النجوم
النجم جسم سماوي ضخم يتكون من غازات ساخنة تقع داخل مجال جاذبيته ويصدر إشعاعا كهرومغناطيسيا خاصة الضوء نتيجة للتفاعلات النووية داخل النجم. وتظهر النجوم على أنها ثابتة ومحتفظة بنفس مكانها في السماء عاما بعد آخر، ولكن في الحقيقة، فإن النجوم في حركة مستمرة ولكن المسافات التي تقطعها ضخمة جدا بحيث إن التغيرات النسبية في موقعها تظهر على مدار قرون فقط.
ويبلغ عدد النجوم التي يمكن للعين المجردة رؤيتها حوالي (8000) نجم، منها (4000) نجم يمكن رؤيتها من نصف الكرة الشمالي والأربعة آلاف الأخرى من نصف الكرة الجنوبي. كما يمكن رؤية ألفي نجم فقط في أي وقت من الأوقات في نصف الكرة الشمالي أو الجنوبي، أما الألفان الأخريان فتوجدان في السماء في ضوء النهار. ويؤدي ضوء الشمس الساطع إلى عدم ظهورها أثناء النهار.
وقد حسب علماء الفلك أن عدد النجوم في درب اللبانة وهي المجرة التي تنتمي إليها الشمس يبلغ مئات الملايين. أما درب اللبانة نفسها فهي واحدة فقط من عدة مئات من بلايين المجرات التي يمكن لأجهزة التليسكوب الحديثة أن تراها. وبالنسبة للنجوم التي تظهر في السماء فهي تلك القريبة من النظام الشمسي في درب اللبانة.
وتعتبر الشمس نموذجا واضحا للنجوم حيث يوجد بها سطح مرئي يطلق عليه الكرة الضوئية وهي عبارة عن غلاف جوي من الغازات الساخنة ويوجد فوقها هالة أكثر انتشارا وشعاع متدفق من الجزيئات يطلق عليها الرياح الشمسية. أما المناطق الأبرد من الكرة الضوئية مثل البقع الشمسية الموجودة على الشمس فهي موجودة في نجوم أخرى. ولا يمكن ملاحظة التركيب الداخلي للشمس والنجوم الأخرى ولكن أشارت الدراسات إلى وجود تيارات وطبقات حمل حراري مختلفة من حيث الكثافة ودرجة الحرارة حتى الوصول إلى الجزء المركزي حيث تحدث تفاعلات نووية حرارية. وتتكون النجوم أساسا من الهيدروجين والهليوم ومقادير متفاوتة من العناصر الأثقل.
وتتفاوت النجوم من حيث مقدار لمعانها. فهناك نجوم أكثر لمعانا من الشمس مليون مرة بينما يقل لمعان النجوم الصغيرة عن الشمس ألف مرة.
صور النجوم
لقد تصور علماء الفلك النجوم على شكل مجموعات نجمية منفصلة تصل بين كل مجموعة خطوط تمثل صورة لحيوان أو إنسان يمكن من خلالها الرجوع إلى موقع النجم فيها.
ويعود تاريخ إصدار أول أطلس فلكي إلى العالم بطليموس في القرن الثاني الميلادي والذي عرف بالمجسطي. وقد احتوى على أسماء ومواقع 1028 نجما.
وظل هذا الأطلس قرابة اثني عشر قرنا يأخذ به الفلكيون من علماء اليونان وغيرهم معتمدين على جداوله التي تبين أبعاد هذه النجوم وأقدارها وأطوالها دون تحقيق. وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، أعاد العالم الفلكي المسلم أبو الحسين الصوفي رصد نجوم بطليموس نجما نجما وتحقق من مواقعها واستدرك على بطليموس الكثير من الأخطاء التي وقع فيها أو فاتته. وأودع تصويباته في كتابه الشهير صور الكواكب الثمانية والأربعين.
وقد أدرك الصوفي أن الأخطاء التي وقع فيها بطليموس إنما مرجعها أنه كان ينظر إلى السماء من وسط الكرة فيراها من أسفل إلى فوق، فيكون شمالها يمينها، ويمينها شمالها. والصحيح أن ينظر إليها من فوق إلى أسفل حتى تعدل الصورة. ومن أجل تلافي مثل هذه الأخطاء فإن الصوفي صور لكل كوكبة (مجموعة نجمية) صورتين إحداهما على ما تقع في الكرة، والثانية على ما ترى في السماء، وذلك لقوله: "من أجل الإحاطة بالحالين في وضعين مختلفين فلا يقع التباس على من يتأمل ذلك إذا رأى ما في الكرة مخالفا لما في السماء، وما على الناظر إلا أن يرفع الدفتر فوق رأسه وينظر إلى الصورة الثانية من تحتها، وإذ ذاك تكون رؤيتها على ما في السماء".
