هل هذه (أهدافك) أم أنت أسير (أمانيك)؟
د. فايز بن عبدالله الشهري
التقيت شابا طموحا مندفعا يشكو انصراف الناس عنه وهو يروّج فكرة تأسيس مشروع كبير يرى أنّه سيحدث أثرا كبيرا في المجتمع، فأكبرت الشاب وفكرته، ثم فجأة انتقل إلى الحديث عن مشروع اكبر يطمح أن يكون بديلا أو رديفا للمشروع الأول، ثم عاد وذكر مشروعا آخر مختلفا في وجهته وجذوره؛ قال انه يحلم به منذ الصغر، ولمّا سألته هل هذه المشاريع أهدافك أم أمنياتك قال لا فرق عندي بينها، فأجبته حينما تفرق بين أهدافك وأمنياتك فستنجح.
مثل هذا الشاب كثيرون نراهم حولنا ومعنا يشتكون ويتبرّمون صباح مساء، منهم من يشكو ضعف الحظ في المال والكسب مع أن هذا كلّه رزق مكتوب، أو قد تجد متظلّما من تخطيه في منصب وجاه وهو لا يعلم هل فاته حظ أم وقاه الله وزر أمانة. ومع هؤلاء تجد كثيرين يشكون بحكم العادة، وحين تتفحّص بعض مكونات شكواهم تجد أن معظم هؤلاء لا يعلمون ماذا يريدون، ولا يختارون ما يفعلون ولا يحسنون الاستمتاع بواقع لم يحسنوا اختياره أو لم يؤهلوا للانخراط فيه. وغالب عناصر هذه الفئة تكاد لا تخطئ واحدهم العين فهم دوما على هامش الأحداث سائرون سادرون، يتحركون بلا هدف ويتظلمون بلا قضية، فاقدوا الأمل في كل شيء وحين تسألهم تجدهم بلا هدف ولكنهم ماهرون في تنسيق أبلغ عبارات التذمّر وأحاديث الحسرات والأماني؟
وفي كثير من الأحوال تعتريك الدهشة حين تكتشف أن أصل شكوى بعض هؤلاء الشاكين يكمن في أن بينهم نسبة كبيرة ممن لا يفرقون في حياتهم بين (ضرورة) واقعيّة الهدف المنشود، (وضرر) وهم الأماني التي لا تحدها الحدود. ولهذا تجد منهم من ساقتهم أحلامهم عبر مشاوير العمر إلى خط النهاية وهم على ذات الحال من السخط والاستياء لا يفترون من شكوى رداءة الحظ وعدم نيل الأماني.
وفي هذا السياق علمّتنا التجارب ودروس الحياة أن صاحب الرغبات يظل دائما أسير أمنياته طوال وقته طالما لا يملك مشروعا لحياته، ولا يعرف طريقا لمساره، لأنّه في غيبة الهدف وضياع البوصلة يرتاح إلى هدهدة الأماني العراض ولوم الناس على عدم تحقيقيها. أما صاحب الهدف فهو في العادة يصنع من هدفه لافتة مضيئة تتلألأ أمام ناظريه، ويدوّن على كفوف الجد والاجتهاد خارطة طريق تتصل بالهدف والكفاح من أجله، وتراه وهو يرسم طريقه يضع في حسابه كل التحديات كما هي في حجمها ويوظّف ما منحه الله من قدرات في وزنها ثم يستحثّ العزم ويذكي جذوة الهمة لتحقيق هدفه.
ومما تقول تجارب الحياة أيضا ان الأهداف النبيلة - مهما كَبُرت - فهي سهلة التحقيق شرط أن تسلم وتنقّى النيّة من بريق الخيلاء، وحظوظ النفس الأمارة بانتقاص حق ذوي الحقوق، وبخس قدر ذوي التميز من الأقران وهم معك على مضمار الكفاح والتنافس.
مسارات
قال ومضى: تمنّت (النملة) يوما أن (تطير)، فلمّا (طارت) (ابتلعتها) الريح.
