بناء الحصون على مواقع الحصون البرتغالية الساحلية.
لقد ضلت الحصون قيد الاستعمال على نطاق واسع بقية القرن الثاني عشر/الثامن عشر والقرن الثالث عشر/ التاسع عشر ، وضلت حيازتها تشكل عاملا يتسم بأهمية سياسية بالغة. ويبدو أن البرنامج الرئيسي الوحيد والضروري لبناء الإنشاءات الدفاعية حدث في أواخر القرن الثاني عشر/الثامن عشر والقرن الثالث عشر/ التاسع عشر على طول ساحل الباطنة. وكانت القلاع والحصون تعتبر دائما خاضعة لسلطة الإمام الذي كان يزودها بالحاميات العسكرية ويتولى صيانتها. وكان أيضا يعين قادة أو حكاما(ولاة) لهذه الحصون بوصفهم ممثلين له في كافة أرجاء البلاد.
نبذة تاريخية عن التصميم:
إن واجهات المباني الخارجية في البلدان الإسلامية عموما وعمان خصوصا لا تعبر دائما عن وظيفتها المحددة.فجدران البيوت العالية غالبا ما تكون بلا نوافذ ولا يتخللها إلا مدخل واحد فقط. ويرجع ذلك إلى أسباب الدفاع والعزلة التقليدية وكذلك للوقاية من هبوب الرمال في المناطق الصحراوية. والبيت العربي يبدو لمن ينظر إليه من الخارج صارم المنظر، في حين أن النشاطات داخل المبنى تجري ضمن فناء داخلي تحيط به الغرف كليا أو جزئيا. ويكمن هذا المفهوم والوظيفة للإنشاء السكني في جوهر تصميم المباني المحلية والفن المعماري في الجزيرة العربية.
أما المباني التي لها وظيفة محددة فتشمل النزل المسورة والإنشاءات المحصنة التي كثيرا ما تكون مؤلفة من أسوار عالية وأبراج تحيط بأرض خلاء ، وكذلك المساجد بايواناتها ذات الأعمدة وساحاتها المسقوفة أو المقنطرة والمفتوحة في أحد جوانبها. أما الزخرفة-بصرف النظر عن المدخل الوحيد-فهي تقتصر على الجزء الداخلي من البناء. إذ أن الجزء المسور والساحة أو الساحات التي غالبا ما تتميز بوجود رواق مسقوف أو مقنطر وكذلك غرف الاستقبال الرئيسية يمكن أن تكون مزخرفة بالأفاريز وأشكال الجص المصبوب والبلاط والسقوف المطلية.
إن القصر الإسلامي الريفي-أي القلعة أو الموقع الدفاعي الذي كان يحتله الحاكم- يتبع تقليدا طويل الأمد في المعمار العسكري الذي يتراوح بين القصور والمدن المحصنة وبين البيوت الحصينة التي تم بناؤها على مر السنين.
وتنعكس هذه التقاليد في عمان ، في قلعة بهلاء المسورة التي شيدت أصلا في حوالي القرن السادس/الثاني عشر ، وحصن الحزم من أوائل القرن الثاني عشر/الثامن عشر بأبراجه ذات العقود البرميلية وأروقته الحجرية المقنطرة. ومن الواضح أن المباني الشهيرة في العالم الإسلامي التي شيدت ما بين العهد العباسي والعثماني من القرن الثالث /التاسع إلى القرن الحادي عشر/السابع عشر -من مساجد وقصور ومدارس ملحقة بالمساجد والمقابر صممها البناؤون المعماريون أولا على صحائف الرق ثم على الورق العادي باستعمال شبكة خطوط متسامتة مربعة كوحدة تصميم قياسية.