وقد استدرك الصوفي على بطليموس في معظم مواقع النجوم ومقاديرها . فرصد كوكبة الرامي فوجد أن موضع الكوكب الذي على عرقوبه المتقدم الأيسر في القوس هو ثمان وعشرون درجة ونصف الدرجة، بينما جعله بطليموس إحدى عشرة درجة وعشر دقائق.
كما أشار إلى كواكب الدب الأكبر وعدتها سبعة وعشرون كوكبا في الصورة فقال: "فإن بطليموس قد أضاف إليها ثمانية ليست منها، وهذا خطأ منه فاضح، لا يقل عن الخطأ الآخر في حسابه طول كل من الكوكب الثامن والرابع عشر والخامس عشر، وعرضه، ذلك أنه إذا رسمت هذه الكواكب على كرة الأسطرلاب يكون موقعها مخالفا لما هو عليه في السماء".
كما تعرض الصوفي لكوكبة التنين وعدتها واحد وثلاثون كوكبا، ونبه أن بطليموس قد جعل الكوكب الخامس الواقع على رأس التنين من القدر الثالث، والصحيح أنه من القدر الثاني من أصغره. وكذلك كوكبة الجاثي على ركبتيه وعدة كواكبها ثمانية وعشرون وأشهرها كلب الراعي ، فقد أغفل بطليموس ذكر الكوكب من القدر السادس من أعظمه، وأخطأ في أقدار الأول والرابع والسادس عشر والسابع عشر والعشرين.
وعن كوكبة العوا وتسمى أيضا الصياح والنقار وحارس الشمال، وعدة كواكبها اثنان وعشرون كوكبا من الصورة وواحد من خارجها، فإن الصوفي يخالف بطليموس في اعتبار ثامن الكواكب وتاسعها من القدر الرابع مطلقا فيما هما في الواقع من القدر الرابع من أصغره فحسب. كذلك خالفه في اعتبار التاسع عشر من القدر الرابع فيما هو من القدر الثالث منبها على أن بطليموس كان قد أغفل أكبر عدد من الكواكب التي تضمها قيقاوس. كما أغفل أيضا الكوكب الواقع وسط العواء، وهو كوكب صغير جدا سمته العرب الربع.
وقد ظل أطلس الصوفي قرابة ستة عشر قرنا يؤخد به في جميع أنحاء العالم حيث ترجم إلى لغات عديدة. وفي عام 1011هـ / 1603 م، نشر أطلس نجوم آخر في أوجوسبيرج للفلكي الألماني جوهان باير. وقد ذكر باير عددا أكبر بكثير مما ذكره بطليموس والصوفي وأشار إلى النجوم بحرف من الحروف اليونانية كما حدد أيضا المجموعة النجمية التي يظهر فيها النجم.
وفي القرن الثامن عشر الميلادي، نشر الفلكي الإنجليزي جون فلامستيد أًطلس سمى فيه النجوم طبقا للمجموعة النجمية التي تنتمي إليها ولكن فلامستيد ميز النجوم بأرقام وليس بحروف. وقد احتوى هذا الأطلس على مواقع حوالي ثلاثة آلاف نجم. أما أول كتالوج حديث للنجوم فقد أصدره مرصد بون بألمانيا عام 1278هـ / 1862 م وقد احتوى على مواقع أكثر من ثلاثمائة ألف من النجوم.
وفي عام 1304هـ / 1887 م، بدأت لجنة دولية في عمل أطلس تفصيلي للنجوم. وقد جمعت الخرائط من صور التقطها أكثر من عشرين مرصدا اشترك في هذه اللجنة. ومن هذه الصور، وضع أطلس شامل به من ثمانية إلى عشرة ملايين نجم.
أما أطالس النجوم الحديثة فلا تتكون من كتب ولكن من نسخ ألواح فوتوغرافية زجاجية التقطت بأجهزة تليسكوب ضخمة. وقد تم الانتهاء من أول مسح شامل بهذا الحجم الضخم في منتصف الخمسينات من هذا القرن باستخدام تليسكوب شميديت على جبل بالومار. ويتم الآن عمل مجموعة مشابهة من الخرائط للجزء الجنوبي من السماء باستخدام أجهزة تليسكوب شميديت في أستراليا وشيلي.