تعاود بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد نشاطها بعد توقف لمدة ثلاثة أسابيع وذلك عندما تستضيف حلبة اسطنبول التركية المرحلة الرابعة من الموسم الذي تسيده حتى الآن سائق ريد بول-رينو الألماني سيباستيان فيتل بطل العالم.
وسيعطي السباق التركي المهدد بالغياب عن الروزنامة الموسم المقبل بسبب ارتفاع الرسم السنوي من 13 الى 26 مليون دولار، فكرة آوضح عن معالم المنافسة بعد أن أقيمت السباقات الثلاثة الأولى عبر البحار وبعيداً عن مراكز الفرق التي حاولت خلال عطلة الأسابيع الثلاثة أن تطور سياراتها وتعالج المشاكل التي واجهتها في بداية الموسم وخصوصاً فريق فيراري الذي خيب الآمال حتى الآن.
وسيطر فيتل على السباقين الأولين في أستراليا وماليزيا بشكل تام اعتباراً من التجارب التأهيلية، ثم بدا في طريقه لتحقيق فوز ثالث على التوالي في سباق الصين قبل أن يخسر الصدارة في اللفات الأخيرة لمصلحة سائق ماكلارين-مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون بفضل الاستراتيجية الناجحة التي اعتمدها فريق الأخير.
ولا يزال فيتل في صدارة الترتيب العام برصيد 68 نقطة، فيما يحتل هاميلتون المركز الثاني (47 نقطة) أمام زميله ومواطنه جنسون باتون (38 نقطة) وسائق ريد بول الثاني الأسترالي مارك ويبر (37 نقطة)، فيما يقبع ثنائي فيراري الأسباني فرناندو الونسو (26 نقطة) والبرازيلي فيليبي ماسا (24 نقطة) في المركزين الخامس والسادس.
وسيكون فيتل مجدداً المرشح الأقوى للفوز بهذا السباق الذي انضم إلى الروزنامة العالمية عام 2005، وهو يسعى إلى تناسي ما حصل معه على هذه الحلبة الموسم الماضي عندما أهدى هاميلتون فوزه الأول في 2010 وأشعل الحرب مع زميله ويبر عندما اصطدم بالأخير في وقت كان سائقاً الفريق النمساوي يتجهان لحصد الثنائية.
وبدا فريق ريد بول في طريقه للحصول على الثنائية الثانية على التوالي لأن ويبر وفيتل تسيدا السباق منذ البداية حتى اللفة 41 عندما خاطر فيتل في تجاوز زميله الأسترالي فاصطدم به وخرج من السباق، فيما اضطر ويبر الى الدخول لمرآب فريقه من أجل تغيير مقدمة السيارة ما حرمه من تحقيق فوزه الثالث على التوالي بعدما تراجع الى المركز الثالث، ففتح الباب أمام هاميلتون لتحقيق فوزه الأول منذ الجولة الرابعة عشرة من موسم 2009 في سنغافورة، وأهدى ماكلارين الثنائية بعدما أنهى باتون السباق في المركز الثاني.
ورأى هاميلتون أن التشويق "بدأ للتو" لأن حلبة اسطنبول تشكل بداية المنافسة الفعلية، مضيفاً "هناك جميع الأسباب الموجبة التي تدفعنا للاعتقاد بأن مسلسل السباقات المثيرة والمتقلبة قد بدأ للتو. فزت بهذا السباق الموسم الماضي وأنا أستمتع بالقيادة على حلبة اسطنبول بارك".
ومن المرجح أن تلعب استراتيجية وقفات الصيانة دورها أيضاً في تركيا كما كانت الحال في السباقات الثلاث الاولى وخصوصاً في شنغهاي، وهذا أكده مدير فريق ماكلارين-مرسيدس مارتن ويتمارش الذي اعتبر أن استراتيجية وقفات الصيانة من أجل استبدال الاطارات خلال أي سباق بأهمية أي تعديلات يتم ادخالها على السيارة.
ورأى ويتمارش أن العمل على التقليل من الاخطاء في استراتيجية التوقف للتزود بالاطارات سيكون حاسماً لفريقه من أجل التفوق على منافسه ريد بول-رينو هذا الموسم، وذلك بعدما نجح هاميلتون في الصين في خطف المركز الأول من فيتل بفضل نجاح استراتيجية فريقه.
وفي معرض رده على سؤال حول ما الأهم لتحقيق النجاح، الاستراتيجية الموفقة او تطوير السيارة، أجاب ويتمارش "الأمران معاً. يجب أن نشير الى الدور الذي لعبته اطارات بيريلي، لان التطور الجديد (في البطولة) هو مزيج بين اطارات بيريلي، دي آر اس (دراغ ريداكشين سيستم اي الجانح الخلفي المتحرك) وكيرز (كينيتك اينرجي ريكافري سيستم الذي يعيد استخدام الطاقة الناجمة عن الفرملة). خضنا حتى الان سباقين على حلبتين لم تولدا الحماس والاثارة في السابق الا في حال هطول الامطار، لكنا تابعنا (هذا الموسم) سباقين مثيرين جدا عليهما. امل واعتقد اننا في وضع جيد في ما يخص بطولة فورمولا واحد".
وتابع "الامر بسيط - انت تحاول تحديد استراتيجية الفريق في لحظة وكأن السكين مسلط عليك. اذا اخطأت قليلا فذلك سيكون كافيا ليعاني فريقك كثيرا جراء ذلك. الاطارات تشكل التحدي - لكنه تحد للفرق والمهندسين والسائقين على حد سواء. واعتقد ان هذا الامر صحي".
