أنا وكيلة في دائرة حكومية وعلى وشك الاستقالة بالرغم من حاجتي المادية الشديدة، تتساءلون ما السبب؟!
إنه الضعف الشديد في الشخصية وانعدام الثقة بالنفس، عندي كره شديد لعملي،! أنا رئيسة لمجموعة موظفات المفروض أقوم بنقدهم وتوجيههم لكني دائما أجبن ولا أستطيع النقد، دائما خائفة من ردة فعل من حولي! أخاف دائما من الانتقاد لا أستطيع أن أكون في الواجهة.
أرتبك دائما أجامل بطريقة متعبة حتى لا ينتقدني أحد، ذهبت مرة إلى طبيب نفسي وأفتى أن عندي اضطرابا في الشخصية، ولم يحدد لي ماهيته، أعطاني سيتالوجين وأنافرانيل وقال إنه كفيل بحل مشاكلي.
ارتحت مع الأدوية وأحسست بذهاب الضيقة الشديدة التي تكتم على صدري ولكن انعدام الثقة بالنفس والأعراض المصاحبة له لم تتغير.
عندي أبناء وأخاف أن أنقل لهم هذا البلاء الذي بي، فما الحل؟
أكتب لكم وأنا الآن متغيبة عن عملي لم أستطع الذهاب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام ايمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
فالحمد لله أنت سيدة لك وظيفة - والحمد لله - أنت زوجة وأم، وهذا من فضل الله عليك، وحقيقة هذا يدعوني بصفة قاطعة أنا أقول لك إنك لا تعانين من اضطراب في الشخصية – مع احترامي للطبيب الذي قال لك هذا – فأنت مستقرة، ولديك أشياء إيجابية كثيرة عظيمة في حياتك، ومعظم مرضى اضطرابات الشخصية يصعب عليهم الاستمرار في عمل أو تكوين أسرة أو حتى إتمام دراستهم.
وأقول لك أيضًا أنك لست بضعيفة الشخصية، ولكن الذي حدث لك هو الاكتئاب النفسي، دخل عليك من حيث لا تحتسبين، والاكتئاب النفسي قد يظهر في عدة ألوان وفي عدة أشكال، منها هذه الصورة الإكلينيكية الدقيقة التي وصفتها في رسالتك: الشعور بالاهتزاز في الثقة بالنفس، كره العمل، اهتزاز الشخصية، عدم تحملك للانتقاد، لا تستطيعين المواجهة هذا هو الاكتئاب النفسي وليس أكثر من ذلك، والاكتئاب النفسي كثيرًا ما يصيب النساء في عمرك، فالذي أقوله لك أختِي:
شخصيتك - إن شاء الله تعالى – شخصية سليمة وشخصيتك حقيقة ليست ضعيفة ولكنه هو الاكتئاب النفسي، ولذا سوف ابدأ معك بالعلاج الدوائي، والأدوية التي أعطاها لك الطبيب هي جيدة، ولكن أعتقد أن الدواء الأمثل والأفيد لحالتك هو العقار الذي يعرف يعرف تجاريًا باسم (لسترال Lustral) أو (زولفت Zoloft) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا (حبة واحدة) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام (حبتين) ليلاً، ويجب أن تستمري على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر، وبعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسين مليجرامًا واستمري عليها لمدة عام كامل.
هذا الدواء من الأدوية الفعالة والأدوية الممتازة والسليمة جدًّا، وأنا أتوقع - بإذن الله تعالى – أنه بعد شهرين من تناول الدواء سوف تحسين أن مزاجك قد تحسن وأن الأمور أصبحت مقبولة لديك، وأصبح لديك الرغبة والدافعية نحو عمل الأشياء.
أيضًا توجد أدوية كثيرة جدًّا إذا لم يوافقك الزولفت في أي لحظة من اللحظات فيمكنك التواصل معنا، ولكني أثق أنه - إن شاء الله تعالى – سوف يفيدك.
يأتي أمر مهم بعد ذلك وهو التفكير الإيجابي، فأنت لديك أشياء عظيمة في حياتك فيجب أن تتذكريها، والإنسان حين يتذكر الجوانب الإيجابية في حياته يمكن أن يعظمها وأن يقويها، وهذا قد يؤدي إلى مزيد من التحسن، أما الإنسان حين يستسلم ويتذكر ما هو سلبي فهذا قطعًا يؤدي إلى الإحباط.
لا تتركي العمل - أختي الكريمة – فأنت وكيلة الحمد لله، ووظيفتك وظيفة محترمة وأنت في حاجة مادية لهذه الوظيفة، وفوق ذلك العمل - إن شاء الله تعالى – يجعلك مفيدة لنفسك وللآخرين.
يأتي بعد ذلك أن تستشعري أهمية الواجبات المنزلية أيضًا، فقومي بتنفيذ واجباتك الزوجية والمنزلية بكل رغبة وبكل تصميم، وعليك أيضًا ألا تهدري الزمن ولا تضعيه أبدًا، فوزعي وقتك بصورة جيدة، وبالطبع العبادة لابد أن يخصص لها وقت، والتواصل الاجتماعي يجب أن يكون له وقت، ويا حبذا لو مارست أي شيء من الرياضة في داخل المنزل، فهذا أيضًا يفيدك ويرفع من طاقاتك لدرجة كبيرة.
لا تقولي إن شخصيتك ضعيفة، فنحن علينا بالأفعال وبالإنجاز، فأنت في وظيفة ومسئولة وربة منزل أم لأولاد، كيف تكون شخصيتك ضعيفة! لا.. أرجو أن تعيدي تقييم شخصيتك، أرجو أن تعيدي تقييم نفسك، فلا تحقري نفسك، لا.. أنت قوية وإن شاء الله سوف تكونين فعالة جدًّا، وأؤكد لك أنك غير مصابة باضطراب في الشخصية، وأرجو أن تذهبي غدًا إلى العمل، ولا تساومي أبدًا في هذا الأمر، اتخذي قرارًا وتوكلي على الله وحسني الدافعية لديك، وإن شاء الله سوف تكونين على خير.
وللعلاج السلوكي لقلة الثقة بالنفس يرجى مراجعة هذه الاستشارات: ( 265851 - 259418 - 269678 - 254892 ).
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا ونشكرك على ثقتك فيما تقدمه الشبكة الإسلامية.
وبالله التوفيق.