. إلى من يتوجّه هذا الدّرس:
هذا الدّرس موجّه إلى كلّ من يطمح في الحصول على قاعدة جيّدة في علم الفلك من الهوّاة أو الطّلبة أو غيرهم. لاستيعابه لا يحتاج القارئ أن يكون ذا مستوى أعلى من الثّانوي. فالمبادئ لا تتطلّب سوى بعض المفاهيم الأساسية في الرّياضيات، و في الهندسة بالخصوص كحساب المثلّثات مثلا. ويبقى الدّرس مفتوحا كذلك للأطفال من المدرسة الإبتدائية، و خاصّة الأبواب الأولى منه.
هذا الدّرس يرمي إلى إعطاء نظرة شاملة حول علم الفلك في ظلّ الإكتشافات العلمية الحديثة، والّتي واجب معرفتها على كلّ من أراد فهم الكون الّذي نعيش فيه.
2. الهدف من دراسة علم الفلك :موضوع علم الفلك و فروعه
علم الفلك هو أقدم العلوم على الإطلاق. إذ نتج عن الدّافع الطّبيعي للإنسان لإستكشاف المحيط الّذي يعيش فيه، و محاولته فهم الظّواهر اليومية الّتي قد تبدو لنا بديهية في وقتنا الحالي، كالحركة الظّاهرية للشّمس في السّماء أو إختلاف الفصول مثلا.
و رغم أنّ هذه الحاجة تطوّرت خلال القرون الماضية من محاولة فهم المحيط المباشر (الأرض) إلى محاولة فهم ما بعد ذلك (المجموعة الشّمسية، المجرّة...)، فإنّ علم الفلك (و باقي العلوم عموما) يبقى يهدف من خلاله دارسه و الباحث فيه إلى تلبية رغبته البسيطة في فهم ما حوله حتّى يمكنه بعد ذلك تحسين ظروف معيشته. ففهم حركة القمر حول الأرض و حركة هذه الأخيرة حول الشّمس مكّننا من وضع الرّزنامات الدّقيقة الّتي تنظّم حياتنا. كذلك، فإنّ معرفة مواقع النّجوم في السّماء تمكّن المسافر و البحّار من إيجاد طريقيهما.
و موضوع علم الفلك هو "السّماء"، أي كلّ ما يوجد خارج الأرض من أجرام سماوية كالكواكب و الأقمار إلخ. و بطبيعة الحال يدرس علم الفلك الأرض أيضا ولكن بنظرة إجمالية، على عكس الجيولوجيا مثلا. فعلماء الفلك يدرسون حركة الأرض حول نفسها و دورانها حول الشّمس و تفاعلها مع الكواكب الأخرى.
وتعدّدت فروع علم الفلك بتطوّر أساليب البحث و تقنيات الرّصد و تقدّم العلوم الأخرى. إذ أنّ علم الفلك علم شامل، و الباحث فيه عليه إتقان الرّياضيات و الفيزياء بالخصوص، ولكن كذلك الكيمياء و حتّى البيولوجيا (لمن يريد دراسة إمكانية الحياة على سطح الكواكب الأخرى مثلا). و الرّاصد عليه إتقان تقنيات عديدة كالإلكترونيك و الحاسوب مثلا. و من أهمّ فروع علم الفلك الحديث نذكر:
1. قياس مواقع النّجوم (Astrometry):
و هو الفرع الّذي يرمي إلى قياس مواقع النّجوم في السّماء بدقّة كافية و رصد تحرّكاتها.
و هو الفرع الّذي يرمي إلى قياس مواقع النّجوم في السّماء بدقّة كافية و رصد تحرّكاتها.
2. الميكانيك السّماوية (Celestial Mechanics):
يهدف إلى رصد حركة الكواكب و الأقمار في مجموعتنا الشّمسية و التنبّؤ بهذه الحركة في ظلّ قانون الجاذبية. و هو علم دقيق جدّا، إذ يمكن من خلاله حساب زمن خسوف القمر بدقّة، و هذا عشرات السّنين قبل حدوثه .
يهدف إلى رصد حركة الكواكب و الأقمار في مجموعتنا الشّمسية و التنبّؤ بهذه الحركة في ظلّ قانون الجاذبية. و هو علم دقيق جدّا، إذ يمكن من خلاله حساب زمن خسوف القمر بدقّة، و هذا عشرات السّنين قبل حدوثه .
3. الفيزياء الفلكية (Astrophysics):
والّتي تضم العديد من الشّعب كدراسة طبيعة الكواكب و فيزياء النّجوم و دراسة تكوين الأبنية الكبرى و دراسة محيط ما بين النّجوم...
والّتي تضم العديد من الشّعب كدراسة طبيعة الكواكب و فيزياء النّجوم و دراسة تكوين الأبنية الكبرى و دراسة محيط ما بين النّجوم...
4. فيزياء الكون (Cosmology):
و هو يدرس الكون بمجمله و بجميع مكوّناته بنظرة شاملة، و يهدف إلى دراسة تكوينه و مستقبله، وهو علم يشهد حاليا إقبالا و إهتماما كبيرين من طرف الفلكيين.
و هو يدرس الكون بمجمله و بجميع مكوّناته بنظرة شاملة، و يهدف إلى دراسة تكوينه و مستقبله، وهو علم يشهد حاليا إقبالا و إهتماما كبيرين من طرف الفلكيين.
و الباحث في علم الفلك الحديث عليه أن يختصّ في واحدٍ من هذه الفروع إختصاصا عميقا، إذ أنّ كلّ فرع يكاد يشكّل لوحده علما منفردا ! ولكن مع هذا فإنّ عالم الفلك عليه معرفة المفاهيم الأساسية في جميع الفروع الأخرى الّتي لا تزال مرتبطة على كلّ حال. و سنبدأ التطلّع على هذه المفاهيم إبتداءً من الباب القادم.