كنا سادة الدنيا
تربّص أيها المحتال حيناً *** فلست ببالغٍ منا الظنونا
أغرّك أننا أشلاء شتى *** وأن عدونا أضحى مكينا
وأنا قد تناسينا بعصر *** هويتنا وأنفسنا نسينا
وعطّلنا الجهاد وكان ركناً *** يقوم عليه ملك المسلمينا
تُعزُّ بإخوةٍ لك من يهود *** على صدر العروبة جاثمينا
وتستقوي بأبناءٍ لعمًّ *** نصارى في العراق مخيمينا
وتنسى أننا كنا أسوداً *** نذود عن الحمى نحمي العرينا
ألم نكُ سادة الدنيا وفينا *** أبو حفصٍ أمير المؤمنينا
يوجّه خيله شرقاً وغرباً *** ويبعث بالجيوش الفاتحينا
تدكّ قلاعَ قيصر باسلاتٍ *** وتقتحم المعاقلَ والحصونا
وتطفئ في المدائن نار كسرى *** وتفتح أرضه فتحاً مبينا
ألم نك سادة الدنيا ملوكاً *** تدين لنا ملوك العالمينا
ملكْنا شرقها والغرب فتحاً *** وأخضعنا الممالك أجمعينا
رفعنا راية الإسلام عليا *** ونكّسنا لواء الملحدينا
أغرَّك أن ترى اليوم انتكاساً *** وذلاً وانهزاماً حلَّ فينا
ومجداً شاده الأجداد أضحى *** بأعماق الثرى ميتاً دفينا
سننبشه من الأعماق يوماً *** وحياً سوف نبعثه يقينا
سنبعثه إذا هبّت عليه *** غداة غد رياح الثائرين
غداً ستهبُّ من دم كل حرٍ *** شهيد في سجل الخالدينا
ومن دمع الأرامل والثكالى *** ومن زفرات كل الموجعِينا
رياح صرصر كرياح عاد *** أعاصيراً على المتربصينا
تدمّرُ كل ما تأتي عليه *** وتجتاح السهولة والحزونا
تطهَّر أرضنا من كل رجس *** وتجتث الغزاة الغاصبينا
وتسحق كل عسف واضطهاد *** وتعصف بالطغاة الحاقدينا
وحيئنذ أراك بثوب ذلًّ *** حقيراً خانعاً فينا مهينا