السلام عليكم ورحمة الله،
يقول تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص: 68]
يقول تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) [القصص: 68]
ويقول: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)[الأنعام: 124]
ويقول: (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) [الحجّ: 75]
للرسول صلى الله عليه وسلم فضلٌ ومكانةٌ بين سائر بني آدم باصطفاء وتفضيل الله عزّ وجلّ له، ولشهر رمضان فضلٌ ومكانةٌ بين سائر الشهور باصطفاء وتفضيل الله عزّ وجلّ له.
حين تفكّرت في أثر رمضان على الناس و إقبالهم فيه على الله وبعدهم في الغالب عن المعاصي، تذكّرتُ أثرَ النبيّ صلى الله عليه وسلّم في أصحابه، رضي الله عنهم، حين كانوا يجالسونه فيتأثرون به إيجاباً: حبّاً للخير وإقبالاً عليه، وتذكّرتُ الحديثين الآتيين:
أورد الإمام مسلم في صحيحه عن حنظلة بن حذيم الأسدي رضي الله عنه قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟! قال قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيراً. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا! فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟" قلت: يا رسول الله نكون عندك، تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" ثلاث مرات.
وأورد الألباني في السلسلة الصحيحة حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غدا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقالوا: يا رسول الله هلكنا ورب الكعبة. فقال: "وما ذاك؟" قالوا: النفاق النفاق. قال: "ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؟" قالوا: بلى. قال: "ليس ذاك النفاق" ثم عادوا الثانية فقالوا: يا رسول الله هلكنا ورب الكعبة. قال: "وما ذاك؟" قالوا: النفاق النفاق. قال: "ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؟" قالوا: بلى. قال: "ليس ذاك النفاق" ثم عادوا الثالثة فقالوا: يا رسول الله هلكنا ورب الكعبة. قال: "وما ذاك؟" قالوا: النفاق النفاق. قال: "ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؟" قالوا: بلى. قال: "ليس ذاك النفاق" قالوا: إنا إذا كنا عندك كنا على حال وإذا خرجنا من عندك همتنا الدنيا وأهلونا. قال: "لو أنكم إذا خرجتم من عندي تكونون على الحال الذي تكونون عليه لصافحتكم الملائكة بطرق المدينة".
لو كنّا بعد رمضان كما نحن في رمضان، لما كان لرمضان مزيّةٌ ولا فضل! ولما فرحنا بمقدمه كل عام! ولما انتظرناه بعد رحيله حتى يعود!
إنما رمضان موسم خير للذكرى والتوبة والإنابة والتزوّد لبقية العام!
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) [البقرة: 197]
ويبقى لنا بعد ذلك الأمل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لولم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم" [رواه مسلم بهذا اللفظ عن أبي هريرة]
ويبقى لنا أيضاً أن نسدّد ونقارب ونطمع في رحمة الله، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لن ينجيَ أحداً منكم عملُه. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددواوقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا" [رواه البخاري بهذا اللفظ عن أبي هريرة]
دمتم في رعاية الله.