كانت البداية مع الجراح الفرنسي فيليب مورييه Philippe MOURET سنة 1987م حيث أعلن حينها عن نجاح أول عملية عملية لاستئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) عن طريق الجراحة بالمنظار، وكان الهدف من مثل هذه الجراحات هو تخفيض نسبة الوفيات إلى أقل من 5 في المائة مقارنة بالجراحة التقليدية. مع مرور الوقت ومع إتقان الجراحين لهذه التقنية الجديدة أخذت العمليات الجراحية بالمنظار في التوسع وباتت تبرهن وتحقق الأهداف المرجوة منها، ليس فقط في تخفيض نسبة الوفيات أو التقليص من مدة الاستشفاء ومعاودة النشاط المهني في أقرب وقت بل أصبحت اليوم الطريقة المثلى لاستئصال الحويصلات الصفراوية (المرارة).
ثانيا: نظرة تاريخية في سنة 1987م أجرى الجراح الفرنسي فيليب مورييه أول عملية استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) (المرارة) بالمنظار لسيدة كانت تعاني من مرض نسائي و حصوات الحويصلة الصفراوية (المرارة) تحت مراقبة بصرية مباشرة من طرف الجراح وحيث كان يتمتع بخبرة 20 سنة في استكشاف جسم الإنسان بالمنظار وبخاصة جهة البطن واستعمل في هذه العملية أدوات جراحية خاصة بالنسائية والتوليد. وقف الجراح على يسار المريضة المشدودة الفخذين وأدخل المبازل، سيأتي التوضيح لاحقا ، وكانت العملية صعبة عانى فيها الجراح الأمرين وكادت نظرته تتغير تماما لما كان يتمناه، لكنه سرعان ما تفاءل عند الزيارة الأولى لمريضته بعد العملية بحيث وجدها جالسة على حافة السرير متزينة وسألته: لماذا لم تخلصوني من حصوات الحويصلة الصفراوية (المرارة)؟
أسر الجراح فيليب مورييه لزميله فرانسوا ديبوا بنجاح العملية وأخذت تطبق على مرضى آخرين بعد إدخال بعض التغييرات عليها بدراسات تجريبية ابتداء من مايو 1988. عرض فيلم خاص بهذه التقنية في أطلنطا سنة 1989م وأشاد بهذا التطور في الجراحة ومن ذلك اليوم أخذ اللجوء لهذه الجراحة في استئصال حصوات الحويصلة الصفراوية (المرارة) في تزايد مستمر، ويدرب الجراحون عليها وقد عممت في أغلب المستشفيات الجامعية والخاصة.
ثالثا: التقنيات الجراحية مبادئ العملية: لا تكاد تتغير مبادئ إجراء هذه العملية مقارنة بالطريقة التقليدية، فهي تجرى على مريض تحت تخدير عام مع ربط آلات لمراقبة نبضات القلب لتجنب امتصاص العضوية لغاز الكربون عن طريق الصفاق "البيريتوان" أو نقص تشبع الجسم بالأوكسجين في حالة السداد الرئوي الغازي. يستوجب ذلك التخدير العام والجيد للمريض وإرخائه للحد من ارتفاع الضغط داخل تجويف البطن.
|
|
الصورة 1: توضح تموضع المبازل |
الصورة 2: توضح التحكم في ميلان وإظهار المنطقة ما تحت الكبد |
يستلقي المريض على ظهره فوق طاولة الجراحة بطريقتين مختلفتين:
الطريقة الفرنسية frensh position يأخذ الجراح مكانه بين فخذي المريض المفرقتين عن بعضهما ويكون المساعد على يسار المريض.
الطريقة الأمريكية يبقى المريض مشدود الفخذين ، ويأخذ الجراح ومساعده مكانهما على يساره. وتبقى الطريقة الفرنسية هي الأكثر انتشارا واستعمالا في أوروبا.
