أتلاعباً بفريضة الزكاة |
وليد بن عبده الوصابي |
بسم الله الرحمن الرحيم فرض الله على الأغنياء صدقة تؤخذ من أموالهم، فتردّ على فقرائهم -كما جاء في الحديث- وهي تزكية للمال، وطهرة لصاحبه، وفيها من المنافع الدينية والدنيوية الشيء الكثير الوفير. قال تعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" فهي زكاة واجبة حق لله تعالى، وفيها حق للفقير، يعطاها بشرف وعفة، لا بمهانة وذلة. أقول هذا؛ لأن زكاة المال أصبحت لدى البعض من التجار؛ منة وأذى، وتكبراً وقذى.. والله يقول: "يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" فحكم الله عليها بالبطلان الأخروي وإن أجزأت في الدنيا؛ لتلبسها بهذه الخبائث التي اتصف بها بعض من عباد الله. فصار إخراج الزكاة أشكالاً وأهوالا!! وهاك بعض أشكال مخرجيها: -فالبعض يعطي زكاة ماله، لبعض من يعملون عنده، وربما أنقصهم من رواتبهم، أو ألغى الحوافز والعمولات. -والبعض منهم: يعطي الفقير، ويملي عليه كمّاً هائلاً من كلمات العلو والترفع! -والبعض: يجزِّئها أجزاء صغيرة، بل إلى دريهمات أو ريالات أو دنانير قليلة، على أمة من الناس، وهي -والله- لا تفي حاجة الطفل الصغير، فضلاً عن رب أسرة، وصاحب عائلة؛ وذلك لتصيب أكبر قدر ممكن؛ فيكثر مادحيه! والله أعلم بالمقاصد والنيات. -وآخرون: يعطونها ليتخذوا بها عند من أعطوهم يداً وصنيعة، كمسؤول أو مرموق ونحوه! -والبعض: يعطي الزكاة، ويهمس في أذن الفقير، هذه زكاة مالي، وأرجوك أن تدعو لي! -وهذا أأدبهم- وكأن المال مقابل الدعاء! وهكذا صارت الزكاة الواجبة المفروضة على الأغنياء تخرج بأشكال وأطوار مما لم يرضه الله ورسوله، ولا يقره دين الإسلام، وفي إخراج البعض لها من التلاعب ما يندى له الجبين! فيا أيها الغني: اعلم أن هذه الزكاة معلقة بذمتك لا تبرأ إلا بتأذيتها؛ فأدّها على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، واحذر أن تأتي معها بما يخدشها أو يشوشها، فإن الله سائلك عن كل صغيرة وكبيرة. هذه نصيحة من مستغنٍ بالله عن خلق الله. أرجو أن تلقى آذاناً صاغية، وقلوباً واعية. أسأل الله أن يلهمنا رشدنا، ويقينا شر أنفسنا. وليد بن عبده الوصابي. ١٤٣٨/٨/٢٥ |