وبدوره اعتبر مدير ريد بول كريستيان هورن بان استراتيجيات وقفات الصيانة ستلعب دورا حاسما في تحديد نتيجة البطولة وابرز دليل على ذلك ما حصل في الصين عندما دفع فيتل ثمن استراتيجية التوقف لمرتين، مضيفا "السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو هل تريد ان تنطلق من المركز الخامس عشر باعتمادك على الاطار القاسي في التجارب؟".
ويأتي تساؤل هورنر نتيجة الاستراتيجية التي اعتمدها ويبر خلال التجارب التأهيلية التي ضحى خلالها وانطلق من المركز الثامن عشر نتيجة عدم استخدامه جميع الاطارات المتوفرة له بهدف الاحتفاظ ببعضها للسباق، والامر ذاته بالنسبة لهاميلتون ايضا، وقد اثمر هذا الامر اذ شق طريقه حتى المركز الثالث، فيما كان الفوز من نصيب سائق ماكلارين نتيجة احتفاظه بمجموعة اطارات جديدة للسباق.
وتابع هورنر "من المؤكد ان الاستراتيجيات ستلعب دورا اساسيا وهذا الامر كنا ندركه قبل انطلاق الموسم، واعتقد اننا كنا جيدين جدا في الاستراتيجيات التي اعتمدناها. كنا سنشاهد بطلا (ويبر) في الصين لو استمر السباق لاربع لفات اخرى".
ويبدو ان خيبة السباق الصيني لم تؤثر على معنويات فيتل الذي قال "الجميع يقوم بكل ما لديه للتقدم، لكننا نعمل بجهد كبير ايضا لتعزيز قوتنا".
ويأمل فريق ريد بول-رينو ان يكون تخلص من مشكلة جهاز "كيرز" (كينيتيك اينرجي ريكافري سيستم) الذي يعيد استخدام الطاقة الحركية الناجمة عن الفرملة عبر تخزينها في بطارية ومن ثم استعمالها لاحقا لمنح السيارة المزيد من الاحصنة، بعدما عانى منه في السباقات الثلاثة الاولى.
واحرز فيتل المركز الاول في السباق الافتتاحي على حلبة البرت بارك الاسترالية دون ان يستخدم هذا الجهاز، ثم واجه مشكلة فيه خلال السباق الثاني في ماليزيا دون ان يمنعه ذلك من الفوز ايضا.
ولم يتغير الوضع في السباق الثالث على حلبة شنغهاي الصينية، اذ عانى فيتل وزميله ويبر من تقطع عمل هذا الجهاز، ولعب هذا الامر دوره في تخلي الاول عن صدارة السباق في اللفات الاخيرة لمصلحة هاميلتون.
وكان امام فريق ريد بول-رينو ثلاثة اسابيع للتخلص من المشاكل التي يواجهها في هذا الجهاز، وقد اعرب مديره هورنر عن ثقته بالتوصل الى حل، مضيفا "لقد حضرنا نسخة محدثة من جهاز كيرز لسباق تركيا. الوضع يتحسن تدريجيا لاننا بدأنا نتفهم طريقة عمل الجهاز بفضل استعماله بشكل اكبر".
وختم "انا واثق ان المشاكل التي واجهتنا في هذا الجهاز قد وصلت الى نهاياتها".
ومن المرجح ان تشهد البطولة تغييرات في شكل المنافسة اعتبارا من سباق الاحد، وسيكون فريقا فيراري ومرسيدس جي بي تحت المجهر لمعرفة اذا كان باستطاعتهما مجاراة الثنائي ريد بول وماكلارين، خصوصا الفريق الايطالي الذي قدم اداء مخيبا في السباقات الثلاثة الاولى بعد كان مرشحا للمنافسة على المركز الاول منذ السباق الافتتاحي.
وتحدث مدير قسم التصميم في فيراري نيكولاس تومبازيس عن وضع "الحصان الجامح" قائلا "نحن نمر بفترة صعبة ولا توجد هناك اي جدوى من نكران بان بدايتنا كانت مخيبة جدا. حاولنا ان نرى اذا كانت مقاربتنا متحفظة اكثر من المطلوب واكتشفنا، استنادا الى العديد من الاسباب، باننا لم تكن ردة فعلنا جيدة بما فيه الكفاية خلال مرحلة التطوير".
وستكون معاناة الفرق وفيراري خصوصا مضاعفة في اسطنبول لان تآكل الاطارات على الحلبة التركية سيكون بحجم اكبر من السباقات السابقة بسبب الحرارة المرتفعة وهذا ما اكده مدير السباقات في بيريلي بول همبيري الذي قال: "تركيا من اهم السباقات بالنسبة لنا هذا الموسم لان معمل الانتاج الخاص بنا موجود في ايزميت منذ اكثر من 50 عاما. نحن نتطلع لسباق استعراضي على حلبة مذهلة ستشكل اصعب اختبار للاطارات هذا الموسم بسبب المنعطفات السريعة والمطبات...ان تخوف الجميع من المنعطف الثامن امر مبرر تماما لانه ستسبب بتآكل الاطارات بشكل اكبر".
واضاف "اتوقع ان نشاهد ثلاث وقفات صيانة، لكن الامر يتعلق بالطبع بالاستراتيجية الشخصية التي يتبناها كل فريق...اما بالنسبة للاحوال الجوية، فالحرارة تكون مرتفعة عادة في تركيا لكن التوقعات للسباق تشير الى ان الحرارة ستكون معتدلة".