يتم ضخ غاز الكربون بعد فتحة أولية قرب السرة بواسطة إبرة فيرس Veress بعد التأكد من أن الإبرة في وضعية جيدة داخل التجويف البطني وذلك بواسطة احتياطات وقائية، ونقوم بضخ الغاز بحيث يكون الضغط داخل تجويف البطن بين 12 و 15 مم زئبق للحصول على تمدد بطني يسهل إدخال المبازل وإجراء العملية في وضعيات مناسبة. حجم الغاز الواجب ضخه يختلف بحسب بنية المريض ويتراوح عموما بين 2 و4 لتر. بعدها مباشرة تعرض قليلا الفتحة الأولى قرب السرة ويدخل مبزل 10 مم إلى داخل التجويف البطني ليكون طريق المنبع الضوئي القوي "كاميرا". بعض الفرق الجراحية تثبت المبزل بعدة نقاط جراحية. تميل الطاولة الجراحية قليلا بحيث يتجه القدمان نحو الأسفل. يتم فحص مجمل التجويف البطني وأعضائه جيدا قبل إدخال المبازل الثلاثة الأخرى. الفتحة الثانية تكون في الكشح الأيسر من البطن hypochondre gauche وهو المحرك الرئيسي للعملية الجراحية. فتحة ثالثة في الحفيرة الحرقفية اليمنى للمبزل الثالث. الفتحة الأخيرة تكون تحت نهاية عظم القص يدخل عن طريقه قضيب للتحكم في حركة وميلان الكبد أثناء العملية الجراحية. تبدأ عملية شرح الحويصلة الصفراوية (المرارة) بواسطة مشرح أو مشرط كهربائي أو بواسطة مقص مخصص لذلك.
|
|
الصورتان 3 و4 توضحان تشريح الصفاق الخلفي للمرارة |
يتم التحكم في حركة وميلان الكبد الأيسر بواسطة مبزل Palpateur ويقوم في نفس الوقت بإدخال المصل في التجويف البطني لغسل وتصفية منطقة العملية الجراحية أو امتصاص الدم. يتم إمساك وتثبيت الحويصلة الصفراوية (المرارة) بملقط.
|
|
الصورة 5: تبين البحث عن الشريان والقناة المرارية وذلك بتشريح الصفاق من الأسفل إلى الأعلى |
الصورة 6: تبين بوضوح الشريان والقناة المرارية |
ولا تختلف المراحل اللاحقة في هذه العملية على غيرها كما هو في الجراحة التقليدية، فيتم البحث عن والقناة الصفراوية وذلك بفتح وريقات الصفاق الأمامي artère cystique الشريان المراري والخلفي، أما بعض الفرق الجراحية فتفضل زيادة إلى ذلك تصوير القنوات الصفراوية الأساسية والكبدية "الداخلية والخارجية" cholangiographie per-opératoire وذلك ليس من أجل تفادي جروح القنوات الصفراوية ولكن لتأكيد التشخيص حالا. في الغالب هناك طريقتان:
الطريقة الأولى تعتمد على تحديد وتشريح القناة الصفراوية الأساسية le cholédoque ومن أهم مقاصدها القضاء على اللبس في عدم التفريق بين القناة الصفراوية الأساسية وغيرها. لا تخلو هذه التقنية من إمكانية إحداث جروح بالقناة الصفراوية الأساسية ونحن في غنى عن ذلك لأن العملية تستهدف أساسا حصوات الحويصلة الصفراوية (المرارة).
أما الطريقة الثانية يتبناها Dubois et Al وتعتمد على تحديد القناة الصفراوية عند دخولها الحويصلة بدون تشريح القناة الأساسية.
يتم تشبيك القناة الصفراوية بإبزيم جراحي Clip "مصنوع من التيتان أو يمتص مع مرور الوقت" ومن الجانبين ويفضل بعض الجراحين اليوم ربطه بواسطة خيط جراحي، أما الشريان المراري فيشبك بإبزيم جراحي آخر من الجانبين. كما يجب التنبيه إلى أنه لا يتم فصل أو شرح أي عضو قبل التأكد من عناصر مثلث كالو. أما تشريح الحويصلة الصفراوية (المرارة) فيتم تدريجيا من أسفل إلى أعلى، عند فصلها تماما توضع خلف الكبد في انتظار إدخال كيس خاص لتوضع فيه épiploon أو على الثرب . يتم بعدها التأكد من تخثر منطقة التصاق الحويصلة بالكبد، كما يمكن تحفيض Drainage لمنطقة العملية تحت الكبد بواسطة أحفوض وذلك بحسب مجريات العملية الجراحية.
تسحب الحويصلة المستأصلة بعد وضعها في كيس بلاستيكي وتخرج من الفتحة قرب السرة أو الفتحة في الجهة اليسرى من الجسم "فتحة الكشح الأيسر" بحسب الفرق الجراحية وذلك لمنع حدوث انتشار الصفراء داخل التجويف البطني، أو لمنع انتشار الخلايا السرطانية في حالة سرطان الحويصلة الصفراوية (المرارة) الخفي. يفرغ بعد ذلك التجويف البطني من أوكسيد الكربون وتسد الفتحات بواسطة خيط جراحي بطيء الامتصاص وعلى مستويين بالنسبة للفتحات ذوات الـ 10 مم. يجري البحث حاليا عن إمكانية استحداث آلات لإحداث فتحات أقل من 5 مم للتقليل من الأضرار الجانبية للتجويف البطني.