ولما كان سكان عمان يتألفون من الجماعات القبلية والمزارعين والرعاة في ذلك الحين فلا غرابة أن نجد أن المباني كانت أساسا ذات طبيعة سكنية أو دفاعية. ولهذا فلا توجد شواهد تذكر في عمران المباني تعكس فترات الفن المعماري الإسلامي العظيمة.ولكن ما أبقى عمان فقيرة هو حرمانها من استخدام الساحل والتجارة البحرية التي استغلها آخرون. فبعد سقوط صحار في أيدي البويهيين في القرن الرابع/العاشر ، سيطرت على الساحل هرمز ومن ثم البرتغال ولكن مع أن سيطرتهما لم تمتد إلى داخل عمان إلا أن وجودهما حرم العمانيين في الدخل من السيطرة على التجارة البحرية حتى فترة حكم اليعاربة في عمان في القرن الحادي عشر/السابع عشر. وكان من شان ذلك أن تصميم المساجد والحصون والمباني السكنية في الداخل كان يستند في غالب الأحيان على المفاهيم المحلية.
أما أقدم أسلوب معماري أجنبي ظل قائما حتى الآن فيتمثل في بيت مريم في قلهات الذي وصفه ابن بطوطة(بأنه من اجمل المساجد) وقد شيدته بيبي مريم أرملة اياز حاكم قلهات وهرمز الذي توفي في سنة 711ه/1311-12م. وبعد وصول البرتغاليين في القرن العاشر/السادس عشر وانبعاث اليعاربة من جديد خلال القرن التالي ، تعرضت عمان لقدر كبير من التأثير الثقافي من الغرب ومن غربي المحيط الهندي عموما. ويبدو أن كثيرا من المباني التي ما تزال قائمة من تلك الحقبة كانت حصيلة نظريات معمارية. ومن بين هذه المباني قصر جبرين الذي يرجع عهده إلا أواخر القرن الحادي عشر/السبع عشر وقصر الحزم المحصن الذي بني سنة 1120/1708-9 وبيت النعمان قرب بركاء الذي بني في منتصف القرن الثاني عشر/الثامن عشر وبيت حبرا وبيت الراوية اللاحق في مسقط وبيوت مسقط وابرا الكبيرة.
ويبدو أن هذه المباني كان قد صممها بناتها المعماريون حسبما هي الآن. وربما تدل عملية مسح أخرى على أنها صممت على أساس قياسي متقن وربما وفقا لنظام نسبي محدد.
اساليب التصميم والبناء والزخرفة:
لقد عرف البناء بالحجارة المشبذة بشكل متقن واستخدام الحجارة في واجهات المباني منذ زمن طويل في جنوب غرب الجزيرة العربية. وتبين نماذج الأبنية الحجرية والمهارة الحرفية القديمة الموجودة في انشاءات فترة ما قبل الاسلام في اليمن أن الاستخدام المستمر للحجارة كمادة للبناء يرجع الى وفرة المواد الطبيعية فيها من قبيل نتوءات الصوان والحجر الكلسي في السلاسل الجبلية. واستمر هذا التقليد عبر العصور الوسطى حتى عصرنا الحاضر حيث نجد أن الحجر المربع البديع أو حتى الحجر ذي الشكل المعين يمثل معلما من معالمالمباني الهامة في اليمن. ولعل هذا لا ينطبق على ما وجد من مبان حجرية في عمان اذ لا يوجد فيها أي تقليد متواصل للبناء الحجري بمستويات مماثلة لليمن رغم توفر الحجارة المناسبة.
ولعل بامكان المرء أنيذكر أن أوائل المهاجرين الى عمان من الأجزاء الغربية من الجزيرة العربية وأساسا من الرعاة والمزارعين والريفيين اوةالتجار ومرشدي القوافل في المناطق الريفية مما يمكنت اعتبارة سببا لندرة البناء الحجري وعدم وجود نصوص أو حتى نقوش من فترة ما قبل الأسلام. ولكن من الجدير بالذكر أن الطوب المحروق طل يستعمل في صحار حتى القرن الرابع/ العاشر عندما كانت صحار ميناء هاما وغنيا. وكان هذا الطوب يستمد من حفر الصلصال وأفران حرق الطوب المجاورة حتى نهاية القرن الرابع/ العاشر ولا بد أن هذة الصناعة كانت مذدهرة. وكان يقوم على صناعة الطوب في صحار من الناحية التقليدية افراد من الجالية اليهودية حسبما فعلوا في صنعاء باليمن حيث كان اليهود هناك يصنعون الطوب المحروق لاستعمالة في بناء البيوت. ويبدو أن هذا يشير الى وجود فنيين وبنائييت يمنيين في عمان آنذاك
.