د. فايز بن عبدالله الشهري
التقيت شابا طموحا مندفعا يشكو انصراف الناس عنه وهو يروّج فكرة تأسيس مشروع كبير يرى أنّه سيحدث أثرا كبيرا في المجتمع، فأكبرت الشاب وفكرته، ثم فجأة انتقل إلى الحديث عن مشروع اكبر يطمح أن يكون بديلا أو رديفا للمشروع الأول، ثم عاد وذكر مشروعا آخر مختلفا في وجهته وجذوره؛ قال انه يحلم به منذ الصغر، ولمّا سألته هل هذه المشاريع أهدافك أم أمنياتك قال لا فرق عندي بينها، فأجبته حينما تفرق بين أهدافك وأمنياتك فستنجح.
مثل هذا الشاب كثيرون نراهم حولنا ومعنا يشتكون ويتبرّمون صباح مساء، منهم من يشكو ضعف الحظ في المال والكسب مع أن هذا كلّه رزق مكتوب، أو قد تجد متظلّما من تخطيه في منصب وجاه وهو لا يعلم هل فاته حظ أم وقاه الله وزر أمانة. ومع هؤلاء تجد كثيرين يشكون بحكم العادة، وحين تتفحّص بعض مكونات شكواهم تجد أن معظم هؤلاء لا يعلمون ماذا يريدون، ولا يختارون ما يفعلون ولا يحسنون الاستمتاع بواقع لم يحسنوا اختياره أو لم يؤهلوا للانخراط فيه. وغالب عناصر هذه الفئة تكاد لا تخطئ واحدهم العين فهم دوما على هامش الأحداث سائرون سادرون، يتحركون بلا هدف ويتظلمون بلا قضية، فاقدوا الأمل في كل شيء وحين تسألهم تجدهم بلا هدف ولكنهم ماهرون في تنسيق أبلغ عبارات التذمّر وأحاديث الحسرات والأماني؟
وفي كثير من الأحوال تعتريك الدهشة حين تكتشف أن أصل شكوى بعض هؤلاء الشاكين يكمن في أن بينهم نسبة كبيرة ممن لا يفرقون في حياتهم بين (ضرورة) واقعيّة الهدف المنشود، (وضرر) وهم الأماني التي لا تحدها الحدود. ولهذا تجد منهم من ساقتهم أحلامهم عبر مشاوير العمر إلى خط النهاية وهم على ذات الحال من السخط والاستياء لا يفترون من شكوى رداءة الحظ وعدم نيل الأماني.
وفي هذا السياق علمّتنا التجارب ودروس الحياة أن صاحب الرغبات يظل دائما أسير أمنياته طوال وقته طالما لا يملك مشروعا لحياته، ولا يعرف طريقا لمساره، لأنّه في غيبة الهدف وضياع البوصلة يرتاح إلى هدهدة الأماني العراض ولوم الناس على عدم تحقيقيها. أما صاحب الهدف فهو في العادة يصنع من هدفه لافتة مضيئة تتلألأ أمام ناظريه، ويدوّن على كفوف الجد والاجتهاد خارطة طريق تتصل بالهدف والكفاح من أجله، وتراه وهو يرسم طريقه يضع في حسابه كل التحديات كما هي في حجمها ويوظّف ما منحه الله من قدرات في وزنها ثم يستحثّ العزم ويذكي جذوة الهمة لتحقيق هدفه.
ومما تقول تجارب الحياة أيضا ان الأهداف النبيلة - مهما كَبُرت - فهي سهلة التحقيق شرط أن تسلم وتنقّى النيّة من بريق الخيلاء، وحظوظ النفس الأمارة بانتقاص حق ذوي الحقوق، وبخس قدر ذوي التميز من الأقران وهم معك على مضمار الكفاح والتنافس.
مسارات
قال ومضى: تمنّت (النملة) يوما أن (تطير)، فلمّا (طارت) (ابتلعتها) الريح.