|
|
الصورة 7: توضح جميع عناصر مثلث كالو |
الصورة 8: توضح التحكم في عناصر القناة المرارية |
|
|
الصورة 9: تشبيك وفصل الشريان والقناة المرارية |
الصورة 10: تبين مراقبة المجاري الصفراوية كولانجيوقرافي |
التهاب الحويصلة الصفراوية (المرارة) الحاد والقرب حاد: يشكل الالتهاب الحاد للحويصلة الصفراوية النسبة المعتبرة في الاستعجالات الجراحية، بحيث يمكن إجراء عملية استئصال الحويصلة في ألـ 72 ساعة الأولى أو بعد أسبوع من العلاج بالمضادات الحيوية ومسكنات الآلام. في الحالة الأولى "الالتهاب الحاد" تكون الأنسجة المحيطة مغمورة باستسقاء موضعي œdème وقد تتمزق أغشية الحويصلة عند أقل تماس وتنزف بغزارة.
في الحالة الثانية "الالتهاب القرب حاد" نجد تليف كبير مع تقلص الأنسجة، ويكون من الصعب تحديد أو التفريق بين مختلف المكونات التشريحية الموضعية، وتكثر في مثل هذه الحالات جروح المجاري الصفراوية الرئيسية والأوعية خاصة الفرع الأيمن للشريان الكبدي.
وتكون العملية صعبة نوعا ما مقارنة بإجرائها في الحالة العادية، لذلك يستحسن أن يكون المريض بين أيدي جراح متمرن، ولأمن المريض لا يفضل التمادي في إتمام العملية بالمنظار إذا كانت الظروف الجراحية صعبة ويمكن اللجوء إلى الطريقة التقليدية لإتمام العملية. من الضروري إقحام محقنة ومصاصة ذات الصبيب العالي في العملية.
يكثر في مثل هذه العمليات تمزق الحويصلة الصفراوية (المرارة) وإمكانية ضياع أو نسيان حصوات داخل البطن قبل البدء في العملية، لذلك يلجأ الكثير من الجراحين إلى تفريغ الحويصلة بحقنة Veress
في حالة تمزق أو فتح الحويصلة يجب وضعها في كيس البلاستيك. وكما في الجراحة التقليدية يمكن ترك جزء من الحويصلة خاصة الحافة الملتصقة بالكبد مع التأكيد على تخثيرها بالمبضع الكهربائي بعد الانتهاء من العملية.
من الأفضل ترك أحفوض Drain تحت الكبد وذلك نظرا للخاصية النزيفية والإنتانية لمثل هذه العمليات.
|
الصورة 11: توضح إخراج الحويصلة الصفراوية (المرارة) في كيس |
رابعا: النتائج
التحول نحو الجراحة التقليدية: من دواعي التحول أثناء العملية الجراحية بالمنظار نحو الجراحة التقليدية الصعوبات التي يلاقيها الجراح مثل ( الالتهابات، نزيف والتصاق بعض الأجزاء التشريحية ببعضها)، أو بعض الأمراض، التي يكتشفها الجراح أثناء العملية مثل (سرطان المرارة، انبثاث métastase)، إحداث جروح بالقناة الصفراوية، نزيف لوعاء دموي لا يمكن التحكم فيه بسهولة أو تصليحه بالمنظار. يجب أن يحدث الانتقال من الجراحة بالمنظار إلى الجراحة التقليدية بسرعة وأن لا يجلب أي خطر للمريض. تحدث مثل هذه الحالات في أقل من 10 في المائة حسب دراسات، وقد تصل إلى 20-38 في المائة في حالات التهاب الحويصلة الصفراوية (المرارة) الحاد بحسب المدة الفاصلة بين بداية المرض وتاريخ برمجة العملية. ومن المهم كذلك الإشارة إلى أن تحول العملية لا يمكن بأي حال اعتبارها بأنها من المضاعفات ويجب اعتبارها بأنها تكملة للعملية الجراحية بطريقة أخرى لفائدة المريض.
ما بعد العملية الجراحية: ما عدا التمزقات العضلية الصغيرة فإن معظم الدراسات أثبتت بأن الاستجابة الالتهابية والمناعية للقلق مهما مقارنة بالجراحة التقليدية، وجزء فقط من مناعة الصفاق تحرض بنسبة ضئيلة في الجراحة بالمنظار. من مزايا هذه الجراحة تقليل الألم بعد العملية، ما عدا بعض الآلام الكتفية مرتبطة بامتصاص غاز أوكسيد الكربون قد تستمر حتى اليوم الثالث من العملية. مدة الاستشفاء قلصت بمعدل 4 أيام. يعود المريض لممارسة عمله ونشاطه الرياضي في وقت وجيز جدا، وهذا ما ساهم في التأكيد على تطوير هذه التقنية.
