السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نُريد أن نتحدث عن الأمور المُعينة على السلامةِ من الفتن ، حتي يَتَبَصر كلٌ منا و لا يقع في الفتن ، و منها
أولاً: وجوب التَثَبُت و التبين وقت الفتنة
من المعلوم أنَّ زمان الفتن زمان خطير يكثر فيه القِيل و القَال و يحمل الكلام على غير محامله و يكثر الجدال و يحرص البعض على نقل الأخبار و إشاعة الأقوال دون تثبت، و لذلك علينا في هذا الوقت أن نتثبت عند سماع الأخبار و لا نتعجل في الحكم على الأخبار حتى يتبين لنا ثُبُوتُها ، قال الله جل و علا: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا] [الحجرات: 6]
و في السنة المباركة إرشاد لذلك، ففي صحيح مسلم أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل سمع"
و انظروا إلى هذه الحادثة لتروا فيها التطبيق العملي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لنستفيد، فمسألة الفتنة لا تعني فقط تلك الفتن السياسية إنَّ هناك فتن أخرى ربما يقع فيها الناس
يذكر عمر رضي الله عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نسائه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه فقال أطلقت نسائك؟ قال "لا" يقول عمر فقلت الله أكبر. هذا الخبر في الصحيحين و في لفظ عند مسلم فقلت أطلقتهن؟ فقال" لا " فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله نساءه
ثم نزلت الآيات تُبين خطأ القوم [وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ][النساء: 83]
يقول الشيخ السعدي: ففي هذه الآية تأديب من الله لعباده، عن فعلهم هذا غير اللائق، و أنه ينبغي لهم إذا جائهم أمر من الأمور المهمة و المصالح العامة مما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم يجب أن يتثبتوا و ألا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر عليهم، حينئذٍ أن يردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم.
ثانياً: لزوم جماعة المسلمين و إمامهم
قال الإمام الطحاوي: و نرى الجماعة حقا و صوابا، و الفرقة زيغاً و ضلالة.
و معنى الجماعة: الجماعة جماعتان لا تضاد بينهما: الأولى الجماعة العلمية، و هم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، فيجب على كل مُسلم أن يلزم منهجهم و يقيد بفهمهم و لا يخالفهم في شئ من أمور الدين أبداً.
لذلك نحن نقول أنَّ إتباع سلف الأمة هذا منهج مُلزم لكل مُسلم، قال النبيّ صلى الله عليه و سلم "عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضدوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور.."
و المعنى الثاني للجماعة: جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على حاكم وجب عليهم طاعته و حُرم عليهم معصيته، هذا ما أمرهم بالمعروف و نهاهم عن المنكر. أما إذا أمرهم بما يُعصى الله به فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
يجب علينا الإلتزام بهذه الجماعة و عدم الخروج عنها لما في ذلك من الأمن و السلامة للفرد و الأمة قال تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ] [آل عمران: 103]أي بالجماعة.
ثالثاً: عدم الخوض في أمر الفتنة إلا بعلمٍ صحيح
يجب ابتداءً على كل مسلم ألا يتكلم إلا فيما يعلمه و أن يسكت و يعتزل تلك الفتن إذا كان لا يعلم، وأنه إذا لم يستطع أن يقول خيراً فليصمت فالقول على الله بلا علم من أعظم أسباب الفساد.
قال الله تعالى: [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ] [الأعراف: 33]
ابن القيم في إعلام الموقعين يقول: أنَّ ربنا تبارك وتعالى رَتَّبَ المحرمات أربع مراتب، فبدأ بأسهلها الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشد تحريمًا من الفواحش من الزنا و غيره و هو الإثم و الظلم و التعدي و العدوان، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريماً و هو الشرك به إنه أشدُّ محرم لا والذي نفسي بيده إنَّ أشدَّ منه و هو ما جاء في المرتبة الرابعة أن تقول على الله بلا علم يقول: و القول على الله بلا علم أن يقول الإنسان على الله في أسمائه و صفاته و أفعاله ما لم يُنَزِّل به سلطاناً ، أن يقول في دين الله وفي شرع الله ما لم يُنَزِّل به سلطاناً إنه أعظم عند الله إثماً لذا عليك أن تُقدرر خطورة هذا الأمر.
و حذرالنبيّ صلى الله عليه وسلم الأمة من خطورة القول على الله بغير علم فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئِلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا و أضلوا"
فينبغي هنا أن نعرف خطورة القول على الله بلا علم لا سِيَّمَا في أوقات الفتن فيجب علينا أن نفهم ذلك و نطبق ذلك و ينبغي التفطُّن و التنبُّه إلى أن كثير من الناس ينتسب للعلم وقد يُغرون العامة بذلك فاحرصوا وتثبتوا و لا تتعجلوا و لا تأخذكم المظاهر.
عادة الفتنة تبدأ بكلمة، و عادة تنتهي الفتن بدماء لا يعلمها إلا الله، لذلك يلزم المؤمن أن يتفطن وأن يحذر كل الحذر من تتبع خطوات الشياطين.
و أن ينظر فيمن قال ما قال و هل هذا القول يُراد به الخير أو يراد به شر، و من يروج له و من يتربص بهذه الأمة و كيفية الصنيع في أقات الفتن.
خامساً: التوبة و اللجوء إلى الله تعالى وقت الفتن
إنَّ الله عز وجل يأمرك بخاصة نفسك و بأن تتوب إلى الله عز وجل، لاسيما في وقت الفتن و لزوم العمل الصالح كما في صحيح مسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج مهجرة إلىّ" وبلا شك أن العبادة تكون سبباً في جلاء تلك الفتنة.