ان الاعتقاد السائد بأن جدران معظم المباني التقليدية في الجزيرة العربية مشيدة بالطوب الطينبي المجفف بالشمس ومطلية من الطين أو الصلصال هو اعتقاد صحيح فيما يتعلق بالمناطق التي لا يتوفر فيها أي مواد أخرى والمباني السكنية والصغيرة. ولكن هذا لا ينطبق على الحصون والانشاءات الدفاعية حيث نجد أن طبقات الطلية الطينية تخفي في غالب الأحيان حجارة البناء وخصوصا في المستوى السفلي من الجدار. وليس من المستغرب أن نجد حصنا مشيدا بالطوب الطيني المجفف بالشمس ويضم على الأرجح أربعة أبراج ركينة ومع ذالك يكون برج واحد على الأقل مشيدا بالحجارة أو تكون واجهتة حجرية. وهناك امثلة معينة على أبراج دائرية مشيدة بالطوب الطيني ويتألف جزؤها السفلي في غالب الأحيان من قواعد صلصالية صلدة حتى أرتفاع أربعة أمتار تقريبا ويزداد قطرها بجدار خارجي سميك بعمق يصل الى مير واحد. وكانت هذه الأبراج المشيدة بالحجارة تستحدم أحيانا كمواقع للدفاع. وما تزال هذه المدافع في مكانها في بعض الحصون أوعلى الأرض المجاورة بعد اسقاطها من مواقعها أثنا الاستيلاء على الحصن.
المعجم الجغرافي للقلاع والبيوت المحصنة:
الاسم المنطقة الاسم المنطقة الاسم المنطقة
إبرا الشرقية مطرح سوادي العلوي الباطنة
أدم الجوف ثرمد الباطنة سمد الشأن الشرقية
ازكى جبرين الجوف بيت خزام
بيت نزار الملدة الباطنة بيت خبيب
الفليج الباطنة نزوى الجوف السويق الباطنة
أفلاج الجوف نعمان الباطنة السيب الباطنة
أفي الغدف الحزم الغدف شناص الباطنة
بات السر حيل الغاف الشرقية صحار الباطنة
بدبد الغدف قلعة الحيل صور الشرقية
مسقط خصب الشمالية العيجة
بركاء الباطنة الدريز السر حصن سنيسلة
بركة الموز الجوف الرستاق الغدف ضنك السر
بيت رديدة الرميس الباطنة حصن الإمام
بهلاء الجوف قلعة الرميس طاقة الجنوبية
البريمي حصن الحلان روي مطرح عبري السر
حصن الخندق توام بيت الفلج الحصن
بلاد بني بو علي جعلان سدح الجنوبية العراقي السر
بلة الباطنة سلوت الجوف العوابي الغدف
قلهات الشرقية السليف السر العينين السر
مرباط الجنوبية سمائل الغدف الغافات الجوف
الغبي السر فرق الجوف
أسماء ومواقع المناطق العمانية القديمة:
الباطنة : المنطقة الساحلية بين الجبال من الشمالية حتى مطرح ومسقط.
بدية : منطقة وادي البطحاء جنوب الشرقية حتى بحر وهيبة الرملي.
توام : منطقة البريمي والمنطقة المحيطة بها.
جعلان : من وادي البطحاء وبدية حتى رأس الحد: المنطقة الساحلية للشرقية.
جلفار : المنطقة الواقعة في الجنوب الغربي من شبه جزيرة مسندم.
الجوف : جنوب الجبال من غرب بهلاء حتى إزكي.
السر : جنوب توام حتى عبري.
الشرقية : المنطقة العمانية الواقعة شرق وادي سمائل وإزكي حتى الساحل.
الشمالية : المنطقة المأهولة بالسكان في الجانب الشرقي من جبال شبة جزيرة مسندم حتى الفجيرة.
الصير : تضم جلفار حتى توام في الجانب الغربي من جبال شبة جزيرة مسندم.
الظاهرة : تضم المنطقة الصحراوية الخارجية لتوام وسر.
الغدف : المنطقة الواقعة في الطرف الشمالي لوادي سمائل وخصوصا المنطقة المتركزة حول الرستاق.