المضاعفات: هناك دراستان حديثتان اهتمتا بمضاعفات استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) بالمنظار الأولى فرنسية شملت 4624 مريض، والثانية أمريكية قامت بها مصالح وزارة الدفاع شملت 9130 حالة استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) بالمنظار.
الوفيات 0.2 و 0.3 في المائة على التوالي منها 4 وفيات في الدراسة الأولى، و 5 وفيات في الدراسة الثانية مرتبطة مباشرة بآلات المنظار (ثقوب بالأمعاء، نزيف أو سداد رئوي).
المضاعفات في الدراسة الفرنسية هي 4.9 حتى 6 في المائة، مع الأخذ بعين الاعتبار التقدم في السن والأعراض السريرية كأسباب مضاعفات أساسية بعد العملية إذا استثنينا السمنة بحيث لم يكن لها أي تأثير في المضاعفات.
جروح القنوات الصفراوية: وهي من المضاعفات الخطيرة والمكلفة في عملية استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) بالمنظار، وخاصة إذا كانت الإصابة على مستوى القناة الرئيسية.
تحدث هذه المضاعفات في 0.3-0.6 في المائة من الحالات، أي ما يقدر بـ 1500- 3000 مريض سنويا. في الولايات المتحدة الأمريكية تجرى حوالي 500000 عملية استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة) بالمنظار سنويا. ترتبط نسبة الوفيات بجروح القنوات الصفراوية حيث تتراوح ما بين 0- 6 في المائة. إذا اكتشف الجراح هذه الجروح أثناء العملية فيمكن ترميم الجرح وتحفيض القناة الصفراوية الرئيسية على أحفوض كاهر والذي بواسطته يمكن تحويل مجرى الصفراء مؤقتا خارج الجسم، أو التحول إلى الجراحة التقليدية وإجراء تفمم كبدي مع الجزء الأوسط للأمعاء الدقيقة عل شكل y.
ثقوب معوية: قدرت بحوالي 0.9 في المائة في دراسة، وتستهدف أساسا المعي الدقيق والعفج وفي بعض الحالات القولون، وسبب ذلك حروق يسببها المبضع الكهربائي. يكون التشخيص عادة بعد العملية بحيث يعاني المريض من خراج، التهاب الصفاق أو ناسور Fistule بين القولون والجلد
جروح الأوعية الكبيرة: وهي حالات نادرة لكنها مذكورة في أغلب الدراسات، وفي حالة حدوثها تتطلب نوعا من الشجاعة وبرودة أعصاب الجراح، فقد تحدث عند إدخال حقنة فيرس، أو أثناء إدخال مبزل بدون مراقبة، أو عند تشريح مثلث كالو للتفريق بين الشريان والقناة الصفراوية. في دراسة أجراها Deziel et Al على 77604 مريض أجريت لهم العملية هناك فقط 83 حالة جروح أوعية دموية كبيرة تسببت في 5 وفيات.
ضياع الحصوات: وهذه خاصية فريدة بالجراحة بالمنظار خاصة بعد تمزق أغشية الحويصلة الصفراوية (المرارة) إذا كانت ملتهبة أو أثناء التشريح. فإذا حدث وأن ضاعت حصية من الحصوات داخل التجويف البطني فإنه من النادر حدوث مضاعفات من قبيل الخراج داخل التجويف، لكن كل الدراسات التجريبية أشارت إلى الخطر النسبي فقط، ويؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى التحول نحو الجراحة التقليدية.
التكلفة المالية: لا يوجد فارق مالي كبير بين الجراحة بالمنظار والجراحة التقليدية في استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة). وتبقى الخاصية التي تتميز بها هذه الجراحة هو مكوث أقل للمريض بالمستشفى ومزاولة للعمل في أجل أقل وبذلك مساهمة في التقليل من التكاليف المالية والأعباء الاقتصادية على المؤسسات. خامسا: موانع اللجوء للجراحة بالمنظار في استئصال الحويصلة الصفراوية (المرارة)
الشك في وجود سرطان الحويصلة الصفراوية (المرارة) نظرا لخطر تسرب وانتشار الخلايا السرطانية.
وجود Cavernome portal
مشاكل تخثر الدم.
سوابق جراحية.
الموانع الظرفية من قبيل مشاكل التنفس أو أزمات قلبية.
يمكن إجراء العملية على المرأة الحامل عند اللزوم ويبقى الثلاثيين الأولين من الحمل الفترة الزمنية المناسبة لذلك.
|