المصدر: درس كيف تسلم من الفتن؟ لفضيلة الشيخ هاني حلمي
نُريد أن نتحدث عن الأمور المُعينة على السلامةِ من الفتن ، حتي يَتَبَصر كلٌ منا و لا يقع في الفتن ، و منها
أولاً: وجوب التَثَبُت و التبين وقت الفتنة
من المعلوم أنَّ زمان الفتن زمان خطير يكثر فيه القِيل و القَال و يحمل الكلام على غير محامله و يكثر الجدال و يحرص البعض على نقل الأخبار و إشاعة الأقوال دون تثبت، و لذلك علينا في هذا الوقت أن نتثبت عند سماع الأخبار و لا نتعجل في الحكم على الأخبار حتى يتبين لنا ثُبُوتُها ، قال الله جل و علا: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا] [الحجرات: 6]
و في السنة المباركة إرشاد لذلك، ففي صحيح مسلم أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل سمع"
و انظروا إلى هذه الحادثة لتروا فيها التطبيق العملي من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لنستفيد، فمسألة الفتنة لا تعني فقط تلك الفتن السياسية إنَّ هناك فتن أخرى ربما يقع فيها الناس
يذكر عمر رضي الله عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نسائه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه فقال أطلقت نسائك؟ قال "لا" يقول عمر فقلت الله أكبر. هذا الخبر في الصحيحين و في لفظ عند مسلم فقلت أطلقتهن؟ فقال" لا " فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله نساءه
ثم نزلت الآيات تُبين خطأ القوم [وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ][النساء: 83]
يقول الشيخ السعدي: ففي هذه الآية تأديب من الله لعباده، عن فعلهم هذا غير اللائق، و أنه ينبغي لهم إذا جائهم أمر من الأمور المهمة و المصالح العامة مما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم يجب أن يتثبتوا و ألا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر عليهم، حينئذٍ أن يردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم.
ثانياً: لزوم جماعة المسلمين و إمامهم
قال الإمام الطحاوي: و نرى الجماعة حقا و صوابا، و الفرقة زيغاً و ضلالة.
و معنى الجماعة: الجماعة جماعتان لا تضاد بينهما: الأولى الجماعة العلمية، و هم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم و التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، فيجب على كل مُسلم أن يلزم منهجهم و يقيد بفهمهم و لا يخالفهم في شئ من أمور الدين أبداً.
لذلك نحن نقول أنَّ إتباع سلف الأمة هذا منهج مُلزم لكل مُسلم، قال النبيّ صلى الله عليه و سلم "عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضدوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور.."
و المعنى الثاني للجماعة: جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على حاكم وجب عليهم طاعته و حُرم عليهم معصيته، هذا ما أمرهم بالمعروف و نهاهم عن المنكر. أما إذا أمرهم بما يُعصى الله به فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
يجب علينا الإلتزام بهذه الجماعة و عدم الخروج عنها لما في ذلك من الأمن و السلامة للفرد و الأمة قال تعالى: [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ] [آل عمران: 103]أي بالجماعة.
ثالثاً: عدم الخوض في أمر الفتنة إلا بعلمٍ صحيح
يجب ابتداءً على كل مسلم ألا يتكلم إلا فيما يعلمه و أن يسكت و يعتزل تلك الفتن إذا كان لا يعلم، وأنه إذا لم يستطع أن يقول خيراً فليصمت فالقول على الله بلا علم من أعظم أسباب الفساد.
قال الله تعالى: [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ] [الأعراف: 33]
ابن القيم في إعلام الموقعين يقول: أنَّ ربنا تبارك وتعالى رَتَّبَ المحرمات أربع مراتب، فبدأ بأسهلها الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشد تحريمًا من الفواحش من الزنا و غيره و هو الإثم و الظلم و التعدي و العدوان، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريماً و هو الشرك به إنه أشدُّ محرم لا والذي نفسي بيده إنَّ أشدَّ منه و هو ما جاء في المرتبة الرابعة أن تقول على الله بلا علم يقول: و القول على الله بلا علم أن يقول الإنسان على الله في أسمائه و صفاته و أفعاله ما لم يُنَزِّل به سلطاناً ، أن يقول في دين الله وفي شرع الله ما لم يُنَزِّل به سلطاناً إنه أعظم عند الله إثماً لذا عليك أن تُقدرر خطورة هذا الأمر.
و حذرالنبيّ صلى الله عليه وسلم الأمة من خطورة القول على الله بغير علم فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئِلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا و أضلوا"
فينبغي هنا أن نعرف خطورة القول على الله بلا علم لا سِيَّمَا في أوقات الفتن فيجب علينا أن نفهم ذلك و نطبق ذلك و ينبغي التفطُّن و التنبُّه إلى أن كثير من الناس ينتسب للعلم وقد يُغرون العامة بذلك فاحرصوا وتثبتوا و لا تتعجلوا و لا تأخذكم المظاهر.
رابعاً: ترك القتال وقت الفتنة
عادة الفتنة تبدأ بكلمة، و عادة تنتهي الفتن بدماء لا يعلمها إلا الله، لذلك يلزم المؤمن أن يتفطن وأن يحذر كل الحذر من تتبع خطوات الشياطين.
و أن ينظر فيمن قال ما قال و هل هذا القول يُراد به الخير أو يراد به شر، و من يروج له و من يتربص بهذه الأمة و كيفية الصنيع في أقات الفتن.
خامساً: التوبة و اللجوء إلى الله تعالى وقت الفتن
إنَّ الله عز وجل يأمرك بخاصة نفسك و بأن تتوب إلى الله عز وجل، لاسيما في وقت الفتن و لزوم العمل الصالح كما في صحيح مسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج مهجرة إلىّ" وبلا شك أن العبادة تكون سبباً في جلاء تلك الفتنة.
المصدر: درس كيف تسلم من الفتن؟ لفضيلة الشيخ هاني حلمي