بسمة الزهرة- المراقبــين
من طرف بسمة الزهرة الثلاثاء 8 مارس - 15:58
أين كنتَ يا راشد؟!
- في المريخ (أجبتها ساخراً) عند أصحابي بالطبع ..
كانت في حالة يرثى لها، قالت والعبرة تخنقها:
- راشد… أنا تعبة جداً… الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكاً…
سقطت دمعة صامته على جبينها ، أحسست أنّي أهملت زوجتي ، كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي خاصة أنّها في شهرها التاسع…
قاست زوجتي الآلام يوم وليلة في المستشفى، حتى رأى طفلي النور… لم أكن في المستشفى ساعتها، تركت رقم هاتف المنزل وخرجت، اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ..
حين وصلت المستشفى طُلب منّي أن أراجع الطبيبة… أي طبيبة؟! المهم الآن أن أرى ابني سالم… لابد من مراجعة الطبيبة… أجابتني موظّفة الاستقبال بحزم !!
صُدمت حين عرفت أن ابني أعمى!!!! تذكّرت المتسوّل… سبحان الله كما تدين تدان!!!
لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله راضية .. طالما نصحتني… طالما طلبت منّي أن أكف عن تقليد الآخرين… كلاّ هي لا تسميه تقليداً بل غيبة… ومعها كل الحق!!
لم أكن أهتم بسالم كثيراً، اعتبرته غير موجود في المنزل، حين يشتد بكاءه أهرب إلى الصالة لأنام فيها .. كانت زوجتي تهتم به كثيراً ، وتحبّه .. لحظة لا تظنوا أنّي أكرهه،أنا لا أكرهه لكن لم أستطع أن أحبّه!.
أقامت زوجتي احتفالاً حين خطا خطواته الأولى، وحين أكمل الثّانية اكتشفنا أنّه أعرج!!!!!!!!.
كلّما زدت ابتعاداً عنه ازدادت زوجتي حباً واهتماماً بسالم حتى بعد أن أنجبت عمر وخالد..
مرّت السنوات كنت لاهٍ وغافل، غرّتني الدنيا وما فيها، كنت كاللعبة في يد رفقة سوء مع أنّي كنت أظن أنّي من يلعب عليهم.. لم تيأس زوجتي من إصلاحي، كانت تدعو لي دائماً بالهداية، لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة ، أو إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته ..
كبر سالم، ولم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر!!! حتّى ذلك اليوم .. كان يوم الجمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً، ما يزال الوقت باكراً لكن لا يهم، أخذت دشّاً سريعاً، لبست وتعطّرت وهممت بالخروج ..
استوقفني منظره، كان يبكي بحرقة! إنّها المرّة الأولى التي أرى فيها سالم يبكي مذ كان طفلاً .. أأخرج…؟ لا .. كيف أتركه وهو في هذه الحالة؟! أهو الفضول أم الشفقة؟! لا يهم…
سألته… سالم لماذا تبكي؟!.
حين سمع صوتي توقّف ، بدأ يتحسّس ما حوله… ما بِه يا ترى؟! واكتشفت أن ابني يهرب منّي!!!… الآن أحسست به… أين كنت منذ عشر سنوات؟! تبعته… كان قد دخل غرفته… رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه، وتحت إصراري عرفت السبب … تأخّر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد، اليوم الجمعة خاف ألاّ يجد
مكاناً في السطر الأوّل، نادى والدته لكن لا مجيب، حينها…
حينها وضعت يدي على فمه كأنّي أطلب منه أن يكف عن حديثه، وأكملت : حينها بكيت يا سالم…
لا أعلم ما الذي دفعني لأقول له: سالم لا تحزن… هل تعلم من سيرافقك اليوم إلى المسجد؟! أجاب: أكيد عمر… ليتني أعلم إلى أين ذهب؟! قلت له: لا يا سالم أنا من سيرافقك! استغرب سالم، لم يصدّق، ظنّ أنّي أسخر منه، عاد إلى بكائه، مسحت دموعه بيدي، وأمسكت بيده. أردت أن أوصله بالسيّارة رفض قائلاً: أبي المسجد قريب، أريد أن أخطو إلى المسجد..
لا أذكر متى آخر مرّة دخلت فيها المسجد ولا أذكر آخر سجدة سجدتها .. هي المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية ..
مع أن المسجد كان مليئاً بالمصلّين إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل .. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً... استغربت كيف سيقرأ وهو أعمى؟! هذا ما تردّد في نفسي، ولم أصرّح به خوفاً من جرح مشاعره .. طلب منّي أن أفتح له المصحف على سورة الكهف، نفّذت ما طلب، وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة، يا الله!! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر
غيب!!! خجلت من نفسي، أمسكت مصحفاً، أحسست برعشة في أوصالي، قرأت وقرأت، قرأت ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني .. هذه المرّة أنا من بكى حزناً وندماً على ما فرّطت، ولم أشعر إلاّ بيد تمسح عنّي دموعي، لقد كان سالم!.
عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم!!.
موقع قف وناظر |أفلام اون لاين منوعة|برنامج استضافة مفيدة|تحميل برامج|تحميل العاب|تحميل افلام أجنبية جديده|كل ماتتخيله ومالاتتخيله لدنيا الموقع العالمي قف وناظر www.abade.roo7.biz|اخبار نجوم الفن والمشاهير | بيع وشراء